الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

علي التركي يكتب: نتائج هجرة المصريين إلى «فيس بوك» «57»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شكلت ثورة 25 يناير 2011، نقطة محورية، في نشاط زوار المواقع الإخبارية في مصر، وساعدت في ظهور مئات البوابات، باستغلال إيجابي للحراك السياسي، الذي شهدته البلاد، مدفوعة بالاهتمام الكبير بمواقع التواصل الاجتماعي. 
وأضفى تأثير نشطاء الثورة، في ذلك الوقت من الشباب بعدًا إيجابيًا، في تهافت الشعب المصري، الذي فوجئ بخروج المظاهرات في 25 يناير و28 يناير، ثم التفاعل معها حتى 11 فبراير، وسقوط نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، خصوصًا في تهافت الشعب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي، التي خرجت منها الدعوات والترتيبات للمظاهرات في مهدها.
ولم تكن مواقع التواصل الاجتماعي تحتل أية مساحة تذكر من تفكير المصريين قبل 2011، وكان رواد تلك المواقع قبل هذا التوقيت، يقتصر فقط على عدد قليل من الشباب، الذين يتمتعون بثقافة معرفية واسعة، في حين كان أكثر من 95% من الشعب، ليس له علاقة قوية بشبكات الإنترنت من الأساس إلا بعض الاستخدامات المعرفية المحدودة، في البحث والتنقيب عن المعلومات، بالإضافة إلى موقع «ياهو»، الذي كان يحتل صدارة الاستخدامات. 
وساعدت ثورة يناير وغيرها من ثورات الربيع العربي، والحراك السياسي، والصراع العسكري، الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط، في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، فأصبحت العامل الرئيسي في تشكيل الوعي والرأي العام، والدعوة للمظاهرات خلال السنوات التي تلت 2011، وأبدت الحكومات، ومراكز الأبحاث، والصحف اهتمامًا خاصًا بها.
وساعدت الثورة أيضًا، في زيادة شعور المجتمع المصري، بالفضول لمعرفة؛ كيف تمكن هؤلاء الشباب من تنظيم المظاهرات ضد نظام قوي مثل مبارك؟!، وباتت الحاجة مُلحة لمعرفة الأفكار المتداولة في تلك المواقع.
وجعل اهتمام المجتمع الدولي بالثورة المصرية، من شبكات التواصل الاجتماعي، نافذة للإطلاع على العالم، وطرح الأفكار، ونشر الثقافات والحضارات، والتعرف على الآخر المختلف دينيًا وثقافيًا عنك، وذلك بالتزامن مع انتشار مفاهيم العولمة الثقافية.
وساعد التضييق، على حرية الرأي والتعبير، خصوصًا المشاركة السياسية قبل 2011، في انفجار عاصفة وبركان من الغضب، دعمه الحراك السياسي في السنوات التالية، إذ جعل من مواقع التواصل الاجتماعي منبرًا سياسيًا، وفرصة لعرض وجهات النظر المختلفة، وتبادل الاتجاهات والتوجهات والميول.
كما ساعد مواقع التواصل الاجتماعي مع توافد المصريين عليها، في تعزيز قيمة الذات، التي كانت مُحطمة فيما قبل، واكتشاف مواهبهم، وتداول المعلومات فيما بينهم، فضلًا عن تمكن الكثير منهم في الوصول إلى معارفهم القدامى، وإعادة روابط الصداقة.
لكن يبقى السخط الشعبي على الإعلام؛ بسبب نفاقه وزيف تناوله للقضايا الحقيقية، وخنوعه التام للسلطة قبل 2011، أهم وأخطر النقاط التي ساعدت في انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما يتضح في الهجوم الدائم من رواد تلك المواقع على وسائل الإعلام كافة، حتى اتجاه الكثيرين لإنشاء صفحات لنشر الأخبار، التي تحدث حولهم، دون الحاجة إلى بوابات إخبارية أو قنوات فضائية أو أية وسيلة إعلامية أخرى.
