البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الجزر النيلية.. والتنمية المحلية

تملك بلادنا كنوزًا فى المحليات اسمها «الجزر النيلية» يصل عددها ما يزيد على ١٤٤ جزيرة نيلية موزعة علي ٨١٨ «مركز - قرية - نجع»، وفى ١٦ محافظة.. ٣ بالقاهرة الكبرى «القاهرة - الجيزة - القليوبية»، و٧ بالوجه القبلي «أسوان - قنا - الأقصر - سوهاج - أسيوط - المنيا - بني سويف»، و٦ جزر نيلية مواقعها بمحافظات الوجه البحري «المنوفية - الغربية - كفر الشيخ - البحيرة - الدقهلية - دمياط»، وتقدر مساحات تلك الجزر بما يقرب من ٣٨ ألف فدان.

وللأسف؛ فإنه رغم تعدد الجزر النيلية، وتنوعها من حيث مكوناتها بين ثابت وغاطس وشبه غاطس، فإنها أصبحت من المسكوت عنها بسبب الإهمال والتضارب الواضح وانعدام رؤية اقتصادية واجتماعية لتطوير تلك الجزر، ولعل ما يؤكد وجهة نظرنا:

أولًا: إن تلك الجزر بمواقعها الجغرافية المهمة للأسف تركت ولايتها وموزعة بين أكثر من أربع وزارات «التنمية المحلية - الري والموارد المائية - الزراعة - وزارة البيئة» مع غيبة للأسف عن أي «تخطيط».

ثانيًا: لا توجد أي قاعدة بيانات موحدة أو صحيحة ولا حتي أولية عن تلك الجزر النيلية، وللأسف ففي الوقت الذي يؤكد مجلس الوزراء أنها ١٤٤ جزيرة.. نجد تضاربًا فى الأرقام الحقيقية عن تلك الجزر.. معهد بحوث الأراضي والمياه يؤكد أن عدد الجزر ٢٠٩، وتقول وزارة الموارد إنها ١٩٧، ونجد هيئة المساحة العامة تشير إلى أن عددها ١٨١، بينما يؤكد معهد بحوث النيل أنها ١٢٨ فأيهما نصدق.. ونحن لسنا فى مزاد «علني».

ثالثًا: وجود غابة من التشريعات بين الدستور والقانون والقرارات الحكومية متناقضة ومتضاربة أحيانًا فى عمليات استخدام الأراضي أو صدور التراخيص لهذه الجرز أو حتي الولاية عليها. ففى الوقت الذي يؤكد فيه الدستور مادة «٣٣» على حماية الملكية العامة والخاصة والتعاونية، مادة «٥٩» التى تؤكد على الحياة الآمنة حق لكل إنسان، ومادة «٧٨» التى تؤكد كفالة حق السكن الملائم والصحي، فضلًا عن القوانين المختلفة ٤٨ لسنة ٨٢ - ٨٩ لسنة ٨٣ ورقم ١٢ لسنة ٨٤ وغيرها من القرارات الحكومية.

وبسبب تلك المشاكل والتعقيديات المتعددة فقد أدى ذلك إلى: 
• غياب وإهمال فى حق سكان تلك الجزر الذي يصل عددهم ما يقرب أو يزيد على ٣ ملايين مواطن يعانون من خدمات «الصرف الصحي - التعليم - مياه الشرب - الخدمات الصحية - الأمن».
• يتعرض سكان تلك الجزر للمخاطر بسبب التنقل اليومي بين تلك الجزر وضفاف النيل لغياب المعديات والصنادل الآمنة قد أدي ذلك إلى حوادث غرق ووفاة وإصابات الكثير من المواطنين.
• تركت تلك الجزر للإهمال والفوضي والعشوائية رغم أن سكان تلك الجزر من العمال والمواطنين ومحدودي الدخل والمنتمين للأغلبية العظمي من الشعب المصري المنتج حيث يعملون فى «الزراعة - والتجارة - البناء والتعمير»، وغيرها من أعمال الصيد فإنهم أصبحوا مهددين، وظهر ذلك جليًا فى بعض الخبرات السابقة في جزر القرصاية - جزيرة الدهب، وأخيرًا جزيرة الوراق.
• غاب عن المشهد أي حوارات مجتمعية قوية أو حتي إعمال مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة التى نسمع عنها فى وسائل الإعلام المختلفة وغابت لغة الحوار.
• نحن ندعم الاستثمارات والتطوير وإقامة المشروعات؛ لكن يجب مراعاة مصالح المواطنين؛ والحرص على توفير بدائل مرضية متفق عليها.

ومن هنا أصبحت الجزر النيلية بالمحليات مسكوت عنها لغياب
الرؤى التنموية من أجل الاستدامة فى التنمية لمشروعات زراعية وصناعية وسياحية حقيقية لتطوير تلك الجزر بإمكانياتها الطبيعية والبشرية الجميلة، حيث يمكن الاستفادة من الزراعات للخضراوات الطازجة الطبية، وأشجار التوابل والأعشاب والخضروات المصرية لمحاصيل الخس - الجزر - الفجل والجرجير والطماطم والكرنب والبقدونس، والاهتمام بإدخال الخدمات الخاصة بالصرف ومجمعات القمامة الوسيطة ومحطات مياه الشرب والصرف، وغيرها مع تقنين أوضاع الفقراء والمهمشين لتلك الجزر.

وفى النهاية إن أي تطوير حقيقي للجزر النيلية يتطلب حوارًا مجتمعيًا جيدًا بمشاركة المواطنين والهيئات المختصة والخبراء وأصحاب المصلحة الحقيقية فى تنمية بلادنا.. من أجل تحويل الجزر النيلية إلى مشاريع تنموية حقيقية تعود بخيراتها الاقتصادية والاجتماعية وفرص العمل لشبابنا وتنمية بلادنا.

والمطلوب الآن فك كل تلك التعقيدات والمشاكل وحل التناقضات وتطوير التشريعات وإطلاق روح الإبداع بأعمال وخطط حقيقية على أرض الواقع ومتابعة لصالح الأغلبية العظمى لبلادنا.