البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

في ذكرى وفاتها.. ميمي شكيب من حياة القصور للمصحات النفسية

ميمي شكيب
ميمي شكيب

في مثل هذا اليوم 20 مايو ١٩٨٣م توفيت الفنانة ميمي شكيب، فمن منا لا يعرف هذا الصوت المميز والأداء المتقن والضحكة الرنانة التي لا تخطئها أذن ، انها الفنانة ميمي شكيب ، وفي ذكرى وفاتها تسعرض “البوابة نيوز” أهم المحطات بحياتها التي وصفت بالصاخبة، والتي انتهت بشكل مأساوي وجريمة غامضة!

النشأة :
ولدت أمينة شكيب (ميمي شكيب) في ٢٥ ديسمبر ١٩١٣م لعائلة ثرية من أصول شركسية ، وكان والدها مأمورًا لقسم بوليس حلوان، أما والدتها فكانت سيدة آرستقراطية ، وكان لأمينة شقيقة واحدة هي زينب أو الفنانة زوزو شكيب والتي كانت تكبر أمينة بأربع سنوات، تلقت أمينة تعليمها بمدرسة العائلة المقدسة وعلى الرغم من الحياة المرفهة التي عاشتها في بيت أبيها ، الا انها لم تكن سعيدة لكون والدها رجلا كثير التشدد ، فكان يحرم عليها وأختها الخروج من المنزل ، إلا من أجل الذهاب فقط الى المدرسة، ويرحل والدها عن الحياة وأمينة في الثانية عشر من عمرها، طالب اهل والدها بضمها وأختها ، ليتولوا مسئوليتهما ، فرفضت الأم التخلي عن بنتيها ، فتم حرمانهم من الميراث، فاضطرت الأم لمزاولة مهن مختلفة لتتمكن من الإنفاق على ابنتيها.

زواج أمينة الأول :
تزوجت أمينة من أحد الأثرياء وهو ابن شقيقة إسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء وكان يكبرها بنحو عشرين عامًا وظنت أمينة أن زواجها سيفتح لها الأبواب، لتعيش حياة سعيدة بحرية وانطلاق ، لكن هذا لم يحدث ، فقد وجدت زوجها اكثر تزمتا من والدها ، فكان يمنعها عن الخروج نهائيا!! ، بل وتزوج عليها من اخرى بعد ثلاثة أشهر فقط من زواجه منها، وتركها في المنزل وحيدة حاملا في طفلها الأول، لم تتحمل امينة الصدمة ، فأصيبت بحالة من الشلل المؤقت، ونُقلت لمنزل والدتها لترعاها ولتلقي العلاج، وبعد شفائها وقبل ان تضع مولودها الاول طلبت الطلاق من زوجها وتم الانفصال.

بداية المشوار الفني:
بعد انفصال أمينة عن زوجها، قررت أن تعيش حياتها بحرية وكما ترغب وفكرت في العمل بالفن ، فانضمت لجماعة أنصار التمثيل والسينما، ثم أسست فرقة تمثيلية خاصة بها، وعمل معها عدة فنانين مثل زكي رستم وأحمد علام، وقدمت أول رواية لها من خلال الفرقة وهى "فيوليت"، إلا أن الفرقة لم يكتب لها الاستمرار ، فذهبت مع شقيقتها إلى نجيب الريحاني، فضمهما لفرقته، وكان انضمامها لفرقة الريحاني محطة فارقة في حياة ميمي شكيب ، فقد ظلت ميمي تعترف بأستاذية نجيب الريحاني لها وتأثيره عليها ، وكانت تقول دائما إن الريحاني علمها كيف تنطق الكلمات وكيف تحفظ أدوارها وكيف تستطيع مواجهة الجمهور على خشبة المسرح ، ولولاه ما كانت تستطيع الوصول لما وصلت إليه.

