البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

عن الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ !!

* تتعدد جرائم الخطاب الدينى التراثى وقد أحصينا أكثر من  30 من تلك الجرائم فى مقالين سابقين  متوفرين على موقع صحيفة البوابة، الأول كان  بعنوان (جرائم الخطاب الدينى التراثى) ثم اتبعناه بمقالنا المعنون ( من خطايا الخطاب الدينى التراثى).

*واليوم نستعرض أحدها بتفصيل وتوضيح وهى جريمة الاجتزاء والعبث بسياقات الآيات القرآنية  لاختراع دين بشرى من تصورات المفسرين السابقين وقيمهم الثقافية.

*  فمن ٱبشع الجرائم التى ارتكبت بحق كلام الله بحق المصحف  هو اجتزاء سياق الآيات وقسمت مالا تجوز قسمته من السياقات القرآنية  بهدف إخضاع النص للمزاج الشخصي وإخضاعه للتأويل المشبوه وأخرجه عن هدفه وتغيير معنى الآيات ومسارها ومدارها والعبث بالمقصود منها، وهو نوع من العبث الشديد بآيات الله وتضييع مقاصدها والضغط عليها لاستخراج معاني ليست فيها أصلا وتحميل النص مالا يحتمل  وذلك حسب الأهواء الشخصية للمفسر طبعا وحسب ثقافة عصره وحسب قيم مجتمعه ولقد عاب ربى على هؤلاء المقتسمين لآياته والذين جعلوا القرآن(عضين) أى( قسمة مالايجوز قسمته) فيفسد الشئ تماما كأن يختلف اثنان على موبيل فتقسمه بينهما او تقسم سيارة بين شخصين لترضيهما  فيفسد القسمان معا ولايستفيد أحد بشئ.

* ولقد تعامل المفسرون القدماء مع آيات الله دونما احترام للسياق العام للسورة والسياق العام للآيات واجتزأوا وقصوا وقسموا وضيعوا المعنى الربانى وألفوا معانى بشرية لا تحتملها الآيات ولم تقل بها أصلا.  

* قال تعالى (كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90)الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (93)الحجر.

* وقد تعددت حالات الاستقسام فى التعامل مع آيات المصحف من قبل المفسرين ومن أشهر حالات الاستقسام وجعل القرآن عضين أي أجزاء مقسمة لافائدة منها سنكتفى فى هذا المقال بحالتين شهيرتين حاله تفسير سورة النساء الأية 3 وحالة تفسير سورة المدثر الآية 43.

* أولا: الأية 3 من سورة النساء التى قسموها واجتزأوها من سياق السورة العام ومن سياق الآية نفسها والتى لم تبدأ هكذا ( مثنى وثلاث ورباع)و التى جعلوا منها ايه للزواج وللتعددية الزوجية  وأية فى خدمة الأزواج  وآية لتهديد الزوجات وارعابهن بينما هى أية وردت ضمن تفصيل أحد محكمات الدين وهو محكم الاقساط فى اليتامى ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالزواج الذى هو محكم فى كتاب الله وله آيات خاصة به تفسره.

*وتعالوا إلى السياق فى سوره النساء من بدايتها والتى يأمرنا الله بالتقوى وإتقاء الوقوع فى المحرمات فى الآية 1 من سوره النساء ثم يفصل محكم وهو الاقساط فى اليتامى وهو المحرم رقم 5 من المحرمات ال 9 فى الصراط المستقيم ويأمرنا الله أن نعطى اليتامى حقهم ثم يرخص للمقسطين الذين يخشون ألا يكون اقساطهم كامل شامل فى يتامى ما ويتشددون فى اقساطهم ولايكتفون بالرعاية الاقتصادية لهم ويريدون شمولهم بالرعاية الاجتماعية أيضا وذلك  بضم اليتامى لعيالهم فسيضطرون حتما لزواج أمهم الارملة  فيرخص لهم الله  بالاقساط مرتين او ثلاثة أو أربعة  وينصحهم  بعمله مرة واحده كحد اقصى فقط حتى لايقعوا فى العول ( كثرة العيال وقلة الرزق) ولأنه يستحيل العدل من طرف المقسط بين اليتامى  وعياله.

