الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شوية ستات وحبة أقباط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وهكذا شَكّل حزب النور الجناح السياسى للدعوة السلفية قوائمه الانتخابية، وقد التزم فيها بما نص عليه الدستور بشأن هذه الدورة البرلمانية، بأن تضم القوائم «نساء وأقباط»، وقد فعلها الحزب مضطراً، وانصاع للأمر الواقع، وللضرورات التى تبيح المحظورات، فالضرورة فى تشكيل القوائم أباحت ضم المسيحيين والنساء، وكما هو معلوم بالضرورة فى المعتقد السلفى دعوة وحزباً أن المسيحيين كفرة، والنساء مجرد أدوات للجنس ووعاء للإنجاب.
وقد كشفت السنوات السابقة بكل تداعياتها الغطاء عن مخزون عقول أعضاء الدعوة السلفية وحزبها، وطفحت سمومهم فى الفضاء العام دونما رادع ولا حساب، فما تم «بخه» من سموم سلفية كفيل بتقويض أركان وتماسك أقوى المجتمعات، فقد كفروا أقباط مصر وحرموا تهنئتهم بأعيادهم، وطفحت أفواههم بالغث من القول ضد النساء مستخدمين كافة مفردات التحقير والتسفيه باعتبار المرأة كائنا أدنى، ولنتذكر دائما أن شيخاً من شيوخهم قال بمنتهى الثقة واليقين وإن أردنا الدقة فقد قال بوقاحة لا نظير لها إن «وجه المرأة كفرجها».
وقد قضى الأمر ووقع المحظور وأجبرهم الدستور والقانون على وضع الأقباط والنساء فى القوائم الانتخابية، ورغم إعلان نفر من قياداتهم أنهم اضطروا لمخالفة عقائدهم وأفكارهم، وبالرغم من عدم ترشيح نساء الحزب على المقاعد الفردية، وبالرغم من التبريرات إلا أن قواعد الحزب والدعوة وعددا من القيادات اعتبروا أن الحزب فرط فى ثوابت الدعوة الفكرية والعقائدية، وفى محاولة لتطييب الخواطر ولم الشمل ورأب الصدع
فقد أفرط نفر من قيادات الحزب والدعوة فى التودد للغاضبين بتأكيد أن الحكاية مجرد «شوية ستات وحبة أقباط وأهى دورة وتعدى».
وبتصاعد الغضب ينضح إناء السلفية بما فيه، فقد اعتبر قيادة مستقيلة من الحزب احتجاجا أن القبول بهذه الشروط هو تفريط وتضحية باسم الحزب ومبادئه وفتاوى شيوخه، واعتبر أن النساء والأقباط المرشحين على قوائم الحزب مجرد «كمالة عدد وسد خانة»، وهكذا اشتعلت المعركة بين أفراد الجماعة التى تتيه بامتلاكها للحقيقة المطلقة، وكأنها تضع فى جيوب جلابيبها مفاتيح الجنة وصكوك الغفران، ومن أفواه نفر من الغاضبين تخرج الحقيقة، حقيقة حزب قائم بمخالفة الدستور والقانون لأنه قائم على أساس دينى، وفى ثورة الغضب قال قائل من بينهم معترفاً بوضع الأقباط والنساء فى هذا الفكر حيث أكد «أن ما حدث مخالفة لمبادئ الدعوة السلفية ومخالفة لفتاوى شيوخها».
وليس حزب النور وتخريجاته الفكرية غائبة عنا، ولكن المثير حقاً هو قبول نساء من خارج الحزب وأقباط بالانضمام لقوائمه، وليس موقف حزب النور ودعوته السلفية من النساء والأقباط البؤرة المظلمة الوحيدة فى دهاليز حزب النور، ولكن البؤر منتشرة وواضحة ويعرضها الحزب بجرأة مسنودة بتخريجات الكتب الصفراء وفتاوى من يكرهون الحياة والجمال والفرح ومنها فتوى تحريم الموسيقى، فقد أنتج حزب النور «أوبريت» والعياذ بالله لزوم الدعاية الانتخابية، «أوبريت سلفى» بمواصفات سلفية تؤكد ما وقر فى صدورهم واستقر فى يقينهم وأيد عقيدتهم فقد جاء «الأوبريت» سلفياً خالصاً خالياً من أى موسيقى، فالموسيقى من حبائل الشيطان، وبذلك السلوك الإسلامى القويم قد طبقوا والتزموا بفتوى شيوخ الدعوة السلفية بتحريم الموسيقى.
ومن تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم إلى تحريم الموسيقى يقع احتقار النساء والثقافة والعلم، ويبقى السؤال هل هؤلاء هم من سيمثلون الشعب المصرى صانع الحضارة وفنونها، وحكمت ملكاته بلداً أشرق على أرضها فجر ضمير الإنسانية.. هل هذه العقول هى التى ستشرع قوانين مصر بعد ثورتين؟