الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

فردوس عبدالحميد لـ"البوابة نيوز": الوسط الفني غدّار.. وأخاف من المرض.. وأقرب الأشخاص خانُوني.. وكنت "مدب" وخسرت الكثير من الناس.. و مبارك قال لي: "مالك يا ست فردوس"

الفنانة فردوس عبدالحميد
الفنانة فردوس عبدالحميد في حواره مع البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إسكندارنية أصيلة.. التواضع والترفع هما عنوانها، إنها الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد، « دوسة الفن المصري»، التى دعتنا إلى بيتها، فمنذ دخولنا باب فيلتها الكائنة بأكتوبر، كانت هى فى استقبالنا من باب الفيلا ببساطتها المعهودة، وبعد ترحابها بنا تجولنا معها فى منزلها، وتحدثت عن كل ركن فيها وحكايتها مع بيانو والدها التى ما زالت تعتز به، واقتربنا منها أكثر وأبحرنا بداخلها كاشفة عن أسرار تبوح بها لأول مرة فكان معها هذه المعايشة.





«دوسة».. البداية
هناك عدد من الفنانين يصبح حلم عمرهم الفن والسينما، ولكن بعد فترة يتوارون مع كبر السن أو اختفاء الأضواء، وقلة العروض المعروضة عليهم، أما هذا الأمر فيختلف تماما مع الفنانة الكبيرة «فردوس عبدالحميد»، التى دخلت هذا المجال لتجعل اسم والدها يتردد فى كل مكان، بالإضافة إلى أنها استطاعت أن تستمر كفنانة ومبدعة مع كل الأجيال السابقة والحالية، مما جعلها محافظة على القمة وسط نجوم مصر، وهذا ما دفعنا لسؤالها عن كيفية تحقيق ذلك؟، فقالت بابتسامتها الجميلة التى لا تفارق وجهها طوال الوقت:
- بالفعل.. أنا دخلت هذا المجال كى أرفع من اسم والدي، فأنا لدى ثلاث شقيقات، وليس لدى أى شقيق، وهذه النقطة تحديدا كانت لم تسعد والدى قط، وكان يشعر بحزن كبير، وأننا عبء عليه، ومثل هذا الأمر كان يؤرقه كما كان يؤرقنى أيضا، وليس لأن ذرية البنات قبيحة، أما إنه كان يريد أن ينجب ولدا كى يحمل اسمه، وبعد رحيله لم يذكر اسمه فى الدنيا، وعندما أنجبت والدتى للمرة الثالثة، وكانت فتاة أيضا حدثت مشكلة كبيرة آنذاك، ولم تستقبل فى بيتنا بالشكل الملائم لها، وكأن والدتى ارتكبت ذنبا كبيرا، فأثر هذا الأمر فىّ كثيرا وانتابنى وقتذاك وأنا طفلة شعور بالإصرار على النجاح، وأن أصبح شيئا مهما كى أحقق له أمنيته، وعندما دخلت الفن أردت أن تكون هذه فرصة بأن أثبت لوالدى أن البنت تستطيع أن تخلد اسمك مثل الولد، ومن الممكن أكثر أيضا والحمدلله استطعت أن أحقق له حلما بعد ما كان لديه عقدة من إنجاب البنات.


