الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مافيا الجريمة المنظمة تساند الإرهابيين للهروب من الرقابة المالية

الحرب على تمويل الإرهاب من القاعدة إلى داعش «2-2»

إبراهيم نوار، رئيس
إبراهيم نوار، رئيس الوحدة الاقتصادية بالمركز العربي للبحوث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمويل التنظيمات الإرهابية عبر تجارة الكوكايين والسلاح وعصابات الخطف والقرصنة
حصار مصادر التمويل العابر للحدود ومطاردة التحويلات الرسمية أدى إلى تقليل العمليات الإرهابية
«حماس» جعلت من قطاع غزة مستوطنة لتمويل أنشطة الحركة وقياداتها

دراسات المركز العربي

استمرارا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة»  والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة للدكتور إبراهيم نوار حول الحرب على تمويل الإرهاب من القاعدة إلى داعش. 


أشرنا فى الجزء الأول من هذه الدراسة إلى حقيقة أن الأسلحة المستخدمة فى تنفيذ العمليات الإرهابية قد تغيرت، وتغيرت كذلك أساليب تنفيذ هذه العمليات.

الحرب على تمويل الإرهاب من "القاعدة" إلى "داعش"


وتضمنت التغييرات التى وقعت حتى الآن اتساع نطاق التحول إلى استخدام آلات وأدوات تستخدم فى الحياة اليومية ومنها السيارات والشاحنات وأدوات المطبخ. 
وقد جاءت العملية الإرهابية التى وقعت فى لندن قرب بوابات مبنى البرلمان فى 22 مارس 2017، لتؤكد اتساع نطاق حوادث الدهس بالشاحنات والسيارات والطعن بالأسلحة الحادة كأسلوب لممارسة الإرهاب. 
وكانت أهم الحوادث الماثلة فى الفترة الأخيرة حادث الدهس فى برلين (ديسمبر 2016) والذى راح ضحيته 12 قتيلا، وحادث الدهس فى مدينة نيس الفرنسية (يوليو 2016) والذى راح ضحيته 86 قتيلا.
وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الأدوات والأساليب الجديدة لا تحتاج إلى الكثير من المال والتنظيم، فهى تعتمد على الدافع الفردى وعلى التوجيه من بعد عن طريق استخدام شبكة المعلومات الدولية ووسائط التواصل الاجتماع، ومع ذلك فإن هذا التحول يعنى أن عمليات مكافحة الإرهاب ماليا نجحت إلى حد كبير فى منع وقوع الأحداث الإرهابية الكبيرة على نطاق واسع، وأجبرت الجماعات الإرهابية على ابتكار أساليب جديدة لا تحتاج إلى تمويل كبير أو إلى المرور ماليا عبر الأجهزة المصرفية الرسمية.
 وبسبب النجاح الذى حققته حتى الآن جهود محاصرة الإرهاب ماليا على مستوى العالم، وعلى الرغم من بعض الثغرات التى لا تزال تمر من خلالها عمليات تمويل للمنظمات الإرهابية وأنشطتها المختلفة، فإن الجماعات الإرهابية بشكل عام وجدت ملاذها الآمن فى اللجوء إلى نفق العلاقات السرية مع جماعات وعصابات الجريمة المنظمة التى تمارس أنشطتها فى مجالات مثل تهريب وتجارة المخدرات وتجارة الجنس وتهريب البشر. 
وقد رصد تقرير أصدره الكونجرس الأمريكى فى أواخر ديسمبر الماضى بعض أشكال وقنوات العلاقات السرية بين التنظيمات الإرهابية التى تهدد الأمن العالمى وبين عصابات عالم الجريمة السرى خصوصا عصابات تجارة المخدرات فى أمريكا اللاتينية. 
وقد تضمن التقرير شهادات ووثائق تعزز الاستنتاجات الخطيرة التى توصل إليها. وسوف نعتمد فى هذا الجزء من الدراسة على تقرير الكونجرس الأمريكى المشار إليه، وكذلك على عدد آخر من الدراسات والبحوث العميقة التى تعالج موضوع الرقابة على تمويل الإرهاب على المستوى العالمى.
ويجب أن نشير هنا مرة أخرى إلى أن التنسيق العالمى فى موضوع فرض الرقابة على تمويل المنظمات الإرهابية وأنشطتها يقوم على أساس قرارات أصدرها مجلس الأمن الدولى، ويتم من خلال لجان للتنسيق على المستوى العالمى تشارك فيها الدول المتقدمة والنامية على السواء. وطبقا للقرارات الدولية فإن تمويل الإرهاب يمثل شكلا من أشكال الجريمة المالية فيه يقوم شخص أو جماعة أو هيئة بجمع أموال وتقديمها إلى آخرين بقصد استخدامها فى أعمال إرهابية أو لمساندة تنظيمات إرهابية. 

