الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

قائد فرقة "ديفيد": الكنيسة القبطية لها الفضل في انتشار التسبيح منذ القرن 14

المايسترو جورج كيرلس
المايسترو جورج كيرلس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العلاج بالموسيقى 
قال المايسترو جورج كيرلس، قائد فريق ترانيم "ديفيد" عن التسبيح والموسيقى التى تستخدم فى العبادة والإنشاد داخل الكنيسة: إن التسبيح كلمة بمعنى يمدح أو يقدم الشكر، كما يوصى الكتاب المقدس كل الخلائق بأن تسبح الله، والموسيقى ليست لها علاقة بالنفس والروح فحسب، بل أيضًا لها علاقة بالجسد فهى تستطيع أن تحركه مهما كانت درجة خموله وكسله، بل تستطيع الموسيقى أن تحرك الجسم مهما كانت درجة خموله وتشفيه من بعض الأمراض العضوية، وهو ما يعرف بـ"العلاج بالموسيقى"، وتعتبر الموسيقى أحد مكونات الخليقة التى وضعت فى النفس البشرية، لكى تحقق التوازن داخل النفس البشرية، لذلك نقول فى التسبحة «هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معًا مثل قيثارة، يسبحون الله كل حين بمزامير وتسابيح وتماجيد روحية، النهار والليل، بقلب لا يسكت».
ويضيف كيرلس، لـ"البوابة القبطية":  ليس كل ما يتم تنغيمه يدعى موسيقى، فقد صنف القديس كليمندس السكندرى الموسيقى، وحدد ما يجب أن نستمع إليه، وما لا يجب، حيث إن هناك أنواعًا من الموسيقى تؤثر على الأخلاق تلك التى تعمل على تمزيق الأحاسيس، وتؤثر على المشاعر بدرجات متفاوتة، ومن هنا تاتى أهمية اختيار نوع الموسيقى التى نسمعها أو نسمعها لأولادنا، ومن ثم فإن الأمر يصبح أكثر خطورة للترانيم، التى انتشرت فى الوقت الحالى وقد لا تُعرض على الرقابة، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى ساعد على انتشارها بهذا الشكل، ومنهم من يكون هدفه الأول هو التربح.

أزهى العصور الروحية
وعن القيمة الروحية للألحان الكنسية قال كيرلس: الألحان فى الكنيسة القبطية أصيلة، وقد ضبطت أنغامها وأوزانها فى عصر من أزهى العصور الروحية للكنيسة، وهو عصرها الرسولى الأول عصر انسكاب المواهب بلا حدود، فقد اضطلع هؤلاء الآباء بوضع خطوط الليتورجيا الأولى كلها، أى الخدمات الإلهية بتسابيحها وألحانها وأوزانها وأوقاتها الليلية والنهارية وهى للأعياد والمواسم.
ومن المعروف أنه بعد قبول الإيمان المسيحى على يد مار مرقس الرسول، عاشت الكنيسة قرنين كاملين من الزمان فى غاية من الهدوء والسلام وذلك بتدبير الحكمة الإلهية؛ حتى تتفرغ الكنيسة لغرس تقاليدها الأولى التى تسلمتها من الرسل فى التربة المصرية.
كما أن الألحان القبطية نشأت مع الكنيسة نفسها، وتاريخ اللحن الكنسى بدأ مع القديس مرقس فى الإسكندرية، فى الوقت الذى اعتبرت فيه الإسكندرية مركزًا مهما للثقافة، وأن مار مرقس نفسه كان مثقفًا باللغات العبرية واللاتينية واليونانية، لذلك قام بإنشاء «مدرسة اللاهوت» والتى كانت تدرس فيها الموسيقى والفلسفة والمنطق والطب والهندسة إلى جوار العلوم الدينية، وعين لرئاستها العلامة يسطس، وقد اشتهرت هذه المدرسة جدًّا.
وعن تأثير التسبيح على الأرواح الشريرة يقول جورج: إنه جاء فى سيرة الأنبا بولا الشامى بينما كان يتجول فى برية الأردن تقابل ذات يوم مع الشيطان المارد، وبعد أن ربطه القديس بسطان الثالوث المقدس سأله: «هل أنتم تصعدون إلى السماء العليا وتسمعون أصوات التسبيح؟ فقال الشيطان: لا». 
كما نستشف من سيرة الأنبا بولا أن الشياطين لا يستطيعون الوجود فى المكان الذى توجد به أنغام التسبيح فإنها تهرب؛ لأن وجود التسبيح يعنى وجود الله. 
وأضاف: فاق داود النبى الجميع فى نظم الترانيم والتسابيح الإلهية فى العهد القديم، فابنه بإلهام من روح الرب قد ألف المزامير، واستنبط لها ألحانًا شعبية، وعيّن عددًا عظيمًا لأجل تلاوتها فى الكنيسة، وهناك الآية التى تدل على ذلك (سفر أخبار الأيام الأول 23: 5): وأربعة آلاف بوابين وأربعة آلاف مسبحين للرب التى عملت للتسبيح. 

سر انجذاب العالم للألحان القبطية
يعود السر وراء انجذاب العالم لتلك الألحان، إلى عدة عوامل، منها أن هذه الألحان غنية بالمقومات الموسيقية، وبها تحولات وانتقالات بين السلالم الموسيقية لا يستطيع مؤلف وضعها إلا إذا كان ملمًّا بالأنواع والمقامات والأساليب، كما أن هذه الألحان تعبر تمامًا عن المعانى الروحية التى تحويها كلماتها، أى أنه تمت صياغتها لتعبر عن معنى روحى معين. 
وأيضًا لهذه الألحان طبقات صوتية محسوبة من درجة أساس السلم الموسيقى للحن «tonic» فلحن غولغوثا الذى يقال يوم الجمعة العظيمة هو لحن حزين هادئ يعبر عن أحداث دفن السيد المسيح، من خلال سرعة بطيئة وطبقة خفيضة، وكذلك لحن أبؤرو الفراحى المبهج الممتلئ بقوة الفرح، إن بهجته وقوته تؤكدها السرعة النشطة والطبقة الصوتية المرتفعة.

أساليب التسبيح 
هناك أساليب مختلفة للتسبيح أوجدتها الكنيسة الرسولية الأولى الممتلئة بالحكمة، والغرض من اختلاف هذه التسابيح هو التشبه بالصور المختلفة التى سيكون عليها التسبيح فى السماء، وأبرزها التسبيح فى خورسين وهو ما يعرف بـ«الأنتيفونا» تسبيح يتلى بأصوات متبادلة أو ترتل المردات بالتبادل بين خورسين، وتلك الطريقة من أقدم الطرق فى التسبيح بالمزامير جماعيا، والتسبيح التجاوبى بالمردات.
وهذا الأسلوب عُرف فى القرن 14 مأخوذًا عن الكنيسة القبطية القديمة حيث يرد الكورس أو جماعة المصلين على العريف، ثم التسبيح بصوت جماعى واحد، مثل جميع المرادات التى يرد بها الشعب أثناء القداس الإلهى، وأيضًا التسبيح الفردى، وهذا الأسلوب تتميز به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويختص به الكاهن أو الأسقف، وعندما يقوم الشماس بقراءة لحن مقدمة البولس أو الكاثوليكون أو الإبركسيس أو عند طرح المزمور باللغة القبطية فى القداس الإلهى.