الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عيد القيامة.. هل تتفق الكنائس على توحيد الاحتفال؟

البابا تواضروس و
البابا تواضروس و بابا الفاتيكان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توحيد الاحتفال بعيد القيامة.. خمس سنوات والمشاورات مستمرة
البابا تواضروس: الاختلاف فلكيًا وليس لاهوتيًا.. والاختيار بين الأسبوع الثالث أو الرابع من أبريل
رئيس الإنجيلية: مناقشات «تواضروس» و«فرنسيس» تشير إلى اختيار الأسبوع الثانى 
بطريرك الأرمن: المسألة ليس لها بُعد لاهوتى.. إنما تقويمى صرف
جهود ومشاورات عدة تُجرى مؤخرًا هنا وهناك، لتوحيد مواعيد الأعياد بين الكنيسة الشرقية المصرية والكنيسة الغربية فى الفاتيكان، وعلى رأس هذه الأعياد، دار الحديث حول توحيد الاحتفال بعيد القيامة المجيد. مؤخرًا، صرح المعنيين بالأمر بأن التوجه فى هذا الصدد غالبًا ما سيكون تجاه الاحتفال به فى نفس التوقيت الذى تحتفل به الكنيسة المصرية كل عام، الموافق ليلة عيد شم النسيم المصرى، وكثيرون يرون أن إعادة توحيد العيد تُسهمُ إسهامًا كبيرًا فى توحيد الكنيسة.
الكنيسة الأرمينية 
قبل أيام قليلة، وأثناء احتفالات عيد القيامة فى أبريل الجارى، التقى بطريرك الأرمن الأرثوذكس، آرام الأول كيششيان، البابا فرنسيس فى الفاتيكان، حيث عبر عن شكره لاعتراف بابا الفاتيكان بالإبادة الجماعية المرتكبة فى حق الأرمن، وعن تقديره لدعم البابا فرنسيس للبنان واللبنانيين.
وطرح البطريرك الأرمنى عددا من القضايا بسبب ظروف معروفة، على رأسها احتفالات الكنائس بعيد القيامة المجيد فى تواريخ مختلفة بحسب التقويم الغريغورى أو اليوليانى، مع الأخذ فى الاعتبار أن ليس لهذه المسألة بُعد لاهوتى إنما تقويمى صرف، لذا فمن الضرورى الاتفاق على تاريخ موحد، معبرا بذلك عن وحدة الكنسية.
ولفت البطريرك فى لقائه ببابا الفاتيكان إلى أنه فى الظروف الراهنة، بدأت القضايا الاجتماعية والأخلاقية تؤثر سلبًا فى العلاقات بين الكنائس، وتزيد من خطر الانقسام، فمن الضرورى أن تمنح الكنائس الأولوية لهذه القضايا بدلا من التركيز على الاختلافات اللاهوتية الموروثة من أزمنة بعيدة. 
وشدد البطريرك الأرمنى، بحسب بيان الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية، بأن «الوجود المسيحى فى المشرق بدأ يتلاشى، فمن المنتظر أن يشدد الفاتيكان على الوجود المسيحى فى المنطقة، من جهة، وأن يحرص على التعاون بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، من جهة أخرى».
الأسبوع الثانى من أبريل
على هامش الاحتفالات بأعياد القيامة، قال القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية، إن هناك مشاورات بين البابا تواضروس، وبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، لتوحيد عيد القيامة المجيد، وأضاف «زكى» أن الحوارات والمناقشات كانت تشير إلى الأسبوع الثانى من شهر أبريل سنويًا كموعد موحد لعيد القيامة المجيد، مشيرًا إلى أنه تم التوصل لاتفاق أن تحتفل كل الكنائس حول العالم بعيد القيامة المجيد فى يوم واحد، وأعرب عن أمنيته أن تنتهى المشاورات إلى اتفاق، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أى اتفاق حتى هذه اللحظة.
وصرح قيادى بالكنيسة الإنجيلية، أن حال توحيد الاحتفال بعيد القيامة بين كنيستى الشرق والغرب، فالكنيسة الإنجيلية ستتفق أيضا فى هذا الشأن، إلا أنه حتى الآن لم يتطرق البابا تواضروس مع الكنيسة الإنجيلية فى هذا الأمر. 
مساعى الكنيسة المصرية
منذ توليه منصب كرسى مار مرقس، اهتم البابا تواضروس الثانى، بالحوار وصولًا للوحدة بين الكنائس المصرية؛ من بين تلك المجهودات دعا بطريرك الكنيسة المصرية جميع كنائس العالم إلى الاحتفال بعيد القيامة فى موعد محدد، بالإضافة لسعيه لمحاولة توحيد عيد الميلاد أيضًا، ولا يتم ذلك إلا بعد مناقشات مع المجمع المقدس المسئول عن مهمة التشريع داخل الكنيسة الأرثوذكسية المصرية. 
