البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

قلوب المتضررين في انتظار قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين.. «البوابة نيوز» ترصد آلام اختيارات الشريك.. البابا تواضروس: هدفنا الرئيسي الحفاظ على الأسرة.. نادر الصيرافي: الطلاق بسبب الزنا وصمة عار

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بين سهام المجتمع الناقد لكل شيء ونيران القانون الحائر، ظل المتضررين من قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين فى حيرة وتطاردهم ذكريات سوداء، لتؤكد مقولة “ياما في البيوت مظاليم”.

ورغم محاولات إصلاح الكنيسة بين الزوجين المتنازعين فى العديد من الحالات، لم تُجد نفعًا عبارة «صليبك واستحمل»، وهناك من لم يتحمل عبء صليبه فخرج عن الطائفة بأثرها ليجد منفذا أو باب خلفي للهروب من زيجة فاشلة أو حياة عصيبة.

«البوابة نيوز».. دقت أبواب المتضررين وفتحت صفحاتها لحديث مستفيض من البعض ومتحفظ من الآخر، يسردون أوجاع السنين وآلام اختيارات الشريك، رافعين شعار الطلاق والخلع للخلاص من الأوجاع.

حكاوى المتضررين

تقول «نوران. ك» في العقد الثالث من عمرها، إنها تزوجت بصورة تقليدية للغاية بعد ستة أشهر من الخطبة فقط، ومن الأسبوع الأول للزواج رصدت تصرفات غريبة على زوجها، منها افتعال المشاكل واتهامها الدائم بسرقة محتويات البيت من الزيت والمأكل وما شابه؛ وأيضًا إصراره الدائم على غسل الأشياء عشرات المرات ولو كانت غسلتها للتو.

وتضيف: «فضلت الصمت حفاظًا على استقرار البيت، ولكن تفاقم الأمر ورأيته مرارًا يشاهد أفلام إباحية ومتجاهل تواجدى فى المنزل، وحينما تحدثت إليه وجدته يدعونى للمشاهدة معه، مما أصابني بالصدمة، وحاولت إثناءه عن تلك التصرفات بكل السُبل، ولكن جميع المحاولات وتدخل الكهنة باءت بالفشل الذريع».

وأوضحت أنها عدة مرات لاحظت عليه حالة تشبه التشنج العصبي، وتكرر تطاوله عليها ووصل الأمر إلى ضربها عدة مرات، مما دعاها للشكوى إلى أب الاعتراف لها «الكاهن»، وذهبت إلى بيت أهلها بعد أسابيع معدودة من الزواج، وبعد تدخل الكهنة للحل والأهل عادت مرة أخرى، لتجد الأمور فى أسوء حالة، ولكن تلك المرة غادرت وفي أحشائها طفل.

وأشارت إلى أن تحركاته جميعها كان يستأذن فيها والديه قبل أن يخطوها حتى فى علاقته داخل بيته، الأمر الذى دفعها إلى الاعتراض مرارًا على التدخل في أدق التفاصيل حتى علاقتهم الزوجية.

وتقول إن الزيجة التى لم تستمر أكثر من عامين غالبيتها مطرودة أو غاضبة من التعامل والأسلوب ومقيمة فى بيت أهلي، وتفاجأت أنه فتح ملف بالمجلس الإكليريكي الفرعي، ومنها للرئيسي للانفصال عني، مدعيًا على الكثير من الاتهامات بأنني مريضة نفسيًا وغيرها؛ ولم تنجح محاولات الصلح بيننا من جانب الكهنة، وبدأت مسار التحرك للملف وخضوعنا للتقويم النفسي من متخصصين، والتى كشفت سبب تعامله الجاف والعنيف معي بأنه مصاب بوسواس قهرى بدرجات متقدمة.

وتابعت: «هنا تبدل الأمر.. قمت برفع دعوى خلع بمحكمة الأسرة، واستندت إلى ما ورد في تقارير الكشوف الطبية ومدى استحالة العشرة بيننا، مما دعاني إلى تغيير الطائفة الأرثوذكسية حتى أتمكن من الانفصال، والطلاق بعد معاناة طويلة استمرت قرابة 4 سنوات إلى حين الوصول لخطوة الخلاص»، مضيفةً: «أربعة أعوام راحوا أحسن ما عمرى كله يروح».

وفى سياق آخر يقول «منير. أ»، إن زواجي كان مبنيا على حب وخطبة طويلة، وكانت الحياة تسير بصورة طبيعية كأي بيت شد وجذب طبيعي وضغوط الحياة ورزقنا الله طفلين، ولكن تبدل الحال مع الطرف الآخر وتزايدت المشاكل بدون سبب أو داعى، وتجاوزات لفظية تصل للسباب، وفي يوم عاودت إلى المنزل ولم أجدها هي وأبنائي.

