البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

آبي أحمد يستعد للفرار.. رئيس الوزراء الإثيوبي يقاتل في الخطوط الأمامية.. ويغطى على كوارثه بالاعتداء على السودان.. وزير المالية الإثيوبى: الحكومة عاجزة عن تحمل تكلفة الحرب

البوابة نيوز

ارتبطت إثيوبيا طوال الأيام الماضية، بخبرين مهمين، الأول تسابق مختلف دول العالم في إصدار تحذيرات لرعاياها في أديس أبابا، بسبب تنامي المخاطر الأمنية، جراء تصاعد الصراع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيجراي، والثاني هو ذهاب رئيس الوزراء آبي أحمد، إلى الخطوط الأمامية للقتال ضد الجبهة التي باتت على مقربة من أديس أبابا.

وتصاعدت المخاوف جراء المواجهات المسلحة بين تيجراي وقوات أبي أحمد، مصحوبا بمناشدات دولية بضرورة جلوس الأطراف على طاولة المفاوضات، ووقف إطلاق النار، في محاولة لمنع دخول البلاد في أتون حرب أهلية ولإفساح المجال لدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تفاقمت فيها المجاعة وأمراض سوء التغذية لاسيما إقليم تيجراي شمال البلاد.

رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد

يأتي ذلك في الوقت الذي حاول فيه أبي أحمد صرف أنظار العالم، عن المعركة الدائرة داخل بلاده بتجديد الاعتداء على الأراضي السودانية، حيث توغل الجيش الإثيوبي إلى ١٧ كم في منطقة الفشقة الصغرى بولاية القضارف شرق السودان، وأسفر ذلك عن استشهاد وإصابة العشرات من الجنود السودانيين.

وظهر أبي أحمد، في لقطات بثتها وسائل الإعلام الإثيوبية، في محاولة للرد على التكهنات بأنه لن ينفذ وعده بالذهاب إلى الخطوط الأمامية، خاصة مع إعلانه مساء الاثنين ٢٣ نوفمبر، ذهابه للقتال بنفسه، وغاب عن الأنظار حتى الجمعة الماضية، ما فتح الباب للتشكيك في حقيقة تنفيذ وعده بالذهاب إلى الحرب التي أغرق بلاده فيها.

وفيما يتصل بأثر الحرب الأهلية على الاقتصاد الإثيوبي، فقد أكد وزير المالية الإثيوبي أحمد شيد، في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإثيوبية، الضغوط التي تعاني منها الميزانية بسبب الحرب، قائلا "تكلفة الحرب باهظة للغاية، حتى الحكومة لا تستطيع تحملها وحدها".

وكانت المالية الإثيوبية أصدرت تقريرا في وقت سابق، أوضحت فيه أن الاقتراض الحكومي من البنك المركزي ارتفع بنسبة ١٦٩.٤٪، مشيرة في تقرير لها، إلى أن مسئولين في وزارة المالية أصدروا قرارًا بإعادة هيكلة الميزانية وخفض الإنفاق حيث استنزفت الحرب في شمال البلاد خزائن الحكومة.

الحرب الأهلية في إثيوبيا

فيما حذرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، من أن هناك ٥ أسباب تؤكد تورط الحكومة الإثيوبية في جرائم الإبادة الجماعية ضد تيجراي، وهي، أولا الترويج لخطاب الكراهية ضد عرقية تيجراي والإشارة إليهم بأنهم "سرطان" و"أعشاب" و"جرذان" و"إرهابيين"، وثانيًا، حشد الحكومة الميليشيات على أساس عرقي وبأجندة عرقية، وسلحتهم ومنحتهم ميزة الإفلات من العقاب، 

وأضافت الصحيفة البريطانية، "ثالثًا، تتبع حكومة أبي أحمد منهج التعتيم بشأن ما يجري بمنع وسائل الإعلام من الوصول إلى تيجراي، ومارست الإرهاب ضد المراسلين الأجانب، ورابعًا، بدأت الحكومة في حملة تطهير عرقي باعتقال واسع للمدنيين من عرقية تيجراي في المناطق التي تسيطر عليها، ففي الأسابيع الأخيرة اعتقلت أكثر من ٣٠ ألف مدني من عرقية التيجراي في أديس أبابا وأعداد غير معروفة في أماكن أخرى"، وأخيرا، فإن المجتمع الدولي منقسم ومربك وغير حاسم، والحكومة لديها حماية في مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا السياق، قال الدكتور ناصر مأمون عيسى، مستشار الشئون الأفريقية في مركز، رع للدراسات الإستراتيجية، إن ذهاب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، للخطوط الأمامية للقتال له عدة دلالات أهمها منح أفراد الجيش الإثيوبي المحطم معنويا، بعض الثقة وحفظ ماء الوجه لأنه السبب في الحرب الأهلية، مشيرا إلى أن اختياره التمركز في البداية في منطقة عفار له عدة أسباب.