زواجها من الفنان سراج منير :
 

للفنانة ميمي شكيب بصمات واضحة في تاريخ السينما المصرية ونجاحات لا يختلف عليها اثنان ، وكان أول أفلامها ابن الشعب عام ١٩٣٤، وشاركها في التمثيل الفنان سراج منير ، وقبيل الانتهاء من الفيلم، طلب سراج منير من ميمي الزواج، فسعدت ميمي بطلبه لتصطدم برفض أسرتها، لرغبتهم في ان تعود ميمي لزوجها ووالد طفلها، فما كان الا الفراق ويجمع القدر بينهم مرة أخرى بعد ثلاث سنوات ، من خلال عملهما في فيلم "الحل الأخير"، ويطلب سراج منير الزواج منها مرة اخرى ، فوافقت أسرتها ورفضت اسرته ان يتزوج ابنهم من فنانة ، فلجأ سراج منير لصديقه نجيب الريحاني لكي يتدخل ويقنع أسرته بالموافقة على الزواج ، وبعد سنوات وافقت الأسرة ، ليتم الزواج عام ١٩٤٢، ويستمر زواجهما ١٥ سنة في سعادة ووفاق ، وقدما معا العديد من الأفلام مثل : بيومي أفندي ، نشالة هانم ، ودهب . الى ان توفى سراج منير عام ١٩٥٧ إثر إصابته بأزمة قلبية، فقررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده.

أشهر أعمال وأدوار الفنانة الكبيرة : 
حصر المخرجون الفنانة ميمي شكيب في تقديم نمط معين من الشخصيات ، وهي أدوار الشر مثل السيدة الارستقراطية الشريرة والحماة الغليظة او زوجة الأب القاسية ، لكن ميمي لم تستسلم لهذا النمط من الادوار ، فقدمت أدوارًا أخرى مثل دورها في فيلم "الحموات الفاتنات" وفي ذلك الفيلم شكلت ميمي شكيب مع الفنانة ماري منيب دويتو كوميدي رائع ، ولا يمكن ان ننسى دورها في فيلم "دعاء الكروان" وهو "زنوبة المخدماتية" وقد حصلت الفنانة الكبيرة على جائزة أفضل ممثلة دور ثاني عن دورها في ذلك الفيلم . ومن أفلامها الرائعة التي لا زالت تعيش بوجداننا : سي عمر و ليلى بنت مدارس و شاطىء الغرام و طريق الأمل ، الفتوة ، بين القصرين والعديد من الأفلام الأخرى.

القضية التي قلبت حياة الفنانة رأسا على عقب :
ظلت ميمي شكيب رغم تقدمها في السن تحافظ على نمط الحياة الصاخب ، كانت تقيم الحفلات يوميا في بيتها تدعو فيها الأثرياء من المصريين والعرب وكبار المسئولين وعدد من الفنانات الجميلات ، وفي فبراير عام ١٩٧٤ تم القبض عليها، ومعها مجموعة من الفنانات الشابات، بتهمة إدارة منزلها للأعمال المنافية للآداب، وهى القضية التي عرفت باسم "الرقيق الأبيض" أو " قضية الآداب الكبرى"، وحظيت باهتمام إعلامي غير مسبوق ، حتى انه كان يحضر جلسات المحاكمة عدد من المراسلين الأجانب، والآلاف من المواطنين العاديين، حيث كانوا يحتشدون حول قاعة المحكمة، مما دفع القضاء إلى جعل الجلسات سرية ،ظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وقيل أنها أصيبت بحالة من الصمم والبكم في السجن، وكانت تبكي طوال الوقت مؤكدة أنها مظلومة وأن القضية ملفقة، وبعد حوالي ٦ أشهر حبسا في سجن القناطر، حصلت ميمي شكيب وباقي المتهمات على البراءة، لعدم ضبطهن في حالة تلبس . 

النهاية المأساوية :

بعد الحكم ببرائتها ، ظلت "ميمي شكيب" علي قيد الحياة ثمانية أعوام قاست خلالها الكثير، فقد توقف صناع السينما والمسرح والتليفزيون عن الإستعانة بها إلا نادرًا، وفي أدوار ثانوية، وكان آخر أفلامها السلخانة عام ١٩٨٢ وعندما تفاقم بؤسها، اضطرت إلي طرق صندوق معاشات الأدباء والفنانين بوزارة الثقافة عام ١٩٧٥م لمساعدتها ماديًا، وفي لحظة منسية من السبعينيات، تم إيداعُها بإحدى المصحات النفسية لعدة أشهر، وفي ٢٠ مايو ١٩٨٣م وعلى طريقة سعاد حسني، جاءت نهاية ميمي شكيب، حيث تم إلقائها من شرفة شقتها بوسط البلد، ولم يعرف أحد مرتكب الجريمة، وقيدت القضية ضد مجهول!!