الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الباحث السوري "إبراهيم كابان" في حواره مع "البوابة نيوز": تركيا تتخذ الخطر الكردي ذريعة لاحتلال شمال البلاد.. الأتراك يفضلون وجود تنظيمات إرهابية على حدودهم.. ويرفضون أى نظام ديمقراطي

الباحث السورى الكردى
الباحث السورى الكردى «إبراهيم كابان»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الباحث السورى الكردى «إبراهيم كابان» أن العمليات التركية فى مدينة عفرين السورية، بزعم التخلص من خطر الأكراد، بعيدة جدًا عن الحقيقة، لأن هدفها الحقيقى احتلال الشمال السورى أو على الأقل أجزاءً منها.
وقال كابان فى حوار مع «البوابة»: إن تركيا تسعى من خلال عملياتها فى عفرين لاحتلال الشمال السورى، والسيطرة على مسافة 80 كلم بين جرابلس، وإعزاز، وصولًا إلى مدينة الباب شمال شرقى حلب، خاصة أن الأطماع التركية فى سوريا ليست بجديدة، حيث يعتبر الأتراك شمال سوريا جزءًا من دولتهم.
وفيما يلي نص الحوار:

■ ما هدف العمليات التى تشنها تركيا على مدينة عفرين والأكراد فى سوريا؟
- تركيا تسعى لاحتلال الشمال السورى أو على الأقل أجزاءً منها، خاصة أنها تسيطر على حوالى ٨٠ كلم بين جرابلس وإعزاز وصولًا إلى مدينة الباب شمال شرقى حلب، بجانب السيطرة على محافظة إدلب، وداخل هذه المناطق تدير جماعات متطرفة وكتائب مسلحة، بعد اتفاقات ترحيل مع النظام السورى، بموجبها جلبت معظم المجموعات المسلحة المعارضة والمتطرفين لإدلب، ومناطق درع الفرات.
وخلال الشهور الماضية شهدت هذه المناطق عمليات التتريك على حساب الوجود العربى والكردى، بموجبها تسيطر الأقلية التركمانية على المنطقة بعد ترحيل الكرد والعرب، وحتى تكمل سيطرتها على الشريط الحدودى بين نهر الفرات إلى لواء أسكندرون تحاول تركيا السيطرة على عفرين أيضًا.
أنقرة تستخدم المعارضة المسلحة لهدفين، الأول، القضاء عليها لتحل محلها الكتائب التركمانية، وبنفس الوقت التخلص من الوجود الكردى والعربى فى عفرين، وهذه العوامل تساعد فى شعبية حزب العدالة والتنمية والحركة القومية العنصرية داخل تركيا، لتضمن بذلك الفوز فى الانتخابات المقبلة، مستغلة المشاعر القومية والدينية، وإنهاء القلق التركى من وجود إدارة كردية على حدودها، وهذه العملية تسهل إقامة حكم ذاتى تركمانى، رغم أنهم لا يشكلون إلا ٣٪ من سكان هذه المناطق.
■ هل يهدد الأكراد والعرب أمن تركيا أكثر من التنظيمات الإرهابية وبخاصة داعش؟
- الجميع يدرك طبيعة العلاقات التركية مع «تنظيم داعش» منذ ٢٠١٣، والمنظمات الإرهابية فى إدلب «جبهة النصرة» التابعة للقاعدة، و«حركة أحرار الشام التابعة لجماعة الإخوان»، والذين يسيطرون على محافظة إدلب بدعم تركى، والجماعتان علاقاتهما مفتوحة مع النظام التركي، ولديهم حدود ممتدة على طول محافظة إدلب ومناطق سيطرة ما يعرف بـ «درع الفرات».
■ منذ ٢٠١٣ أقام الأكراد السوريون اتفاقا مع الشعوب المتعايشة فى الشمال السورى «إدارة ذاتية ديمقراطية»، وخلال السنوات الأربع الماضية لم تطلق طلقة واحدة باتجاه تركيا، بل كانت هذه الإدارة تحافظ على الحدود السورية مع تركيا؟
المسألة هى أن الأتراك يفضلون وجود منظمات إرهابية على حدودها، بينما يرفضون أى إدارة ديمقراطية توحد الشعوب فى الشمال السورى، لأن ذلك يشكل خطرًا على أمنها القومى، ويقضي على أطماع السلطنة العثمانية المتجددة لدى النظام الحاكم التركى المشكل من المتطرفين القوميين وجماعة العدالة والتنمية.
ويعتبر الأتراك أن أى مشروع ديمقراطى يهدد وجودها ونظامه الاستبدادى القمعى بحق الشعوب الموجودة داخل تركيا.
الأطماع التركية فى سوريا ليست جديدة، فهم يعتبرون الشمال السورى جزءًا من دولتهم، ويسيطرون على مدن جرابلس، وإعزاز، والباب باتفاق مع النظام السورى والروس بعد تسليم حلب، كانت الهدف منها منع التواصل البرى بين منبج وعفرين، وهذا يتكرر فى إدلب حيث يتم تسليم المواقع الاستراتيجية فيها للنظام مقابل السماح للأتراك بغزو عفرين، وطبعًا يتم استخدام الجماعات المتطرفة.