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا) (3) النساء

*والمخاطب فى الآية 3 من سورة النساء فى (رخصة الاقساط) فى المصحف، ليس كل المؤمنين فقط وليس كل المتزوجين من المؤمنين فقط وليس كل المقسطين من المؤمنين المتزوجين فقط هم جزء شاذ جدا من (المؤمنين المتزوجين المقسطين اصلا ) والذين يظنون أن إاساطهم مهما صنعوا  فى اليتامى ناقص وغير كامل) وأنه لا تكفى الرعاية المادية للأيتام وأنه لا بد من الرعاية (الكاملة) لهم وعليه لا بد أن يضمهم لعياله فيضطر لزواج الأرملة أو الأرمل، لماذا نصحهم الله بعدم التوسع فى استخدام رخصته سوى مرة واحدة فقط وبعدم تكرار مرات الإقساط رغم الترخيص لهم بأربع مرات؟
ويمكن الرجوع لمقالنا المعنون ( مثنى وثلاث ورباع) المتوفر على موقع صحيفة البوابة. 

* ثانيا سورة المدثر واستقسامها  وماوظفت فيه، فقد جعلوا من آية سياقها العام منذ بداية السورة يتحدث عن الكافرين ويتحدث عن الملحدين، قاطعى الصلة بالله الذى يسميهم القرآن المجرمين، ويخص نوع حصرى من الملحدين وهو الملحد الذي لايصنع خيرا ابدا، (وكل الملحدين فى النار طبعا) لكن هناك (سجين) وهناك( سقر) وعند ربى موازين القسط

* والآية تتحدث عن ساكنى( سقر) فقط وحصرا ( ملحد+ لايصنع الخير ابدا) فجعلوها آية المخاطب فيها المسلمين المؤمنين الذين يتركون صلاة الظهر أو يتقاعسون عن صلاة العصر أو لايصلون الفجر مثلا أحيانا  وهذا عجيب فأخرجوا السورة من مدارها واجتزأوا الآيات من موضوعها وغيروا الفئة المخاطبة فضاع الموضوع كله وفسد المعنى وتم تشويهه فيقول لك التراثى ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) فيرعبك ويرهبك ولو رجعنا للخلف قليلا سنجد الآية رقم 41 فى سورة المدثر  تقول👈 (عن المجرمين)وإذا أكملناا السياق سنجد الاية رقم 46 تقول  👈وكنا نكذب بيوم الدين، أى ملحدون  إذن الآية تتحدث عن الملحدين ( المجرمين) قاطعى  الصلة بالله المكذبين بيوم القيامة والحساب، فالملحد فى عربيتنا هو المجرم فى عربية القرآن والآية تتحدث عن المجرمين ولا تتحدث عن المسلمين.
ولو أمعنا النظر أكثر وأكثر سنجد الآية تتحدث عن نوع من الملحدين وليس كل الملحدين فهى تحدد ملحد ولا يصنع خيرا نهائيا (لم نكن نطعم  المسكين) وعليه فهمنا أن هذا النوع من الملحدين سيكون فى سقر، أى أن سقر معدة للملحد الذى لايصنع خيرا، أما الملحد الذى يصنع خيرا فسيكون فى سجين ربى دقيق وعادل وعنده موازين القسط لنذهب للسياق نجد أن أصحاب اليمين يتساءلون عن أصحاب الشمال والآية تقول المجرمين باللفظ

إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) 👈عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ (47)

والآية لم يفهمها السابقون لأن التفسير التراثى لم يفرق بين المصلين ومقيمى الصلاة، وتعامل مع عربيه القرآن وفق الترادف فعجن الدلالات الدقيقة لألفاظ المصحف، ربى دقيق للغاية وعربيته مبينة، المصلين من الاتصال بالله وهم مجموع المسلمين الموحدين، أما مقيمى الصلاة الحركية فهذا شئ آخر  ولا علاقة بين الآية والمسلم تارك صلاة العصر لأو المغرب أو.
كذلك لم يدرك المفسرون دقة دلالة عربية القرآن وتحديده لدلالة كل لفظ ومعناه (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) (35)القلم وفهمنا منها أن المجرمين عكس المسلمين، وأن المسلمين هم المتصلون بالله والمسلمون له وان المجرمين هم قاطعى الصلة بالله اى الملحدون فى لغتنا .
*لقد جعلوا القرآن (عضين) هانم قسموا مالاتجوز قسمته قطعوا السياق والنظم فضاع المقصود من الاية، لم نكن من المصلين،، ووقفوا ولم يكملوا قال تعالى (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) الحجر

السياق من بدايته  يتحدث ربى عن نوع من البشر وهذا النوع  (عبس وبسر) عبس اى اهمل الرسالة الدينية وبسر تعنى بسرعة وقبل ان يسمعها حتى  ثم (ادبر) ولم يكتفى بالادبار  بل (استكبر)، أيضا وقال على دين ربى (انه مجرد سحر يعد ) يقول ربى عن حساب هذا النوع من البشر  سأصليه سقر لنقرأ الآيات.
قال تعالى (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) المدثر.