وفى حوار صحفى مع مجلة «الكنيسة الكاثوليكية» فى مصر، قال البابا: «بدرت إلينا فكرة وأعددنا لها دراسة وهى، توحيد عيد القيامة على مستوى كنائس العالم، وسوف ترسل هذه الدراسة إلى جميع كنائس العالم، أولها كنيسة روما، لأن اختلاف موعد عيد القيامة اختلاف «تقويمى فلكى» وليس «لاهوتى»، وقد اخترنا الأحد الثالث أو الرابع من شهر أبريل، حتى يستطيع مسيحيو العالم الاحتفال فى يوم واحد بالقيامة، وهناك هدف آخر فهناك العديد من المسيحيين المصريين والعرب فى المهجر ويحتفلون بعيد القيامة كل بحسب طائفته، وعيد القيامة حسب التوقيت الغربى والأسبوع العظيم -الأخير فى الصوم- يأتى فى وقت مغاير، فلا يستطيعون الاستمتاع والاحتفال بعيد القيامة متى حل عليهم بحسب التوقيت الشرقى.
وفى 2014 بعث البابا تواضروس الثانى، خطابًا إلى بابا الفاتيكان، يشمل دعوة لمناقشة توحيد تاريخ عيد القيامة فى جميع كنائس العالم، حمله سفير الفاتيكان بالقاهرة، خلال زيارته له بالكاتدرائية المرقسية، وتستند الدراسة التى أعدها الأنبا بيشوى، بتكليف من البابا تواضروس، والتى سترسل إلى جميع كنائس العالم، إلى القوانين الرسولية، وكتابات ثيئوفيلس القيصرى (١٨٠م)، وهيبوليتس (٢٢٥م)، القانون الرسولى (تم تجميعه ٣٩٠م)، مجمع نيقية (٣٢٥م)، وفى كتاب هيفيلى عن تاريخ مجامع الكنيسة (١٨٩٤م) المجلد الأول (صفحات ٢٩٨-٣٢٤)، و«قاموس العقائد المسيحية الأولى».
وفى يونيو 2015، وافق بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، على الاقتراح الذى تقدمت به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للكنيسة الكاثوليكية بتوحيد يوم عيد القيامة بميعاد ثابت ليكون ثانى أحد من شهر أبريل، وقالت «إذاعة الفاتيكان»، «إن البابا فرانسيس اقترح خلال لقائه بالمشاركين فى الرياضة الروحية العالمية الثالثة للكهنة تحديد ميعاد ثابت لعيد القيامة يوافق الكنائس الأرثوذكسية»، مشيرًا إلى «أن ثانى أحد من أبريل يمكن أن يكون مناسبًا». من جانبه قال القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية، إن الأمر جار التواصل بشأنه بين الكنيسة المصرية وكنيسة روما، ولم يتم الانتهاء من المناقشات حوله. 
اتفاق قرون.. والاختلاف عام 1965
حتى عام 1582 كان يتم الاحتفال بعيدى الميلاد والقيامة فى نفس التوقيت بين الكنائس، وعيد الميلاد كان يُحتفل به يوم 25 ديسمبر، وكان يوافق هذا التاريخ 29 كيهك وفقًا للسنة القبطية، لكنه تغير بسبب احتساب عشرة أيام كاملة على التقويم الميلادى، فوقع التاريخ المناسب لـ«29 كيهك» الموافق 3 يناير، ومنذ ذلك التوقيت حدث الخلاف، وكان يزيد يومًا كل 128 عاما، حتى أصبح 7 يناير العيد الحالى.
وفى 1965 اتفق مجلس البطاركة الكاثوليك فى مصر، مع البابا كيرلس السادس، على توحيد عيد القيامة، والميلاد بجميع كنائس العالم، ليكون عيد الميلاد يوم 25 يناير، وتطبيقًا لهذا الاتفاق احتفل الأقباط الكاثوليك بعيد القيامة مع الأقباط الأرثوذكس، لكن فى وقت عيد الميلاد لم يستطع الأقباط الأرثوذكس الاحتفال مع الكاثوليك بالعيد يوم 25 يناير، واعتذر وقتها البابا كيرلس السادس عن عدم الاحتفال.
شروط للكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية لتحديد الاحتفال
1 - يقع الاعتدال الربيعى فى نصف الكرة الشمالى من الأرض فى 21 مارس، وفى الاعتدال الربيعى تتساوى ساعات الليل والنهار.
2- يقع البدر الكامل فى الرابع عشر من الشهر القمرى، وطول الشهر القمرى المدنى 29 أو 30 يومًا.
3- أحد القيامة هو الأحد الذى يلى الرابع عشر من الشهر القمرى مع الاعتدال الربيعى أو بعده.
4- إذا وقع أحد القيامة مع فصح اليهود يؤجل أحد القيامة إلى الأحد التالى.