ويضيف: «تواصلت مع والديها وأكدوا وجودها هناك، حاولت معاتبة والدها أن ما فعلته دون استئذان وترك المنزل ومعها ملابسها بدون داع أمر لا يصح، فكان أبوها سلبيا للغاية، ورده «لما نفسيتها تتصلح هترجع بيتها أكيد»، وبعد أيام معدودة، وجدت مُحضرًا يسأل عنى فى بيتي وإذ بها ترفع قضية نفقة».

وأوضح أنه يتخذ الإجراءات القانونية حيال ادعائها أنه طردها من المنزل وتركها هى والأبناء، كما رفعت هي قضية انفصال وشهادة ملة لطائفة لا أعرفها أو اسمع عنها، بحد تعبيره.

فى سياق آخر، كشفت «منال. ن»، عن أنها عاشت أسود شهرين في حياتها مع شخص سادي، يتلذذ بتعذيبها وضربها أثناء العلاقة الحميمية حتى كادت تغرق في دمائها، وطالبته مرارًا بأن يذهب للأطباء، لكنه رفض قطعيًا.

وتقول «منال»: «60 يومًا عشتها فى معتقل هذا المجنون كانت كفيلة بأن أكره الرجال والزواج والحياة كلها، ولم أستمر طويلًا في تحمل المهانة والضرب بالحزام أو استخدام آلات حادة تؤذيني، هربت إلى بيت أهلي، وفتحت ملفا للطلاق بالأحوال الشخصية وأنتظر الفصل وغلطة الجواز مش هتتكرر تاني».

يقول «نبيل. ف»: «أنا أب لثلاثة أطفال وتحملت الكثير من أجل الحفاظ عليهم، ولكن خروج الزوجة عن حدود الأدب بكل الأشكال، لا توجد طاقة تحتمل ذلك، فإنني حاولت الحفاظ على بنيان البيت، ولكنها لديها إصرار على خرابه»، مؤكدًا أنه اكتشف شات وتبادل صور مع أحد الأشخاص ووثق ذلك على «فلاشة» وبدء إجراءات فتح ملف التطليق.

وأوضح، أن المجلس يثبت الدليل والقرائن ويعرضها علي مهندس مختص لبحث مصداقيتها، وبعدها يكون هناك قرارات بشأنها، وخطوات تحرك قانونية حيالها، خاصة أن ذلك في حكم الزنا.

المجالس الإكليريكية

من جهته، كشف مصدر كنسي لـ«البوابة نيوز»، أن المجالس الإكليريكية تعمل بشكل مكثف وجاهدة على حل مشاكل أبناء الكنيسة المتضررين، خاصة في ضوء تطبيق لائحة 2016، والتي توسعت في أسباب التطليق والانفصال، وتحاول المجالس بحث دقيق للملفات بعد محاولات عديدة للصلح بين الطرفين.

وقال المصدر إن التقصي وثبوت أحقية أحد الأطراف في التطليق والانفصال بعد تحرى وتدقيق شديد جدًا وتوافر عدة أو أحد الأسباب الواردة في اللائحة يكتب المجلس توصيته، وترفع للأسقف المشرف، وبدوره يوقع بالقبول، وبعدها ترفع التقارير للبطريركية ويطلع عليها قداسة البابا شخصيًا.

وأشار إلى أن اللائحة المعمول بها في محاكم الأسرة هي 38 بتعديلاتها، والتى لا تبيح التطليق إلا فى حالات الزنا فقط، وتكون معضلة كبري فى تنفيذ التطليق، مما يجعلنا نعطى سماح للأبناء الانتماء لطوائف متحدة معنا في الإيمان الأرثوذكسي لتكون مخرجًا قانونيًا للتطليق.

كما كشف أحد الأشخاص الحاصلين على طلاق بموجب حكم قضائي، أنه لجأ إلى تغيير الملة عن طريق طائفة السريان، ويكون لها صيغة رسوم على سبيل التبرع تقريبًا 8 آلاف جنيه، وطلب القاضي إفادة من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأنني كنت أحد أبنائها، وبعد حوالي 4 شهور استلمت شهادة الانضمام للسريان وارفقتها بالملف واستعلم عنها.

وأضاف، أن الدائرة رفضت الدعوة وتقدمت من خلال المحامي الخاص بالقضية فى دائرة أخرى وحصلت على الحكم القضائي الطبيعي وفق تغيير الملة، وعدلت عن التغيير وعاد للكنيسة القبطية الأم أبنا طبيعيا وذلك يكون من خلال قرار عدول وأفاده برسوم بسيطة للغاية؛ وجار تدارس الأمر لصدور تصريح زواج له بعد ثبوت أحقيته في الانفصال والتطليق.

