الأربعاء 29 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

صراع الشريعة يحتدم بين علماء السنة وداعش حول هدم الآثار.. التنظيم: واجب شرعي والصحابة لم يصلوا إليها عند فتحهم مصر والبلاد العربية.. حسان: إرث حضاري للإنسانية.. ولا يجوز تحطيمها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فجرت الأعمال التخريبية التي قام بها تنظيم داعش الإرهابي، بتدمير آثار متحف مدينة الموصل صراعًا فقهيًّا حول شرعية هدم التماثيل باعتبارها "أصنام" كما يصفها التنظيم الإرهابي، مستدلين بأحاديث نبوية وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تؤكد إباحة ما فعلوه.
واستدل تنظيم "داعش" الإرهابي بفتوى منشورة على موقع "إسلام ويب" بعنوان "وجوب إزالة الأصنام" والتي أكد فيها أن هدم الأوثان والأصنام واجب شرعي سواءً كانت تعبد من دون الله أو لم يوجد من يعبدها، إلا أن عددًا من أنصار التنظيم أكدوا أن هذا الأمر يأتي في إطار جر دول الغرب لحرب ومواجهة برية مع تنظيم الدولة، مؤكدًا أن الصحابة لم يصلوا إليها عند فتحهم مصر والبلاد العربية.
ونشر التنظيم الإرهابي في نص الفتوى أن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب هدم الأوثان والأصنام، متى تمكن المسلمون من ذلك، سواء وجد من يعبدها أو لم يوجد، مستدلين بما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: وبأي شيء أرسلك؟ قال: "أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء".
وتضمنت الفتوى عددًا من الأحاديث منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: "لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته"، وأن جبريل امتنع عن دخول بيت النبي بسبب وجود تمثال بداخله وأنه أمر النبي بتحطيم رأسه، مؤكدًا أن "أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون"، وأنهم يقال لهم يوم القيامة أحيوا ما خلقتم.
بينما تداول نشطاء سلفيون على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" مقطع فيديو للداعية السلفي محمد حسان قال فيه: "لا أجد دليلاً واحدًا من أقوال الصحابة الذين دخلوا مصر يأمرون فيه بتحطيم الآثار أو تكلموا عنها، ولا يوجد على وجه الأرض من هو أغير من هؤلاء الصحابة على دين الله وتنفيذ شرعه"، مؤكدًا أن الفتح الإسلامي لمصر بقيادة عمرو بن العاص أبقى على هذه الآثار الموجودة في مصر على وضعها الحالي.
وأشار حسان إلى أنه للحاكم أو الدولة أن تقيد بعض المباح تحت المصلحة، فهم يرون أن الآثار لا تندرج تحت الركاز، باعتبارها عملاً إنسانيًا تاريخيًا ليست ملكًا لفرد أو لمصر بل ملك للبشرية، فهو إرث حضاري بشري تمتلكه الإنسانية كلها، فلا يجوز التجارة بها.
واحتج التنظيم الإرهابي على ترك الصحابة رضي الله عنهم للأصنام في البلاد المفتوحة كمصر بأنهم لم يروا هذه الأصنام لأنها كانت مغمورة بالرمال، أو لأنها لم تكن قد تم اكتشافها بعد، أو كانت موجودة على أطراف نائية لم يصل إليها الصحابة فهذا كله من الاحتمالات، وكما هو معروف في الفقه الإسلامي الذي يجهلون أصوله وفروعه أن ما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، فليس لهم أن يستدلوا بأمور محتملة، وألا يقدموا على أمر إلا بعد أن يتبعوا قواعد الشرع فيه.
ومن المعروف أن داعش تتاجر في الآثار وتجيز بيعها وشراءها، على الرغم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم، من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، عَامَ الْفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ»، ما يعد مخالفةً صريحة وواضحة لهدي النبي، وارتكاب ما حرم الله.
ومن المفارقات أن داعش قام بهدم تماثيل متحف مدينة الموصل، لأنه لم يستطع حملها وبيعها، والدليل على ذلك أنه أخفى الآثار التي يمكن حملها ونقلها من مكان لآخر، حتى يتمكنوا من بيعها.