مع الأخذ فى الاعتبار أنه لا يمكن أن يكون فصح اليهود يوم أحد أو يوم ثلاثاء أو يوم خميس، وذلك عائد لطبيعة التقويم العبرى المدنى، كان صلب السيد المسيح يوم الجمعة فى 3 أبريل عام 33 ميلادية، وقيامته يوم الأحد فى 5 أبريل 33 م، وتقابل بين أحدى القيامة وفصح اليهود للسنوات ذات العدد الذهبى 3، 8، 11، 14، وصفر، وتوقيت أحد القيامة عند المسيحيين مرتبط بقاعدة القمر التى هى عمر القمر فى بدء السنة الرومانية أى فى 1 نوفمبر.
وإذا كانت قاعدة القمر 24 فإن أحد القيامة هو الأحد الذى يلى 19 أبريل. وإذا كان 19 أبريل أحدًا فإنه أحد القيامة عند الكاثوليك، وهذه الحالة ليست موجودة عند الأرثوذكس، وإذا كانت قاعدة القمر 19، 21 أو 22 فإن أحد القيامة عند الكاثوليك يأتى قبل 20 يومًا على الأقل من فصح اليهود، وعند الكنائس الأرثوذكسية إذا كانت قاعدة القمر 25 أو 26 فإن أحد القيامة يأتى بعد 30 يومًا على الأقل من فصح اليهود، وذلك من سنة 325م وصاعدًا.
وكان المسيحيون قد اتفقوا فى القرن الرابع الميلادى، أن يكون عيد الفصح عند اكتمال القمر والاعتدال الربيعى حيث طول النهار مساويا لطول الليل تماما.
ومع نهاية القرن الرابع الميلادى، كانت هناك طرق مختلفة لحساب يوم الفصح: ففى عام 325 حاول مجمع «نيقية» أن يقدم حلًا موحدًا يبقى العلاقة بين القيامة مع يوم فصح اليهود، واحتفل به فى زمن السيد المسيح وبقى بذلك يوم القيامة غير ثابت الموعد لدى المسيحيين، وبدأ الحوار الرسمى بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وقال البابا شنودة الثاث بابا الإسكندرية بزيارة البابا بولس السادس بابا روما عام 1974 لبحث الأمر، ثم انقطع الحوار بعد صدور أمر السادات بالتحفظ على البابا شنودة بدير الأنبا بيشوى، وعندما عاد عملت الكنيسة على إعادة الحوار فى تحديد يوم القيامة، واهتم البابا تواضروس الثانى بوحدة الكنائس المسيحية داعيا الكنائس فى العالم إلى الاحتفال بعيد القيامة فى ميعاد واحد ثابت يحدد عن طريق المجمع المقدس.
قانون احتساب الفصح
فى عام 325 م اجتمع ممثلو كل الكنائس فى مدينة نيقية (توجد فى تركيا حاليًا) واعتمدوا طريقة عيد القيامة، تنص على وجوب أن يقع العيد فى الأحد الذى يلى اكتمال البدر الذى يلى الاعتدال الربيعى، وإلا أُجل العيد أسبوعًا، كما تفعل الكنيسة الأرثوذكسية، فى عام 1582 قام البابا غريغوريوس الثالث عشر بإجراء تعديل، بعد أن اكتشف العلماء أن السنة الفصلية ليست 365 يومًا وست ساعات، كما هو معتمد فى التقويم اليوليانى -نسبة إلى يوليوس قيصر الذى اعتمد هذا- أى 365 وربع، عام 46 قبل المسيح، بل هو 365 يومًا و48 دقيقة و46 ثانية، هذا أدى إلى تراكم بلغ 10 أيام إلى تاريخه، و13 يومًا إلى تاريخنا، أضف إلى ذلك أن هذا أتى على احتساب الاعتدال الربيعى الذى صار سابقًا لـ 21 آذار و13 يومًا.
وهذا أدى إلى اختلاف فى احتساب عيد القيامة، وصار تقويمين: اليوليانى والغريغورى -نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر- أى إلى تقويم تبعته الكنيسة الأرثوذكسية وآخر تتبعه الكنيسة الكاثوليكية.
فى عام 1957، عقد مجلس الكنائس العالمى، وهو يضم الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية فى العالم، فيما تشارك فيه الكنيسة الكاثوليكية بصفة مراقب، اجتماعًا علميًا فى حلب بسوريا، واتفقت العائلات الكنسية كلها على إثره، من أرثوذكس، وكاثوليك وإنجيليين، على الحفاظ على مبدأ قانون مجمع نيقية ولكن باستعمال طرق حديثة لاحتساب الاعتدال الربيعى والفصح.
عام 1923 قامت اليونان بتصحيح التقويم اليوليانى وبإدخال تصحيح على الروزنامة (تقويم السنة)، مما أدى إلى انقسام نتج عنه إصرار البعض على اعتماد الروزنامة القديمة، وهو ما حدث فى رومانيا وعند بعض اليونانيين والروس، فصار هناك جماعات أطلقت على نفسها صفة كنائس مستقلة تعتمد التقويم القديم.