الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"داروين" يطارد "أردوغان"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أُثير جدل كبير فى الساحة التركية بعد إعلان مسئول كبير فى قطاع التعليم فى تركيا، أنه سيتم وقف تدريس نظرية النشوء والارتقاء لشارلز داروين فى المدارس الثانوية»، معتبرًا أنها «نظرية مثيرة للجدل ويصعب فهمها». وأوضح ألب أرسلان دورموش، رئيس المجلس الوطنى للتعليم، أن فصلًا بعنوان «نشأة الحياة والتطور» سيحذف من كتب الأحياء الأساسية، التى يتم تدريسها بالمدارس، وأن تلك المناهج ستتاح فقط لطلاب الجامعات من عمر ١٨ و١٩ عامًا. وإيقاف تدريس نظرية داروين، جاء، بحسب «الشرق الأوسط»، وسط تغييرات لحذف الموضوعات، التى وصفها دورموش بـ«أنها مثيرة للجدل».
وأضاف رئيس المجلس الوطنى التركى للتعليم، أنه قد تم تجديد المناهج «للتركيز على القيم الوطنية وتسليط الضوء على الإسهامات التى قدمها العلماء الأتراك والمسلمون، كما أن دروس التاريخ ستتخطى المركزية الأوروبية - التى تركز على الحضارة الغربية - وستركز دروس الموسيقى على جميع ألوان الموسيقى التركية.
ومن خطط الحكومة أيضًا لتعزيز قبضتها على مجال التعليم والحياة الثقافية، كما يفهم من إشارة الصحيفة، فتح المجال أمام خريجى مدارس إعداد الخطباء والدعاة، المسماة «مدارس إمام خطيب»، للالتحاق بمختلف الكليات العسكرية بعد أن كانت شهادتها تؤهل الطالب فى الغالب للالتحاق بمجالات دراسية معينة فى الجامعات. ومما له دلالة واضحة بمجالات أخرى إدخال السلطات النقدية «تغييرات فى أوراق العملة التركية - الليرة - لتحمل إلى جانب صورة أتاتورك بعض رموز تركيا فى العهد العثماني».
وبدوره أشار موقع «إيلاف» إلى أن البوابة الإلكترونية التركية قالت: «إن الخطة التعليمية الجديدة من قبل وزارة التربية والتعليم، أُعدت لتستثنى ليس فقط نظرية داروين، ولكن أيضًا بعض الموضوعات الأخرى مثل مبادئ العلمانية وبعض إنجازات الرئيس الأول للجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك».
ومن خصائص مذهب داروين، يقول الأديب المفكر عباس محمود العقاد، إنه يثير الاعتراض من منطلقات دينية وثقافية، قبل الوقوف على شروحه وبراهينه! ويضيف العقاد أن مذهب داروين «لقى فى الشرق العربى مثلما لقيه من التحريف والاعتراض فى البلاد الأوروبية، وتتابعت أدوار السماع به ثم الإشاعة عنه ثم الرد عليه بين المفكرين وقراء العلم الشرقيين، كما تتابعت قبل ذلك بين مفكرى الغرب وقرائه، وتكرر هذا كله فى الشرق العربى كأنه يحدث للمرة الأولى». ويقول العقاد إن فكر داروين جُوبه فى المشرق بالصد والرد، ونوقش بقسوة.
ومن مصلحى المشرق الذين زاروا إسطنبول وأقاموا فيها السيد جمال الدين الأفغانى الذى هاجم نظرية داروين فى كتابه المعروف «الرد على الدهريين» قائلًا: «وعلى زعم داروين هذا، يمكن أن يصير البرغوث فيلًا بمرور القرون وكر الدهور، وأن ينقلب الفيل برغوثًا كذلك. ولو عرضت عليه الحيوانات المختلفة البُنى والصور والقوى، وهى تعيش فى منطقة واحدة، ولا طاقة لها على قطع المسافات البعيدة.. فماذا تكون حجته فى علة اختلافها؟».
وينتقد العقاد خصوم داروين فيقول: «إن الكتّاب الذين تناولوا هذا الموضوع من الوجهة الدينية قد أخطأوا - دينيًا وعلميًا - فى إنكارهم باسم الدين أمورًا لا تزال قيد البحث بين الإثبات والنفي، ويجوز أن تسفر بحوث الغد عن إثباتها بما يقطع الشك فيها.. كما يجوز أن ينفيها بما يزيل مواضع الخلاف فيما بين عقائد الدين وحقائق العلوم». ويذكِّر العقاد قُراءهُ بموقف من وقفوا ضد مختلف الأفكار والحقائق العلمية والفلكية، مثل إنكار دوران الأرض حول الشمس.
من المستبعد أن يأخذ الأتراك كل هذا بالحسبان وهم فى هذا الصراع السياسى وأوج نمو الإسلام السياسى هناك، حيث كان النقاش قد تجدد عام ٢٠٠٩ بعد أن سحب مجلس البحوث العلمية والتكنولوجيا التابع لمجلس الوزراء التركى، عددًا لمجلة يضم تقريرًا حول مصير نظرية التطور.