وتتضمن الحرب على الإرهاب مراقبة وتتبع عمليات التمويل عبر الحدود وفى داخل المناطق التى تخضع لسيطرة الجماعات الإرهابية، ودراسة أنماط التحويلات والاستخدامات لمصادر التمويل المختلفة.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام يمثل حالة خاصة أكثر تطورا وتعقيدا من حيث بنية التنظيم وشبكات التمويل بسبب سيطرة التنظيم (فى أوج قوته وانتشاره) على مساحات واسعة فى كل من العراق وسوريا، إلا أن الجماعات الإرهابية التى تمكنت من بناء قاعدة مساندة سياسية وشعبية أو حتى على أساس الخوف فى بلدان مختلفة مثل لبنان واليمن، تمتعت هى الأخرى بمزايا تقترب كثيرا من التى ميزت تنظيم الدولة الإسلامية من حيث وجود شبكة محلية للتمويل تحميها قوة نفوذ تلك الجماعات خصوصا على مستوى العائلات والقبائل.
 
على سبيل المثال فإن تنظيم حزب الله فى لبنان يدير شبكات من المرافق والخدمات والاستثمارات فى داخل لبنان، سواء فى الجنوب أو فى العاصمة بيروت، تساعد على توفير التمويل المحلى عبر قناة ليس من السهل إخضاعها للرقابة.
كذلك الحال فى اليمن حيث تتمتع القاعدة وتنظيمها الفرعى لبلاد الجزيرة العربية بنفوذ محلى قوى فى أوساط القبائل، يساعدهم عند الحد الأدنى على توفير تمويل محلى عبر التبرعات والصدقات التى يتم جمعها فى المساجد وعن طريق التحكم فى أموال الزكاة.
كما تستخدم حركة الشباب فى الصومال نفوذها فى مناطق تخضع تقريبا لسيطرتها شبكات للتمويل المحلى بقصد تجنب الوقوع فى مصيدة الرقابة على التحويلات المالية من الخارج. وينطبق الأمر نفسه على حركة حماس التى حولت قطاع غزة بأكمله إلى مستوطنة تعمل لتمويل أنشطة الحركة وقياداتها بشكل عام. كذلك يتمتع تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب المتمركز فى جنوب اليمن بنفوذ واسع فى مناطق تمتد من شرق عدن إلى حضرموت، بما فى ذلك ميناء المكلا ثالث أكبر موانئ اليمن. ويدير التنظيم فى المناطق التى يسيطر عليها شبكة واسعة من الأنشطة والخدمات، ويقوم بتحصيل رسوم وإتاوات تساهم بالنسبة الأعظم من تمويل التنظيم الذى يتعرض حاليا لموجة جديدة من الغارات الأمريكية.
ويمكن تقسيم قنوات التمويل للجماعات الإرهابية بشكل عام إلى قنوات محلية وقنوات خارجية. وتقدم تجربة داعش فى العراق وسوريا النموذج الأعلى لشبكات تمويل التنظيمات الإرهابية، سواء المحلية منها أو العابرة للحدود، بما فى ذلك التمويل القادم من حكومات أو جمعيات أو أفراد. ومع ذلك لا يجب أيضا إغفال أهمية العون المادى غير المالى الذى تتلقاه الجماعات الإرهابية من الخارج سواء فى صورة أسلحة ومؤن عسكرية أو فى صورة أدوية وأغذية ومؤن متنوعة والتى يأتى بعضها تحت غطاء مساعدات إنسانية قد تقدمها جمعيات خيرية أو حتى منظمات دولية ومنها الأمم المتحدة.

