البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

إسحاق الباجوشي يكتب: عيد الميلاد عطية الله للبشرية وبلادنا المصرية

إسحاق إبراهيم الباجوشي
إسحاق إبراهيم الباجوشي

ماهية الميلاد، ولماذا ميلاد؟ وما هى رسالته؟

فى البداية يجب أن نعرف أن للمسيح ميلادين وبنوتين وتلخصتا في بضعة آيات:

الولادة الأولى، والبنوة الأولى: ولادته من الآب كونه ابن حيث جاء فى بدء إنجيل يوحنا: «فى البدء (أى في الأزل) كان الكلمة (أى اللوغوس)»، وبنوة المسيح للآب أزلية بكونه من طبيعته وجوهره وواحدًا معه ووضحت بنوته هذه فى بشارة الملاك غبريال للعذراء بقوله: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك والمولود منك قدوس يدعى ابن الله».

أما الولادة الزمنية وبنوته لمريم بحسب الجسد: ولدته العذراء بحسب قول الملاك للرعاة "ولد لكم اليوم فى بيت لحم مخلص هو المسيح الرب" وأخذ ناسوته منها.

ولقد ناقش الأنبا ساويرس بن المقفع «القرن 10» الميلادين فى كتابيه «الدر الثمين فى إيضاح الأعتقاد فى الدين»، و«الإيضاح» حيث تناولهما بالتفصيل شرحًا وردًا ومترجمًا من أقوال وتعاليم الآباء الأولين فى الباب الثاني والثالث من الأول، والمقالة الثانية من الثانى، وكذلك فى اعماله الأخرى، وانتقد بشدة جهل بعض الأقباط فى بعض المناطق بعقيدو التجسد.

ويقول الأنبا بولس البوشىّ أسقف مصر «يلقبه البعض بأثناسيوس الذي كتب بالعربية» (القرن 13):

«اللهُ جوّادٌ متفضّلٌ لم يزل فى جوهريته، كما يليقُ بصلاحه. بل، أظهرَ التفضّلَ بالفعلِ، لمّا خلق البَريّة؛ ليس لحاجةٍ منه إليها، بل تفضّلًا منه عليها. ومن العدمِ إلى الوجودِ أحضرها، وهيّأ لها ما تحتاج إليه، لكرمه وجوده، ليُعرف أنّه متفضلٌ منّانٌ. وهكذا، تعاهد البَريّةَ بالخلاصِ، ليس لحاجةٍ منه إلى التّجسّد، بل تفضّلًا منه عليها».

ويكمل الصفي بن العسال لاهوتى قبطى من القرن 13: «والدّليل على وجوب الاتّحاد أنّ البارئ تعالى هو أفضل الجائدين، وأفضلُ الجائدين هو الجائد بأفضل الذّوات، وأفضل الذّوات ذاتُ البارئ. فلَزِمَ جودُ البارئ بذاته علينا، وهذا كان باتّصاله بنا. ودليلٌ ثانٍ، وهو اتّصاله بنا مُمكنٌ. لأنّ المانعَ من الاتّصال المُضادةُ. والخالق ليس هو ضدّ مخلوقاته، إذ الضّدُ يُعدمُ ضدُّه، لا يُجِدُه! وقد قال فى التّوراة إنّه يخلق الإنسانَ بشبهه، والمشابهة مقَّربة للاتّصال. وإذا كان اتّصالُه بنا مُمكنًا، وكان لنا فيه غايةُ الشرف، وله فيه كمال الجود، فلا يمنعه إلاّ العجزُ أو البخلُ. وهما من صفات النّقص، فهو يتعالى عنهما. فيجب اتّصالُه بنا».

أما جرجس بن المكين اللاهوتى «ق 14» فى كتابه «مختصر البيان فى تحقيق الإيمان» الموسوم بـ«الحاوى» يشير إلى حتمية وضرورة التجسد للاتحاد بالباري وأنه لا محالة، وهو من فضل الله الجواد المُحب وأن جوده من جوهره، ويقتبس من مقالة القديس أثناسيوس الثانية ضد الأريوسيين الفقرة «75- 76»، ويشير أن الله أظهر كمال جوده فى هذا السر العجيب، وهو السر المكتوم منذ الدهور فى الله فجوده بالتجسد الحتمي هو من ذاته وليس عرضًا عليه تعالى.

وهناك العديد من النبوات التي وردت في العهد القديم «التوراة والنبوات» عن الرب يسوع وتجسده وميلاده منها فى أشعياء: «وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ (عِمَّانُوئِيلَ)». «إش 7: 14»، «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ». (إش 9: 6)، في ميخا «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ»، والرموز والاشارات الخاصة بهذا الميلاد البتولى الفائق المعجزي، العليقة فى سيناء، المَن فى البرية، ثم في رؤيا دانيال حجر قطع بغير يد إنسان، وليس فى العهد القديم بل فى شتى الحضارات هناك إشارة لأن القديس بولس الرسول يقول: «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِى هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِى ابْنِهِ، الَّذِى جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِى بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ، الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ». (عب 1: 1- 3).

أما عن رسالة الميلاد هي: «رسالة الحُب من الله المُحب للبشر ورسالة السلام من رئيس السلام، رسالة العطاء لأنه أعطى للبشرية ذاته، والتجسد هو أعظم سر فزرع المحبة والسلام فى البشرية كلها، ولأجل الخلاص لذا يٌسمى يسوع أي المخلص، وهو ما انتظرته الشعوب والأمم جميعًا».

ارتبط الميلاد بحيوانات الحمار والثور والحملان

الحمار والثور في نبوة إشعياء يعرفان مالم يعرفه إسرائيل، ومالم تفهمه حينذاك، وورد فى صلاة حبقوق النبى (3: 2): «يا رب سمعت صوتك فخفت. تأملت أعمالك فبهت. يعرفونك فى وسط حيوانين عندما تدخل السنين يعرفونك عندما يأتى الزمان تظهر»، فشوهد المسيح مولود فى مزود بين حيوانين، الأول لا يقدم أبدًا ذبيحة، والثاني لا يُعبر قط عن فصح، وبشارة الملاك للرعاة المتبدين لحراسة قطعان الحملان أتوا لينظرو الحمل الحقيقى بين الحيوانين لينظروا مولود وملك بيت لحم يظهر بعد السنين كما أشار بولس الرسول بقوله: «فى ملء الزمان»، وكما شهد عنه يوحنا المعمدان «حمل الله» ويوحنا الحبيب «الخروف القائم».

مصر وارتباطها بأحداث ميلاد السيد المسيح

حسب المفهوم التوراتي حدثت بعض الأمور المرتبطة بخروج بني إسرائيل من مصر، حيث جاء إن إسرائيل فى خروجهم من مصر قُتل أبكار المصريين وإسرئيل كان رمز بطُل بوجود إسرائيل الحقيقى المرموز إليه وهو السيد المسيح فعندما جاء إلى لمصر هربًا من بطش هيرودس واتمامًا للنبوات قتل هيرودس أطفال بيت لحم «أى أبكارهم» وهنا خص الله مصر بهذه البركة وهى بركة وجوده فيها ومباركة أرضها وشعبها فيقول من مصر دعوت ابنى.. ومبارك شعبى مصر، فصار شعب مصر شعب الله.

تعامل الله مع مصر بصورة خاصة دون سائر البلدان والأمم من حيث معرفتهم القديمة وفكرهم عن الله، وكذلك المصالحة الأولى بين الله والبشرية تمت بمصالحته للمصريين ومجيئه إليهم متجسدًا.