البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مفتي مقدونيا الشمالية لـ"البوابة نيوز": مصر تحتل مكانة كبيرة لجميع مسلمي العالم.. وعواقب الهجرة إلى أوروبا وخيمة على مجتمعنا

مفتي مقدونيا الشمالية
مفتي مقدونيا الشمالية

أكد الشيخ شاكر فتاحو مفتي مقدونيا الشمالية، أن هناك عددا من الأزمات التي يواجهها المسلمون في أوروبا، مؤكدا أن الإسلام دخل مقدونيا عن طريق التجار العثمانيين.

وأشار مفتي مقدونيا الشمالية في حواره لـ"البوابة نيوز" إلى استمرار  التمييز ضد المسلمين في بعض أجزاء البلاد، حيث يشكلون أقلية، ولا يتمتعون بجميع حقوقهم الدينية على الرغم من أن القوانين تمكنهم من القيام بذلك، وإلى نص الحوار.

•  كيف دخل الإسلام مقدونيا وما النسبة التقديرية للمسلمين؟
بداية الإسلام في البلقان حيث تمثل جمهورية مقدونيا الشمالية جزءًا منه ، كانت من خلال العثمانيين، مع اننا نجد الاتصالات الأولى لسكان هذه المنطقة بالإسلام من خلال التجار والدعاة الإسلامين في دول البلقان، وهذا يعنى أن الإسلام رسميًا وعمليًا في مقدونيا الشمالية موجودًا من قبل ستة قرون أو مع وصول العثمانيين إلى هذه المنطقة ، وتبلغ نسبة المسلمين في بلدنا وفقًا لتعداد وإحصاءيات الرسمية للدولة التى اجرية فى عام 2021 حوالي 40٪، بينما حسب معلوماتنا من خلال عضويات المسلمين فى المساجد و غيرها من الطرق التى تشير الى أن عدد المسلمين ،  يقرب من 50٪ من سكان مقو نيا الشمالية . 


• ما وضع المسلمين في مقدونيا؟ وهل هناك أي عائق في ممارسة الشعائر الدينية؟
في الماضي كان المسلمون مضطهدون من عدة جوانب منها الدينية والوطنية والاقتصادية والسياسية، خاصة بعد رحيل الدولة العثمانية من هذه المنطقة، وأجبر المسلمون على مغادرة البلاد إلى أماكن مختلفة كما هو الحال في تركيا ودول أخرى، ولا سيما خلال فترة النظام الإشتراكى و الشيوعى، و بعد سقوط الشيوعية، نظم المسلمون حياتهم الدينية بشكل أصلي ومستقل، بنوا مساجد جديدة عند الحاجة، و الآن يبلغ إجمالي عدد المساجد أكثر من 700 مسجد في البلاد، كما تم بناء المدارس في جميع المساجد تقريبًا حيث يتلقى الأطفال دروسهم الأولى عن الإسلام، وتم بناء المؤسسات التعليمية، حيث تعمل حاليًا خمس فروع للمدرسة الثنوية الإسلامية فى عدو مدن ، اثنتان منها للبنين وثلاث للبنات، كما تم إنشاء كلية الدراسات الإسلامية، وأنشأ المسلمون أيضًا ممتلكات وقفية تعمل على تطوير الحياة الدينية. 


هناك مخاوف حتى يومنا هذا؛ حيث يستمر التمييز ضد المسلمين في بعض أجزاء البلاد، حيث يشكل المسلمون أقلية، ولا يتمتعون بجميع حقوقهم الدينية على الرغم من أن القوانين تمكنهم من القيام بذلك، في الوقت الحالي، فإن الشاغل الأكبر بالنسبة لنا هو الهجرة الاقتصادية للمسلمين إلى الدول الأوروبية، هذه الظاهرة تؤدي إلى إفراغ مدارسنا ومساجدنا وما إلى ذلك؛ ستكون عواقب الهجرة كبيرة جدًا على مجتمعنا.
• لماذا تتم مضايقة المسلمين باستمرار في مقدونيا؟ 
لسوء الحظ لا يزال هناك خوف من الإسلام في العالم، وهو موجود أيضًا في بلدنا وفي نفس الوقت هو السبب الرئيسي لاضطهاد المسلمين، الناس من ديانات أخرى يأتون إلى الاتحاد الإسلامي ويعلنون اعتناقهم الإسلام، لكنهم لا يرغبون في الإعلان عن هذا، لأنهم يخافون على أنفسهم وأموالهم و العواقب التي ربما تلحق بهم فى بعد المناطق التى يعيشون ويعملون فيها.
كل هذه المشاكل من أجل ضيق الأفق في مجتمعنا متعدد الطوائف، لطالما بذلت الاتحاد الإسلامي في مقدونيا الشمالية وتبذل جهودًا لإعطاء الأولوية للحوار بين الأديان في البلاد والتعايش.