صعود داعش.. هل هو بداية السقوط؟
وتقدم تجربة داعش الحد الأقصى لما يمكن أن تطمح إلى تحقيقه جماعة إرهابية، وهو أن تقيم دولة على مساحة من الأرض ويخضع لها السكان الذين يعيشون فى هذه الأرض. لكن تحول المنظمة الإرهابية إلى دولة يحمل فى طياته تحدى نهاية المنظمة الإرهابية نفسها التى تقوم أساسا على شبكة من الأفراد والمجموعات المتحركة دائما، والتى تعتمد فى قوتها على عدم وجود مكان لها يمكن مهاجمتها فيه وتصفيتها. وتشير دروس حروب العصابات سواء فى المدن أو الأرياف أو المناطق الجبلية منذ تجربة حرب فيتنام (مع الاختلاف الشديد بين طبيعة وأهداف حرب الشعب وبين حروب العصابات الإرهابية) حتى الآن إلى أن لجوء التشكيلات القتالية غير الحكومية لا تلبث أن تضعف بمجرد أن تتخذ مواقع دفاعية، لأن ذلك يكلفها الكثير من المال والرجال والعتاد.
ولذلك فإن توسع تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرته على مساحات كبيرة فى سوريا والعراق وإعلان إقامة دولة الخلافة الإسلامية يمثل نقطة الذروة فى حياة التنظيم، ونقطة الهبوط والانهيار فى الوقت نفسه على الرغم من أن هذا التوسع أتاح لتنظيم الدولة الإسلامية موارد لم تتح لغيره من التنظيمات الإرهابية.
وقبل بداية عمليات الموصل الأخيرة قدرت إدارة مكافحة تمويل الإرهاب فى وزارة الخزانة الأمريكية أن عائدات داعش من تصدير النفط والتى كانت تبلغ نحو ٥٠٠ مليون دولار سنويا بين عامى ٢٠١٤ و٢٠١٥ انخفضت بصورة كبيرة فى العام ٢٠١٦ لتبلغ نحو نصف ما كانت عليه فى السابق. ويتم تصدير نفط داعش أساسا بصورة غير شرعية عبر تركيا.
وفى مارس ٢٠١٦ بعثت الحكومة الروسية بخطاب إلى رئيس مجلس الأمن تضمن تفصيلا لعمليات تجارة الآثار التى تقوم بها الجماعات الإرهابية فى سوريا والعراق، وقدرت روسيا إيرادات داعش وغيرها من المنظمات الإسلامية المتطرفة من تجارة الآثار والمقتنيات الفنية بما يترواح بين ١٥٠ مليونا و٢٠٠ مليون دولار سنويا.
وكانت الحكومة العراقية قد قدرت قيمة تجارة الآثار والمقتنيات الفنية المسروقة من الموصل وأماكن أخرى فى العراق بنحو ١٠٠ مليون دولار سنويا. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تمثل أكبر سوق فى العالم للقطع الأثرية والمقتنيات الفنية (٤٣٪ من السوق العالمية)، ومن ثم فإن هيئات الرقابة على عمليات تمويل الإرهاب تعتقد أن معظم القطع الأثرية المسروقة من تدمر والموصل وغيرهما ينتهى مسارها إلى الولايات المتحدة. وبعد خسارة التنظيم لمدينة تدمر الأثرية فإنه فقد أحد أهم المصادر التى كان يحصل منها على القطع الأثرية التى تباع بعد ذلك فى السوق العالمية.
وتتفق تقارير مراقبة تمويل داعش على حقيقة أن تأسيس دولة بما لكل ذلك من تداعيات دفاعية ومالية وإدارية قد أدى إلى تراجع إيرادات داعش بسبب خسارة أماكن أو موارد لعجزها عن الاحتفاظ بها.
ويقدر المركز الدولى لدراسة التطرف والعنف السياسى (ICSR) أن الإيرادات السنوية لتنظيم الدولة الإسلامية والتى بلغت ذروتها بالسيطرة على الموصل فى صيف عام ٢٠١٤، لم تلبث أن تراجعت فى العامين التاليين؛ فقد هبطت من ذروة بلغت ١.٩ مليارات دولار فى العام ٢٠١٤ إلى نحو ٨٧٠ مليون دولار فقط فى عام ٢٠١٦، أى نصف ما كانت عليه تقريبا.
وقد ترافق الهبوط فى الإيرادات مع خسارة مناطق كان يسيطر عليها التنظيم. ويقدر أحد مراكز الدراسات العسكرية والحركات الإرهابية (IHS Markit) أن تنظيم الدولة الإسلامية خسر فى عام ٢٠١٥ ما يقرب من ١٥٪ من المساحة التى كان يسيطر عليها، ولم تتوقف خسارته فى العام التالى إذ خسر فى العام ٢٠١٦ نحو ٢٣٪ من المساحة التى كان يسيطر عليها. 

