البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الميتافيرس.. الخديعة الكبرى

في يوم الإثنين 4 أكتوبر الماضي تعرض موقع فيس بوك، والتطبيقات التابعة له واتس آب وإنستجرام لأزمة تسببت في تكبد الشركة خسائر تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، لكن الخسائر الأكبر كانت في أسهم الشركة التي قدرت بعشرات المليارات. 
في ذات الوقت تداولت مواقع أخبارا عن صفقة بيع بيانات مليار ونصف مستخدم للفيس بوك. مما وضع الشركة في مأزق حرج زاد من احتمالات استمرار تعرض الشركة لمزيد من الخسارة.
فقد أكد تقرير نشره موقع العربية على أن الخسائر السوقية الحقيقية لموقع فيس بوك إثر هذه الأزمات بلغت 47 ميار دولار حيث هبطت أسهم الشركة بنحو 4،9% في يوم واحد، لتصبح القيمة السوقية الإجمالية حوالي 920 مليار دولار وخسر مارك نفسه نحو 6 مليارات دولار من ثروته الخاصة.
هذا العطل لم يكن الأزمة الوحيدة التي تواجه الفيس بوك بل سبقته تقارير وشكاوى تقدمت بها فرانسيس هوغن التي كانت تعمل مديرة للمنتجات في الموقع للجنة الأوراق المالية والبورصات ناهيك عن حديثها بذلك لقنوات تليفزيونية وصحف أشهرها وول ستريت جورنال مما دفع المتحدثة باسم البيت الأبيض نفسها إلى القول بأن نمط التنظيم الذاتي ثبت فشله في مثل هذه الشركات العملاقة.
بهذه التصريحات التي اكتملت بالسقوط المروع لقرابة الخمس ساعات والشائعات التي انتشرت حول الصفقة المشبوهة أدرك المسؤولون أنهم وقعوا في أزمة كبيرة وكان الحل بلفتة عبقرية في تحويل انتباه العالم بفكرة ضخمة تهز كيانه. تعتمد هذه الفكرة على الخيال الموجود فعلا لدى الناس مع بعض الحقائق الموجودة. فكان الإعلان عن مشروع ميتافيرس ليثبت مارك للعالم أن شركته لازالت عملاق التواصل الاجتماعي الأكبر كي يستعيد ثقة الناس فيه
وانطلقت جميع الأقلام ووكالات الأنباء في نشر الخبر لتتطوع مئات بل وآلاف الأقلام حول العالم للكتابة حول المشروع الذي سيغير وجه العالم.
وأكثر هؤلاء يسوقون وبالمجان لفيس بوك او "ميتا" الاسم الجديد الذي اختاره مارك لشركته والتي تعتبر مظلة إدارية فقط للمواقع المعروفة فيس بوك وواتس آب وانستجرام
بمعنى أن أسماء تلك التطبيقات لم يتغير لكنه اسم الشركة الأم فقط.
هذا التغيير كان حلاّ جذريا لمسألة انهيار أسهم الشركة في البورصات العالمية حيث عادت لترتفع وبنسبة زادت عن 4،9% خلال أربع وعشرين ساعة فقط وهي نفس نسبة الانخفاض التي سببتها أزمة توقف الخدمة لتعوض الشركة خسارتها في أقل من شهر.
ورغم أن هذا المشروع لم يمنع ناشطين وقانونيين في الولايات المتحدة من الاستمرار في المطالبة بكبح جماح الفيس بوك بل على العكس دفعهم إلى المطالبة بوضع قواعد لتقليل الضرر الناتج عن التلاعب بالخوارزميات في تلك المواقع. ووصل الأمر إلى حد معركة كبيرة دخلت جامعة نيويورك طرفا فيها بعد كشفها عددا من الاعلانات السياسية المضللة على فيس بوك.
لكن رغم كل هذا إلا أن إعلان مارك زوكربيرغ عن مشروعه "ميتافيرس" أثمر عن نتائج جيدة على مستوى أسعار أسهم الشركة وعودة الإقبال عليها حتى أن شركة ميتا ماتيريالز ارتفعت أسهمها بنسبة 25% نتيجة التشابه في الاسم فقط رغم كونها شركة كندية لا علاقة لها بفيس بوك.
هكذا استطاع مارك أن يعوض خسائره وبذكاء منقطع النظير وفكرة تسويقية قد يكون الاعلان عنها مبكرا عن موعد تحقيقها بسنوات، وأنا لا أقول إن فكرة المشروع لن تتحقق، فإرهاصاتها موجودة فعليا في بعض الألعاب الإلكترونية لكنها قد تأخذ سنوات بل وعشرات السنين حتى تصل إلى ما يتخيله الناس، لكن مارك استغل ثقة الناس في أن التكنولوجيا أصبحت قادرة على تغيير وجه الحياة بسرعة في استعادة أسهم شركته وثقة الشركة في نفسها أمام العالم دون أن ينتبه إليه أحد بفكرة تعد نوعًا من الخداع التسويقي.