• ما الديانات الرسمية في مقدونيا؟ 
تاريخياً كان هناك ديانتان في مقدونيا "مسيحية وإسلامية"، بينما يوجد اليوم على المستوى الدستوري خمس طوائف دينية يكفلها دستور الولاية: "الكنيسة المقدونية الأرثوذكسية، والاتحاد الإسلامي، والكنيسة الكاثوليكية، والكنيسة الإنجيلية، والجالية اليهودية"،  و غيرها من الجماعات الدينية، يجدر التأكيد على أن مقدونيا الشمالية دولة علمانية، مما يعني أن جميع الأديان تمول أنشطتها بشكل مستقل.
•  ما موقف المؤسسة الدينية الرسمية في مقدونيا من قضايا التجديد الديني ومحاربة الفكر المتطرف؟
يتم تنظيم مسلمي مقدونيا الشمالية من خلال الاتحاد الإسلامي، التي حددت من خلال دستورها التى تنظم الحياة الدينية و طرق الدعوة الى الإسلام و مواجهة التحديات ،لذلك نحن نمارس الإسلام الأصلي الوسطى من خلال تقليد المذهب الحنفى فى الفروع و المذهب الماتوردى فى العقيدة حيث نعمل بجد محافظة على العقيدة الاسلامية من خلال تنمية الإيمان برب الكون والمعرفة الصحيحة والأخلاق الرفيعة وإزدهار قيم السلام والتسامح والتضامن والتعايش والتعاون مع الآخرين وتنمية الحوار بين الأديان وما إلى ذلك.
نعتبر التطرف شرًا و ضارًا لا علاقة له بالإسلام والمسلمين، لذلك نحن نبذل كل الجهد لتجنب أي تطرف، لأننا نعتبره ضارًا بالإسلام والمسلمين والمجتمع بشكل عام.
•  لقد شاركت في العديد من مؤتمرات المؤسسات الدينية المصرية. كيف تقيمون التعاون الديني بين مصر ومقدونيا؟
شاركت في العديد من المؤتمرات وأنا معجب و فخور بمستوى التنظيم والرسائل الصادرة عن هذه المؤتمرات حتى الآن، أعتقد أن لدينا تعاونًا حقيقيًا، يظهر هذا من خلال الدعوات التى تبعث بها المؤسسات المختلفة لحضور المؤتمرات و المشاركة فيها ، خاصة لدينا علاقات جيدة مع سفارة مصر، فنحن نزرع تعاونًا حقيقيًا وقريبًا جدًا معهم، و منذ السنوات الأولى أرسل مسلمو بلادنا أبناءهم لتعليمهم في جامعة الأزهر الشريف الشهيرة، وهذا التقليد مستمر حتى الآن، ولدينا عدد كبير من المسئولين الدينيين الذين أخذوا تعليمهم العالي في مصر، فيتحدثون دائمًا بكل سرور عن مصر وكرم ضيافة الشعب المصري.


• لماذا تتركز الغالبية العظمى من المسلمين في الشمال الغربي؟
تنتمي الغالبية العظمى من مسلمي مقدونيا الشمالية إلى العرق الألباني، الذين ظلوا عبر التاريخ منفصلين عن أصولهم الألبانية، وبالتالي فإن الغالبية منهم في الجزء الشمالي الغربي، يوجد اليوم دولتان ألبانيتان، "ألبانيا وكوسوفو"،و أكثر من 80٪ منهم يمارسون الإسلام و كذلك مسلمى جمهورية مقدونيا الشمالية، وهناك أيضًا أكثر من مليون مسلم في الجبل الأسود وصربيا، بينما يوجد في البوسنة والهرسك ما يقرب من مليوني مسلم. ويمكننا أن نقول بحرية أنه يوجد في البلقان أكثر من سبعة ملايين من أتباع الإسلام الذين يحملون القيم الإسلامية، ومع هجرة المسلمين إلى أوروبا، أصبح الإسلام جزءًا لا يتجزأ من أوروبا أيضًا، أسست الاتحاد الإسلامي في مقدونيا الشمالية من خلال جالياتها أكثر من ٢٠٠ مركز إسلامى فى أماكن مختلفة من أوروبا والعالم وهي التي تنظم الحياة الدينية و الثقافية لجاليات الإسلامية فى هذه الأماكن.
• يقول البعض إن الإسلام مهاجر غير مرحب به في أوروبا.. وأن المسلمين أجانب وليس لهم الحق في العيش في أوروبا. ما هو ردك على ذلك؟
مثل هذه الأفكار كانت موجودة وهى مازالت موجودة، ولكن من الناحية العملية أصبح المسلمون بالفعل حقيقة واقعة في البلقان وأوروبا وهم بالفعل يزرعون القيم الدينية والوطنية بحرية، و كما ارى فى الواقع بدأ المسلمون بالفعل في الاندماج ببطء في جميع أنحاء أوروبا، وأصبحوا محترفين في جميع مجالات الحياة المؤسسية، والسياسية، والدينية، والاقتصادية، والثقافية، وهم يحملون القيم الإسلامية في المجتمع ويضعون و يفرضون وجودهم الرسمى .
ونبذل أقصى جهد لصبح الإسلام الدين الرسمي في أوروبا وسيصبح هذا يومًا ما حقيقة وواقعا، أوروبا هي البيؤة الأكثر المهيؤة للقيم الإسلامية لأنها بيئة حرية المعتقدات والعلم والثقافة والسلام والتسامح وما إلى ذلك، وأؤمن بمستقبل الإسلام في أوروبا ولا غنى عنه في الحياة هناك، خاصة في مجال الروحى والأخلاقى، لأن العالم اليوم يمر بأكبر أزمة أخلاقية بشكل عام.
• هل يعيش المسلمون حاليًا في مقدونيا من أصول أوروبية؟
غالبية المسلمين في أوروبا هم من الألبان والبوسنيين، وهما شعبان و عرقيان أصليان في البلقان، لهذا السبب سيتم عرض مستقبل الإسلام وتحقيقه من خلال هاتين الدولتين.