بوكو حرام
تقدر وزارة الخزانة الأمريكية إيرادات بوكو حرام فى نيجيريا بنحو ١٠ ملايين دولار سنويا. وتأتى معظم هذه الإيرادات من أعمال خطف أجانب أو محليين أثرياء واحتجازهم حتى يتم دفع الفدية المطلوبة ثم إطلاق سراحهم بعد ذلك. وفى إحدى هذه العمليات اختطفت بوكو حرام رجل أعمال نيجيرى، وتم إطلاق سراحه بعد دفع فدية مقدارها مليون دولار.
وفى عملية أخرى تم خطف أسرة فرنسية فى شمال الكاميرون، ولم يتم إطلاق سراح أفراد الأسرة (٧ أفراد) إلا بعد دفع الفدية المطلوبة ومقدارها ٣ ملايين دولار فى فبراير ٢٠١٣. كذلك تحصل بوكو حرام على مساعدات مالية محدودة من تنظيم القاعدة كما ترتبط بعلاقات عملياتية قوية مع تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى.
وتعمل شبكات بوكو حرام فى الكثير من الأنشطة الإجرامية وعلى رأسها عمليات تهريب المخدرات وأهمها الكوكايين فى إفريقيا.

تنظيم الشباب فى الصومال
يتمتع التنظيم بقاعدة تمويلية قوية ومتنوعة، فهو يحصل على إيرادات فى صورة إتاوات على تنظيمات إرهابية أخرى، ويحصل على مساعدات كبيرة ومنتظمة من حكومات راعية للإرهاب، وتبرعات من أفراد وجمعيات خيرية صومالية فى الخارج، وأنشطة تجارية فى الموارد الطبيعية الصومالية، وإيرادات عمليات خطف (فدية) وإيرادات من عمليات قرصنة بحرية، ورسوم وضرائب على أنشطة أعمال محلية فى مناطق تخضع لنفوذ التنظيم.
وتشير سجلات وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن أكثر الحكومات الراعية للإرهاب فى الصومال والتى تقدم دعما لتنظيم الشباب وغيره من المنظمات الإرهابية الصومالية هى إيران والسعودية وقطر وإريتريا وسوريا واليمن وذلك على الرغم من أن معظم تلك الحكومات تنفى تورطها فى تمويل التنظيمات الإرهابية الصومالية.

حزب الله فى لبنان
تقرر وثائق أجهزة مكافحة تمويل المنظمات الإرهابية أن مراقبة أنشطة حزب الله تؤكد منذ العام ٢٠١٠ وجود علاقة وثيقة بين الحزب وبين عمليات تهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية إلى بلدان أوروبا والشرق الأوسط، ويستخدم الحزب أرباح عمليات تهريب تجارة المخدرات فى تمويل أجهزته الإدارية واللوجيستية والعسكرية والعمليات التى يقوم بها فى أماكن مختلفة من العالم العربى، بما فى ذلك لبنان وسوريا واليمن.
وقد تمكن حزب الله اللبنانى منذ عام ٢٠١٠ فى بناء قواعد لوجيستية لعمليات تهريب المخدرات فى بلدان أمريكا اللاتينية فى المناطق التى تنخفض فيها قوة المؤسسات الحكومية أو تنعدم تماما. 

