السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

في انتخابات تونس البلدية.. عزوف الشباب يهدد "ثورة الياسمين"

فاطمة الماطري
فاطمة الماطري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شارك التونسيون الأحد الماضى فى أول انتخابات بلدية بعد ثورة 2011، وسط تحديات عديدة وتباين حول نسبة المشاركة التى غلب عليها السيدات وكبار السن وعزف عنها الشباب احتجاجا على تناحر القوى السياسية خلال الفترة الماضية وفشلها فى وعودها لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
وانطلقت عملية الاقتراع وسط إقبال ضعيف، حيث يرى قطاع كبير من الناخبين أن المشاركة حق وواجب، رغم أن الأمل ضئيل فى الإصلاح ولا يوجد مشاريع والبرامج كلها قصص خاوية، وشارك فى الانتخابات 2068 قائمة، بنسبة 95.12% من مجموع القوائم الرسمية بالهيئة العليا للانتخابات.
دعا الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى التونسيين للتوجه لصناديق الاقتراع، قائلا: «هذا الأحد لن يكون كالمعتاد، لأول مرة الشعب التونسى مدعو للمشاركة فى الانتخابات البلدية، وعلى الشعب التونسى الحشد للتصويت، وتبدو القضية بسيطة، لكنها فى نفس الوقت هامة جدا، لأنها تعنى أن تونس مستمرة فى تكريس المسار الديمقراطي».
وينص الباب السابع من الدستور التونسي، على أن «تقوم السلطة المحلية على أساس اللا مركزية، كآلية لإعادة توزيع السلطات وتعديل أدوار السلطة المركزية والجماعات المحلية فى مختلف جهات البلاد».
وتجرى الانتخابات فى ضوء القانون الصادر عام ٢٠١٤، حيث بلغت نسبة المرشحين للانتخابات البلدية ٤٨٪، ويضم السجل الانتخابى نحو ٥.٣ مليون ناخب، ٥٢٪ منهم من الشباب الذين تقل أعمارهم عن ٣٥ سنة.
وأعلن وزير الشئون المحلية والبيئة التونسى رياض المؤخر، أن السلطات تريد زيادة ما تخصصه موازنة الدولة للبلديات، من ٤٪ إلى ما بين ١٠ و١٥٪ خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تخصص الحكومة حاليا نسبة ٤٪ من موازنة الدولة للبلديات وهذا غير كاف مقارنة بما هو موجود فى دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
وعلقت فاطمة الماطرى المحامية ورئيسة جمعية الحياة المغاربية للتضامن والتنمية فى تصريح لـ«البوابة»: «إن المشهد كارثى والوضعية جد حرجة والمستقبل غير واضح، من حيث عزوف كبير للشباب التونسى عن أول انتخابات بلدية بعد الثورة أو ما يسمى بـ«ثورة الياسمين»، ولم نر سوى العجز وكبار السن ممن يقبلون على مكاتب الاقتراع دون هوادة وعلى يقين وإيمان كبير بأن صوتهم سيغير ولو قليلا فى مستقبل تونس وفى رسم خارطة الطريق الجديدة للحكم المحلى والبلديات بتونس، لكن وبكل أسف هذه الفئة من الناخبين تنقسم إلى فئتين، فئة تعتبر هذا الوطن بيتها وحاضنتها وملكها ولديه الحقوق عليها، لذلك توجهت لمكاتب الاقتراع لتقديم صوتها كهدية رمزية وبسيطة لهذا الوطن العزيز ومؤمنة بأن مرحلة الازدهار السياسى والفكرى والثورة المجتمعية والفكرية التى عاشتها مع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لن تكون نهايتها على أيادى الرجعية والظلامية والفكرى السوداوى الذى يظهر على لباسهم ومحياهم وبالأخص على أفعالهم لا أقوالهم».
أضافت: «أما الفئة الثانية فهى انتخبت اعتمادا على العطف الانتخابى أو ما يسمى رد اعتبار لفئة معينة من السياسيين التونسيين الذين اعتمدوا على تقديم وعود زائفة وغير قابلة للتحقيق لا على الصعيد الزمنى ولا على الصعيد العملي، انتخبت لمن اشترى صوتها بدراهم معدودة وقفة رمضان».
وتابعت: أما الفئة التى ثارت ضد النظام السابق وضد الدكتاتورية فقدت كل سبل التواصل مع السياسيين ومع الأحزاب السياسية بتونس، خيبة الأمل التى أصابت شباب الثورة تجسدت فى الانتخابات البلدية، حيث صار العزوف وعبر الشباب عن خيبة أمله الْيَوْمَ وبطريقة جد سلبية، قلة الثقة التى أنبنت على قلة الوعى تجسدت الْيَوْمَ حيث تَرَكُوا حقهم وحق بلادهم عليهم وتَرَكُوا المكان للظلاميين للدكتاتورية الجديدة التى ستحكم البلاد حكما محليا من الْيَوْمَ وعلى امتداد هذه العهدة.
وتابعت: «تونس لم ولن تكون مرتعا لمثل هؤلاء، حتى إن فشلت هذه الانتخابات ستكون هناك فرصة أخرى للتجديد، فتونس مصدر فخر لكل البلدان العربية، تونس هى المرأة التونسية وما زلنا نعول على الوعى الذى تمتلكه حفيدة الكاهنة وستكون بوادر التجديد والتغيير قريبة جدا، بالنسبة لى أنا جد إيجابية لأن تونس وقفت ضد كل هجمة ولن تقف فى ظل هذا الاستعمار الجديد تناضل وتكافح لطرده خارج حدود هذا الوطن، ولنا عودة وموقف مع كل عرس انتخابي».
ويرى متابعون رغم كل التحديات والصعوبات الاقتصادية التى تواجهها البلاد منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، هناك آمال كبيرة على تونس للخروج من عنق الزجاجة، ومواجهة التحديات الجسام التى تواجه الحكومة التونسية، وتضعها فى صدام مع الشارع بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية.
التونسيون يرون أن الانتخابات البلدية فرصة لتحسين الخدمات العامة المتردية وحل المشكلات المحلية، وتحقيق توقعات الناخبين فيما يتعلق بزيادة ميزانيات البلديات فى دولة تصدر فيها الحكومة المركزية، مثل باقى المستعمرات الفرنسية السابقة، القرارات الرئيسية بشأن كيفية وأوجه إنفاق الأموال.
ونقلت تقارير إعلامية عن أمل بسرور وهى مرشحة مستقلة تخوض الانتخابات على قائمة حزب حركة النهضة الإسلامى فى منطقة المحمدية فى ابن عروس إن السكان يريدون المزيد من النظافة والتجميل.
وأرجع متابعون عزوف الناخبين بسبب فشل من تسلموا السلطة بعد الثورة فى تحقيق الإنجازات المطلوبة، إذ بقيت نسب البطالة فى حدود ١٥ فى المئة، والتضخم فى مستوى ٨ فى المئة، بينما يعبر التونسيون كذلك عن استيائهم من التسويات التى حصلت بين الأحزاب على حساب الإنجازات الحقيقية.
ويعول البعض على هذه الانتخابات من أجل تكريس مبدأ لا مركزية السلطة التى نص عليها الدستور التونسى وهى من مطالب الثورة التى انطلقت من المناطق المهمشة فى البلاد، وخلال حكم الحزب الواحد، كانت قرارات البلديات تخضع لإدارة مركزية غالبا ما تكون موالية للحزب الحاكم.