البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أطلق عليها علماء الآثار «جوهرة الجنوب» ..

جزيرة «إلفنتين».. أهم ميناء في أسوان لاستقبال العاج الأفريقي المستخرج من أنياب الأفيال

البوابة نيوز

طبيعة خلابة ساحرة وصفاء مياه النيل، ومواقع أثرية وسياحية كلها مقومات تتمتع بها أسوان ساحرة الجنوب عاصمة الشباب والثقافة والاقتصاد الأفريقي، ومع تنوع المقومات السياحية من سياحة أثرية وثقافية وعلاجية وبيئية وترفيهية ما أدى إلى جذب السائحين والزائرين من مختلف بقاع العالم فضلا عن السياحة الداخلية من محافظات مصر.

وأسوان ثرية بآثار الحضارة الفرعونية ومعالمها السياحة ومن أبرزها معبدا الملك رمسيس الثاني وزوجته الملكة نفارتارى، معبد فيلة، متحف النوبة، جزيرة إلفنتين، جزيرة النباتات، منطقة غرب سهيل، الجزر النيلية وغيرها من الأماكن السياحية والمواقع الأثرية.

وتلقي "البوابة" الضوء على جزيرة إلفنتين والتي يطلق عليها علماء الآثار "جوهرة الجنوب" لما تحويه من آثار وأسرار عن حضارات تعاقبت على مصر فهي إحدى جزر مصر النيلية والتي تقع بمدينة أسوان، وتبلغ مساحتها نحو ١٥٠٠ متر طولا و٥٠٠ متر عرضا، أغلب سكانها من النوبيين ويوجد بها فندق موفنبيك، ومساحات زراعية أغلبها من النخيل، ومتحف أسوان، وبقايا من معابد حجرية من العصور المختلفة.

ويبلغ عدد سكان الجزيرة ٥٨٠٠ نسمة أغلبيتهم من النوبيين (الكنوز) يعشون على قريتين في وسط الجزيرة هما «سيو» و«كوتي» ويشتغل معظمهم في الأعمال اليدوية والزراعة والسياحة حيث إنهم ما زالوا محتفظين بالطابع النوبي في الشوارع الرملية والمنازل الملونة.

عُرفت الجزيرة في النصوص المصرية القديمة باسم «أبو» أي (الفيل) على اعتبار أن تلك الجزيرة كانت ميناء مهما لاستقبال العاج الأفريقي المستخرج من ناب الأفيال، ثم تحولت في اللغة اليونانية إلى كلمة «إلفنتين» (elephas) بمعنى (عاج سن الفيل) التي تحملها الجزيرة الآن.

أهمية استراتيجية

وكانت الجزيرة نقطة محورية على الطرق التجارية إلى الجنوب من مصر، فضلا عن أنها كانت مقرا أساسيا لكل البعثات الحكومية والعسكرية والتجارية المتجهه جنوبا أو العائدة إلى الوطن، كما يرجع البعض التسمية إلى طبوغرافية شكل الجزيرة التي على شكل قرن كبش أو ناب الفيل.

وأن أقدم أعمال البناء على الجزيرة تمت في أواخر عصور ما قبل التاريخ وامتدت حتى العصر الإسلامي المبكر، أي أنها تشمل تاريخ مصر القديمة في كل العصور وحتى الحقبة اليونانية الرومانية. تعتبر «ساتت» هي آلهة المنطقة وبالأخص آلهة الفيضانات فقد شيدت مختلف الأسر الحاكمة معابد لها، المعبد الأول يعود للأسرتين الأولى والثانية أي في حدود ٢٨٠٠ ق.م، والمعبد الثاني لبداية الأسرة السادسة أي في حدود ٢٢٥٠ ق.م، والثالث بناه سنوسرت الأول في حدود ١٩٥٠ ق.م، والرابع والأخير شيدته الملكة حتشبسوت في حدود العام ١٤٨٠ ق.م.

كما يوجد معبد الآله «خنوم» والذي تم نهب أحجاره في وقت سابق ولم يتبق منه سوى عمودي المدخل الرئيسي، وبالقرب منه يوجد مقبرة كباش لنفس الآله ويوجد أيضا مقصورات لتخليد ذكرى حكام إلفنتين من أهمهم (حقا إيب) وتستمر الإضافات طوال الدولة الحديثة وتظل إلفنتين تلعب دورها طوال العصور المتأخرة المصرية حيث أبدى ملوك الأسرة ٢٦ اهتماما كبيرا بالجزيرة.

