البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

(انطلاق) - أنقذوا قلاع مصر الصناعية

في هذا المكان قبل أسبوعين تناولت أهمية الحفاظ على ثروات مصر الصناعية، والعمل على تطوير الشركات المملوكة بالدولة، والإبقاء على ما تبقى منها بعد سنوات الخصخصة، التي طالت العديد من الشركات، إما بالبيع أو التصفية.

ومطالبتي بالتطوير لما تبقى من شركات القطاع العام أو الاسم الحالي "قطاع الأعمال العام" يأتي انطلاقا من أن هذه الشركات لديها مقومات النجاح، وظلت لسنوات طويلة تُمثل العمود الفقري للتنمية الصناعية، وأن بها كوادر قادرة على تطوير مصانعها، طالما توفرت الإرادة الإدارية، وقبل الإرادة السياسية، والتي أعتقد أنها موجودة، لكنها تحتاج إلى تنبيه وتفعيل.

ولا شك أن مصانع وشركات قطاع الأعمال العام لديها العديد من وسائل نجاح تطويرها خصوصا في مجالات تخصصها، ولديها الأرضية الرئيسية للنجاح، ولديها مبان ومنشآت ومعدات، وكل ما تحتاجه هو رؤية عملية وواقعية للتطوير.

والصمت على مشاكل شركة العبور للبويات والصناعات الكيماوية "باكين"، دون تحريك المياه الراكدة يقع في نطاق ارتكاب جريمة في حق هذا الوطن، والمسئولية الوطنية، وسيأتي يوم تتم محاسبة الجميع، وستتم مساءلة من تسبب أو التزم الصمت، أو من عَلم ولم يعلن للناس عن قضية وطن وثروة شعب.

الأمر كله يتطلب صدق النوايا والتحرك لإعادة الشركة إلى موقعها الطبيعي بين الشركات من منافسيها، من خلال توظيف الإمكانيات والقدرات التي تمتلكها، وتوظيف الكوادر والكفاءات التي تمتلكها.

الأرقام حول الشركة خلال الشهور الأخيرة مقلقة، وتحتاج إلى وقفة لاستعادة اسمها في السوق، قبل أن يأتي يوم ويعض الجميع على أناملهم، ففي العام المالي الماضي سجلت الشركة أرباحا حوالي 52 مليون جنيه، وبالرغم من الجدل حول طبيعة الأرباح وكيف تحققت؟، إلا أنها ستظل أرباحا.

 ولكن لننظر إلى أرقام الشهور التسعة الأولى من العام المالي الحالي، والذي سينتهي في 30 يونيو الحالي، فقد بلغت خسائر الشركة أكثر من 21 مليون جنيه، وصحيح أنها تظهر في حدود 800 ألف جنيه، نظرا لاجراء تسوية خاصة بسداد الحكومة للشركة مخصصات برنامج دعم الصادرات بقيمة حوالي 18 مليون جنيه، وهو ما يُفسر في لغة المحاسبين بأن الأرقام ليست من النتاج حقيقي، وهو ما يمثل جرس إنذار لسرعة التحرك لإعادة ضبط أداء الشركة، وهو المطلب الذي يصرخ به العمال ليس من اليوم بل من سنوات، عندما بدأ تراجع الأداء.

الجميع يتفق على أن الشركة لديها إمكانيات التطوير والتحديث، والمنافسة، فقد تم انفاق الملايين على تطوير منتجات معينة، إلا أن القضية السلبية تكمن في التسويق وتعظيم المبيعات وفق رؤية علمية وعملية، فقد تراجعت حصة الشركة في السوق بقطاع البويات إلى ما دون 4%، وهي نسبة ضئيلة جدا، تحتاج إلى وقفة، خشية أن يختفي إسم الشركة من الأسواق. 

السؤال المطروح أمام وزير قطاع الأعمال العام، ورئيس الشركة القابضة للكيماويات، هل ستتحركون لقراءة ما لديكم من ملفات، ومذكرات وشكاوى من العاملين في "باكين"، قبل أن يأتي يوم نبكي على أطلال قلعة صناعية أخرى ينفرط عقدها من بين أصابع الوطن.

وأخشى أن يأتي يوم تصل فيه الأمور إلى ما وصلت إليه في شركات مصرية وقلاع صناعية عريقة، ضاعت بفعل فاعل، مثل "القومية للأسمنت"، و"الدلتا للأسمدة"، وعملاق صناعة الصلب العربي "شركة الحديد والصلب"، والتي جميعها اختفت بجرة قلم، ولم نسمع من تمت محسابته عن تاريج صناعة مصر.

وفي هذه الأيام لا يتوقف الحديث عن الموقف بشأن عملاق صناعة الفحم والكوك في مصر، والتي تواجه شبح الزوال من على خارطة الصناعة، بعد أكثر من 60 عاما ظلت أفرانها تعمل ليل نهار، لتضخ في شرايين الصناعة المصرية واقتصاديات الوطن، إلا أن هناك من يصر أن يمحو كل هذا دون البحث عن بدائل عملية لتطوير الشركة، وفي حالة تجاهل لأهمية صرح صناعي، كان بحاجة لتطوير من عشر سنوات على أقل تقدير.

وتحت قبة البرلمان استدعى النواب الحكومة لكشف المستور، حول إصرار وزارة قطاع الأعمال العام، ووزيرها بمواصلة التصريحات بشأن تصفية شركة النصر للكوك والكيماويات، وسط تجاهل لكل التوصيات، وخطط التطوير التي طالب بها كثيرون على مدى سنوات طويلة.

وفي تاريخ مصر علامات صناعية مثل "المطروقات" والكهرباء والهندسة" وطنطا للكتان، والعشرات الأخرى، ولا يمكن أن ننسى شركة الكوك التي تأسست فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1960 وبدأت إنتاجها عام 1964، وكانت تعتمد فى تصدير منتجاتها بشكل رئيسي، على جارتها شركة الحديد والصلب، التى تعتمد بشكل أساسى على منتجات الشركة، وخاصة فحم الكوك، فى تشغيل وتدوير أفرانها، وهى الشركة التى قررت الحكومة تصفيتها فى النصف الأول من 2021، وأصبحت شركة الكوك تواجه ذات المصير.

واليوم يتم محو عملاق صناعي بدم بارد.