الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ميخائيل إدوارد يكتب.. الإنسان بين فضيلة الهدوء ورذيلة الغضب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الإنسان بين فضيلة الهدوء ورذيلة الغضب، أولًا: الإنسان وفضيلة الهدوء: الإنسان الهادئ هو إنسان وديع، لديه سلام داخلي، قليل الكلام ويعيش فى صمت وهدوء. ولكنه حين يتكلم، فإنه يتكلم حسنًا، وكل كلمة يقولها تكون فى محلها. 
كما قال أحد الحكماء: «لنتعلم نحن أيضا الصمت قبل كل شيء، لكى نستطيع أن نتكلم فيما بعد حسنا». الإنسان الهادئ هو إنسان حكيم فى تصريف أموره وأعماله، يستطيع أن يكسب الله فى جانبه ويحصل على معونته ودفاعه فى حالة تعرضه للضيقات والتجارب. حقا صدق القول: «من كان الله معه، فمن يقدر أن يكون عليه»، الهدوء يبعد الإنسان عن الغضب ويمنحه الوداعة، ويجعله يحيا فى سلام مع الله والنَّاس. ويحبه الله ويحبه الناس. فضيله الهدوء تجلب للإنسان فضائل أخرى مثل: الوداعة والسلام والطمأنينة وعدم الغضب والمحبة، والهدوء يشمل هدوء الجسد والنفس والروح والعقل والحواس والمشاعر والأعصاب، هو هدوء الإنسان فى كل شيء، وفى هذا قال القديس يوحنا الدرجي: «إن هدوء الجسد هو الإحاطة بطباعة وإحاسيسه وكبحها. أما هدوء النفس فهو الإحاطة بأفكارها، وهو حصن حصين لا يسلب. الهاديء هو من يبذل قصارى جهده ليحضر عقله فى حدود جسده. وعن هدوء الأعصاب قال البابا شنوده الثالث: «الإنسان الهادئ الأعصاب لا ينفعل بسرعة، وربما لا ينفعل أيضًا ببطء.. كأنه الجبل الراسي. أو كالجنادل الستة التى تعترض مجرى النيل فى النوبة: مهما عصفت بها الأمواج، تبقى هادئة فى مكانها لا تتاثر بشيء من الصخب الذى حولها، وعن هدوء الحواس قال قداسته: «هدوء الحواس يساعد على هدوء الفكر، وهذا الهدوء الفكرى يساعد على الوصول إلى الحكمة». فى الإجابة عن سوال لقداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني: متى يغضب البابا؟ أجاب قداسته: «هناك مواقف تجعلنى أغضب، ولكن القائد يجب أن يحتفظ بهدوئة حتى لا يتخذ قرارًا خاطئًا. فى حالة الغضب لا بد أن يكون هناك «سيلف كنترول». وإلا الموقف سيتأزم ويسير فى طريق مظلم، «والدنيا ممكن تولع أو تغرق بينا»، كل كلمة أو إشارة محسوبة، وبالتالى أضع أمامى سلامة الوطن وسلامة الكنيسة وسلامة الأفراد، وهذه الثلاثة هى معايير التفكير لدي، ودائما ألجأ إلى الهدوء والصلاة والخلوة، حتى أتخذ القرار الحكيم»، وأختم بقول الأديب الكبير: أنيس منصور عن الهدوء: «علمتنى القراءة حب الهدوء، والتواضع الشديد فى حضره الذين يعرفون أكثر ويقولون أجمل وأطول وأعم». 
ثانيًا: رذيلة الْغَضَب: عكس فضيلة الهدوء. الإنسان الغضوب هو إنسان فاقد هدوءه وسلامه. ليس لديه طول أناة ولا محبة. كما أنه يصاب بالنرفزة وفقدان الأعصاب. الإنسان الغضوب يثير القلق والخصام، مثل هذا الإنسان لا يرضى قلب الله ويزعج الناس. الإنسان الغضوب هو إنسان حقود، ولديه كآبة واضطراب وضجر وغيرة وحسد وانزعاج. الإنسان الغضوب إنسان متكبر وغير متواضع فإن أراد أن ينجح فى إطفاء الغضب فعليه أن يقتنى الاتضاع، لأن الاتضاع والوداعة يعطيان للإنسان الهدوء والسكون. ورذيلة الغضب يمقتها كل الشعوب فى العالم أجمع وضربوا الأمثال الكثيرة عنها. المثل العربى يقول: «أول الغضب جنون، وآخره ندم». والمثل الإنجليزى يقول: «الجواب الرقيق يسكت الغضب»، والمثل الفرنسى يقول: «إنك تخطو نحو الشيخوخة يومًا مقابل كل دقيقة من الغضب. أما المثل الأمريكى فيقول: «عندما تكون غاضبًا عد من واحد إلى عشرة». وهناك مثل إيطالى يقول: «ساعة الغضب ليس لها عقارب». وفى اليابان يقولون: «الغضب يحيل الاستقامة إلى اعوجاج، والحب يحيل الاعوجاج إلى الاستقامة. ولنعلم أن كل الأديان السماوية وغير السماوية نهت عن الغضب وحرمته وجرمته»، لأنه يتعارض مع كل الفضائل مثل: فضيلة الهدوء والسلام والمحبة وطول الأناة والاتضاع والوداعة والسكون. ليس فقط لأن رذيلة الغضب تفقد الإنسان كل هذه الفضائل، بل تجلب عليه كثيرا من الرذائل مثل: النرفزة وفقدان الأعصاب والقلق والخصام والانزعاج والحقد والغيرة والحسد والكبرياء. لذلك قال الأديب الكبير نجيب محفوظ- الحاصل على جائزة نوبل: «سبيل الله واضح، ولا يجوز أن يخالطه غضب أو كبرياء»، وكما قلنا إن رذيلة الغضب عكس فضيلة الهدوء. فيكون علاج رذيلة الغضب فى اقتناء فضيلة الهدوء. ويقول البابا شنودة الثالث: إن الهدوء يشمل حياة الإنسان كلها: الهدوء الداخلي، ويشمل هدوء النفس والقلب والفكر.. وهدوء الجسد، ونعنى به هدوء الحواس وهدوء الحركات.. وهدوء الأعصاب: ويدخل فيه عدم النرفزة، وهدوء الملامح والصوت.. وهدوء التصرف: ويشمل الهدوء فى الحياة العملية والتعامل مع الغير أو الآخرين.. وهدوء الحلول فيما يصادف الإنسان من مشاكل. نضيف إلى هذا كله هدوء الطبيعة والمكان والمسكن، وهدوء المجتمع المحلي، والمجتمع الإنسانى كله، بما فيه من دول وشعوب. وما يرتبط بك من علاقات». ونكون بهذا قد اقتنينا كل الفضائل التى خسرناها من رذيلة الغضب، وتركنا كل الرذائل التى صاحبت لرذيلة الغضب.