البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مكتبة المعرفة.. «مستقبل الثقافة في مصر»

غلاف كتاب مستقبل
غلاف كتاب مستقبل الثقافة في مصر

تمتلئ المكتبة العربية بآلاف الكتب القيمة والرائعة ذات القيمة المعرفية الثابتة والمعلوماتية الثمينة، شملت كافة أنواع الكتابة الدينية والتاريخية والتوثيقية وغيرهم من كتابات عديدة متنوعة.

وخلال تلك السلسلة التي تحمل عنوان "مكتبة المعرفة" تركز "البوابة نيوز" في كل حلقة على كتاب له قيمة تاريخية معرفية سواء لمحتواه أو كاتبه، وتحمل الحلقة الثانية كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" للكاتب الراحل طه حسين، الذي صدر سنة 1938.

يقول طه حسين في مقدمة الكتاب: "أغراني بإملاء هذا الكتاب أمران: أحدهما ما كان من إمضاء المعاهدة بيننا وبين الإنجليز في لندرة، ومن إمضاء الاتفاق بيننا وبين أوروبا في منترو، ومن فوز مصر بجزءٍ عظيم من أملها في تحقيق استقلالها الخارجي وسيادتها الداخلية، والأمر الثاني أن وزارة المعارف ندبتني لتمثيلها في مؤتمر اللجان الوطنية للتعاون الفكري، الذي عُقد في باريس في صيف السنة الماضية، وأن الجامعة ندبتني لتمثيلها في مؤتمر التعليم العالي الذي عُقد في باريس في صيف ذلك العام أيضًا. وقد شهدت هذين المؤتمرين، واشتركت فيما كان فيهما من حوار، وشهدت مؤتمرات أخرى عُقدت في باريس أثناء ذلك الصيف، حتى قضيت شهرًا أو نحو شهر أشبه شيءٍ بالطالب الذي يختلف إلى الدروس والمحاضرات في مواظبةٍ ونظام".

وعن الصحافة والسينما والراديو يقول: ( وسيدهش القارئ حين يراني أطالب بشيءٍ من تقييد الحرية بعد أن طالبت الآن بإطلاقها، وذلك حين أتحدث عن هذه الأدوات الحديثة التي استكشفها العلم وابتكرتها الحضارة واتخذتها وسيلة إلى الإذاعة والتغلغل في طبقات الناس إلى أبعد حدٍّ ممكن، وأنا إنما أريد الحديث عن الصحافة والسينما والراديو، وإذا طالبت بأن تحد حرية هذه الأدوات بعض الشيء فإني لا أريد أن تكون إدارة الأمن العام أو إدارة المطبوعات هي التي تقيد هذه الحرية، وإنما أريد أن تنظم هيئات من المثقفين تشرف من بعيدٍ على حياة هذه الأدوات الثلاث.

وواضح أن هذه الهيئات لن تكون غريبة عن هذه الأدوات، فنقابة الصحافة هي التي ستشرف على حياة الصحافة وهي التي ستوجهها وهي التي ستردها إلى القصد إن جارت عنه وإلى الخير إن تنكَّبت طريقه، وقُل مثل ذلك في لجنة الراديو، أما السينما فله قصة أخرى لأنه يأتينا من الخارج، والطارئ علينا منه أكثر جدًّا من الذي نستحدثه في بلادنا، وإذا كانت أوروبا نفسها على حريتها تشكو من خطره على الذوق والخلق، فأحرى بنا أن نحتاط منه للذوق والخلق، وأن نراقبه مراقبة دقيقة وألا نبيح عرضه إلا إذا وجدنا منه الخير وأَمِنَّا شرَّه على أقل تقدير، والمهم أن يكون أمر ذلك إلى هيئةٍ مثقفة ترتفع عن التحكم والجور وتتنزه عن الرجعية والجمود)

وعن خطر السينما على التمثيل قال طه حسين: ( والتشديد على السينما في مصر واجب بنوعٍ خاص لسببٍ قد يظهر غريبًا بعض الشيء، ولكنه واضح إذا فكرت فيه تفكيرًا يسيرًا، فليس السينما خطرًا على الذوق والخلق والكتاب فحسب، ولكنه خطر على فن ناشئ في مصر ونحن حراص على أن نقويه وننميه؛ لأن تقويته وتنميته إحياء للأدب من ناحيةٍ وترقية صحيحة للذوق من ناحيةٍ أخرى؛ وهو فن التمثيل.

فهذا الفن الطارئ على لغتنا العربية من أقوم الفنون الأدبية وأرقاها وأبلغها أثرًا في إمتاع النفوس وتصفية الأذواق، وهو لا يتجه إلى النظارة وحدهم وإنما يتجه إليهم وإلى القراء أيضًا، وهو لا يكتفي بجمال المنظر وسحره وإنما يضيف إليه الجمال الأدبي في اللفظ والأسلوب والحوار، فله على السينما فضل الفن الرفيع وله على السينما فضل البقاء والصلاح؛ لأنه يراجع ويراجع في أناة ومهل وعلى انفراد، وكل هذا خليق أن يدفعنا إلى إيثاره على السينما؛ لأنه عنصر من عناصر التربية الأدبية والفنية معًا، وقد بذلنا في العناية به جهودًا موفقة، ولم تبخل عليه الدولة بالمال، بل هي تشجعه أكثر جدًّا مما تشجع غيره من فنون الأدب، فلا أقل من أن تحميه بعض الحماية لا أقول بمحاربة السينما، فلا سبيل إلى ذلك ولا خير فيه، ولكن أقول بمراقبته والتحرج في هذه المراقبة )