البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

وسائل التواصل الاجتماعي بين الحرية والمسؤولية والالتزام الأخلاقي

لم يعد الإنترنت بعد ظهور الجيل الثاني من شبكات المعلومات العالمية "Web 2" بما تتيحه من إمكانيات تكنولوجية، وتتمتع به من تقنيات اتصالية هائلة؛ مجرد وسيلة للتلقي السلبي للأخبار والمعلومات، وإنما تجاوز ذلك ليصبح وسيلة تفاعلية تقدم مفهومًا جديدًا أكثر حداثة وتطورًا للعملية الاتصالية؛ إذ انتقلت بالجمهور وهو أحد أركان هذه العملية خارج إطار دور التلقي السلبي والمشاركة المحدودة في الدوائر الاتصالية التي تتم عبر وسائل الإعلام التقليدية؛ انتقلت به إلي صناعة وإنتاج المضمون الاتصالي وتقديمه عبر قنوات ووسائل إعلامية جديدة تخضع بدرجة كبيرة إلي السيطرة الفردية؛ وبذلك تطور مفهوم الجمهور ليصبح هو محور العملية الاتصالية عبر وسائل الإعلام الاجتماعية؛ فتارة يكون قائمًا بالاتصال، وتارة أخري يكون متلقيًا نشطًا.
غير أن تناول هذا الجمهور للظواهر الإجتماعية لابد أن يعكس التزامه ومسئوليته وحرصه على الصالح العام، وهو ما يمنحه القدرة علي التغيير والبناء والتطوير، أما إذا تجاوز هذا التناول حدود الالتزام، وارتبط بتحقيق أهواءً شخصية ومصالح ذاتية تبتعد عن الصالح العام فان وسائل الاعلام الاجتماعية في هذه الحالة تكون أداة للهدم وإشعال الفتن وهو ما يهدد بقاء المجتمع واستقراره، ومن هنا يبرز التحدي الذي يواجهه مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية بوجه عام والفيس بوك بوجه خاص - رغم عدم مهنيتهم - في تحقيق التوازن بين استغلال ما تتيحه لهم الوسيلة التفاعلية من حرية  وما يُفرض عليهم من مسئولية فردية تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه.
وفي هذا الإطار، تشير التأثيرات الاجتماعية لمواقع  الشبكات الاجتماعية إلى تلك التأثيرات التي تتعرض لها بنية المجتمع نتيجة استخدام أفراده لهذه المواقع، وتمتد هذه التاثيرات لتشمل كافة عناصر ومكونات البنية الاجتماعية، والتي تتمثل في: أنساق العلاقات الاجتماعية والأسرية، والأدوار والضوابط الاجتماعية، والهوية الاجتماعية، وأنماط السلوك الاجتماعي، فضلا عن عناصر ومكونات رأس المال الاجتماعي.
وإذا كانت وسائل الإعلام الجديدة تمثل ساحات للحوار الديمقراطي الحر، وفي ظل عدم مهنية واحتراف جمهور مستخدمي هذه الوسائل، يبرز التحدي الخطير الذي يواجهها؛ إذ أن اتساع نطاق الحرية في ظل انخفاض الوعي الإعلامي يجعل من وسائل الإعلام الجديدة سلاحًا خطيرًا قد يثير الفتن والاضطرابات التي تدمر المجتمع، وعلي العكس فزيادة هذا الوعي من شأنه أن يجعل من تلك الوسائل أداة للبناء والتطوير في مختلف المجالات ومنها الاجتماعي. 
وفي ضوء ما سبق، تبرز الحاجة إلي التربية من أجل الاستخدام الأفضل لوسائل الإعلام الجديدة، وهو ما يجعل من الحرية والإمكانات التي تتيحها هذه الوسائل عاملًا، مؤكدًا لمسئولياتها الاجتماعية، ويضاف إلي ما سبق ضرورة تنمية وعي مستخدمي وسائل الإعلام الجديدة بمفهوم حرية التعبير وبأرقي الأساليب لاستخدامها، حتي وان كانت أساليب ساخرة، بما يضمن الابتعاد عن أي تجاوز للقيم والأخلاقيات الأصيلة التي يجب التمسك بها، وهو ما يساهم في تعظيم دور وسائل الإعلام الاجتماعية في تحقيق الإصلاح الاجتماعي المنشود.
كما تبرز الحاجة إلي توعية مستخدمي وسائل الإعلام الاجتماعية بطبيعة هذه الوسائل، وبسمات ما تتيحه لهم من مجال عام، وفي جميع الأحوال فإن كل مستخدم لمواقع الشبكات الاجتماعية يستطيع أن يعبر عن أرائه ووجهات نظره عبر هذه المواقع بحرية تامة، وهذا ما يؤكد علي الحاجة إلي التربية من أجل استخدام أفضل لوسائل الإعلام الاجتماعية من خلال تنمية قدرة مستخدمي هذه الوسائل علي التعبير بأرقي الأساليب، بما يضمن الابتعاد عن أي تجاوز للقيم والأخلاقيات الأصيلة التي يجب التمسك بها.
ولكي تتحقق أهداف التربية من أجل استخدام أفضل لمواقع الشبكات الاجتماعية ولشبكة الإنترنت بوجه عام ينبغي أن تلتفت المؤسسات التعليمية في مصر إلي تخصيص مقررات دراسية تتناول هذه المواقع بخصائصها واستخداماتها المختلفة لتكون أداة فعالة للارتقاء بثقافة الحوار الذي يقوم علي قبول واحترام الآخر.