البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

السلطة الخامسة.. جمهور المنصات المتعددة «103»

ساعدت البيئة الإعلامية الجديدة في استثمار خاصية التفاعلية وتعددية الوسائط وتكنولوجيا النص الفائق وانتشار الصحف الإلكترونية والبوابات الإخبارية، في نهاية مصطلح الجمھور التقلیدي «Audience» ودعوا لاستبداله بمصطلح المستخدمين Users، في محاولة للتعبیر عن تخلص أفراد الجمھور من التلقي السلبي وممارسة أدوار نشطة في عملیة تلقي المضامین الإعلامیة وفق الخیارات التي أصبحت متاحة لھم بفعل الوسیط الجدید الذي أعاد ھندسة علاقاتھم بوسائل الإعلام،و ھي العلاقة التي لم تعد قائمة على التلقي بمعناه الكلاسیكي عبر المشاھدة والاستماع والقراءة، بل على الاستخدام النشط من خلال سلسلة لا متناھیة من العملیات ( التحكم في مكان وزمان التلقي،النسخ، الطباعة، رجع الصدى، الانتقال بین المواضیع والتجول في الأرشیف....إلخ).

فمصطلح الاستخدام(Usage/Use) یختلف بھذا المعني عن  (Reception) مصطلح التلقي، ویعكس التمایز بین الاستخدام والتلقي، فمستخدم الوسائل الإعلامیة عبر الوسیط الجدید یختلف في سماته وممارساته عن المشاھد والقارئ والمستمع. ومع تطورات الجیل الثاني وتطبیقات الویب 2.0 التي ساھمت في ظھور وانتشار المدونات الإلكترونیة ومواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الویكي تحدث باحثون متخصصون عن انتقال المستخدمین، كمنتجین وصنّاع للأفعال الاتصالیة، إلى ممارسة خبرات اتصالیة مستحدثة وغیر مسبوقة،،تغیرت بفعلھا أبجدیات العملیة الإعلامیة برمتھا حد التثویر. 

ویصف الباحث الأكادیمي « Axel Bruns»، عملیة تحول الجمھور ، من عملیة التلقي إلي فعل التألیف عبر إنتاج مضامین متنوعة في البیئة الإلیكترونیة من خلال رؤیة تقضي باستبدال "مصطلح المستخدمون Users، بمصطلح Produsers  للتعبیر عن الأدوار الجدیدة التي یتمكن ھؤلاء من لعبھا في إطار بناء وسائل إعلامھم الخاصة  عن طریق إعادة تبویب المواد الإعلامیة وإدراجھا في فئات من ابتكاره وتغطیة الأحداث والتعلیق علیھا وتحلیلیھا وإعادة نشر موضوعات على الشبكات الاجتماعیة ومواقع الویكي والمدونات والتعلیق علیھا وتصنیفھا ونصح الآخرین بتصفحھا..

وطرح التحول في الأدوار التي یقوم بھا الصحفیون في البیئة الإعلامیة الجدیدة، وتنازلھم عن ممارسة الدور التقلیدي لحارس البوابة من جھة ومشاركة المستخدمین في إنتاج المضمون من جھة ثانیة عدة تساؤلات جدیدة، حول آلیات اعتماد تطبیقات الإعلام التشاركي في المواقع الالكترونیة لوسائل الإعلام والدرجة المسموح بھا للمستخدمین في المشاركة في إنتاج المحتویات، وطبیعة الأدوار التي یمكنھم القیام بھا، ومستویات الاستعانة بھم في المراحل المختلفة من العملیة الصحفیة، وھل ستطبق على مخرجاتھم نفس المعاییر المطبقة على مخرجات الصحفیین المحترفین وكذا حدود حریة المستخدمین، وطرق تحفیزھم للمشاركة المتواصلة، وكیفیة الحفاظ على ھویة المؤسسة الإعلامیة وصحافییھا ضمن آلیات التكیف التي اقتضت توطین إسھامات المستخدمین في العملیة الإعلامیة، والحاصل أن الملاحظة الدقیقة لطبیعة مشاركة المستخدمین في إنشاء المحتویات تكشف عن مھام مستحدثة یمكن أن تمارسھا ھذه السلالة الجدیدة من الصحفیین، ولعل أبرزھا توفیر المعلومات حیث یمكن للصحفیین المحترفین الاعتماد على إسھامات المستخدمین في الحصول على المعلومات والتفاصیل والصور ومقاطع الفیدیو حول الوقائع والأحداث غیر المتوقعة التي یعایشھا ھؤلاء والمتعلقة خاصة بالحروب والكوارث الطبیعیة.

 كما تعمل ھذه الفئة على إعادة إنتاج المضامین الإعلامیة ولكن مع التركیز على ما أغفله الصحفیون المحترفون والمؤسسات الإعلامیة من وقائع ھامشیة للأحداث التي قاموا بتغطیتھا والتي قد تحظى باھتمام خاص لدي أفراد المجتمع،إضافة إلى ما یمكن أن یلعبھ ھؤلاء في التدلیل على المحتویات والمضامین، خاصة في ظل الوفرة الھائلة والتعدد اللامتناھي للصحف والقنوات التلفزیونیة والإذاعیة والتي تجعل الأفراد غیر قادرین على متابعة ما یھمھم من أخبار ومواضیع وحصص وبرامج ...الخ.

 و ھنا یبرز الدور الجدید لھذه الفئة التي تھتم بمشاركة ما یعتقدون أنه مھم على صفحاتھم في شبكات التواصل الاجتماعي أو توفیر روابط لھا على المدونات بما یسھل على الأفراد متابعتھا، ثم إن التعقیب والتعلیق على ما یقوم به الصحفیون ومتابعة مدى اضطلاع وسائل الإعلام بأداء الأدوار المنوطة بھا في مراقبة المحیط وحمایة مصالح المجتمع ووسائله ومؤسساته لا ینفي حفاظ وسائل الإعلام على مكانتھا كسلطة رابعة تتأسس أدوارھا على مراقبة أداء السلطات الثلاث وإنما یؤسس لسلطة خامسة یقودھا المستخدمون المنتجون الذین تتمثل واحدة من بین أھم أدوارھم في مراقبة أداء السلطة الرابعة. 

للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 ===============

المراجع

سعاد ولد جاب الله، الخطاب الإعلامي العربي والإعلام الجديد، رسالة دكتوراه، الجزائر، جامعة باتنة 2017.

علي جمال التركي، تطوير المواقع الإخبارية، الهيئة العامة للكتاب، 2021.

 BRUNS، Axel: Blogs، Wikipedia، Second Life، and Beyond: From Production to Produsage، Peter Lang Publishing، New york، 2008.