البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في مثل هذا اليوم 2 نوفمبر عام 1964 إقالة الملك سعود وشقيقه الأمير فيصل يعتلي عرش السعودية

اقالة الملك سعود
اقالة الملك سعود

عانى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود في سنوات حكمه الأخيرة من أمراض متعددة منها آلام بالمفاصل وارتفاع ضغط الدم وكان ذلك يستدعي ذهابه إلى الخارج للعلاج، وبسبب الأمراض واشتدادها عليه فإن ذلك جعله لا يقوى على القيام بأعمال الحكم، كما بدأت في ذلك الوقت الخلافات تظهر بينه وبين ولي عهده الأمير فيصل والتي تطورت واتسعت، وبسبب ذلك دعي الأمير محمد أكبر أبناء الملك عبد العزيز بعده وبعد الأمير فيصل إلى اجتماع للعلماء والأمراء عقد في 29 مارس 1964 ، وأصدر العلماء فتوى تنص على أن يبقى هو ملكًا على أن يقوم الأمير فيصل بتصريف جميع أمور المملكة الداخلية والخارجية بوجود الملك في البلاد أو غيابه عنها، وبعد صدور الفتوى أصدر أبناء الملك عبد العزيز وكبار أمراء آل سعود قرارًا موقعًا يؤيدون فيه فتوى العلماء وطالبوا فيه الأمير فيصل بكونه وليًا للعهد ورئيسًا للوزراء بالإسراع في تنفيذ الفتوى. وفي اليوم التالي اجتمع مجلس الوزراء برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأمير خالد بن عبد العزيز واتخذوا قرارًا بنقل سلطاته الملكية إلى الأمير فيصل وذلك استنادًا إلى الفتوى وقرار الأمراء ، وبذلك أصبح الأمير فيصل بن عبد العزيز نائبًا عن الملك في حاله غيابه أو حضوره. وبعد صدور هذا القرار توسع الخلاف بينه وبين أخيه الأمير فيصل، كما ازداد عليه المرض، ولكل تلك الأسباب اتفق أهل الحل والعقد من أبناء الأسرة المالكة أن الحل الوحيد لهذه المسائل هو خلعه من الحكم وتنصيب الأمير فيصل ملكًا، وأرسلوا قرارهم إلى علماء الدين لأخذ وجهة نظرهم من الناحية الشرعية، فاجتمع العلماء لبحث هذا الأمر، وقرروا تشكيل وفد لمقابلته لإقناعه بالتنازل عن الحكم وأبلغوه أن قرارهم قد اتخذ وأنهم سيوقعون على قرار خلعه عن الحكم وأن من الأصلح له أن يتنازل، إلا أنه رفض ذلك .
اجتمع العلماء لمناقشة أحوال البلاد، وقبل أن يتخذوا قرارهم، بذلوا محاولة أخيرة لإقناع الملك سعود، أن يتنازل لأخيه وولي عهده عن العرش، فبعثوا له، وهم في اجتماعهم ذاك، ثلاثة من كبار العلماء، هم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ عمر بن حسن بن حسين آل الشيخ. وبعد أن قابل الوفدُ الملك سعود ، عرضوا عليه أن يقبل التنازل عن العرش لولي عهده وأخيه فيصل، وصارحوه أن كل شيء قد انتهى ، ولم يبق إلا توقيع قرارهم بخلعه، وأنه من الأصلح له أن يتنازل، ولكن الملك سعود أبى ، ورفض التنازل.
فعاد الوفد إلى المجتمعين، واستقر أمر العلماء وأفراد الأسرة المالكة السعودية ، على خلع الملك سعود، ومبايعة ولي العهد الأمير فيصل ملكًا على البلاد.
وفي يوم الأحد 26 جمادى الآخرة 1384، عقد اجتماع كبير، وحشد عظيم، ضم العلماء والقضاة من جميع أنحاء المملكة، لم يتخلف منهم أحد، وعلى رأسهم رئيس القضاة، مفتي البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ، وجميع أفراد الأسرة المالكة من أهل الحل و العقد، وتناقشوا في الأمر، وفي الطرق الكفيلة بتجنيب البلاد عاقبة وخيمة.
وقام المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ بتلاوة القرار، الذي اتفق عليه الأمراء والعلماء، في ذلك الجمع المحتشد:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه، أجمعين ، وبعد:
فقد حصل الاتفاق والاجتماع من أمراء سائر العائلة المكرمة السعودية، ومن طلبة العلم، على خلع سعود بن عبدالعزيز، والآن هو مخلوع، وسيُبايع فيصل الآن، وأن يوفق(الله) فيصل لما يحبه ، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. وصلى الله على محمد وآله وصحبه".
