البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"الوجه الآخر" للميكروبات

 الميكروبات أعداء لنا أم أصدقاء ؟!

هذا السؤال تمامًا كأنما نسأل: هل البشر كائنات خَيّرة أم شريرة ؟! 

و اسمحوا لي في البداية بتوضيح: ميكروب أو "microbe "  كلمة إنجليزية من  مقطعين ؛ الأول "micro" و هي وحدة قياس تساوي واحد على مليون من المتر، المقطع الثاني "be" يقصد بها كينونة أو كائن.. فيكون المعنى كائن في منتهي صغر الحجم أو كائنات مجهرية أي لا تُرى إلا تحت المجهر، وفي الآية القرآنية  (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) [الأنعام: 38]؛ الميكروبات إذًا أمة كباقي الأمم من الأحياء ؛ وبخلاف ما هو شائع عن الميكروبات من أنها كائنات ضارة وتسبب الأمراض فقط، فإن للميكروبات وجه آخر من النفع والفائدة لا يعرفه الكثير  ؛ فغير أنها تدخل في صناعة المواد الغذائية كالزبادي والخبز وغيرها، لك أن تعلم أن رائحة المطر التي نعشقها يرجع الفضل فيها إلى البكتريا ؛ حيث تظل راكدة في التربة الجافة وما أن تلاقي مياه المطر تعود للحياة مرة أخرى وتتطاير فنشم رائحة الشتاء المميزة.

هناك أيضًا نوع من البكتريا يقوم بتحويل مواد كيميائية سامة إلى الذهب وذلك تحت ظروف معملية خاصة، كما أنه تم الاعتماد على أنواع معينة من البكتريا في صناعة ما يعرف بالخرسانة الحيوية "Bio concrete" و التي يمكن معالجة الشقوق أو التصدعات بها فقط عن طريق رشها بالمياه هكذا بمنتهى السهولة بدلًا من إعادة بنائها أو ترميمها وهي بذلك ذات بُعد اقتصادي هام جدًا خاصةً عندما يأتي الحديث عن الكباري العملاقة أو المنشآت الهامة.

أيضًا بداخل جسم الإنسان ما يُعرف ب المحتوى الميكروبي  "gut microbiome" وهي بكتريا تتعايش مع الإنسان وتقدم له العديد من المنافع مثل إنتاج بعض الفيتامينات وتساعد على الهضم الأمثل للطعام بجانب تدريب جهاز المناعة على التعرف على الأنواع الضارة من البكتريا وتفعيل مقاومتها  عن طريق تعليمه وتعريفه على الأنواع المتعايش معها والتمييز بين هذه وتلك.. إلى غير ذلك.

الحديث عن أوجه نفع الميكروبات لا ينتهي، وبالطبع ما ذكرته ليس دعوة إلي الإهمال والتلوث ونشر العدوى إنما لتغيير الصورة الذهنية لدينا عن الميكروبات بسبب الدعايات الإعلانية التجارية الخاصة بالمطهرات ومضادات الميكروبات،و الذي انعكس على سلوك الأفراد بالإسراف في استخدام المطهرات والمضادات الحيوية دون داعٍ وتسبب في مشكلة عالمية خطيرة وهي مشكلة " مقاومة المضادات الحيوية"  أو Antibiotic resistance”"

 تتمثل هذه المشكلة في ظهور أجيال جديدة من الميكروبات والتي طورت من إمكانياتها الدفاعية لمقاومة المضادات الحيوية المعروفة وبالتالي لم تعد ذات تأثير علاجي. 

 وهي ليست محلية التأثير بل ينتقل أثرها عابرًا للدول والقارات من خلال الأشخاص المسافرين حاملي العدوى بتلك الميكروبات المقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية، أو حتى من خلال المواد الغذائية التي يتم تداولها بين الدول كاللحوم والخضروات والفاكهة.. فهي إذًا أحد الأزمات ذات البعد الدولي ؛ تمس الشأن العام الدولي وتمثل تهديدًا كونيا ولا تقل أهمية عن أزمة المناخ أو  حتى ظاهرة الإرهاب. 

باختصار لابد من الانتباه والرشادة عند التعامل مع مضادات الميكروبات عامةً بل وإدراك أهمية تلك الفئة من الأحياء أعني الميكروبات.