البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مطران سوهاج للأقباط الكاثوليك: السيسي وحدنا في كيان واحد اسمه مواطن مصري.. توما حليم حبيب: لا يوجد طلاق لعلة الزنا لأن العقاب يكون بانفصال الجسد فقط

 المونسينيور توما
المونسينيور توما حليم حبيب

شهد نوفمبر 2020، انتخاب السينودس البطريركي للكنيسة القبطية الكاثوليكيّة، المونسينيور توما حليم حبيب، المستشار في سفارة الكرسي الرسولي "الفاتيكان" في مالطا، بآخر محطاته الدبلوماسية، مطرانًا لكرسي سوهاج، للوهلة الأولى، تظن بعض الظنون أنه عاش كثيرًا خارج مصر، فقد يكون متاثرًا بتلك الثقافات المختلفة عن الشعوب العربية.
لكن عند الحديث معه ستدرك تمامًا أنه لم يأخذ من الغرب فقط الانفتاح العقلي والمثابرة على العمل، والصفات التي قد نفتقدها كثيرًا، كل هذا كان سببًا في تشكيل شخصية منفردة مؤثرة في رعيتها.. مزيد من التفاصيل عن توليه إيبارشية سوهاج للأقباط الكاثوليك، في حواره مع "البوابة".. فإلى نص الحوار:

في البداية نتمنى أن تعرف القراء بنفسك؟
أنا من مواليد مدينة سوهاج في 6 يوليو 1963، وتخرجت من كلية الحقوق من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1985، وللعلم انا قمت بامتهان المحاماة لمدة عامين، واستطعت النجاح بشكل ملحوظ ومميز بين زملاء العمل، ولكن مع كل هذا النجاح لم أشعر به بالقدر الكافي، وكنت أحب أكثر العمل الخيري ومساعدة الأخرين. ففي حياة كل إنسان يظهر نداء الله فجأة، مثل نبع الماء الذي ينفجر دون سابق إنذار، حيث لا تعرف العوائق أو المحدودية. إنها حياة التقدم من مجد إلى مجد، وكذا نقول عن "هيمنة الله" في حياة من يدعوهم، لذلك عزمت على الالتحاق بالكلية الإكليريكيّة التابعة للأقباط الكاثوليك في القاهرة لدراسة الفلسفة واللاهوت، وفي عام 1989، بعد ذلك تم  اختياري لكي اكون في بعثة دراسيّة إلى روما لدراسة اللاهوت في جامعة أوربانيانا الحبريّة، التابعة لمجمع تبشير الشعوب بالفاتيكاني ومن ثم تم رسامتي كاهنًا في مارس 1994، والفضل للرب وللبطريرك الأنبا أسطفانوس الثاني لترشيحي في عام 1996 للدراسة في الأكاديمية الدبلوماسيّة التابعة للكرسي الرسولي، وفي شهر يونيو من العام 1998، قدّمترسالةالدكتوراه في القانون الكنسي، بعنوان: "حقوق وواجبات بطريرك الإسكندرية من سنة 1895 إلى 1921"، وحصلت على درجة الامتياز من معهد الدراسات الشرقية في روما.
وماذا عن البعثة الدبلوماسية؟
وفى أغسطس 1998 تم إرسالي في أول بعثة دبلوماسية في الهندوراس بأمريكا اللاتينية، ثم خدمتك دبلوماسي في رواندا ثم الكويت وايران والعراق ولبنان وهولندا والجزائر وسوريا وأخيراً بمالطا حين تم انتخابي مطراناً من قبل السينودس، وتم منحي في يونيو 2000، درجة المونسنيور وبالتالي اصبحت انا أول كاهن قبطي كاثوليكي التحق بالسلك الدبلوماسي التابع للكرسي الرسولي.
كيف ترى خدمتك بإيبارشية سوهاج؟