شهادات تغيير الملة

وأُسدل الستار عن مافيا شهادات تغيير الملة المضروبة بأن هناك بعض المحامين وغيرهم يطلبون أرقاما جزافية لشهادات تغيير ملة من لبنان وسوريا وغيرها، ولكن غالبيتها لا تسري في دوائر القضاء؛ فضلًا عن ظهور أسماء جديدة مثلًا الإيمان والأسقفية المستقيمة وغيرها، مما دعا الكنيسة الإنجيلية وغيرها تحذر من تلك الشهادات المزيفة والمدعين بأنهما ممثلين تلك الكنائس.

آراء رجال القانون

قال نادر الصيرافى، المحامي ماجستير وباحث دكتوراه في القانون الخاص، إن إشكالية التطليق على خلفية مسببين هما الزنا، والزنا الحكمى، فحسب أمر غاية الصعوبة ولا سيما بأنه يكون وصمة عار في جبين الأسرة لعدم تقبل المجتمع، وللأسف الشديد هناك ارتباط ذهني جمعي أن طلاق مسيحي أو مسيحية مبني على الزنا وفقط، وهذا إيذاء نفسي يكاد يدمر أسرة كاملة وأطفال لا ذنب لهم.

وأضاف أن هناك حالات مثل الفرقة والهجر، ومثال لسيدة زوجها محكوم عليه بعقوبة سجن مدة طويلة ألا يكون سبب أدعى للتطليق حماية لهذه السيدة.

وأوضح أن الكتاب المقدس يقول: «ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها»، وهنا يهدف الله من خلال الآية أن يمنع الزنا عن الجميع، فإذا هاجر طرف الآخر ألا يتعرض المتضرر للزنا، أو يصيبه الضرر؟

وتابع، منازعات الأحوال الشخصية للمصريين المسيحيين متحدى الملة والطائفة يخضع لذلك كل جماعة كانت لها منظومة ملية قبل 31 ديسمبر 1955- التى كانت لهم محاكم ملية تم إلغاؤها- طبقًا لشريعة تلك الملة، ودستور 2104 جاء وألغي فكرة متحدى الملة والطائفة واستبدلها بالمصريين المسيحيين وفق المادة الثالثة، مما يلزم أن يكون هناك قانون واحد لا يعرف التعامل لكل طائفة بحد ذاتها، وإنما قانون لجموع المصريين المسيحيين أمام القضاء وأما اللوائح فلكل طائفة لائحة منظمة خاصة بها داخليًا إلا سيكون القانون غير دستوريًا.

ويبدو أن تعديلات 2008 سببت إشكالية جديدة للأحوال الشخصية، حيث ألغت المواد التى تعطي حق لمحكمة الأسرة تطليق الطرف حال اعتناق الطرف الآخر دين مختلف أو مغاير، بأن لجنة المجلس الملى العام والمشرفين على التعديلات في عهد البابا شنودة استبدلوا المواد المتعلقة بذات الاختصاص دونما يضعوا بديل، مما جعل هناك فراغا تشريعيا يجعل أي قضية طلاق تتعلق بأمر تغيير الطرف الآخر ديانته مرفوضة، وإنما يلجأ البعض من المحامين إلى رفع قضايا خلع لو لصالح النساء.

استقرار الأسرة

وتظل دائرة الإشكاليات مفتوحة والقانون حائرًا بين الجهات والمؤسسات ينتظر مستقرًا له، ورغم كل ما تناوله الموضوع من إشكاليات ومحاولات لحلول الأزمة، وهناك تصريحات لقداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى هذا الصدد حيث قال: «اننتظر القانون النهائي وبالطبع هو محل إبداء الرأى والملاحظات من جهات حقوق الإنسان والمرأة مع وضع التعديلات الطفيفة وسيطرح للنقاش في البرلمان ويدخل حيز التنفيذ ليحل مشاكل كثيرة».

وأكد البابا تواضروس، أن الهدف الرئيسي الحفاظ على الأسرة ولا سيما أن كل من لديه مشكلة يريد قانونا يخدم ظروفه وقانون لوحده، ولهذا نسمى الأحوال الشخصية بـ«الأهوال الشخصية»، ودعا الشباب والفتيات التفكير جيدًا قبل الإقدام على الارتباط، مشبهًا قرار الزواج للأفراد بقرارات الحروب للدول تستدعي التفكير الكثير والترتيب الصحيح ولا تؤخذ الأمور بالظواهر والشكليات، مؤكدًا أنه بخروج القانون سيحل الكثير من المشاكل، وأن الكنيسة كان لديها مجلس إكليريكي واحد للنظر في الإشكاليات الزوجية والآن أصبحت 6 مجالس.