■ هل ستواصل تركيا عمليتها وتصل منبج أم أن الأكراد سيغيرون المعادلة؟
- تركيا أقحمت أكثر من ٢٥ ألف مسلح من الجماعات المتطرفة فى هذه المعركة، بجانب ٢٠ ألف جندى من قواتها الخاصة، وتستخدم عشرات الطائرات الحربية والقصف المدفعى والدبابات وصواريخ الكاتيوشا، وبعد مرور حوالى أسبوعين لم تحرز أى تقدم، وهذا يدل على أن المقاومة فى عفرين ليست سهلة، خاصة أن المقاومة فى عفرين من الكرد العرب، ولن يكون جيش الغزو التركى فى نزهة بعفرين.
الخيار الاستراتيجى الذى اتخذته قوات سوريا الديمقراطية، هو مقاومة الغزو التركى الذى يتم بمعرفة وعلم الدول الكبرى التى تتقاسم النفوذ فى سوريا، والمواقف الدولية لم تخرج حتى اللحظة من دائرة البيانات «التنديد".
وفى غياب أى تقدم ملموس على أرض الواقع واستمرار العملية، فإن تركيا يومًا بعد يوم تنغرس أكثر فى مستنقع عفرين، لذلك تلجأ إلى القصف الجوى الذى يدمر القرى والبلدات، ويقتل المدنيين بدون تمييز، وتوقع أن تستخدم تركيا الأسلحة الفتاكة فى القصف مع استمرار شراسة المقاومة.
أما عن تقدمه نحو منبج، أعتقد أن هذا الأمر غير وارد خاصة في ظل وجود القوات الأمريكية هناك.
■ لماذا لم تتحرك أمريكا حتى الآن لمساندة الأكراد؟
- تركيا تسعى للتغلغل في المناطق التي تقع بين منبج ونهر الفرات إلى مدينة الرقة وشمال محافظة دير الزور وصولًا إلى الحدود التركية والعراقية، من خلال دعم «الداعش» و«جبهة النصرة»، أو التدخل المباشر وخلق نقاط اشتباك على الحدود في عدة مواقع.
وكانت القوات الأمريكية تمنع وقوع أى تطور، وشهدت مدن منبج وتل أبيض «كرى سبى» و«رأس العين » و«سرى كانى» وديريك ومناطق حدودية أخرى انتشارًا لقوات المارينز الأمريكية لدرجة بناء قواعد ومطارات عسكرية.
وخلال السنوات الثلاث لوجود القوات الأمريكية والروسية فى سوريا كرست الولايات المتحدة وجودها وتنسيقها مع الإدارة الذاتية الديمقراطية «روجافا – شمال سوريا » ضمن المناطق المذكورة، ودعمت تشكيل قوات سوريا الديمقراطية من مكونات شمال وشرق سوريا.
بينما كانت عفرين ضمن التغطية الروسية، وانتشر الجيش الروسى فى عدة قواعد عسكرية هناك، ولعل العملية العسكرية التركية جاءت بموافقة واتفاق بين الأتراك والروس، وهذا لا ينفى ضرورة تحرك أمريكى لمنع الأتراك فى احتلال عفرين، حيث إن الإدارة والقوات التى تتواجد فى عفرين جزء من مناطق التغطية الأمريكية، إلا أن المسئولية الأولى تقع على عاتق الروس، والثانية على عاتق النظام السورى الذى تقاعس حتى اللحظة فى الدفاع عن الحدود السورية أمام الغزو التركى.
■ هل تتوقع صدامًا بين القوات التركية والأمريكية فى سوريا؟
- لا أعتقد ذلك، الأتراك لا يستطيعون الصدام مع الأمريكيين والروس فى سوريا مهما كانت الأسباب، لأن ذلك سيخلف نتائج خطيرة على تركيا أولًا، ويؤدى إلى تحديد الخيار الأمريكى الكلى فى دعم الإدارة الذاتية الديمقراطية، بينما لا تزال تحافظ على علاقات واسعة مع تركيا، ومن المحتمل أن التحركات لغزو عفرين لم تتم إلا بصمت أمريكى جزئى، وإن كانت روسيا الشريكة فى هذه العملية بعد تبديل محافظة إدلب لصالح النظام مقابل عفرين للأتراك.
■ هل هناك دعم فى العواصم الغربية للقضية الكردية؟
- يتواجد مئات الآلاف من الأكراد فى الدول الغربية، ومن الطبيعى يتأثرون بالأحداث التى تجري فى عفرين، وهو ما دفعهم للقيام بمظاهرات فى العديد من العواصم الغربية بينها مدينة «كولن» الألمانية، بينما يقيمون بشكل يومى مظاهرات واعتصامات فى عدة مدن أوروبية.
الهدف من هذه التحركات الضغط على الحكومات الأوروبية لاتخاذ مواقف رافضة للغزو التركى، حيث إن هذه التحركات ساهمت فى تأليب الرأى العام الغربى ودفعها لمناقشة هذا الغزو فى عدة برلمانات أوروبية، من ضمنها البرلمان الألمانى.
وتشارك بعض الأحزاب الأوروبية ونواب برلمان فى المظاهرات التي تقام ويعبرون عن سخطهم للغزو التركى لمقاطعة عفرين، كون هذه القوات التى تدافع عن عفرين شاركت فى الحرب ضد الداعش مع التحالف الدولى.
وأعتقد أن نتائج هذه المظاهرات سوف تكون إيجابية وتدفع الحكومات الغربية إلى ممارسة مزيد من الضغط على المجتمع الدولى أو النظام التركى خلال الايام المقبلة.