البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

تونس تتجه لحصار التمويلات المشبوهة للجمعيات الإخوانية

راشد الغنوشي
راشد الغنوشي

تتجه تونس لتضييق الخناق على منظمات المجتمع المدنى، وخاصة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، التى تتلقى تمويلات أجنبية عن جهات وقوى خارجية ترغب فى التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد، إلى جانب استخدام الأموال المشبوهة لتجنيد شباب الجامعات، ودعم العلميات الإرهابية، والمنصات التى تبرع فى التحريض على تونس. 

ونقلا عن وسائل إعلام محلية تونسية، فإن جهات التحقيق أحالت راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية وصهره الإخواني رفيق عبدالسلام إلى المحاكمة في قضايا تلقي أموال أجنبية لدعم حملاتهم الانتخابية، وهو ما يحظره القانون التونسي على الأحزاب السياسية.

وحظيت تصريحات الرئيس التونسى، قيس سعيد، حول ضرورة الاهتمام بملف التمويلات الأجنبية، بترحاب كبير من قبل سياسيين وإعلاميين فى تونس، خاصة أن العديد من المظاهرات والاعتصامات الأخيرة طالبت بضرورة تشديد الرقابة على الجمعيات والأحزاب التى تتلقى تمويلات أجنبية مشبوهة، وتأتى حركة النهضة الإخوانية فى صدارة الأحزاب السياسية التى استفادت من تمويلات ضخمة لدعم وجودها السياسى إلى جانب تعزيز وجود هيئات وجمعيات تعمل على نشر خطاب دينى متطرف. ونقلًا عن وسائل إعلام تونسية محلية، فإن الرئيس «سعيد» أكد أنه سيحظر تلقى منظمات المجتمع المدنى أى تمويل أجنبي، لأنها بحسب وصفه امتداد لقوى خارجية ترغب فى العبث بالبلاد. وقال: «يجب منع الجمعيات غير الحكومية من التمويلات الخارجية، وسنقوم بذلك، هم فى الظاهر جمعيات ولكنهم امتداد لقوى خارجية، لن نسمح بأن تأتى الأموال من الخارج للعبث بالبلاد ولا مجال لأن يتدخل أحد فى اختياراتنا تحت أى ضغط أو تأثير».
تمويلات أجنبية 
أكد الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، أن محاصرة التمويلات الأجنبية التى تدخل إلى جماعة الإخوان يعد ضربة قوية للتنظيم فى أى مكان فى العالم، لأن مواجهة العامل المالى يعد معيارا ثابتا فى محاربة الإسلام السياسى عامة وتنظيم الإخوان خاصة. وأضاف إن المال والتمويل هو الهدف ‏الرئيس فى المواجهة، والتنظيم بدون التمويل والمال لا يمكن أن يستمر.
ويعتقد رئيس المركز أن الصراعات والانقسامات التى وقعت بين صفوف جماعة الإخوان، خاصة فيما يعرف بمعركة الجبهتين: «جبهة إسطنبول للإخوانى محمود كمال وجبهة بريطانيا للإخوانى إبراهيم منير»، يراها رئيس المركز الأوروبى تعود للخلافات الداخلية على ثروة التمويلات.
ولفت الخبير الدولى إلى أن مراقبة التمويلات الأجنبية بدون شك واحدة من الأساليب ووسائل العمل الناجحة فى الحد من تنظيم الإخوان والجماعات السياسية المتطرفة التى تتخفى خلف جمعيات ومراكز وشركات، بل ترسانة من الشركات لتنفيذ سياساتها. 
وأوضح رئيس المركز أن الدول الأوروبية، خلال السنتين الأخيرتين، خاصة فرنسا وألمانيا والنمسا اتخذت الكثير من الخطوات للحد من تمويل الإخوان والإسلام السياسي، ومراقبة مراكزهم وإغلاق بعضها، لذا فهى تعتبر ضربة قوية إلى تنظيم الإخوان فى تونس وقتما تتوجه الحكومة هناك فى مراقبة وحظر المال الأجنبى المتدفق إلى جيوب أفراد التنظيم.
إفساد الحياة السياسية
أكدت الإعلامية التونسية ليلى الجلاصي، أن التمويل الأجنبى للجمعيات التونسية مشكلة عويصة، تندرج ضمن العوائق الأساسية التى تمنع إرساء حياة سياسية شفافة، وتعطى فيها الفرص بالتساوى أمام مختلف الأحزاب.