تنسيق عالمى لمكافحة تمويل الإرهاب
يعتمد التنسيق العالمى لمكافحة تمويل الإرهاب على معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب فى يونيو ٢٠٠٢. وقد تطلب وضع بنود هذه المعاهدة موضع التنفيذ إنشاء أجهزة مشتركة تضم ممثلين عن الخارجية والخزانة والداخلية والاستخبارات والتحريات المحلية من أجل وضع خطط مشتركة لمواجهة التغيرات فى بنية ومسارات شبكات تمويل المنظمات الإرهابية وعملياتها. ومع ذلك فقد ظلت هناك الكثير من الثغرات التى كشفت عدم كفاية التنسيق بين تلك الجهات وغيرها. 
واتجهت الولايات المتحدة إلى تأسيس هيئة مستقلة للمعلومات بخصوص تمويل الإرهاب، تتولى جمع المعلومات وتحليلها ثم تقديم معلوماتها واستنتاجاتها إلى كل الجهات المعنية ومنها الأمن والمخابرات والخزانة والخارجية والتحريات.
كما أنشأت الولايات المتحدة وحدات للإنذار المبكر، لإجهاض عمليات التمويل المشتبه فيها فى البلدان التى يمكن أن تمثل مصدر تهديد للأمن القومى الأمريكى.

الإطار القانوني
أشرنا فى الجزء الأول من هذه الدراسة إلى قرارات مجلس الأمن بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، وتمثل هذه القرارات حتى الآن الإطار القانونى الواسع الذى يتم من خلاله شن الحرب على تمويل الإرهاب.
وتسمح قرارات الأمم المتحدة والقوانين التى سنتها الدول الغربية لمكافحة تمويل الإرهاب بمصادرة أو تجميد أموال وممتلكات الأفراد الذين يقدمون مساعدات للمنظمات الإرهابية.
ويعتبر قانون الولاء الوطنى «Patriot Act» الذى وافق عليه الكونجرس فى أكتوبر ٢٠٠١ من أهم الوثائق القانونية التى أزالت الكثير من العوائق من طريق مكافحة تمويل الإرهاب.
ويتضمن قانون الولاء الوطنى للولايات المتحدة العديد من المواد التى تضمن تعاون النظام المصرفى مع السلطات الفيدرالية فيما يتعلق بحسابات الأشخاص أو المؤسسات أو الحركات المالية التى يشتبه فى علاقتها بتمويل الإرهاب.
ويلزم القانون المصارف العاملة فى الولايات المتحدة بضرورة إبلاغ السلطات الفيدرالية عن أى حسابات أو معاملات مثيرة للشكوك.
ويلزم القانون تلك المصارف بعدم افتراض حسن النية عند وجود معاملات أو حسابات مشبوهة.

ضعف الرقابة في الدول النامية
ومع ذلك فإن قوة النظام العالمى لمكافحة تمويل الإرهاب الذى تقوده الأمم المتحدة لا يتوقف على نقاط قوته بمقدار ما يتوقف على نقاط ضعفه. وفى العادة فإن المنظمات الإرهابية والجهات الراعية والمؤيدة لها سواء كانت حكومات أو جمعيات أو أفراد تتجه لاختبار قوة النظام المضاد فى أضعف نقاطه.
وتتمثل هذه النقاط الضعيفة فى الدول النامية ذات الكفاءة الحكومية الأقل، والفساد الأكثر انتشارا، والأنظمة المصرفية الهشة.
ولهذا السبب فقد أصبح للدول المتقدمة المعنية بمكافحة تمويل الإرهاب مصلحة مؤكدة فى مساعدة الدول النامية على أساليب مكافحة تمويل الإرهاب وإدخال الإصلاحات القانونية والمؤسسية والإدارية الكفيلة بتحقيق أعلى مستوى من مستويات الكفاءة فى الحرب على الإرهاب ومحاصرته ماليا. 

ثغرات في الشرق الأوسط
ويعتبر تحقيق الانضباط المالى عموما، والانضباط المصرفى على وجه الخصوص بواسطة تعديل التشريعات القائمة وليس بالقرارات والأوامر الإدارية الطريق الأمثل لمحاصرة الأنشطة الاقتصادية والمالية غير المشروعة التى يتم من خلالها تمويل الإرهاب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد حقق التنسيق العالمى فى هذا الخصوص نجاحا ملموسا، لكن لا تزال هناك الكثير من الجوانب التى تحتاج للمراجعة.