البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

عاصم حفني: مواجهة التطرف والعنف تتطلب مشروعًا فكريًا تنويريًا

د. عاصم حفني، أستاذ
د. عاصم حفني، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر

أكد الدكتور عاصم حفني، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر بألمانيا، أن ترسيخ التفكير النقدي والقيم الإنسانية المتمثلة في الخير تتطلب مشروعًا فكريًا تنويريًا.

وأشاد "حفني" خلال تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" بإجابة الرئيس عبد الفتاح السيسي على أسئلة أبطال احتفالية "قادرون باختلاف" وبرده على سؤال الشخصية التاريخية المفضلة، والتي اختار فيها شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء كأفضل الشخصيات بالنسبة له، حيث وصفهم الرئيس بـ"الرحماء والطيبين والقادرين والفاهمين" وأنهم قدموا مثلا جميلا للإسلام والمسلمين، مؤكدا أنه يعادي التطرف والغلو والإرهاب.

الرئيس السيسي مع أبطال "قادرون باختلاف"

وقال أستاذ الدراسات الإسلامية: إن احتفالية "قادرون باختلاف" بادرة جيدة تُعطى لذوي الاحتياجات الخاصة إحساسًا بالمساواة، وبدورها هذه المساواة تؤدى لمكافحة الأفكار السيئة الموجودة بالمجتمع والداعمة لأفكار التطرف والعنف، فالشعور بالمساواة أول درجات الاندماج والشعور بالانتماء لهذا الوطن.

وتابع "حفني"، أن إجابة الرئيس عن أهم شخصية تاريخية له، كانت إجابة عفوية، لكنها تحتاج إلى دراسة متأنية من قبل المتابعين لاستخراج الدروس المستفادة، لأنها إجابة تعكس شعور الرئيس كإنسان ثم كقائد ثم كشخص صاحب خبرة، خاصة في الظروف الصعبة التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة.

ولفت "حفني" إلى أن الصفات التي ذكرها الرئيس للنبي الكريم وصحابته الأجلاء يُمكن تناولها كمشروع تنويري إذا أردنا أن نحييها أو نرسخها في المجتمع، وذلك من خلال قراءة التاريخ وانتقاء الصورة والقدوة.

وأوضح "حفني" أن بناء مشروع تنويري يمكن أن نتصور من خلاله كيف يكون الإنسان؟ وكيف يكون المجتمع؟ وكيف يمكن أن تكون الدولة؟ مستفيدين من أهم الصفات التي ذكرها الرئيس حول الصحابة، حيث كانوا طيبين وفاهمين وقادرين، وركز أنه يكره عكس هذه الصفات مثل التطرف والغلو والتشدد، وقد حذر النبي من ذلك في قوله "إياكم والغلو في الدين فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".

وأشار إلى أن الصفات المطلوب تواجدها في الشخصية المصرية هي أساس قيم التنوير التي قامت عليها الحضارة الغربية، وأن هذه القيم تقول بضرورة أن يحكم الإنسان بعقله وبالتجربة البشرية على الجيد والفاسد والضار والنافع، لذا فنحن نريد أن نخلق شخصية قادرة على التفكير النقدي، يقرأ التاريخ والتراث بنظرة ثاقبة ويستطيع أن يختار المناسب له من خلال تفكيره وعقله، وهذا يتطلب أن يكون هناك مشروع فكري ومناهج دراسية تتغير نحو مناهج نقدية ومواد تدرس حول القيم الإنسانية.

وشرح "حفني": لو ركزنا على الصفات التي وصف بها الرئيس الصحابة، فكلمة "طيبين" بمعنى أنه يركز على الصفات الإنسانية المتمثلة في قيم الخير، وكلمة "فاهمين" من الفهم وهي التي ترسخ لقيم العقل الذي يمتلك الحكم على الأشياء من واقع الخبرة والتجربة، وكلمة "قادرين" تعني القدرة على فعل شيء أو بمعنى القوة، وتشمل كل أنواع القوة سواء كانت قوة مادية أو علمية أو تكنولوجية أو اقتصادية أو عسكرية، فإن لم تكن قادرا فلا يمكن أن يكون لك صوت ولن تستطيع أن تكون فاعلا، ولا تستطيع أن تختار الخير، ولن تكون طيبا إلا إذا كنت تستطيع أن تكون شريرا لكنك اخترت قيمة الخير، لذا فالربط بين الطيبة والقدرة والفهم ربطًا مناسبًا فهي قيم تصنع إنسانًا قادرا على اختيار الأصلح بحرية الإرادة.

واختتم قائلا: لا يمكن اختزال هذه القيم والمعاني في الشكل الوعظي وفي الخطابة، بل يجب أن يتم تفعيلها في المناهج الدراسية، تصاحب الطلاب من السنوات الدراسية الأولى وصولا إلى الدراسة الجامعية، فالإنسان القادر على التفكير والاختيار ينجو من فخ التقليد والشعور بالعزلة والهزيمة وكذلك ينجو من الغلو والتطرف الذي يقود إلى الإرهاب، لنتمكن في النهاية من قراءة تراثنا الديني والتاريخي قراءة عقلية نقدية بما يخدم مصالحنا الدنيوية والأخروية، فإن الطريق الى الآخرة يمر بإعمار الدنيا.