البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

المؤسسات الصحفية ذات المنصات المتعددة "99"

تسابق المؤسسات الصحفية على مستوى العالم الزمن، للحاق بركب التطورات الجديدة التي طرأت على البيئة الإعلامية، خاصة بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وتعاظم دور الجمهور عن ما كان في البيئة الإعلامية التقليدية. 

فالعالم الذي نعيش فيه الآن شهد تقدما كبيرا في تكنولوجيا المعلومات والتقنيات التي أحدثت ثورة جذرية في البيئة الإعلامية وساعدت بشكل كامل في إزالة الحدود التي كانت متواجدة في وقت سابق بين الجمهور والمؤسسة الصحفية التي عزلت الجمهور عن عملية الإنتاج التقليدية للمحتوى الصحفي. 

وأسهمت البيئة الإعلامية الجديدة في زيادة مساحة مشاركة الجمهور، في إنتاج المحتوى، وغيرت من ممارسات الإنتاج الخاصة بالوسائل القديمة كالصحف والتليفزيون والمحطات الإذاعية، وتحول المشاهد والمستمع والقارئ وفق هذا الإعلام الجديد إلى مستخدم «user»، مستهلك ومنتج. 

كما ساعدت هذه البيئة الإعلامية الجديدة في تغير مهام القائمين بالاتصال في المؤسسات الصحفية والصحفية بشكل كبير، فلم يعد القائم بالاتصال هو المتحكم الأول في المحتوى ونوعيته أو حارس البوابة الذي يعطي إشارة النشر أو يمنعها، بل أصبح الجمهور شريكا رئيسا في عملية الانتاج، وهو ما طرح العديد من التساؤلات حول طبيعة المهام والمسئوليات التي يقوم بها القائم بالاتصال في ظل البيئة الجديدة. 

كما أظهرت البيئة الإعلامية الجديدة، مدى الحاجة إلى الاندماج بين المنصات المختلفة، التي مكنت المؤسسات الصحفية من استغلال التكنولوجيا بشكل أكبر وترويج وتوزيع المحتوى التي تتمكن من إنتاجه عبر القائمين بالاتصال، عبر منصات مختلفة سواء صحف ورقية أو مواقع إلكترونية أو قنوات انترنت أو راديو أو حتى عبر التطبيقات الخاصة بالهاتف المحمول، فضلا عن استغلال الصفحات الخاصة بالمؤسسات الصحفية على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك، تويتر، انستجرام... إلخ. 

التغيرات الكبيرة التي شهدتها البيئة الإعلامية على كافة المستويات دفعت المؤسسات الصحفية حول العالم لتبني نهج المنصات المتعددة، وجعلت المؤسسة الواحدة تمتلك أكثر من منصة تعرض من خلالها المحتوى وتخاطب عن طريقها الجمهور متعدد السمات والخصائص والاتجاهات والرؤى، ودفع المؤسسات الصحفية إلى تأسيس محطات إذاعية وقنوات تليفزيونية ومواقع إخبارية واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي في إنشاء صفحات لها تخاطب عن طريقها الجمهور. 

وخلقت هذه البيئة تحديات مهنية وإدارية كبيرة تواجه المؤسسات الصحفية التقليدية سواء في مصر أو العالم العربي، أو على المستوى الدولي، بفعل التغييرات الكبيرة التي حدثت في البيئة الإعلامية في ظل الثورة الرقمية والتكنولوجية، والاختلافات. 

وفتحت الثورة الرقمية الجديدة، أبوابًا كانت مغلقة أمام وسائل الإعلام التقليدية بقدرتها على الوصول إلى جمهور كان من الصعب مخاطبته في الماضي، واستطاعت صياغة مشهد إعلامي جديد.

وبات المحتوى أكثر سرعة في النشر والانتشار، مستفيدة من قاعدة جماهيرية ضخمة تتمتع بالتنوع، فبضغطة زر واحدة يمكنك نشر ما تريد من مواد صحفية، لتكون متاحة لعدد كبير جدًّا من القراء حول العالم.، سواء عبر المواقع الإخبارية أو مواقع التواصل الاجتماعي. 

