البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

داليا عبدالرحيم تكتب: الرئيس وحوار المصارحة.. ‎هل يغتنم السياسيون الفرصة ويلتقطون المغزى من ذلك اللقاء؟

‎عندما شرفت بالدعوة لحضور إفطار الأسرة المصرية تصورت أنه لقاء تقليدى، طالما حرص الرئيس عليه كعادته كل عام لجمع عدد كبير من ممثلى أطياف المجتمع المصري؛ لتناول الإفطار معهم في شهر رمضان الكريم، لكنني فوجئت بأنه لقاء أقيم خصيصًا لتمهيد الطريق لجمهورية جديدة، جمهورية تفتح ذراعيها لجميع أبنائها، لا تستبعد أحدًا، ولا تكتم صوت أحد، ولا تناصب أحدًا العداء، غير أولئك الذين تلوثت أيديهم بدماء المصريين..
‎يفتح الطريق لحوار وطني جامع وشامل؛ يمهد للإفراج عن المسجونين السياسيين، ويعيد الحياة للجنة العفو الرئاسي.. عندما استقبل الرئيس السياسيين المعارضين حمدين صباحي وخالد داود بالترحاب، ورغم تحفظاتنا على عدد كبير من مواقفهما السياسية، رصدت ذلك الموقف في إطار الشجاعة، والثقة التى يمتلئ بها نظام حكم الرئيس السيسي، تلك التي جعلته يدعو معارضيه على مأدبة إفطار؛ ليرسل لهم رسالة سلام ومحبة في شهر الصيام.. ألقى الرئيس من وجهة نظري بالكرة في ملعب المعارضة، فلا موقف مسبقًا من أحد ولا تحجيم، فقط تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، كلمة تعلي من قيمة وقدر ومصالح الوطن على المناكفات السياسية التي لا جدوى من ورائها، نعم للتعاون على البر والتقوى وبناء الوطن الواحد بأيادي الشعب الموحد خلف قائده، تعالوا لنتصدى جميعًا للتحديات التي تواجه بلادنا وتكاد تحني ظهرها..
‎ما لم يقله الرئيس أكثر كثيرًا مما قاله في تلك الجلسة «العلنية». نتمنى أن تلتقط المعارضة، بل كل أطياف الشعب المصري مغزى كلمات الرئيس حول التحديات وما يحيط بالوطن وتتوحد خلفه ومعه لمواجهتها والعبور بالوطن إلى بر السلامة.

‎كان أول مشاهداتي بالإفطار الحضور الكثيف لأهالي الشهداء وأطفالهم، هؤلاء الذين فتحوا لنا بدمائهم طريق العزة والاستقرار..
‎لفت نظري، أيضًا، طاولة الرئيس والجالسان عليها من اليمين والشمال شابان مصريان يعكسان أصالة وأخلاقيات هذا الشعب الكريم.
‎سارة فتاة مصرية تعمل عاملة ديليفري لتوصيل المأكولات، شابة مصرية طموحة قادتها ظروفها لأن تكون العائل الوحيد لأسرتها.. لم تيأس ولم تضجر بل آمنت بنفسها وسعت إلى سوق العمل تلتمس من الله القدرة والرحمة.. تعرضت لاختبار قاسٍ من فريق حياة كريمة، عندما قاموا بإعطائها حقيبة لتقوم بتوصيلها ووضعوا بداخلها مبلغًا ماليًا كبيرًا، وبعد أن ذهبت بالحقيبة لتوصيلها للمكان الذي حددوه لها، هاتفوها ليخبروها بأنهم قد نسوا شاحن تليفون بداخلها وما إن فتحت سارة الحقيبة حتى وجدت الشاحن وبجانبه مبلغ مالى كبير، فأخبرت من يهاتفها بأنها وجدت مبلغًا ماليًا كبيرًا بالحقيبة وعادت على الفور لإعادته.
‎الرسالة التي أراد الرئيس أن يوصلها لكل المصريين أنه على الرغم من حاجة سارة الملحة للمال وأوضاع أسرتها الصعبة، إلا أنها لم تستسلم للشيطان، ولم تفكر ولو للحظة واحدة في الاحتفاظ بالمبلغ المالي، «حياة كريمة» كرمت سارة ومنحتها فرصة عمل وكان تكريمها الأكبر أن شرفها الرئيس بالجلوس على طاولته في الإفطار.
‎الشاب الآخر هو مينا يعمل سائق تاكسي أوقفه أحد أعضاء برنامج «حياة كريمة» وطلب منه أن يوصله إلى مكان ما، لكنه لا يملك المال اللازم لدفع قيمة الأجرة، وافق مينا على الفور وقال للرجل بمصرية خالصة: «وماله أوصلك عادي الناس لبعضها»، هذا نموذج آخر لشاب مصري مكافح يعول أسرته أيضا، ولكنه ما زال يملك بداخله خيرًا وحبًا لشعبه ووطنه.
‎تم تكريم مينا أيضًا على شهامته وأخلاقه الحسنة وتم وعده بعلاج أخيه المريض
‎وكان التكريم الأكبر أن أجلسه الرئيس على طاولته لتناول الإفطار معه.