هذا الوضع؛ دفع الهيئات والمصالح الحكومية هي الأخرى إلى إنشاء صفحات لها على مواقع التواصل الاجتماعي، لنشر البيانات الصحفية، فباتت المعلومات متداولة بشكل أكبر، وباتت تلك الشبكات بديلًا حقيقيًا لوسائل الإعلام.
وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي، فيما بعد وسيلة معرفية وإعلامية، حتى إن بعض المواقع الإخبارية، تعتمد في خططها التحريرية عليها، بشكل كبير، فباتت المعيار الأول لقياس الرأي العام الظاهر، خصوصًا أن 90% من المصريين باتوا يملكون صفحات على تلك المواقع. 
ولم تكن الثورة فقط دافعًا للمصريين والعرب في الاتجاه نحو مواقع التواصل الاجتماعي، بل شكلت المشكلات الاجتماعية، التي تعاني منها الشعوب العربية بشكل عام، ومصر بشكل خاص دافعًا آخر.
فالتفكك الأسري الذي بات واضحًا في المجتمع المصري، نتيجة عوامل سياسية واجتماعية وسياسية، كان الدافع الرئيسي في تكالب فئة مثل الشباب ومن بعدهم كبار السن، الذين وجدوا في تلك المواقع مجتمعًا بديلًا يعوضهم عن الاستقرار، والحماية التي كانت توفرها لهم الأسرة.
كما تعتبر الحالة الاقتصادية السيئة، التي تعيشها مصر منذ أواخر التسعينيات سببًا آخر في انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، فقد ساعدت في تفشي البطالة بين الشباب، فضلًا عن اتجاه الدولة لسياسة الخصخصة غير المدروسة، التي ولدت فئة ثانية تسمى «البطالة المقنعة»، وخلفت وراءها طبقة جديدة ممن ضيعوا أعمارهم، في تعلم حرفة ومهنة معينة، عفا عليها الزمن، وباتوا بلا عمل، ولا مهنة، ولا مصدر دخل. 
ورسخت البطالة، والفراغ، حالة انقطاع حقيقية بين أفراد الشعب المصري، وهو ما ساعد في تفكك المجتمع، وانهيار العلاقات الاجتماعية، وتزايد المشكلات. 
وساعد انتشار التجارة الإلكترونية في العالم العربي، وتمكن عدد من الأفراد من تحقيق أرباح، والحصول على وظائف وتنمية مهارات، فأصبحت تلك المواقع مصدرًا للمال. 
كل ذلك؛ دفع الفئات في المجتمع كافة، إلى الاتجاه نحو مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتكوين صداقات جديدة، بعيدًا عن الواقع الموحش، المليء بالصراعات والأزمات والصدمات النفسية، كما استخدمت في إقامة علاقات عاطفية، وفي الفترة من 2011 إلى 2016 شهدت مصر عددًا كبيرًا من الزيجات عبر شبكات التواصل، وتغيرت نظرة المجتمع حيال العلاقات من هذا النوع. 
ورغم كل المزايا لتلك الشبكات؛ فإن سلبياتها قتلت المجتمع برمته، فقلت كثيرًا مهارات التفاعل الحقيقية بين الأفراد والجماعات، وضاع الكثير من الوقت، الذي يمكن الاستفادة منه، في تحريك عجلة الاقتصاد الراكدة، بعد أن أصبح أحد النشاطات الرئيسية في حياة الأشخاص. 
كما تسببت تلك المواقع، في ضياع الهوية الثقافية المصرية والعربية، لصالح العولمة الثقافية، وضياع هيبة اللغة العربية، لصالح العامية، واللغات الهجينة كـ«الفرانكو آراب» وغيرها؛ وهو ما يعطي مساحة كبيرة للمواقع الإخبارية للقيام بوظيفة تثقيفية وتوعوية. 
وأدت مواقع التواصل الاجتماعي، إلى انتشار الجرائم بشكل كبير، حيث تم استخدامها في تجارة المخدرات، والدعارة، والسرقات، وتشويه السمعة، وانتحال الشخصيات، وتهييج الرأي العام عبر نشر معلومات مضللة. 
بعد 7 سنوات من هجرة المصريين الجماعية إلى مواقع التواصل الاجتماعي يبقى السؤال: كيف نستفيد من أكبر تجمع في العالم؟، وكيف نتجنب السلبيات؟.

