الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

نزار الجليدي: زيارة ماكرون للجزائر محملة بملفات ثقيلة

نزار الجليدي، كاتب
نزار الجليدي، كاتب تونسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام، وتنطلق اليوم الخميس، زيارة ملحة للجانب الفرنسي في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة، حتى وإن جاءت بدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون.
وأضاف "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أنه من المؤكّد أن ما يجمع الجزائر وفرنسا أكثر بكثير مما يفرّقهما، فالجالية الجزائرية في فرنسا تعدّ الأكبر، وتقدّر بأكثر من 4 مليون نسمة، فضلا عن العدد الكبير من مزدوجي الجنسية، ومن الجيلين الثاني والثالث من الجزائريين الفرنسيين .وهؤلاء يشكّلون ضغطا متزايدا لألاّ تحيد العلاقات الثنائية بين البلدين عن مسارها مثلما حدث خلال العام الماضي بدفع من لوبي فرنسي متطرف أضرّ بماكرون وحكومته وهو بزيارته هذه يسعى لإعادة الأمور الى نصابها، ولكن برؤية جديدة وندّية في التعامل يسعى الجزائريون لفرضها، وسيسعون إلى انتزاع اعتراف ماكرون بـ"الأمة الجزائرية" وهو الأمر الذي شكّك فيه سابقا، وكان منطلقا لأزمة ديبلوماسية كبيرة بين البلدين كادت تؤدّي لقطع العلاقات لولا تدخل الحكماء من الدولتين.
حقيبة محملة بملفات ثقيلة
وعن أهداف الزيارة وملفاتها، قال "الجليدي"، إن ماكرون يحمل في حقيبته خلال زيارته للجزائر أربعة ملفات ثقيلة عليه أن يناقشها مع نظيره الجزائري بكل حذر وذكاء لأن هاته الزيارة تختلف في توقيتها وظروفها عن كل زيارات الرؤساء السابقين للجزائر، وتختلف جذريا حتى عن زيارة ماكرون نفسه لأن فرنسا اليوم في حاجة للجزائر كما لم تكن يوما كذلك ولأن الجزائر اليوم وفي ظل الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة العالمية تتحكم في خيوط اللعبة السياسية وفي جزء كبير من سوق الطاقة، فهي إذن في موقع قوّة يصعّب على ماكرون زيارته للمستعمرة القديمة والتي مفروض عليه قبل الدخول في تفاصيلها الاعتذار للشعب الجزائري إن لم يكن تصريحا فتلميحا وهذا الاعتذار هو الذي سيحدّد مدى فشل الزيارة من نجاحها.

وتابع: ماكرون سيناقش خلال زيارته هذه ملفات تتباين في الأهمية منها ماهو حيوي لفرنسا مثل ملف الطّاقة، ومنها ماهو سياسي، ومنها ماهو ديبلوماسي مثل المصالحة المغربية الجزائرية، ومنها ماهو استراتيجي كالملف التونسي.
 طاقة الجزائر
وأوضح "الجليدي"، أن رحلة ماكرون في البحث عن الغاز البديل للغاز الروسي الذي يعد مضمونا سعى الرئيس الفرنسي إلى تأمين أكبر قدر من الامدادات لبلاده من هاته المادة الحيوية قبيل دخول فصل الشتاء حيث قام باتفاقيات شفوية وأخرى مكتوبة مع كل من الإمارات والسعودية ومصر في هذا المجال وهي دول كلها محسوبة على الحلف الأمريكي الفرنسي لكن ذلك غير كاف لفرنسا وللدول الأوروبية التي يسعى ماكرون أن يكون سفيرها. 

وبالتالي يصبح اللجوء إلى الجزائر ومحاولة إبعادها عن المحور الروسي الصيني مطلبا ملحا. فما يهم ماكرون خلال  الزيارة هو كيفية تعويض الخسارة ونقص الغاز الروسي في أوروبا وتعويضه بالغاز الجزائري. 
كما سيحاول ماكرون إيجاد صيغة توفيقية وتوافقية بين الجزائر وإسبانيا بعنوان الطاقة فقط. فما يهم فرنسا والاتحاد الأوروبي تأمين مصدر الطاقة خاصة .
الورقة المخفية

وتوقع الجليدي أن يستخدم الرئيس الفرنسي تأشيرات الجزائريين في فرنسا بعد قرار تقليصها للنصف كورقة ضغط من أجل موضوع اليهود من أصول جزائرية من غير حاملي جواز السفر الجزائري، بهدف السماح  لهم بدخول الجزائر وزيارتها.
المصالحة الممنوعة
ولفت "الجليدي" إلى أن عددا من الملاحظين يرون أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحماسة الشباب فيه سيسعى لإعطاء إشارات  قوية للوساطة الفرنسية بين الجزائر والمغرب من جهة وبين الجزائر وأسبانيا من جهة أخرى فإنه من الصعب أن يرتكب ماكرون هذه الخطأ لانّه يدرك جيدا أن الجزائر تاريخيا رافضة لأي وساطات مع المغرب وتعتبر ذلك مسا بالأمن القومي وخدش للكرامة الوطنية والدليل فشل كل المبعوثين الأمميين لدى البوليازاريو.

مبينًا أن أي تقارب جزائري مغربي لا يهم فرنسا إلا بما يخدم مصالحها في المنطقة وماكرون لن يتحرك في الصلح سوى في حدود الصحراء الكبرى وما يسمى بالبوليازريو، وحتى البيان المغربي الذي يحمل في باطنه تهديدا وسياسة من معنا فهو ضدنا في صراعها مع الجزائر لن يجبر ماكرون المجازفة بفتح هذا الملف في الجزائر.
الملف التونسي

وقال الكاتب التونسي، إن تونس تحظى بمكانة هامة لدى كل من فرنسا والجزائر وستكون الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها على طاولة اجتماع ماكرون وتبّون رغم أنه ستكون على هامش الاجتماع لرغبة الرئيسين في عدم التدخل في شؤون تونس مقابل الرغبة الكبيرة في مساعدتها عبر آليات أخرى، فالرئيسان يدركان أهمية العمق الجغرافي لتونس و يدركان أهمية أن تكون مستقرة.
ومن الممكن أن يكون الملف التونسي ضمن النقطة الأخيرة من البيان الذي سيصدر عقب زيارة ماكرون للجزائر، وربما يفعلها ماكرون ويتحول إلى تونس في زيارة خاطفة بعد نهاية زيارته للجزائر.