وقالت إن القانون التونسى لا يمنع التمويل الأجنبى على الجمعيات فى حين أنه يمنعه عن الأحزاب، وهو ما جعل هذه الأخيرة تؤسس جمعيات تابعة لها، تحظى بالدعم الخارجى الذى ينتهى فى خاتمة المطاف فى خزينتها، أى فى خزينة الأحزاب.
وأضافت، أن محكمة المحاسبات فطنت ضمن تقريرها الأخير إلى تجاوزات كثيرة ارتكبتها الجمعيات، من خلال حصولها على تمويلات ضخمة، نجحت فى مراوغة البنك المركزى والمؤسسات الساهرة على التعاون الخارجي، نظرا لافتقادهما آليات رقابية ناجعة، وبسبب عدم التنسيق فيما بينهما.
وتابعت الكاتبة التونسية، أن متابعة الحزب الدستورى الحر الموضوع كشفت عن تورط العديد من الجمعيات، القطرية بالخصوص، والناشطة فى تونس فى تدفق أموال هائلة تحت عنوان أعمال خيرية، لكنها فى الحقيقة تعمل لفائدة حزب الإخوان فى تونس حسب ما يؤكده الحزب الدستورى الحر، وهو ما يفسر اعتصامه أمام مقر هيئة علماء المسلمين بالعاصمة التونسية منذ أربعة أشهر دون انقطاع على خلفية تورط هذه الجمعية والتنظيمات المرتبطة بها فى إفساد الحياة السياسية ومحاولة تقويض أسس المجتمع التونسي.
وتعليقًا منها على خطوة الرئيس التونسي، قالت: «فى هذا السياق يأتى إعلان رئيس الدولة عن نيته إصدار مرسوم يمنع التمويل الأجنبى للجمعيات، كما جاء ذلك على لسانه، إلا أن ملخص البيان المكتوب الذى أصدرته رئاسة الجمهورية فى ذات الموضوع تحدث عن مراقبة التمويل الأجنبى وليس منعه نهائيًا، وهو تعديل لموقف الرئيس من الموضوع، تجاوبًا مع احتجاج المجتمع المدنى والأحزاب ومختلف المنظمات على التوجه نحو المنع، باعتبار أن كل الجمعيات فى حاجة إلى دعم مالى خارجي، شرط أن يكون مراقبًا، وعبر مسالك شفافة».
ولفتت «الجلاصي» إلى أن حركة النهضة الإخوانية هى المستفيد الأكبر من الغموض السائد فى مجال التمويل الأجنبي، من خلال أخطبوطها الجمعياتى التى حرصت على تكوينه منذ العام ٢٠١١.
وحول ضرورة صدور المرسوم تساءلت الإعلامية التونسية: «متى سيصدر هذا المرسوم الرئاسى القاضى بمراقبة التمويل الأجنبى، وهل ستتعزز آليات الرقابة فى المؤسسات المعنية، وهل ستنجح فى التنسيق بينها لقطع الطريق أمام التجاوزات، ذلك لا يعلمه إلا الله وقيس سعيد، الرئيس التونسي؟»
تحذيرات سابقة 
وقادت رئيسة حزب الدستور الحر التونسى، عبير موسي، طوال الأشهر الماضية، مبادرة لحث الحكومة التونسية على الانتباه للمنظمات المشبوهة التى تضخ تمويلات أجنبية وتتعامل مباشرة مع طلاب الجامعة، ما يعزز الاختراقات الداخلية ويضع الشباب فريسة فى يد الجماعات الدينية المتطرفة التى تعمل لصالح تلك المنظمات والجمعيات المشبوهة.
وفى وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي، ديسمبر الماضي، هتفت «موسي» وسط أنصار وأعضاء حزب الدستور الحر بأن «الجامعة التونسية ليست إخوانية»، مشيرة إلى توغل عدد من الجمعيات المشبوهة فى تجنيد الطلبة التونسيين.
وقالت «موسي» إن منظمات دولية مصنفة بأنها ذات علاقة بالإرهاب تضخ مليارات الأموال إلى تونس تحت مسمى مصاريف إدارية وكفالات اجتماعية. وطالبت بمصادرة أموال هذه الجمعيات والمنظمات وفتح تحقيقات فى تمويلها للإرهاب ولجماعة الإخوان.
وأضافت رئيسة الحزب أن بصفتها شخصية سياسية مستهدفة بالتصفية مع قيادات من حزبها نظرًا لوقفته الحازمة ضد التنظيمات الظلامية الدولية المتغلغلة فى بلادنا، حيث طالبت بكشف تفاصيل المكالمة الهاتفية التى تحدث عنها رئيس الجمهورية التونسية، وكشف الإجراءات التى يجب أن تتخذها الدولة لدرء الخطر.