وأقاموا بها مقياسا للنيل وتظهر عليه مقاييس فيضان النيل باللغات اليونانية والعربية وكان مستعملا إلى وقت قريب، ومن بعدهم ملوك البطالمة وبعض الأباطرة الرومان الذين سجلت أسمائهم على جدران المعابد ويظهر على بوابة إحدى قاعات المعبد الجنوبية نقوشا تمثل الإسكندر الثاني على هيئة ملك مصري وهو يقدم القرابين للآلهة المختلفة واسمه مكتوب بالهيروغليفية، مع الصيغة «ستب-ان-رع-مري-آمون» المختار من رع ويحبه آمون.

ومتحف جزيرة إلفنتين (متحف أسوان) يقع في الجزء الجنوبي الشرقي لجزيرة إلفنتين أُقيم مبنى المتحف عام ١٨٩٨ كمقر لكبير مهندسي خزان أسوان «السير وليم ولكوكس»، ويرجع تاريخ إنشاء المتحف لعام ١٩١٧ ليضم آثار منطقة النوبة التي عثر عليها قبل إنشاء خزان أسوان.

وتلك التي عثر عليها بعد ذلك التي استخرجتها البعثات الأجنبية القائمة بالتنقيب ويضم آثارا يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الأسرات كما يحتوي على بعض تماثيل الملوك والأفراد وبعض الموميات للكبش رمز الإله خنوم وأنواع مختلفة من الفخار وعناصر معمارية وزخرفية وعدد من التوابيت وأدوات الحياة اليومية لدى المصريين القدماء وبعض اللوحات الجنائزية.

وقال عبد الناصر صابر نقيب المرشدين السياحيين السابق: إن جزيرة الإلفنتين هى جزيرة رائعة الجمال تقع قبالة مدينة أسوان ويطلق عليها أيضاً جزيرة أسوان، قد يعود الاسم إلى شكل صخور الجرانيت فى جنوب الجزيرة والتى تبدو وكأنها ظهور الأفيال.

وأضاف أن جزيرة الإلفنتين تتكون من طبقة سميكة من طمى النيل عالى الخصوبة تكونت واستقرت على مدار آلاف السنين وأسفل منها صخور الجرانيت مثلها مثل كل جزر أسوان، مشيرا إلى أن أهل جزيرة أسوان مثلهم مثل كل سكان الجزر النوبية وقرية غرب أسوان هم من النوبيين الكنوز (الكنوز والفاديجا) وهما المكون الرئيسى لأهل النوبة فى مصر وكان بينهما فى النوبة القديمة قرى العرب وهى المالكى والسنقارى وشاترمة والسبوع ووادى العرب).

ولفت إلي أن أهل جزيرة الإلفنتين يشتهرون بحبهم للعلم والتعليم ومعروف عنهم الرقى والهدوء وحسن الخلق والعشرة وهم يمتلكون كل صفات أهل القرى الطيبة وكذلك صفات أهل المدينة الحسنة، مشيرا إلى أن التنزه والتجول فى القرية هو متعة حقيقية يأنس فيها الزائر بتحية من يقابلهم من أطفال ونرى السيدات يجلسن فى وقار على مصاطب بيوتهن والجولة تتم بدون أى إزعاج من أى نوع.

مكونات الجزيرة

وأوضح أن الجزيرة تتكون من عدة أجزاء؛ الجزء الأثرى فى جنوب الجزيرة ثم النجع القبلى ويليه غابة من أشجار المانجو ونخيل البلح وأشجار السنط متعددة الفوائد ثم النجع البحرى وأخيراً فى أقصى الشمال حيث فندق الموفنبيك؛ لافتا إلى أن الجزيرة بها بعض الزراعات لحقول صغيرة قد تفى باحتياجات بعض الأسر من سكان القرية مثلاً الخضروات والبقول والبصل والثوم فضلا عن مشروع رى بسيط يقوم بتنظيم الرى عن طريق قنوات صغيرة يضخ إليها الماء من مضخة ميكانيكية.