كما خلقت البيئة الإعلامية الجديدة أسلوبًا جديدًا في الكتابة أكثر تركيزًا واختصارًا تتوافق مع سيكولوجية القراء الجدد، في عصر يتمتع بالسرعة والتقلب، معتمدة على وسائط متعددة "النصوص، والصور، والفيديو".

كل تلك الأسباب والتحديات التي تواجه المؤسسات الصحفية المصرية، التي دفعتها مؤخرًا إلى الاتجاه لنهج المنصات المتعددة كطريقة لإدارة المنصات المختلفة وإعادة توزيع المحتوى الذي تنتجه على قاعدة جماهيرية أوسع بكثير من قبل. 

ويأتي نهج المنصات المتعددة كطريقة لإحداث التطوير الذي يتعاطى بإيجابية وسرعة مع البيئة الإعلامية الجديدة، ففي الأساس "التطوير" سمة من سمات الكون، والتغيير حقيقة لا مناص منها، فمع تنوع أشكال المنافسة بين المؤسسات الصحفية تنهار الفواصل والفروقات بين المنافسين، ويصبح قادة السوق مجرد تابعين، تتقلص حصتهم من الزوار تدريجيًّا مع ظهور منافسين جدد أقوياء يتعاملون وفقًا لمتطلبات المتغيرات الجديدة.

وأي منظومة إعلامية تؤثر وتتأثر بعوامل البيئة الخارجية وأي تغييرات تطرأ على خصائص العناصر الرئيسية "الجمهور والمعلنين"، أو التشريعات والمخاطر التي تظهر بفعل قوة الضغوط، لذا دائمًا ما تحتاج إلى خطط تطوير تمنحها القدرة على الثبات والاستقرار والتعاطي بإيجابية مع الأوضاع الجديدة. 

وتتسم سوق المنافسة بين المؤسسات الصحفية في حالتها الطبيعية أيضًا بالسرعة الفائقة، وأصبح من الصعب التنبؤ بحجم التطور الذي يمكن أن تحدثه المؤسسات الأخرى، وبالتالي فإن بقاء أي مؤسسة إعلامية مرهون بقدرته على الاستمرار في المنافسة، وقدرتها على اختراق مجال القراء وأماكن وجودهم والتعامل معهم بالعقلانية والمودة وتوطيد أواصر الثقة المتبادلة، بل أحيانًا يتطلب منك إغراءهم وإقناعهم بأهمية المحتوى المنشور عبر المنصات المختلفة.

وبالتالي أصبح واجبًا على كل مؤسسة أن تفكر بين الحين والآخر في اكتشاف التغيرات التي طرأت على سوق المنافسة، وترتيبه فيها بالمقارنة مع الآخرين، واكتشاف جوانب الضعف واستئصال السلبيات كافة التي يعاني منها، فهذه أداة أساسية تكفل له الاستمرار في المنافسة والتقدم.

للتواصل:

علي التركي

مدير عام تحرير موقع «البوابة نيوز»

Ali_turkey2005@yahoo.com

 ===============

المراجع 

  • سعاد ولد جاب الله، الخطاب الإعلامي العربي والإعلام الجديد، رسالة دكتوراه، الجزائر، جامعة باتنة 2017.
  • سماح الشهاوي، العوامل المؤثرة على مستقبل الصحافة الإلكترونية في مصر في الفترة من 2015 حتى 2030 رسالة دكتوراه، كلية الإعلام جامعة القاهرة.
  • علي التركي، صناعة المواقع الإخبارية، دار روافد للنشر 2017.
  • علي جمال، السياسة التحريرية للمؤسسات الإعلامية ذات المنصات المتعددة، رسالة ماجستير 2021، كلية الآداب – جامعة المنصورة
  • فاطمة الزهراء عبدالفتاح، أثر التحولات التكنولوجية في إنتاج وتقديم المضمون في الصحافة المصرية في إطار تعدد المنصات الإعلامية دراسة لاتجاهات التطوير وإشكاليات التحول – رسالة دكتوراه – كلية الإعلام جامعة القاهرة 2015.
  • فاطمة فايز قطب، آليات بناء أجندة المنصات المختلفة داخل الوسيلة الإعلامية الواحدة، رسالة دكتوراه 2016، كلية الإعلام جامعة القاهرة.