البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"شفاء الأورمان" بالأقصر تشارك بالمشروعات القومية

هوية المومياوات
هوية المومياوات

لم يكتف مستشفى شفاء الأورمان لعلاج الأورام بالمجان بمحافظة الأقصر، بدوره الرائد في خدمة أهالي الصعيد، ولكن اتجهت إدارة المستشفى إلى دعم تلك الجهود من خلال المساهمة في المشروعات القومية المتنوعة التي تدشنها الدولة في عدد من المجالات، وعلى رأسها مشروع هوية المومياوات الملكية ومشروع الجينوم المصري.

مشروع هوية المومياوات

أول تلك المشروعات التي شارك بها المستشفى، والتي أحدثت ضجة كبيرة كونها تُقام لأول مرة على أرض الأقصر، عندما اختار الدكتور زاهي حواس خبير الآثار ووزير الدولة لشؤون الآثار سابقًا، مستشفى شفاء الأورمان لعلاج سرطان الأطفال، للمشاركة في المشروع القومي العالمي لمعرفة هوية المومياوات الفرعونية في مقابر الأقصر، حيث اصطحب مومياء لشاب فرعوني صغير تعود لآلاف السنين، والتي كانت متواجدة داخل مقبرة الملك أمنحتب الثاني بوادي الملوك، لفحصه بجهاز عالمي للأشعة المقطعية لمعرفة هويته.

واستقبل مستشفى شفاء الأورمان بمدينة طيبة، سيارة مجهزة بداخلها مومياء الشاب الصغير داخل صندوق خشبي مجهز خصيصًا لهذا الغرض، للحفاظ على المومياء القادمة من منطقة وادي الملوك الأثرية، وتم نقل المومياء داخل غرفة الأشعة المقطعية بالمستشفى والتي يوجد داخلها أحدث الأجهزة في مصر وحول العالم، لينتقل الشاب الفرعوني الصغير لنفس الرحلة التي يعيشها أطفال السرطان خلال علاجهم المجاني داخل المستشفى وإجراء الأشعة المقطعية لهم.

وفي هذا السياق، أوضح زاهي حواس، فكرة المشروع قائلا، أن المقابر المصرية القديمة تعرضت للنهب والتخريب خلال عصور الاحتلال والفوضى، وكذلك لإعادة الاستخدام بدفن أشخاص لا يمتّون لصاحب المقبرة أو لزمنه بصلة، ما أوجد صعوبة في تحديد هوية المومياوات والعظام بها إن لم تكُن مصحوبة بنقوش وكتابات، ولذلك تم التفكير في تدشين مشروع قومي للتعرف على هوية تلك المومياوات في الأقصر وحول مصر.

وأضاف حواس، أن المشروع يستهدف دراسة المومياوات الملكية للبحث عن مومياء الملكة نفرتيتي وابنتها الملكة "عنخ إس أن آموت" التي كانت متزوجة الملك توت عنخ آمون، حيث أن الكشف عن الملكة نفرتيتي ممكن أن يهز العالم اجمع، حيث توجد مومياوات لملكات ليس لهم أسماء وملوك ليس لهم أسماء حيث سيتم البحث عن باقي العائلة، والمشروع عبارة عن جزئين الأول منها عمل أشعة وسكان وفحص تحت الأشعة المقطعية لكل المومياوات مجهولة الأسماء لمعرفة معلومات عن المومياء، والمرحلة الثانية فيوجد ضمن الفريق الدكتور يحيي جاد والدكتورة سمية إسماعيل متخصصون في الحامض النووي  (DNA)، يقومان بسحب عينات من المومياوات المجهولة الأسماء مع المومياوات التي لها اسم مثل الملك أمنحتب الثالث جد توت عنخ آمون، كما تم التوصل ضمن المشروع المصري لدراسة المومياوات معرفة السيدة الكبرى وهى الملكة "تي" التي تم الكشف عن المومياء الخاصة بها وحاليًا موجودة في متحف الحضارة، والتى أبهرت العالم أجمع بشعرها المحفوظ حتى الآن، والمومياء التي بجوارها كانت تسمى "السيدة الصغيرة"، وهى مومياء والدة الملك توت عنخ آمون.