مبايعة فيصل :
وفي يوم الاثنين 27 جمادى الآخرة 1384، اجتمع مجلس الوزراء ومجلس الشورى، برئاسة الأمير خالد بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء، وقرروا خلع الملك سعود، ومبايعة فيصل ملكاً شرعياً على المملكة العربية السعودية، وإماماً للمسلمين، مستندين في ذلك إلى نص الخطاب المؤرخ في 22 جمادى الآخرة 1384، الموجه من أسرة آل سعود كافة، إلى العلماء ، الذين أعلموهم فيه قرارهم بخلع سعود، ومبايعة فيصل ملكاً على البلاد وإماماً للمسلمين ، وأيضاً استناداً على الفتوى الشرعية لأصحاب السماحة والفضيلة العلماء، المؤرخة 26 جمادى الآخرة 1384، وهي الفتوى المستندة على الفتوى السابقة المؤرخة في 16 ذي القعدة1383.
ثم حمل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، رئيس القضاة ومفتي المملكة العربية السعودية ، قرار مجلس الوزراء ومجلس الشورى، وفتوى العلماء، واتفاق أهل الحل والعقد، إلى الأمير فيصل بن عبدالعزيز في جمع حاشد من الأمراء، والعلماء، والوزراء، وكبار القوم، وتقدم سماحة المفتي وتلى أمام الفيصل ما قرره العلماء من قبل، ثم مد يده إليه، وبايعه، قائلاً:
"قد بايعتك على كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى إقامة العدل والإنصاف، والقيام بأمور الإمامة وأدائها المعروفة والمعلومة. وفقك الله لما يحبه و يرضاه".
وبايع، بعده، جميع الحاضرين، من العلماء والقضاة، ثم تلاهم أفراد الأسرة المالكة ، ثم كبار القوم والأعيان، ثم قواد الجيش، وضباطه، وصف الضباط ممن حضروا، ثم مسؤولو الحرس الوطني، ومشايخ القبائل، ثم الوزراء، وأعضاء مجلس الشورى، وأمراء المقاطعات، وقدموا له بيعتهم. وبعد أن انتهى الجميع من تقديم مبايعتهم، أجابهم الملك فيصل قائلاً:
"وأنا، من جانبي، أبايعكم، على اتباع كتاب الله وسنة رسوله، وتحكيم الشريعة، وأن أكون خادمًا للشرع في جميع الأمور، وأن أسعى بكل ما في إمكاني لحفظ كيان هذا البلد، وخدمة مواطنيه ، فيما يصلح دينهم ودنياهم. وأرجو الله، سبحانه وتعالى، أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين ،عاملين بالخير متقين الشر، متبعين كتاب الله وسنة رسوله، وأن يجعلنا من أنصار دينه ، وأن يوفقنا دائماً لاتباع ما يجب علينا، من خدمة ديننا وأمتنا ووطننا، إنه على ما يشاء قدير، والله، سبحانه وتعالى، يوفق الجميع للخير".
وبعد أن تمت هذه البيعة توافدت الوفود من أنحاء المملكة العربية السعودية، بكل وسائل المواصلات، لأداء البيعة. واستمرت بيعة الوافدين أكثر من عشرين يوماً. وبعد أن أذيع نبأ هذه البيعة، انهالت مئات الألوف من البرقيات، من ملوك ورؤساء العالم العربي والإسلامي، وغيرهم من الدول الأجنبية، مهنئين ومؤيدين.
وبذلك بويع الملك فيصل، ملكاً شرعياً على البلاد، وإماما للمسلمين، في يوم الاثنين27 جمادى الثانية 1384/ 2 نوفمبر 1964.
ورأى الملك سعود أن المصلحة العامة والخاصة، تقتضي أن يدخل في ما دخل فيه الناس ، حرصاً على وحدة الكلمة، وجمع الشمل، فأرسل الملك فيصل كتاباً بايع فيه أخاه قال فيه:
"من سعود بن عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى جناب الأخ جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بناءً على ما أقرته الأسرة المالكة والعلماء بتنصيبكم ملكاً على البلاد، فإننا نبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله، ملكًا على البلاد، راجيًا لكم التوفيق وللشعب السعودي الرفاهية والازدهار والتقدم، والسلام.
التوقيع سعود