■ قاطعتها قائلة هل والدك كان معترضا على دخولك هذا المجال؟ 
- فأجابت بصراحتها المعهودة والدى كان معترضا وبشدة على دخولى هذا المجال، وعندما علم أننى سوف أكون ممثلة شعر بذهول، وكان لم يصدق وقتذاك وغضب كثيرا، وقلت له إننى سوف أحول من قسم التمثيل إلى ديكور، وكنت أضحك عليه، وظللت فى قسم التمثيل، وشعرت بخوف كبير آنذاك إلى أن قمت بالاتصال بشخص من أحد أقاربنا من العائلة وقريب لوالدي، وتحدث معه أنه قام بتربيتى على أفضل ما يرام، ومع مرور الأيام اقتنع ومن هنا بدأ يصاحبني، وكان لا يتركنى قط وأنا طالبة فى معهد الفنون المسرحية، وبعدها علم جيدا ماذا أفعل وأقوم به، وبدأت أقص له كل شىء، وقام لى بشراء بيانو وما زال لدى وأخذته معى فى هذه الفيلا، وعمره أكثر من ٥٠ عاما، أما والدتى فكانت متفتحة جدا عكسه تماما فهو أشد منها.
وتابعت: أما بالنسبة لاستمراريتي، فهذا الأمر ليس سهلا على أى فنان، ولكن بالنسبة لى منذ أن وجدت فى الوسط الفنى لى معايير لا أحيد عنها، وأهمها أننى لا أقدم شيئا إلا وأنا مقتنعة به، ولا بد أن يكون العمل به مضمون ويهدف إلى رسالة، لأننى لست أعلم قيمة الفن فقط لكنى أعى خطورته جيدا، وماذا يفعل فى كافة الأجيال؟، فأنا فى رأيى مشهد واحد لى ذات قيمة فى أى عمل قدمته هو كاف لدي، فلذلك أنا طوال تاريخى الفنى لا أهتم بالكم أو التواجد لمجرد الانتشار، بقدر ماذا أقدم للجمهور، وأعتقد أن هذا هو الذى جعل جسرا من الثقة موجودا بينى وبين جمهوري، وعندما يرانى أى شخص أو أحد من أصدقائي فى الشارع يقولون لى: أى عمل سوف تقدمينه نحن على يقين أنه سوف يكون على أفضل ما يرام، ونظل على شغف كى نتابعه، وطوال حياتى أعتبر أن الفنان سفير لبلده فى أى مكان، ولا بد أن يكون على قدر من هذه المكانة ويكون قدوة لجمهوره وللأجيال القادمة.


الإنسانة 
■ «فردوس عبدالحميد» اسم غنى عن التعريف بتاريخها الحافل والكبير، ولكن هى كإنسانة لا يعرفها أحد، وكثيرون يرونها أيقونة مغلقة، فاقتربنا أكثر منها وأبحرنا بداخلها كى نفك هذه الشفرة، وعن ذلك تقول برقتها المعتادة:
- أنا إنسانة طبيعية للغاية، وأعتبر أن حياتى الخاصة خط أحمر لا يجوز لأحد التدخل فيه، فأنا لست من الشخصيات المنفتحة، وهذه طبيعتى الخاصة، وأنا من مواليد الإسكندرية، وطفولتى جزء من الماضى الخاص بي، لازمتها السعادة وأحيانا الوجع، وكان لوالدى الدور الأكبر لى فى حياتي، وتعلمت منه كل شىء القيم والأخلاقيات والمبادئ، وأهم ما رسخوا فىّ هى «الحفاظ على كرامتي»، ونحن ثلاث شقيقات، والدى رحمة الله عليه كان لديه مصنع، ووالدتى ربه منزل، وتربيت على مبادئ وأصول وأهمها الالتزام والاحتشام فى كل شىء، وأقص لك موقفا ضاحكا بالمعنى الدارج «ذات مرة كنت أرتدى تيشيرت كات فى غرفة نومى وكنت واضعة الجاكت على السرير، وكانت أمى عندما ترانى ذلك كانت تصرخ فى وجهى وصوتها مرتفع جدا جدا لدرجة تسمع بى الشقة كاملة، بسبب أنها كان لديها رعب أن أخرج الشارع كذلك، وظللت أقنعها وكل يوم تقول نفس الكلام ولا تكل ولا تمل» وأنا كفردوس أحب الصدق للغاية وأكره الكذب وعصبية للغاية لكن فى الحق، وذلك عندما أشعر بظلم أو جرح فى كرامتي.


■ هل هناك شخص طوال حياتك استطاع أن يحرك فيك أمواج الكراهية؟
- بصراحة شديدة لم أكره أحدا قط حتى الذين طعنونى وأقص لك موقفا آخر « ذات مرة أثناء الأحداث السياسة وثورة ٢٥ يناير لأننى كنت مع الثورة قلبا وقالبا، ولكن بعد ذلك غيرت وجهة نظرى تماما، بعد أن رأيتها انحرفت عن مسارها وهناك فنانة لا أريد ذكر اسمها اختلفت معى سياسيا فقامت بالاتصال بي، وألقت علىّ أقبح الشتائم والألفاظ بالأم والأب التى لا تقال وطوال حياتى لم يجرؤ أحد معى أن يقوم بما قامت هى لى وأقولها لك بالمعنى الدارج «قالتلى ما فى الخمر» ثم سكت ولم أرد عليها قط ورغم ما فعلته سامحتها بعد ما اعتذرت لى.