وأشار حواس، إلى أنه توجد مومياوات بالمقبرة 35 بوادي الملوك وهى مقبرة الملك أمنحتب الثاني، وبداخلها 3 مومياوات غير معروف هويتهم، وكان بينهم مومياء شاب صغير أقرب للطفل ولا يعلم أحد هويته، حيث يظن البعض أنه ابن الملك أمنحتب الثاني، ولذلك تم نقل المومياء إلى مستشفى شفاء الأورمان لسرطان الأطفال بالأقصر لفحصها على أرض الأقصر في طيبة القديمة ليكون المشروع في قلب مكان دفن المومياء بمصر.

وتابع، أن المومياء تعود لشاب صغير من الأسرة الـ18 أول أسر المملكة المصرية الحديثة، الفترة التي بلغت فيها مصر أوج قوتها، وأبرز من اشتهر في هذه الأسرة هو الملك توت عنخ آمون، وتم جلبها من المقبرة رقم ٣٥ الخاصة بالملك أمنحوتب الثاني (عاش في القرن الخامس عشر ق.م)، وأجريت عليها الأشعة المقطعية والفحوصات المعملية داخل المستشفى وسحب عينة الحمض النووي (DNA) من جثمان المومياء للشاب الفرعوني الصغير لمعرفة من هو أو لمن ينتمي وسبب الوفاة والأمراض التي تعرض لها صاحبها.

وأضاف حواس، إن السر وراء اختيار مستشفى الأورام بالأقصر، هو وجود جهاز من أحدث الأجهزة العالمية للأشعة المقطعية، كما أن مستشفى شفاء الأورمان يحمل لها مكانة خاصة كبيرة في قلبه، واشترك من البداية في الدعاية لها، ويري أنها مستشفى على أعلى مستوى، حيث أنه لأول مرة يجد أهل الصعيد مستشفى عالمي يعالج السرطان للكبار والأطفال بالمجان تمامًا، مقدمًا الشكر لكافة قيادات المستشفى وعلى رأسهم الدكتور هاني حسين مدير عام مستشفيات شفاء الأورمان بالأقصر، والذي كان في استقبال الوفد المصري والأجنبي لمرافق للمومياء لدى وصولها للمستشفى، وذلك للتأكيد على الدور الطبي والقومي الذي يقوم به المستشفى في خدمة الحضارة المصرية القديمة والاكتشافات الفرعونية العالمية بالأقصر بمدينة الأقصر، بجانب دوره الرئيسي أولًا وأبدًا في علاج أطفال السرطان بالأقصر ومحافظات الصعيد. 

وأضاف وزير الدولة السابق لشؤون الآثار، أنه خلال زيارة المومياء للمستشفى تم العمل مع فريق آثري مميز بقيادة على رضا مدير وادي الملوك بالبر الغربي، حيث تم إجراء الأشعة المقطعية وسحب عينة حمض نووي لمقارنتها بالعينات الأخرى للعائلة بالمقبرة لكي يتم الإعلان أمام العالم أجمع هوية الشاب الصغير والمومياء الغير معروفة لأحد حتى الآن، مشيرًا إلى أنه ليست هناك شكوك بأن سبب وفاة الشاب المصري القديم إصابته بمرض السرطان، بل الهدف الأسمى هو معرفة هويتها.

فيما قال الدكتور يحيى جاد المتخصص في الأشعة المقطعية والحامض النووي بمستشفى شفاء الأورمان، إنه تم إجراء فحص لمومياء الشاب الصغير التي أحضرها الدكتور زاهي حواس، حيث أظهر الفحص بعض الدلائل المبدئية البسيطة بالصور المبدئية حيث يوجد جزء من الضلوع وقدمي المومياء توضح أنه ينتمي لعائلة توت عنخ آمون، وكذلك يوجد كسر بالجمجمة الخاصة بالمومياء فى الجزء الخلفي، ويجرى إعداد تقرير شامل بالفحص للمومياء من الألف للياء لعرضه على الدكتور زاهي حواس ولجنة المشروع.

مشروع الجينوم المصري

أما المشروع الثاني، كان انضمام المستشفى للجامعات والمؤسسات المصرية لتنفيذ المشروع القومي للجينوم المصري، حيث زارت اللجنة العلمية للمشروع بقيادة الدكتور سميرة عزت استشاري الأبحاث العلمية بمستشفى شفاء الأورمان، وعضو اللجنة العلمية للمشروع القومي للجينوم المصري، مستشفى شفاء الأورمان بمدينة طيبة للتعرف على خطوات العمل بالمستشفى، تمهيدا لانضمام المستشفى ضمن الجامعات والمؤسسات المصرية المنفذة للمشروع.