في البداية مما لا شك فيه أن الاسرة هي الكنيسة الأولى، التي ينشأ ويتعلم فيها أبنائنا التعاليم الأولى للحياة المسيحية انطلاقا من هذا لأبد أن تجعل الكنيسة اهتمامها بالأسرة من الأولويات في التكوين هذا كان مترجماً على أرض الواقع لإيبارشية سوهاج من خلال السعي لاكتشاف وتنمية قدراتهم وإمكانياتهم وتحسين الأوضاع من جميع النواحي، الروحية والاجتماعية والثقافية والصحية والبيئية والاقتصادية .... حتى يحيا الجميع حياه أفضل،ويأتي ذلك من خلال إقامة عدة أيام روحية ولقاءات للأسرة، والاهتمام بجميع الفئات العمرية. نقوم بتلك النشاطات عن طريق عمل لقاءات تكوينية ترفيهية للأسرة، فدائما اعي ان العائلة واحتياجات الزمن الحاضر هي أبرز الأمور في الايبارشية من جميع النواحي التي ذكرتها.

كيف تواجه مشكلات العصر مثل الانتحار والمخدرات؟

إن مسيرة البشرية تتقدم على كل مستوى مادي وعلمي. لكن المستوى الأخلاقي في حاجة إلى التعمق والجهد. وأن بعضا من وسائل التواصل تنشر حولها الإلحاد والمتعة الخسيسة، وتعبث بأقدس المقدسات في أمور الحياة والبشرية، لكي يعيش الإنسان في حلقة أنانية، وأحيانا تدخله في أمور نفسية معقدة مثل الاضطرابات النفسية الخطيرة، والقلق والخوف الشديد من المحنة، والألم أو التعذيب، هذه الأشياء قد تخفف من مسؤولية المنتحر. فنحن نعلم أن كل إنسان مسؤول عن حياته أمام الله الذي منحه إياها، ويبقي هو سيدها الأعظم. ونحن ملزمون بتقبلها بالشكر، وبصونها إكراما له، ولأجل خلاص نفوسنا. يجب أن لا نيأس من خلاص الأشخاص الأبدي، إذا ما انتحروا. فالله يستطيع أن يهيئ لهم، بالطرق التي يعلمها، الظرف الملائم لندامة تخلصهم. وأنا كإنسان لا أستطيع أن أحكم على الخارج بدون معرفة بواطن الشخص والأسباب التي دفعته للانتحار.فمن أنا لكي أحكم عليه. لذلك نحن نصلي عليه من أجل أن يغفر له الله. والحكم النهائي في يد من وهبه الحياة. 

كما نعلم الله وهب لنا الحياة والصحة الطبيعية كوديعة بين أيدينا. فعلينا أن نعتني بهما على خير وجه. أن استعمال المخدرات يُنزل بالصحة والحياة البشرية خراباً جسيماً جداً وهو ذنب خطير ما لم يكن موصوفاً كعلاج فحسب. وإنتاج المخدرات خفية، والمتاجرة بها هما من الممارسات الشائنة. إنهما تواطؤ مباشر على ممارسات تتعارض تعارضا جسيما والشريعة الأخلاقية، إذ تحضان على تلك الممارسات. 

من هنا تسهم الكنيسة بالتوجيه والتوعية لمدى خطورة هذه الآفة التي قد تهدم حياة الكائن البشري. كما لدينا فرق دعم نفسي داخل الكنائس ونقوم بالرعاية الكاملة اذا تعرض احد ابنائنا لتلك المخاطر. كما دور الأسرة مهم للغاية في هذا الموضوع لغرز القيم الروحية والأخلاقية لأهمية الجسم البشري وكرامته لدى الأبناء فهو عطية من الله. 
وماذا عن تحديات السوشيال ميديا؟