‎بدأ الرئيس كلمته بتهنئة الحضور بشهر رمضان الكريم وكل الأعياد المصرية المتزامنة معه، والتي تؤكد وحدة المصريين وتكاتفهم.. ثم شرع الرئيس في الحديث حول الأوضاع الراهنة في البلاد وارتفاع الأسعار وغيرها من المشكلات الاقتصادية بكل صراحة ووضوح.. أعلن الرئيس بكل وضوح أن الأزمات التي مرت بالبلاد، طوال السنوات الفائتة، نتائجها وآثارها لا تسقط بالتقادم مضيفًا إلى ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم أجمع وتأثيرها على مصر.. تحدث الرئيس عن حجم الخسائر الرهيب الذي تكبدته الدولة المصرية منذ يناير ٢٠١١ حتى الآن معلنًا أن خسائر عامين فقط ٢٠١١ و٢٠١٢ وصلت إلى عشرة مليارات دولار في ٢٤ شهرًا فقط، كما كانت الدولة تتكبد أكثر من مليار دولار شهريًا، خسائر لمدة ٨٤ شهرًا أثناء حربها على الإرهاب، تلك الحرب التي قدمنا فيها ٣٢٦٧ شهيدًا ضحوا بحياتهم حتي نصل إلى أمن واستقرار يشعر بهما المواطن بشكل ملحوظ وكشف الرئيس عن تراجع التصنيف الائتماني  لمصر ٦ مرات خلال ٢٠١٣/ ٢٠١٤، بالإضافة إلى حجم التعدي على الأراضي الزراعية الذي وصل إلى ٣٥ ألف حالة.
‎تحدث الرئيس عن الاحتياطي النقدي الذي أنخفض لأدني مستوياته في عام ٢٠١٥ ونسبة البطالة التي قفزت إلى ١٤٪؜.
‎وفجر الرئيس مفاجأة عندما أعلن أنه لا أحد وقتها كان قادرًا على حل تلك المشكلات التي كادت تعصف بنا لولا تدخل الأشقاء العرب ومساعداتهم لمصر، التي وصلت لعشرات المليارات من الدولارات بين عامي ٢٠١٣ /٢٠١٤ حتي استطعنا أن نعبر هذه المرحله بأمان وسلام.
‎قال الرئيس كان أمامنا خيارات عديدة إما أن نعلن أننا نعمل وفق اقتصاد حالة حرب على الإرهاب ونوقف العمل في كل قطاعات الدولة التنموية والاستثمارية وبهذا نحقق ما كانت تصبو إليه تلك الجماعات من إصابة الاقتصاد المصري بالشلل وتركيع الدولة، لكننا رفضنا ذلك وعملنا بشكل متوازن، يد تحارب الإرهاب ويد تعمل على إقامة وتثبيت أركان الدولة المصرية ودفع عجلة التنمية.. من خلال العمل على تنفيذ المشروعات القومية الكبرى التي ساعدت على توفير فرص عمل وانخفاض نسبة البطالة.
‎الحديث الكاشف للرئيس إنما يدل على حجم المسئوليات الكبيرة التي تحملها الرجل على عاتقه على مدار ثماني سنوات هي عمر توليه المسئولية حتى الآن.. أحسست بالفعل أنني أمام نموذج من المصارحة يليق بالجمهورية الجديدة التي استطاعت عبر إدارة حكيمة ممثله في الرئيس عبدالفتاح السيسي العبور بالبلاد من مرحله الفوضى إلى مرحلة البناء والاستقرار.. من بلد أريد له أن تقطع كل أوصاله إلى بلد قادر على البناء والوقوف من جديد، نعم لدينا مشكلات وأزمات، ولكننا كحال باقي الأمم ودول العالم التي تعاني أزمات اقتصادية كبيرة فرضها واقع الحرب في أوكرانيا ومن قبلها جائحة كورونا.
‎ طمأن الرئيس، خلال كلمته، الشعب المصري حول الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع والاحتياجات الأساسية التي تحتاجها البلاد لمده تصل لأكثر من ستة أشهر، كما تحدث عن برنامج حياة كريمة، الذي ينقل حياة ٦٠ مليون مواطن في ريف مصر من حياة غير آدمية إلى حياة كريمة ومدى صعوبة هذا المشروع وحجم تكلفته؛ لأن الدولة تعيد إنشاء وتعديل وإصلاح ما هو قائم بالفعل، بما في ذلك من صعوبة عن البناء من جديد في مساحات فارغة.
‎واختتم الرئيس حديثه حول الحملات الممنهجة التي تتعرض لها الدولة للتشكيك فيها ومحاولة إثارة المواطنين من فصيل معروف للجميع لم يرد لبلدنا في يوم من الأيام خيرًا وشدد الرئيس على  الدور المهم للإعلاميين والسياسيين والمفكرين في هذه المرحلة في توعية الشعب المصري لمواجهة تلك الحملات التي تسعي لهدم الدولة وإثارة الفتن بين أطياف المجتمع.
‎مطالبا الجميع بالتكاتف والتلاحم لمواجهة كافة التحديات التي بدأناها كشعب واحد وسوف نتخطاها جميعها بإرادة الشعب وجهود الدولة معًا.
‎وفي ختام حديثه أعلن الرئيس مجموعة هامة من القرارات التي تسهم في امتداد واستمرار هذا الحوار الكاشف بين الرئيس والشعب، كان من أهمها دعم ومساندة المواطن المصري من خلال توفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بالإضافة إلى فتح مساحات للحوار السياسي بين الأطياف السياسية المختلفة تكون أولى أولوياته العمل الوطني المشترك.

وفي ختام حديثي هذا أستطيع القول إننا أمام رجل دولة قوي يحب بلدة ولا يضمر لأحد من أهل بلدة شرًا إلى الذين نهشوا في لحمها واستحلوا دماء أبنائها رجل دولة يطالبنا بالتخلي عن أنانيتنا ومناكفتنا لبعضنا البعض وأن يضع كل منا يده في يد أخيه؛ لنصون هذا الوطن ونرفع من شأنه.. فهل من ملبٍ؟