وأوضحت الدكتورة سميرة عزت أبوالخير، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان قد وافق على إطلاق إشارة البدء في تنفيذ مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، وإنشاء المركز المصري للجينوم، حيث يعد أكبر مشروع علمي في تاريخ مصر الحديثة وأطلقت الوزارة المبادرة الخاصة بهذا المشروع ممثلة في أكاديمية البحث العلمي بالتعاون مع وزارات الدفاع والصحة والاتصالات وأكثر من 15 جامعة ومركزًا بحثيًّا ومؤسسة مجتمع مدني ومن المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025 بتكلفة 2 مليار جنيه.

وأضافت سميرة، أن هذا المشروع الضخم يهدف لرسم خريطة جينية للمصريين وعواملهم الوراثية، وكان الدافع لذلك هو ما حدث خلال مواجهة وباء كورونا، بعد اكتشاف وجود تباين في استجابات المصريين وإصاباتهم بالمرض ومقاومته، فالفيروس تمكن مثلا من شباب في مقتبل العمر، وأدى لوفاتهم، في حين تعافى منه مسنون وكبار في السن، كما تفاوتت مقاومة المصريين له فمنهم من تعافى في أقل وقت ممكن، ومنهم من تعافى بعد عناء ووقت طويل، ومنهم من استجاب لبروتوكول العلاج، ومنهم من لم يستجب، وذلك قررت الدولة المصرية دراسة الجينوم المرجعي الذي يحدد الخصائص الوراثية لكل مصري، وبات هذا المشروع ضروريا للعديد من التطبيقات، لأنه سيحدد كذلك سر وسبب الأمراض الشائعة عند المصريين مثل أمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية، وبدلا من أن يحدد الطبيب المرض من خلال الأعراض الظاهرة على المريض، يمكن مستقبلا ومن خلال معرفة الجينوم، معرفة المرض وطبيعته ومدى استجابة الجسم للعلاج بل تحديد العلاج الأمثل الذي يتناسب مع العوامل الجينية للمريض.

ومن جانبه، علق محمود فؤاد المدير التنفيذي لمؤسسة شفاء الأورمان، على تلك المشروعات التي تم اختيار المستشفى للمشاركة بها قائلا، أن مشاركة وتعاون اللجنة العلمية بمشروع الجينوم المصري هو نجاح كبير للمستشفى، التي تم اختيارها ضمن المؤسسات والجامعات التي ستعمل بمشروع الجينوم المصري وهو مشروع قومي يلقي دعم ورعاية من رئيس الجمهورية، مؤكدًا أن من أهم النجاحات التي تحققت مؤخرا هو قرار الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، باختيار الدكتورة سميرة عزت أبوالخير، أستاذ الصحة العامة والوبائيات الجينية والوراثية، بمستشفى شفاء الأورمان بالأقصر، لتنضم لفريق اللجنة العلمية لمشروع الجينوم البشري المرجعي للمصريين.

وأضاف فؤاد أنه فيما يخص الحدث الذي تم داخل مستشفى شفاء الأورمان لسرطان الأطفال باهتمام الدكتور زاهي حواس بأن تكون تجربة الأشعة المقطعية وسحب عينات الحمض النووي لمومياء شاب صغير، دليل على أن المستشفى وإدارة المؤسسة تقوم بدورها بكل جدية مع الجميع فى جلب أحدث الأجهزة لأبناء الصعيد في شتى التخصصات، وهو الذي أدي لإجراء الفحص للمومياء داخل أول صرح طبي لعلاج سرطان الأطفال في الصعيد بالمجان تمامًا.

وقدم فؤاد، الشكر للدكتور زاهي حواس على تلك الثقة الكبيرة التي يوليها لمستشفى شفاء الأورمان لعلاج الأطفال والكبار بإجراء أحد أدق أبحاثه الأثرية العالمية داخلها، للتأكيد للجميع أن المستشفى واحدة من أهم المستشفيات في الصعيد ومصر بأكملها بتوفير أحدث الأجهزة العالمية وأمهر الفرق الطبية لخدمة أبناء محافظات الصعيد، كما أن هذا الحدث العالمي يبرهن على أن المستشفى يبحث عن كل ما هو جديد في عالم الطب والأحياء والصحة، ولا تتأخر في جلب أحدث الأجهزة لعلاج أبناء الصعيد في مختلف التخصصات والمجالات.