البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

معالجة الديون والاقتراض أولا (2-3)

ونعود في هذا المقال مرة أخرى لدراسة شروط الإقراض الدولى- بدائل برامج الإقراض الحالية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى، لمركز المشروعات الدولية الخاصة بغرفة التجارة الأمريكية، والتي أعدها "الكسندر شكولنيكوف" مسئول الاتصالات بمركز المشروعات الدولية الخاصة، و"جون د. سوليفان"، المدير التنفيذى لمركز المشروعات الدولية الخاصة

وفي لفتة مهمة جدا تشير إلى إعتراف من "هورست كوهلر  العضو المنتدب الأسبق لصندوق النقد الدولى، -والذي تولي منصب رئيس جمهورية ألمانيا من 1 يونيو 2004 إلى 31 مايو 2010، حيث أعتبر المشاكل التى تواجه الدول النامية ترجه إلى الاشتراطات المفصلة، من مؤسسات تقيدم القروض،  فبعد مراجعة نشاط الصندوق فيما يتعلق بتلك الاشتراطات طالب بضرورة الاهتمام بتقوية ملكية الدولة وتوفير الدعم السياسى المطلوب للتنفيذ المتواصل للإصلاحات، كما طالب بتخفيض عدد الشروط المفروضة على القروض المقدمة من الصندوق، هذا وقدر جرت العيد من المناقشات بإشتراك من صندوق النقد الدولى حول الاشتراطات فى نطاق محاولاته لتقييم المشكلة وإدخال التغييرات الممكنة التى يجب تبنيها.

وانتهي النقاش الذي شارك فيه مركز المشروعات الدولية الخاصة بضرورة  التوجه نحو بناء نوع من التحالفات وسياسات محددة فى الدول النامية لتعزيز عمليات الإصلاح، وذلك من خلال بناء شبكة من المؤسسات التطوعية ومؤسسات القطاع الخاص مثل الغرف التجارية التى تعتبر عنصرا أساسيا بالنسبة للنظام الديموقراطى، ومن شأن هذه الشبكة تسهيل المشاركة العامة فى الأنظمة السياسية.

ومن أهم النقاط البديلة للقروض تأسيس أجندة الأعمال الوطنية تكون أداة يستخدمها مجتمع الأعمال لتشجيع الاستثمار وحفز النمو الاقتصادى، وتعمل الأجندة على تعبئة مجتمع الأعمال لاستخدام مهاراته فى التأثير على السياسة العامة بتحديد الأولويات التشريعية والتنظيمية ونقلها إلى صناع السياسات. 

وتحدد أجندات الأعمال الوطنية العوامل الرئيسية المعوقة لأنشطة الشركات كما تقدم توصيات وإصلاحات واضحة لتحسين مناخ الأعمال والأداء الاقتصادى ككل، وتقدم إلى الحكومة هموم مجتمع الأعمال بصوت متحد مما يزيد إمكانية التأثير على السياسة.

ومن البدائل أيضا وضع  برامج حوكمة الشركات، بمعنى وضع أساليب ممارسة سلطة الإدارة فى الشركات، خصوصا أنه لا بديل لاستخدام الأنظمة الأساسية للأعمال والإدارة لكى تتمكن الشركات من المحافظة على قدرتها التنافسية الدولية وعلى جذب الاستثمارات، ومن الهم التنويه هن إلى أن مركز المشروعات الدولية الخاصة  عمل على مساندة البرامج الناجحة فى جميع أنحاء العالم بما فى ذلك روسيا وكولومبيا واندونيسيا وبولندا ومصر، ووفقا للنتائج فقد ساهمت هذه البرامج فى تحقيق التنمية المؤسسية من خلال مشاركة القطاع الخاص المحلى.

ومن المهم العمل على تعزيز التعاون الإقليمي في مختلف مناطق العالم، على غرار تعظيم دور "الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا "نيباد" والتي شاركت في تأسيسها مصر قبل 20 عاما مع الجزائر، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا، والسنغال، والهادفة إلى القضاء على الفقر وإلى وضع بلدان الدول الإفريقية على طريق النمو والتنمية المستدامة، حيث تعد نيباد الإطار القائم على المبادرات الداخلية  للتفاعل بين دول أفريقيا وبقية دول العالم لتعزيز برامج التنمية فى القارة الأفريقية. والأولوية هي تعزيز  سعى "نيباد" إلى جذب استثمارات لبناء المؤسسات وتنمية القطاعات الرئيسية فى الدول الأفريقية، وتطوير الديموقراطية، وأسلوب ممارسة السلطة السياسية، وتطوير البنية الأساسية وتخفيض حدة الفقر، وتحسين فرص النفاذ إلى السوق، وبناء برنامج بيئى قوى.

فكثيرا ما ينتهى المطاف بأمم فقيرة تحصل على قروض جديدة لمجرد استخدامها فى تسديد فوائد قروض سبق أن حصلت عليها قبل ذلك، وفى هذا الموقف، يصبح من المستحيل الوفاء بالشروط التى يتم بموجبها الحصول على هذه القروض، لأن الديون الجديدة تستخدم فى الحقيقة لتسديد ديون قديمة، ولا تستخدم فى برامج إعادة الهيكلة، وهو أخطر ما في عمليات الإقتراض والإفراط فيها.

وهناك توصيات دولية خصوصا من "لجنة ميلتزر" بأن يكون اللجوء إلى صندوق النقد كمقرض "الملاذ الأخير للاقتصادات الناشئة"، بشروط مسبقة ومن خلال تفاوض لعدم فرض الصندوق اشتراطاته التى ثبت أن كثيرا من الدول تعجز عن الوفاء بها وأنها تجعل برامج الصندوق "صعبة المراس، شديدة التضارب، مضيعة للوقت فى المفاوضات، وغير مؤثرة فى أغلب الأحوال".

والاكتواء بنار القروض تؤكدة ما تشير إليه الدراسات بأن برامج البنك الدولى هي غير ناجحة وغير فعالة فى بعض الأحيان، حيث بلغت نسبة نجاح برامجه فى الدول الفقيرة أقل من 33% من مجموع الحالات، ومن المحتمل أن تظل الدول الفقيرة التى تتلقى هذه البرامج فقيرة وألا يتمكن عدد كبير من هذه الدول من تسديد ما اقترضته من ديون، كما أن الديون الرسمية على 42 دولة من الدول الفقيرة بلغت أكثر من 170 بليون دولار أمريكى، في بداية الألفية ويقدر ماكانت تسدده الدول الفقيرة المثقلة بالديون فى الوقت الحالى بنحو 8 بليون دولار سنويا.

ومن المهم أن ندقق جيدا فيما انتهي إليه كل من "الكسندر شكولنيكوف" و"جون د. سوليفان"، في دراستيهما قبل نحو 20 عاما أن برامج البنك الدولى وصندوق النقد الدولى مع الدول ليست الحل، دون وجود برامج وطنية تنموية إنتاجية، مع حزمة إصلاح واحدة تشمل الاتجاه إلى المنح كما تشمل الشروط القائمة على النتائج للعمل بين المؤسسات المالية الدولية مع الدول النامية لتحقيق الهدف المشترك وهو التنمية الاقتصادية وتخفيف حدة الفقر، والتوقف عن الإقتراض المستمر.

(يتبع)