من كتاب «صناعة المواقع الإخبارية» الصادر عن دار روافد للنشر 2017

للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 

مقالات تهمك:-

مبادرة لإنقاذ الصحافة الإلكترونية «1»

لماذا «جوجل» منقذ الصحافة الإلكترونية؟ «2»

لماذا تخسر المواقع الإخبارية مع «جوجل»؟ «3»

كيف تربح المواقع الإخبارية؟ «4»

الكيان المؤسسي في المواقع الإخبارية.. الفريضة الغائبة «5»

فن صناعة المواقع الإخبارية.. «التخطيط» «6»

تصور مبدئي لإنشاء موقع إخباري ناجح «7»

شركات الإنترنت وتدمير «صحافة الفيديو».. «8»

كيف تحمي موقعك من النصابين؟ «9»

7 يفسدون موقعك الإخباري «10»

«مسمار جحا» في قانون الصحافة «11»

«أنا منافق إذا أنا موجود».. «12»

عن أزمة الصحافة.. كيف تصنع بطلًا من ورق؟ «13»

العلاقة بين الصحفي والمصدر «تجارة رقيق».. «14»

«التصميم التجاوبي» والمواقع الإخبارية «15»

«الذهنية الورقية» تحرق المواقع الإخبارية «16»

الصحافة الورقية «ماتت».. والإلكترونية مريضة بـ«التوحد»! «17»

«الصحافة» و«فيس بوك» صراع دائم وهدنة مؤقتة «18»

عبدالله كمال ونبوءة المحتوى المتعمق في المواقع الإخبارية «19»

هل تستطيع «الذهنية الإلكترونية» صناعة صحيفة ورقية؟ «20»

كيف جعلت الصحافة الإلكترونية «العلم في الراس والكراس»؟ «21»

لماذا تلجأ المواقع الكبرى إلى «الزيارات الوهمية»؟! «22»

المعايير الرئيسة لتقييم جودة المواقع الإخبارية «23»

لماذا كتاب «صناعة المواقع الإخبارية»؟ «24»

"صناعة المواقع الإخبارية".. مهام فريق التسويق «25»

صناعة المواقع الإخبارية.. التسويق لا يعني الزيارات فقط! «26»

10 أخطاء تسويقية تقع فيها المواقع الإخبارية؟ «27»

الخطة التسويقية للمواقع الإخبارية «28»

كيف نختار المعلومات الصالحة للنشر؟ «29»

دراسة السوق وتحديد الأهداف التسويقية للمواقع الإخبارية «30»

استراتيجيات ومحاور خطة التسويق في المواقع الإخبارية «31»

6 مهام رئيسة لقيادات المواقع الإخبارية «32»

«دورة النشر» في المواقع الإخبارية «33»

هل اجتماعات التحرير مضيعة للوقت؟ «34»

المشكلات التحريرية في المواقع الإخبارية «35»

السياسة التحريرية.. لعنات وتجاوزات «36»

4 عناصر تتحكم في السياسة التحريرية «37»

كيف نضع السياسة التحريرية للموقع؟ «38»

المحتوى الصحفي القصير.. المشكلات والتحديات «39»

المحتوى المتعمق.. نكون أو لا نكون! «40»

كيف نختار موضوعات الـ«Top Story»؟ «41»

المراجع التحريري.. المهام والصلاحيات والمسئوليات «42»

المراجع اللغوي.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «43»

سكرتير التحرير.. المهام والصلاحيات والمواصفات «44»

رئيس القسم ونوابه.. المهام والصلاحيات والمواصفات «45»

مدير التحرير.. الواجبات والمسئوليات «46»

رئيس التحرير.. المهام والمسئوليات والصلاحيات «47»

الاستراتيجيات الصغيرة.. كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية؟ «48»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية الكبرى «49»

كيف يفكر مديرو المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «50»

الميزانيات الكبيرة تصنع مواقع صغيرة أحيانًا! «51»

كيف تعمل المواقع الإخبارية متناهية الصغر؟ «52»

كيف تدار المواقع الإخبارية الصغيرة؟ «53»

كيف تدار المواقع الإخبارية المتوسطة؟ «54»

التنظيم المؤسسي للمواقع الإخبارية «55»

10 خطوات لإعداد الهيكل التنظيمي للمواقع الإخبارية «56»

بعد 7 سنوات.. نتائج هجرة المصريين إلى «فيس بوك» «57»