الدكتور ناصر مأمون عيسى

وتابع في تصريحات لـ"البوابة" أن سبب بدء أبي أحمد القتال من ولاية عفار يعود لوجود عدد من الأنصار بجانب قربها من ولاية الأمهرة التي سيطرت "تيجراي" على عدد من مدنها، بالإضافة إلى قربها من حدود جيبوتي، حيث يمنحه ذلك فرصة للفرار في حالة تضييق الخناق عليه.

وأضاف مأمون أن هزيمة أبي أحمد في معركته مع التيجراي، سيساهم في تسريع وتيرة انفصال الأقاليم الإثيوبية المختلفة التي من بينها تيجراي وأوجادين والأورومو، إلا أن هناك ضغوطا دولية تسعى لتعطيل أو منع ذلك السيناريو.

وأشار إلى أن نظام أبي أحمد، انهار بالفعل والتدخلات من القوى الدولية خلال الفترة المقبلة سيكون هدفها هو إنقاذ إثيوبيا من الانهيار والتفكك، واتجاهها إلى سيناريو "البلقنة" الذي سيؤدي لتنامي نشاط الحركات الراديكالية في منطقة القرن الأفريقي، ما يمثل تهديدا للمصالح الغربية.

وأكد خبير الشئون الأفريقية، أن دخول جبهة تحرير شعب تيجراي، إلى أديس أبابا، وهو أمر متوقع لن يكون الأمر بالسهولة التي يتصورها البعض، نظرا لأن هناك إرثا قديما بين سكان أديس أبابا والجبهة، بسبب ممارسات الحكومات الإثيوبية السابقة في ظل حكم تيجراي الذي استمر نحو ٣٠ عاما منذ سقوط نظام منجستو أوائل التسعينيات.

وفي السياق نفسه، قال المستشار حامد فارس خبير الشئون الدولية والأفريقية، إن الحل السياسي في إثيوبيا بات أمرا مستحيلا بسبب استمرار الصراع بين الفرقاء الاثيوبيين، خاصة البلاد تنتظر لحظة من أخطر مراحل تاريخها وهي زحف ووصل قوات تيجراي للعاصمة أديس أبابا. 

المستشار حامد فارس

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، يصم أذانه عن النداءات الدولية، التي وصلت في كثير منها للتهديد بفرض عقوبات، بعد ارتكابه الكثير من الجرائم في حق الشعب الإثيوبي، في ظل انفراده بالسلطة وسحق معارضيه، وأصبحت أديس أبابا في عهده مصدرا للفوضى في شرق أفريقيا.

ونوه إلى أن شروط طرفي النزاع في إثيوبيا، صعبة التحقيق حيث طالبت جبهة تيجراي باستقالة أبي أحمد وتشكيل حكومة تضم كافة الأقاليم الإثيوبية، وإجراء انتخابات عامة، فيما أعلن الأخير رفضه، وقف القتال إلا بعد اعتراف جبهة تتجراي بنتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت مؤخرا، وانسحابها من المناطق التي دخلتها في إقليم الأمهرة وعفر.

وتوقعت الدكتورة نجلاء مرعي خبيرة الشئون الأفريقية، هزيمة أبي أحمد، بالرغم من توجه لإدارة جهود الحرب من الخطوط الأمامية، حيث إن سياساته خلال الفترة الماضية جعلته يكتسب العديد من الأعداء الذين يرغبون في زوال حكمه.

وأضافت في تصريحات لـ"البوابة" أن القراءة الخاطئة من جانب رئيس الوزراء الإثيوبي للأوضاع، أوصلت بلاده لطريق مسدود في ظل الإصرار على وضع جبهة تيجراي على قائمة الإرهاب، ما ساهم في تصاعد الصراع بينهما، ما دعا الجيش الأمريكي إلى نشر ٣ سفن حربية وقوات من العمليات الخاصة في جيبوتي، بغرض تقديم المساعدة للسفارة الأمريكية في أديس أبابا، وهو ما يدل على تزايد مخاوف الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحالة الأمنية المتدهورة في إثيوبيا، إلى جانب إجلاء عدد من الدول الأوروبية والمنظمات الدولية رعاياها من أديس أبابا، وهذا يؤكد أنهم على علم باشتعال الاضطرابات واقتراب سقوط نظام آبى أحمد.

الدكتورة نجلاء مرعي

وأشارت الخبيرة في الشئون الأفريقية إلى أن إثيوبيا ترتبط بحدود مع ست دول، وتنامي الاضطرابات فيها يؤثر تأثيرا مباشرا على هذه الدول، ما يمثل تهديدا صريحا لاستقرار منطقة شرق أفريقيا، في ظل معاناة الصومال وجنوب السودان من الفوضى في الوقت الحالي، وقد لجأ مواطنو جوبا إلى منطقة جامبيلا الإثيوبية فرارا من الاضطرابات في بلادهم.