البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

أم البطل: قالى قبل استشهاده أنا فداء تراب مصر.. والبشارة جاتنى قبلها بشهر

الشهيد محمود ناجي.. أسد جبل الحلال

الشهيد محمود ناجى
الشهيد محمود ناجى

أسمر بلون تراب مصر، ابن جنوب سيناء شامخ الرأس كجبالها، كريم اليد كنخل أجداده، إنه الشهيد البطل محمود ناجى ابن المربية الفاضلة، التي قبل يداها ورأسها بعد تخرجه في الكلية الحربية، فى أول زيارة له لمدرستها وسط زميلاتها المدرسات، فاحمر وجهها خجلا ليس منه بل عليه.

ووقتها قالت له والدة الشهيد: «انت دلوقتى ظابط»، فقال لها: «لى الشرف يا أمى هو مين خلانى ظابط غيرك يا ست الكل»، ومن هنا تبدأ أم البطل حكاية شهيدها: «ابنى من مواليد ٢٥/٣/١٩٩٤ من أبناء جنوب سيناء، دخل مدرسة على مبارك الابتدائية، وكان طفلا هادئ الطباع، وديعا، حتى فى تربيته ماتعبنيش، كأنه اتخلق عشان يبقى شهيد، كان كل أساتذته بيحبوه جدًا، كانوا مسمينه الملاك، فعلًا كان فى عينيهم ملاك يمشى على الأرض، وكان متفوقا من صغره فى دراسته، وكان دايمًا يحب يلعب بالرشاشات والمسدسات عشان عاوز يبقى ظابط ويحارب ويحمى مصر، وديه كانت جملته اللى بيرددها وهو لسه طفل صغير».
وتواصل أم الشهيد محمود ناجي: «كنت أنا وهو توأم، لأنه مكنش فى غيره نظرًا لظروفى الصحية، ودخل مدرسة الشهيد إبراهيم الرفاعى الإعدادية، وتفوق وكان من الطلبة المميزين علميًا وخُلقيًا، وكان مدرسينه بيقولوا ما شفناش كتير من النوعية دى من الطلبة، وكانت علاقته كويسة جدًا بأصحابه، وكانت أهم هواياته الصيد والسباحة والغطس، ودخل مدرسة الحرية الثانوية العسكرية، اللى دلوقتى سميت باسمه مدرسة الشهيد النقيب محمود ناجى الثانوية العسكرية، وكان له نشاط فى المكتبة والمسرح وأخد شهادات تقدير كتير، وبعد نجاحه فى الثانوية بتفوق قدم ملفه للكلية الحربية، وفى ٢٠١١ لما النتيجة ظهرت، قال أخيرًا يا ماما هحقق اللى كنت بتمناه أخيرًا هعمل حاجة لبلدى».
وتبكى الأم الصابرة المحتسبة، وتقول: «ابنى كان بيحب بلده فوق الوصف، وقالي مرة: أنا هانول الشهاده بإذن الله، وانت مصر هتكرمك، وتقولى للريس السيسى إن محمود ناجى بيقولك: ما يهمكش من حد لو مات شهيد ورا مليون شهيد، وخلى بالك من مصر عشان مصر تستاهل»، حضنت ابنى فى صدرى وأنا بقول له: «بتحب مصر ماشى، بس تموت لا»، قال لى: «أنا بعشقها، وأنا فداء ترابها».
تتنهد السيدة وكأن على قلبها أحد الجبال، وتحكى حلمًا طالما كان يراودها قبل استشهاد البطل: «ربنا أعطانى البشارة قبلها بشهر، شوفت فى منامى إن فى بيت كبير وعندى ناس كتير وابنى ببدلة الفرح، وواحد لابس أبيض قال لى: أيوه هو عريس الجنة مش الأرض، وقمت من النوم مرعوبة لأن ابنى كل ما يكلمنى كان يقولى ادعى لى أنولها يا أمى، حد يطول يبقى شهيد».
وعن استشهاد البطل تحكى والدته: «ابنى عريس الجنة، يوم الشهادة نزل من المدرعة وجاب فطار وقال لزمايله من الضباط والجنود: عشان تقولوا إلى فطرنا النهارده الشهيد محمود، واخد مصحف من صاحبه أحمد الراعى قبل الشهادة وقاله: عشان تقول إن المصحف بتاعى قرأ فيه الشهيد محمود، ولما زميله أصيب نزل وأمر الجنود يقعدوا فى المدرعة، قالوا له: لا هننزل نجيبه معاك، رفض وقال لهم ده أمر ماتنزلوش، ونزل وتعامل بمفرده مع التكفيريين، وقتل تلاتة من الإرهابيين، وأخذ ثلاث طلقات فى رجله ومع ذلك ظل يحارب لحد ما جات رصاصة فى رأسه كسرت الجمجمة، ده اللى زمايله حكوه لى بعد استشهاده».
وتواصل: «ذهبت للمستشفى، وأصريت أشوف ابني، والقائد بتاعه الله يكرمه وافق وفتح عليه التلاجة، شوفته عريس على الرغم أن رأسه كانت متكسرة، وكانت الضحكة من الودن للودن، استشهد يوم الاثنين الموافق ٢٦/٢/٢٠١٨ فى القسيمة، بالعملية الشامله ٢٠١٨، كان عنده ٢٣ سنة».
وتحكي أم الشهيد: «فى مرة قال لى ماتخافيش يا أمى، دول ناس ما عندهمش عقيدة ومرتزقة دول فئران، وقبل الاستشهاد بأسبوع كانت حرارته ٤٠، وأصر يطلع، قال كلنا بنتنافس عشان نروح، ورجع يومها وواخد رصاصة جاءت فى الصديرى الواقى فى صدره وكسرت له الضلع التالت، ورغم كده أصر وطلع مكان صاحبه المريض، ويوم الاستشهاد وهو صاحبه لاشين كانوا السبب فى إنقاذ التشكيل بأكمله، حتى إن العميد الغنام قال كده أمام الريس فى الندوة التثقيفية السنة اللى فاتت».
وتؤكد أم الشهيد: «ابنى كان عسكري منضبط، كان بيتسابق عشان يطلع المداهمات، وزى ما قال القادة بتوعه عنه أسد جبل الحلال، ابنى راح عشان مصر وأنا راضية بقضاء ربنا ولكن وجع فراق الابن لا يوصف».
وتختتم: «الشهيد كان محبا لأخيه، وكان نفسه يدخل الكلية الحربية زيه لكن أخوه دخل فى نفس سنة استشهاده كلية الشرطة والحمد لله الاتنين بارين، ربنا يرحم الشهيد محمود ويبارك فى محمد أخوه، وأشهد الله أن ابنى كان بارا بأمه وأبيه وأخوه وأصحابه وقادته وبلده مصر اللى حبها أكتر من أمه».