أشخاص فى حياتى 
تعتبر الفنانة فردوس عبدالحميد من الشخصيات القوية ذات طابع خاص، ومن الصعب أن يؤثر أحد عليها، ولكن يظل هناك أشخاص قلة قليلة استطاعوا أن يتركوا أثرا فى حياتها، وعن هذا أجابت متنهدة: 
يااااه..أولا والدى رحمة الله عليه كان له دور كبير فى حياتي، فعلاقتى به كانت أكبر من علاقة الأب بابنته، فكنا أصدقاء، وأيضا المخرج الأستاذ سعد أردش رحمة الله عليه له فضل كبير عليّ، واستطاع بشكل كبير أن يشكل شخصيتى الفنية وعلمنى كيفية التمثيل، وما هى قواعد التمثيل العلمية، وظل يشجعنى إلى أن وقفت على قدمى وقام بتدريبى فى كل شىء، والأساتذة الكبار الذين تعلمت منهم وتخرجت على أيديهم هم محمود مرسي، نبيل الألفي، كرم مطاوع، جلال الشرقاوى واستفدت منهم كثيرا.


تقلبات الزمن
يتسم الإنسان بعادات وتقاليد معينة منذ نشأته إلى أن يكبر، هذا ما دفعنا لسؤالنا للفنانة فردوس عبدالحميد، هل غير الزمن عاداتها؟ وهل تنازلت عن قناعاتها مع مرور الأيام والسنين؟ أو هل تعرضت للابتزاز يوما ما؟ فأجابت بحدة شديدة رافعة حاجبيها:
- هذا الأمر من المحال أن يحدث معى قط، وأحد يقوم بابتزازي، فأنا أسير على حكمة «امشى عدل يحتار عدوك فيك»، ومن وأنا صغيرة مع مرور الأيام لم أتنازل عن مبادئى قط، ولم أغير قناعاتى الحياتية والاجتماعية، لأننى بدون هذه القواعد كان من الممكن أن أضيع أو أضل الطريق، فالحمد لله بالنسبة لى لم أضع فى ظروف تجعلنى عكس ما أتمني، وهناك عدد من الفنانين حدثت لهم أحداث كبيرة ومتغيرات فى حياتهم مما اضطرهم إلى أن يعملوا فى مهن غير راضين عنها وبالنسبة لى لم أتعرض لذلك الابتزاز يوما ما بسبب إصرارى على مبادئى المنتقاة من أسرتي. 
 


■ عندما تطل الفنانة فردوس عبدالحميد على شاشة التليفزيون، تتحدث بكل جرأة، وهذا ما دفعنا لسؤالها عن طبيعتها الشخصية فى الحقيقة؟ 
- أقولها لك بالمعنى الدارج «أنا لا أحب ألف ولا أدور وليس على رأسى بطحة»، فأنا صريحة وجريئة لدرجة الصدمة، وآرائى واضحة ولدى من الشجاعة ما أقول ما بداخلى لأى شخص، وطوال تاريخى لم أتعرض لأى انتقادات بسبب شجاعتى وصراحتي، وبالرغم من قساوة الأيام علىّ ظللت أتسم بنفس الصفات، وكان والدى رحمة الله عليه يردد علىّ وعلى أخواتى كلمة واحدة «أهم شىء كرامتك» لأننى أيقنت أن فردوس إذا فقدت كرامتها فقدت نفسها، فأنا لا أحب التملق، ولا أضع رأسى فى الرمال مثل النعامة، وعندما أشعر أن الشخص الذى أمامى أحمق يقف ذهنى عن التفكير تماما فلا أجادله. 


أخطاء 
■ من الطبيعى أن كل شخص مع مرور مراحل حياته «الصبا» و«الشباب» و«النضوج» لديه أخطاء، وهذا ما دفعنا لسؤالها: هل أخطاء فردوس عبدالحميد فى حياتها تتوارى منها أم تظل تلازمها طوال حياتها؟ 
ـ أنا بطبعى لا أقف عند الأخطاء التى أخطأتها فى حياتي، وهناك أخطاء نابعة من شخصيتي، وهى أننى حادة للغاية فى بعض المواقف، وخسرت العديد من البشر بسبب أسلوبى الحاد، ولكن مع مرور الأيام والنضج أصبح أسلوبى أرقى من ذى قبل فأنا كنت «مدب».