الانترنت ووسائل التواصل جميلة وتسهل كثيراً من الأمور لكن هذا لا يغني ابدا عن اللقاء الشخصي الحقيقي والواقعي. كما إن الإنترنت يمثل إمكانية مميّزة للحصول على المعرفة، لكنّه صحيح أيضًا أنّها ظهرت كأحد الأماكن الأكثر عرضة للتضليل والتشويه الواعي والمتعمِّد للوقائع والعلاقات الشخصيّة التي غالبًا ما تأخذ شكلاً من أشكال النيل من المصداقيّة. علينا أن نعترف أنَّ شبكات التواصل الاجتماعي، إن كانت تساعد من جهة لكي تربطنا ببعضنا بشكل أكبر ولجعلنا نلتقي ونساعد بعضنا البعض فهي تقدّم من جهة أخرى استعمالاً تلاعبيًّا للمعلومات الشخصيّة يهدف للحصول على مكاسب على الصعيد السياسي أو الاقتصادي بدون الاحترام الواجب للإنسان ولحقوقه. وتظهر الإحصاءات أنّ شابًا من بين أربعة متورِّط في حوادث تنمُّر إلكتروني.
ماذا عن علاقاتك بالكنائس الأخرى؟

على مستوى من المودة والمحبة هناك تعاون كبير فكلنا شركاء في مصر وعلى مستوى العلاقات لدينا زيارات متبادلة وتهانئ في جميع المناسبات وانا علاقتي جيدة جدا بالأنباباخومأسقف الاقباط الارثوذكس بسوهاج وأكن كل التقدير والاحترام للجميع فليس هناك غير كل الخير.

لديك معلومات حول قانون الأحوال الشخصية؟

في الحقيقة لم اعرف الكثير عما يدور حوله،لأن المناقشات كانت تتم قبل رجوعي للوطن. ولكن كل ما أعرفه أن الحوارات مستمرة للوصول لقانون يرضي كل كنيسة ويحترم عقائدها وقناعاتها للمحافظة على كيان الأسرة. 

ماذا عن الطلاق في الكنيسة الكاثوليكية؟

الزواج المسيحي في نظر الكنيسة الكاثوليكية هو وثاق دائم بين الرجل والمرأة غير قابل الانحلال لا في جوهره، من حيث أنه رضى متبادل بين شخصين، ولا من قبل سلطة خارجية، حيث إن الطلاق يناقض هذه الصفة الجوهرية. ويتخذ الطلاق في مفهوم تعليم الكنيسة الكاثوليكية الصفة اللاأخلاقية، أيضا من البلبلة التي يدخلها في الخلية العائلية والمجتمع. وهذه البلبلة تستتبع أضراراً جسيمة: جروحات عند الشريكين وآلاما عند الأولاد، وتأرجحهم غالبا بين الزوجين، وبسبب تأثيره الذي يجعله عدوى وآفة اجتماعية حقيقية. فالطلاق يُعد تناقضاً عضالاً مع الطبيعة الزوجية ومع مبدأ " ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان" الذي يهدف إلى حل رباط "زواج قائم". فالحب بين الزوجين يقتضي، من ذات طبيعته، الوحدة والديمومة في شركة شخصية تشمل الحياة كلها: "هكذا ليس هما اثنين، بل جسدا واحدا".فمفهوم الطلاق ليس موجود لدينا أصلا، فإتمام الزواج فيالبداية لابد أن يكون صحيحا وعندما يشوب الرضا الزوجي خطأ في عنصر جوهري من عناصر الزواج أو عيب في الإرادة في الحالات المنصوص عليها في مجموعة قوانين الكنيسة الكاثوليكية قد يؤدي ذلك إلى بطلان الزواج، مثل وجود عجز دائم جنسي، سواء كان من طرف الرجل أو المرأة، يُبطل الزواج. والشخص السليم يستطيع أن يتزوج مرة أخره بعد ذلك.  كما أنه غير صحيح الزواج من شخص مخطوف أو محجوز ... وتوجد 13 حالة ممكن تجعل الزواج باطل منصوص عليها في القوانين الكنيسة. 