•  بالرغم من أن عدد المسلمين يقارب 45٪ ، لماذا لا يكون لهم حضور قوي في السياسة والحكم في مقدونيا؟
في الماضي تعرض المسلمون للتمييز، خاصة خلال فترة النظام الشيوعى الأحادي، عندما ظلوا مهمشين لأنهم حُرموا من إعمال حقوقهم، وتعرضوا للتمييز في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، لكن مع بداية الديمقراطية اكتسب المسلمون مساحة للمشاركة النشطة في صعودهم في مختلف المجالات كــ"التعليم والعلوم والاقتصاد والسياسة"، وقد وصلوا بالفعل إلى مستوى كبير وتنافسوا بقوة في مناصب مختلفة في المجتمع، وحققوا اندماجًا قويًا في مؤسسات الدولة.
• كيف تعامل المسلمون المقدونيون مع أزمة تغيير اسم البلاد في مقدونيا الشمالية؟
عندما خرجت مقدونيا من الحكم الشيوعي وتوجهت نحو الديمقراطية، لم يكن المسلمين عائقًا لذلك الطريق نحو الإصلاح، ولم تكن قيمهم وأسماؤهم الإسلامية عائقًا لذلك، بالعكس كانت جهودهم تساهم في حل المشاكل التي أعاقت طريق الحرية، وكانوا بناءين وقدموا مساهمات كثيرة، ومع تغيير اسم البلاد تم تحقيق أحد الأهداف الرئيسية لشمال مقدونيا، لتصبح عضوًا كاملاً في خلف الناتو وتمهيد الطريق للعضوية في الاتحاد الأوروبي.
• هل لديك علاقة بالأزهر وهل هناك تعاون دعوي؟
لمصر أهمية كبيرة لجميع مسلمي العالم، وخاصة بالنسبة لنا في البلقان ولنا نحن الألبان، مصر في قلوب جميع المسلمين في مقدونيا الشمالية نحن نعتبرها مهد الثقافة العالمية وقاعدة علمية قوية في مجال المعرفة الإسلامية.
وعلاقاتنا مع الأزهر الشريف أبدية لأننا كنا دائمًا نمتلك أفضل الكوادر من الأزهريين، و منذ 75 عامًا عندما تخرجت الكوادر الأولى من هذه الجامعة العريقة وحتى يومنا هذا لدينا المئات من الطلاب والخريجين، وحتى يومنا هذا نرسل الطلاب باستمرار ليحملوا راية الدينية الإسلامية في بلدنا، وتتميز الكوادر الأزهرية بمعرفة عميقة وعالمية مع حكمة خاصة ومنهجية لتفسير سليم يتجسد بين التقليدي والعقلاني، وكذلك التجسيد الروحاني والأخلاقي.
وأصبح لدينا كوادر إسلامية معروفة وقادة في وظائف مختلفة، بينما تمكن اثنان من خريجي الأزهر من تولى منصب رئيس المشيخة الإسلامية في يوغوسلافيا السابقة مثل بدر حميدي و هو من مقدونيا الشمالية، ولاحقًا ياقوب سليموفسكي و هو كذلك رئيس المشيخة الإسلامية في يوغوسلافيا السابقة.
• هل حالة المسلمين في مقدونيا الشمالية نشطة وهل هناك زيادة في عدد المسلمين؟
المسلمون في جمهورية مقدونيا نشيطون للغاية ولديهم نظام جيد التنظيم، تم تطوير المنظمة بأكملها في المجال الديني تحت اختصاص الاتحاد الإسلامي، ويوجد تحت مظلتها مؤسسات الدينية والعلمية والرياضية و قسم رعاية الأطفال والمدارس الثانوية الإسلامية وكلية للدراسات الإسلامية والمنظمة الخيرية "هلال" ووكالة لمنتجات "الحلال"، ومعهد للبحث العلمي، ومجلس للفتوى، والعديد من المدريات الأخرى.
أما بالنسبة لعدد المسلمين فهو في ازدياد، لكن باتجاه أصغر ليس كما في السابق، هناك العديد من العوامل التي تؤثر على هذا مثل انخفاض معدل المواليد، والهجرة الاقتصادية، وما إلى ذلك.