■ صراحتك المعهودة ما أكبر مشكلة وقعتك فيها؟ 
- كنت ذات مرة معتصمة عام ١٩٨٧، أنا ومجموعة من المثقفين، وكان آنذاك اجتماع فى معرض الكتاب برئاسة الرئيس محمد حسنى مبارك، فطلبت الكلمة فوقفت أمامه وأنا أتحدث معه أمام الجميع فى بعض الأمور انفعلت بشكل كبير واحتديت مع أحد دون أن أدري، فقام الرئيس مبارك وصرخ فى وجهينا قائلا: «هو أنتو هتعلوا أصواتكم وتزعقوا أمامي»، وآنذاك تراجعت ودريت بنفسى أننى أمام مبارك، وبعد انتهاء اللقاء قام بمناداتى وقال لى «مالك يا ست فردوس» وأوضحت له الأمر ثم تحدثنا بعد ذلك بشكل طبيعي.


■ هل أنت مع الذى حدث مع مبارك أم ترين أنه ظلم؟
- أرى أنه ما دام مبارك ثبت عليه أن أخذ شيئا ليس حق فهو يستطيع العقاب وهذه قاعدتى فى الحياة ولا بد أن القانون يسير على الجميع ما دام إنسان أخطأ فلا بد أن يحاسب.


لحظات.. وأزمات
■ مرت الفنانة فردوس عبدالحميد بالعديد من الأزمات فى حياتها، وهذا ما دفعنا لسؤالها عن مرورها بفترات يأس وإحباط طويلة فى حياتها؟
- «أقولها لك بكل صراحة «كثير وكثير» قد مررت بفترة إحباط ويأس طويلة فى حياتي، لكن الحمدلله، أجد الله بجانبى ولا يتركنى أبدا، وقد تعرضت للطعن والخيانة من أشخاص قريبين مني، وكنت أثق فيهم للغاية، ولكن هذا علمنى أشياء كثيرة بعد ذلك، أهمها أصبحت لا أثق فى الأشخاص بسهولة، فأنا كنت أثق فى الناس بسرعة فائقة، ورغم ما مررت به من صعوبات،لا أقف عند شىء، لأن شخصيتى قوية للغاية وتفرض نفسها على أى أزمة أو جرح من أحد، وأيضا أنا متفائلة ولدى عزيمة فولاذية، وهذا يرجع له الفضل إلى أهلي، فوالدى وضع فىّ التفاؤل والقوة، أما والدتى فوضعت فىّ العزيمة، وأصبح لا يوجد لدى شيء هناك اسمه مستحيل، وعندما أمر بأزمة لا أفضل أن يرانى أحد وأظل مبتعدة عن الجميع لساعات كى أتمالك نفسى ثم أتعامل مع الأشخاص.


شخصيات مختلفة
■ قدمت الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد العديد من الشخصيات، التى أثرت بها الساحة الفنية طوال حياتها، هذا ما دفعنا لسؤالها عن الدور الذى قدمته وترى فى نفسها؟ وعن الدور التى كانت تتمنى تقديمه؟ 
- ليلة القبض على فاطمة والنوة.. تعتبر من أقرب الأدوار إلى قلبي، وأعتبرها قريبة إلى شخصيتى للغاية، ودورى فى الأسطورة مع محمد رمضان تمثلت فيه أمى الحقيقية رحمة الله عليها وتقمصت شخصيتها، وهناك دور قدمته الفنانة مى كساب فى مسلسل سنوات الحب والموت، وكنت أتمنى تقديمه للغاية، وهذا الدور به مراحل متنوعة.

نجاح وإهداء
■ لمن تهدى باقة نجاحك الذى حققته عبر تاريخك الفنى الطويل؟
- أهديها إلى والدتى ووالدى وإلى زوجى الحبيب المخرج الكبير محمد فاضل. 



■ لكل شخص منا لحظات خوف من شىء ما، هذا ما دفعنا لسؤالها عن الشىء الذى تخاف منه فردوس عبدالحميد أو الشىء الذى لو عاد الزمن إلى الوراء لا تتمنى فعله؟
- قالت أرى أن الوسط الفنى غدار، وهذا أكثر شىء أقلق منه، ومهما قدم الفنان من أعمال ثرية عندما يقع فى أزمة يتركه الوسط، ولا يسأل فيه عكس الفن العالمي، وأخاف من المرض.