وهل علة الزنا لا تكفي لحدوث الطلاق؟

الكنيسة الكاثوليكية تعطي في حالة زنى أحد الطرفين حكم "الهجر" أي أن يتركا بعضهما بإبقاء الوثاق الذي لا تستطيع سلطة بشرية حله أو الغائه، إذا ما تم الاحتفال به بطريقة صحيحة. والانفصال هو إعطاء كلا الطرفين فرصة للتفكير في جثامة الجرم المرتكب، والوصول إلى الاعتراف بأن كلاهما مذنب ولو بدرجة وبنسبة تختلف عن الآخر. وأيضا إعطاؤهما الفرصة لممارسة فضيلة "العفو أو الصفح" الذي يمكن أن يكون ضمنياً أو صريحاً، من قبل الطرف البريء. وفي هذه الحالة يكون انفصال جسدي فقط ولا يستطيع أحدهم أن يتزوج. 
ما رأيك في تقنين أوضاع بناء الكنائس والأراضي؟

الكنيسة الكاثوليكية مرت بزمن شهد صعوبات في تراخيص الكنائس، لا أحد ينكر ما عشناه وحاليا هناك سهولة وتقنين للأمور، وهناك اتجاه جيد جدا في الدولة لوضع كل الأمور في نصابها وبالفعل انا حصلت على ألفين متر في سوهاج الجديدة وبالفعل الأمور تسير بشكل سلس جدا ونقدم اوراقنا للمحافظة وللأمن الوطني ونحصل على الموافقة والتراخيص اللازمة.
وما عن أوضاع الأقباط في عهد الرئيس السيسي؟

كما نعلم جيداً أن مصر مهد الأديان، حيث تستطيع أن تنهض من ليل طويل، وتشع مجددًا بقيم العدالة لبلوغ السلام، فهي تبني السلام بيد وبالأخرى تحارب الإرهاب، لأن من الدول الكبرى لا يمكن توقع القليل، فهي أم الدنيا. ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسي هو حفر اسمه بحروف من ذهب على أحجار صلبة وراسخة الأمد فكان رائعا حيث قام بتوحيدنا في كيان واحد اسمه مواطن مصري لا فرق بيننا ولا خلاف عن تحصيل حقوقنا بنفس الدرجة فالأمور الآن أكثر أمانا وأكثر تحضرا لأن كان هناك بعض المصالح والتجاوزات لكن مع الرئيس السيسي أصبحنا في وضع أشبه بالمثالية.
ما رأيك برسامة قسيسة سيدة في الكنيسة؟

التقليد الكنسي والإنجيل لم يذكر أي منهما أن المرأة دخلت سلك الكهنوت، كما أن قوانين الكنيسة تشدد على قصور الكهنوت على الرجال فحسب، خاصة أن “سر الكهنوت” هو أحد الأسرار الكنسية السبعة المقدسة في المسيحية والذي يمنح لرجال الدين أثناء رسامتهم وهذا الأمر محفوظ للرجال فقط، لان السيد المسيح اختار تلاميذه من الرجال وجعل السيدات يقمن بمهمة التبشير والخدمة بالكنائس وهو ما تقوم به الخادمات والراهبات الآن. وهذا ليس انتقاصاً من المرأة بل بالعكس فدور المرأة في تعليم الاطفال او التمريض للمرضى أو تقديم الخدمات الإنسانية فهو ذو قيمة عالية واحترام كبير،فلديها الكثير من العاطفة والعطاء، فالنساء يتميزون بالرحمة، التعليم والمساعدة، الكثير من خدمات الكنيسة تعتمد على النساءكما أن الثقافة المصرية والعربية لا تتقبل ذلك، لطبيعة المجتمع والتربية فيه التي تعود فيها الناس على رؤية الرجل كاهناً وليس المرأة.كما أحب أن أضيف أن النساء والرجال متساوون جميعا في الحقوق والواجبات والإنجيل يضمن ذلك، فكلاهما خليقة الله، وكل واحد منهم خُل ليكون له دور مميز في المجتمع يكمل كل منهما الآخر.