وأضاف نقيب المرشدين السياحيين السابق أن البيوت في الجزيرة لا تتمتع بالاتساع مثل بيوت القرى النوبية الأخرى لضيق المساحة فيتم بناء طابق علوى فى معظم البيوت والشوارع والدروب جميلة ضيقة وأعطى هذا السكان ميزة نسبية فهم يتمتعون بالهدوء لعدم وجود سيارات أو آفة العصر التكاتك، كما توجد بالجزيرة مدرسة إلى المرحلة الإعدادية.

ولفت إلى أنه من الأماكن التى يُنصح بزيارتها هى متحف "أنيماليا" وهو يشمل كل المعلومات عن النوبة القديمة وبيئتها ونباتاتها وزواحفها وحشراتها وحيوناتها وأحجارها وثرواتها الطبيعية، ووسيلة المواصلات التى تربط الجزيرة بأسوان هى الموتور بوت من الناحية الشرقية.

وعن تاريخ جزيرة الإلفنتين القديم وأهميتها التاريخية والأثرية قال عمرو عبدالقادر مرشد سياحي تبقي من مدينة إلفنتين الأثرية تل من الأطلال يصل ارتفاعه إلي ١٢ مترا وقد بدأت الحفائر عام ١٩٦٩ بواسطة المعهد الألماني للآثار بالتعاون الوثيق مع المعهد السويسري للأبحاث المعمارية والأثرية لمصر القديمة.

وكان الجزء الجنوبي من الجزيرة أثناء العصر العتيق (حوالي ٣٢٠٠ ق.م) مجموعة من الصخور الجرانيتية الضخمة لم يكن يظهر منها أثناء الفيضان سوي صخرتين ضخمتين هما الأساس لجزيرة إلفنتين وقد تم ردم ما بينهما في عصر لاحق.

وأضاف نشأت مدينة إلفنتين علي الصخرة الشرقية منهما وكانت بمثابة مركز تجاري يشرف علي التجارة مع الجنوب وذلك لوقوعها شمال الجندل الأول الذي كان يمتد لمسافة ١٢ كيلو مترا وهي منطقة كان يصعب فيها الملاحة النهرية، وترجع أقدم تجمعات سكنية علي الجزيرة إلي عصور ما قبل التاريخ (نقاده الوسيط ٣٥٠٠ ق.م )؛ كما يمكن تتبع معبد ساتت سدة إلفنتين من (عصر نقاده المتأخر ٢٣٠٠ ق.م) عندما كان المعبد عبارة عن كوخ من الطوب اللبن يقع بين ثلاث صخور جرانيتية.

وأشار إلى أنه مع توحيد القطرين أضيف إلى أهمية إلفنتين كمركز تجاري مع الجنوب أهمية استراتيجية كنقطة مراقبة الإشراف علي الحدود وهي أهمية دعت إلي إقامة نقطة للحراسة ووجود حامية عسكرية حيث أقيمت على أعلى نقطة في الجزيرة على شاطئ الجزيرة الشرقي تحصينات فيها برج للحراسة، وكانت هناك حامية عسكرية لمصريين أغراب عن المنطقة لذلك تم تشبيد منازل من الطوب اللبن لسكناهم مع أسرهم (شرق الجزيرة).

وأوضح عبدالقادر بعد فترة وجيزة تم إحاطة تلك التجمعات السكنية للحامية العسكرية بسور من الطوب اللبن يضم الجزء الجنوبي الشرقي للجزيرة بالكامل، مضيفا أقيمت علي الجزيرة الغربية خلال عصر الأسرة الثالثة ٢٦٥٠ إلي ٢٦٠٠ ق.م منشأة كبرى كانت مركزا للسلطة المركزية للجزيرة تتولى جمع الضرائب ودفع الرواتب لأهالي المنطقة ولعمال المناجم وتبقي من هذه المنشأة هرم مدرج صغير يمثل الوجود الرمزي للفرعون وقد تم اكتشافه عام ١٩٠٨ لم تبق هذه المنشأة طويلا ففي أواخر الأسرة الرابعة أقيمت مكانها ورش للحرفيين.

وأوضح خلال الأسرة الخامسة (٢٤٥٠ الي ٢٣٠٠ ق.م) طغت جبانة الجزيرة على المكان؛ لافتا إلى أنه بالنسبة لمعبد ساتت سيدة إلفنتين فقد تم تجديده أكثر من مرة خلال عصر الدولة القديمة لكنه ظل دائما في نفس المكان ولم يزد على كوخ بسيط من الطوب اللبن يتقدمه فناء أقيم عليه معبد ساتت من الأسرة الـ ١٨.