البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أمريكا لا تريد نهاية لهذه الحرب.. فماذا بعد؟!

يتعين على الدول ذات الاقتصادات الناشئه اعتماد إستراتيجيات وسياسات اقتصاديه مشابهة لما يسمى بإقتصاد الحرب، فهى وإن لم تكن طرفا عسكريا فى هذه الحرب الدائره بشرق أوروبا بين روسيا وحلف الناتو،  إلا أن آثارها نالت من اقتصادياتها  ربما بقدر أكبر من الأطراف المتورطة فيها.

التطورات المتلاحقه للأزمة الأوكرانيه تؤكد كل يوم أن الولايات المتحده الأمريكيه لاتريد أن ترى نهاية ولو على المدى المتوسط لهذا الصراع، وأنها تعمل على تأجيجه وإطالته الى أقصى مدى زمنى ممكن لحين تأكدها من إضعاف أوروبا وإنهاك روسيا.

بحسابات المنطق تدرك واشنطن أن موسكو لن تقبل بخسارة هذه الحرب، والخسارة هنا تعنى الإنسحاب الكامل من الأراضى التى سيطرت عليها وأضحت جزءا من أراضيها بموجب استفتاء شعبى  شهدته أقاليم دونباس وخريسون وزابروجيا سبتمبر الماضى.

ومع ذلك تصر الإدارة الإمريكيه على إنسحاب روسيا كشرط لبدء مفاوضات السلام؛ بل إن تقارير صحفيه تحدثت عن استعداد البنتاجون لدعم زيلينسكى للقيام بعمليه عسكريه تستهدف إستعادة جزيرة القرم.

وإضافة للدعم الأمريكى المباشر لقوات زيلينسكى تدفع حلفاؤها الغربيين فى حلف الناتو الى تقديم المزيد من الأسلحه الهجوميه المتطوره ليس فقط لإذكاء المواجهات العسكريه على الأرض؛ وإنما بوضع أوروبا على حافة المواجهة المباشره مع روسيا، وقطع الطريق أمام أى احتمال لعودة العلاقات الأوروبيه الروسيه بعد أن تضع تلك الحرب أوزارها.

يتجسد ذلك الهدف فى الضغوط الإمريكيه الهائله على ألمانيا بإرسال دبابتها الأشهر "ليوبارد٢" لمساندة الجيش الإوكرانى فى عملياته الهجوميه؛ وهى الضغوط التى تكافح برلين من أجل مقاومتها لعلمها أن الدفع بهذه الدبابه سيجعلها طرفا مباشرا فى الحرب خاصة إذا نجحت فى تمكين القوات الإوكرانيه من تحقيق بعض التقدمات.

لذلك إشترط المستشار الألمانى "أولاف شولتز" أن ترسل الولايات المتحده الدبابه "إبرامز" أولا وهى محاوله للإفلات من الضغط الأمريكى.

يقينا تعلم أمريكا قبل غيرها أن كل تلك المساعدات العسكريه بأحدث الأسلحه لن تغير فى نتائج الحرب لكنها تحقق هدف إطالتها لتكسب هى المزيد من الوقت لصالح إدارتها لصراعها الأكبر مع الصين والذى تعتمد فيه على إثارة التوترات بين كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبيه إضافة إلى إستثمار التوترات السلميه الصينيه الهنديه لكن الأهم وبحسب العديد من المراقبين والمحللين السياسيين فى بعض الصحف الروسيه والغربيه قد تذهب الولايات المتحده إلى إشعال الصراع فى الشرق الأوسط لتوجيه ضربة إلى إيران لتقطع الطريق على كل من روسيا والصين التى تستفيد من النفط الإيرانى وتعتبرها جزءا من طريق الحرير.

بعض التقارير حذرت من ضغوط أمريكيه تستهدف التأثير على العلاقات الصينيه الخليجيه على نحو يحرم بكين من ٧٠% من إمداداتها النفطيه التى تحصل عليها من دول المنطقه.

باالعودة إلى أوروبا تئن القارة العجوز من آثار تلك الحرب فهى تدفع أربعة أضعاف سعر الغاز للحصول عليه مسالا من امريكا، وتدفع مليارات الدولارات لمصانع الأسلحه الإمريكيه لتعويض مافقدته من ترسانتها نتيجة لدعم الجيش الإوكرانى حتى إن هذه المسأله باتت من القضايا الأساسيه فى دول بحجم إنجلترا وألمانيا.

وفوق ذلك مازالت لم تجد سبيلا للتفاوض مع حليفتها أمريكا حول قانون مكافحة التضخم الذى سرق المصانع الإوروبيه بما أتاحه من تسهيلات ودعم ضخم جعل مصانع أوروبا تنتقل للعمل فى إمريكا هربا من أزمات الطاقه وفقدان منتجاتها القدره التنافسيه السعريه.

ورغم هذه المعاناه يخرج مفوض السياسه الخارجيه العليا بالاتحاد الإوربى "جوزيه بوريل" ليقول كلاما متناقضا حول استحالة هزيمة دوله نوويه عظمى مذكرا بإنتصارات روسيا على نابليون عام ١٨١٢ والنازى عام ١٩٤٥، ثم يطالب بضرورة تكثيف الدعم لأوكرانيا لإجبار روسيا على الخساره، وهو مايؤكد إن العلاقه بين أوروبا وإمريكا ليست نديه، وأن الناتو لايضم فى عضويته حلفاء وإنما تابع يسكن القارة العجوز ومتبوع يحكم من واشنطن.

مايهمنا فى الشرق الأوسط هو كيف يمكن التعايش مع هذه الحرب التى قد تنتقل إلى عدة بؤر وعلى رأسها منطقتنا؟!، وكيف يمكن الآحتفاظ بمساحة الإستقلال أو الحياد حال آحتدم الصراع العسكرى من حولنا؟

لن نستطيع بناء موقف سياسى مستقل دون اقتصاد قوى يقوم على الإستثمار الأمثل لمقدراتنا وهى كثيره، فمع احتدام الصراع القائم أو إنتقاله إلى مناطق أخرى من العالم سيكون  الاعتماد بشكل كلى على استثمارات الأموال الساخنه تكرار للخطأ لاسيما وأننا نستطيع جذب أصحاب المصانع الأوروبيه لنقل مصانعهم أو بعضها إلى بلادنا حيث الغاز الأرخص والكهرباء الأقل تكلفه مع تقديم تسهيلات ضريبيه وجمركيه كما تفعل معظم الدول.

وظنى أن بلادنا تمثل الفرصة الإمثل فنحن الأقرب جغرافيا من الولايات المتحده التى تقع على الجانب الآخر من الأطلسى كما أننا الأقرب للأسواق الأسيويه والإفريقيه فوق ذلك نملك ملايين الأمتار المربعه من أراضى المناطق الصناعيه كاملة المرافق بما فى ذلك طرق النقل.

وقد نجد طريقة للإتفاق مع الدول الأوروبيه لتشجيعها على هذه الخطوه دون أن ترى فيها إضرارا بصناعتها واقتصادها الوطنى على نحو ماتواجه بانتقال مصانعها إلى أمريكا.

الأمر ذاته قد يكون مطروحا مع الصين خاصة فى ظل العلاقات الاستراتيجيه التى تسعى بكين إلى إقامتها مع دول المنطقه مما يجعلنا ساحة للمنافسه والتواجد بإستثمارات  مباشره بين العملاق الصينى والقارة العجوز بعد توفير بيئة استثماريه صالحه توفر للجميع قدرة تنافسيه لمنتجاتهم.