البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

هل أخطأ المرممون.. لمحات من تاريخ مغارة «درنكة» آخر محطات العائلة المقدسة

مغارة درنكة
مغارة درنكة

[وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ».] (مت 2: 13).

بتلك الآيتين من إنجيل «مت» بدأت رحلة العائلة المقدسة إلى مصر لتُضم في سجل رحلات الرسل والأنبياء وهروبهم من البطش ولإرسال كلمة الله لكافة ربوع الأرض، ويبدأ مسار العائلة المقدسة والذي يضم المدن والأماكن التي مرَّ عليها الطفل عيسى وأمه العذراء مريم بأرض مصر، ومن بينها جبل «دُرنكة» الواقع بداخل دير العذراء مريم الذي يقع على بُعد حوالي 8 كيلو مترات من محافظة أسيوط، والذي تم افتتاحه بعد أعمال التجديد له ، حيث تم افتتاح الدير يوم الأحد الموافق 2 أغسطس 2021، وذلك بمشاركة مجموعة من الأحبار كنيسة العذراء ومنهم نيافة الأنبا يؤانس أسقف أسيوط، ونيافة الأنبا ويصا مطران البلينا، والأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة، والأنبا ديمتريوس أسقف ملوي، والأنبا أغابيوس أسقف دير مواس ودلجا، والأنبا توماس أسقف القوصية ومير، والأنبا غبريال أسقف بني سويف، والأنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن وسمسطا، والأنبا إسحق أسقف طما، والأنبا بيجول أسقف ورئيس دير المحرق، والأنبا أرسانيوس أسقف الوادي الجديد، والأنبا ثاؤفيلس أسقف منفلوط، والأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السيدة العذراء بجبل إخميم، والأنبا فيلوباتير أسقف أبو قرقاص وتوابعها، والأنبا فام أسقف شرق المنيا.​

وتعد مغارة جبل درنكة هي آخر محطات رحلة العائلة المقدسة في مصر، وأيضًا نقطة الانطلاق والعودة إلى فلسطين، وتحظى المغارة بمكانة خاصة لدى مسيحيي ومسلمي صعيد مصر جنوب البلاد، لاسيما بعد إدراج الفاتيكان لها كأحد أهم مسارات الرحلة المقدسة. 

وشهدت أعمال الترميم والتجديد للمغارة العديد من الانتقادات لجي بعض الباحثين والتي آثارها عبر صفحاتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، إذ أعتبر البعض أن أعمال  التجديد والإضافة والتي تميزت بالطابع الحداثي الذي يتنافى مع قدسية المكان وطابعة الديني والروحاني.

غير أثرية 

«لا ولاية للسياحة والأثار على مغارة دُرنكة وديرها»

وأكد الدكتور أسامة طلعت قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في تصريحات خاصة لـ «البوابة نيوز» على أن مغارة "دُرنكة" ودير "دُرنكة" غير مسجلين في عداد الأثار الإسلامية والقبطية واليهودية. 

لافتًا إلى أنه لا يمكن أن تتدخل وزارة السياحة والآثار علي الدير أو المغارة حيث قال :" أن مغارة دُرنكة ودير دُرنكة غير مسجلين في عِداد الأثار الإسلامية والقبطية واليهودية، ولا ولاية للمجلس الأعلى للأثار بوزارة السياحة والأثار عليهما، وبالتالي لا يحق لنا قانونًا في الحديث عن أي ترميمات تمت فيه أو أي مباني لأنهم غير مسجلين".

الطابع الحداثي لأعمال الإضافة والتجديد أثر بشكل سلبي على الطابع الديني والقدسي للمكان 

وقال الباحث والمؤرخ بسام الشماع في تصريحات خاصة لـ "البوابة نيوز" أن ما تم من أعمال إضافة بداخل مغارة دُرنكة قد تمت دون الاستعانة بالخبراء التخصصين في ترميم وتجديد الأماكن الأثرية. 

ولفت «الشماع» إلى أن هناك ثلاثة أمور أساسية عند التعامل مع أي أثر الأول هو عملية إعادة بناء ، والثاني هو الإضافة، والثالث هو الترميم، وكل جزء من تلك الأمور الثلاثة له طريقه مختلفة في تناوله – فعلى سبيل المثال- فالترميم معروف أنه يتم من خلاله التعامل مع الأثر الذي يصاب بالتلف ويختلف باختلاف نوع الأثر إذا كان أثر عضوي، أو حجري، وكل منهم طرق مختلفة في التعامل معه، أما  ما تم بداخل مغارة «دُرنكة» فينتمي إلى النوع الثاني وهو الإضافة والتي تخضع لعدة معايير ومنها أن يكون العنصر الذي سيتم إضافته من نفس البيئة الخاصة بالأثر، وان ما حدث بداخل المغارة هو عمل أرضيات من نوع سيراميك أو رخام يتميز بالطابع الحداثي وغير مناسب للبيئة المغارة التي تتكون من الأحجار، حيث قال :"إذا كان تم سؤالي قبل بدء عمليات الإضافة، كنت سأقترح أن تكون الأرضيات من نفس الجبل الذي به المغارة، حيث يتم استقطاع بعض أحجار الجبل، وتقطيعها على هيئة بلاطات كما يحدث مع الرخام، ثانيًا أن يكون لون الحجر المأخوذ من الجبل أن يكون بنفس اللون الخاص بحوائط الكهف، ثانيًا، الكراسي التي تم وضعها بداخل المغارة تحمل طراز حديث والتي بعدت كثيرًا عن الطابع التاريخي والأثري والروحاني الخاص بالدير". 

وتابع «الشماع» :"أنه لو تركنا شكل الأرضيات والكراسي التي تم استحداثها مع الإضاءة ذات الطابع الحداثي، وأخرجناها من إطار الكهف أو المغارة ذات الطابع الديني، سنجد أنفسنا في مكان عادي، ولا يمكن لأي شخص أن يظن أن هذا المكان له طابع طقسي أو ديني لدى مجموعة من الناس، ولهذا أقترح أن يتم إزالة "البلاطات" ذات الطابع الحداثي واستبدالها بقطع من الجبل نفسه بعد عمل عليها تعديلات تتناسب مع المكان والطابع الديني والطقس الذي يتم فيها، هذا أولاً ، وثانيًا تجنب وجود أي كبلات كهربائية بداخل المغارة والتي تستخدم للإنارة ، والتي أرى أنها تمثل خطورة شديدة لاسيما في ظروف الطقس الحار التي تمر بها البلاد". 

طابع روحاني ومقدس

وتتميز "مغارة العذراء مريم بقرية درنكة" أو مغارة "دُرنكة" بأنها ذات طابع ديني مقدس لما تحدثه من جو روحاني بداخل قلوب مُريديها، فُتعد المغارة أيقونة من أيقونات رحلة العائلة المقدسة، فهي أحد الأماكن القدسية التي يحج إليها المسيحيون الكاثوليك من مختلف أنحاء العالم، بل ويوقوم بزيارتها المسلمون أيضًا، حيث تحتل السيدة العذراء "مريم" مكانة خاصة لدي المصريين جميعُا سواء كانوا مسلمين أو مسحيين، حيث تعتبر مغارة جبل درنكة هي المحطة الأهم في مسار رحلة العائلة المقدسة، فهي آخر محطات الرحلة التي مثّلت موطن الاستقرار والأمان إليهم، ونقطة البداية للعودة إلى أرض فلسطين مرة أخرى، لذا يقدس ملايين المسيحيين حول العالم هذه البقعة المباركة من صعيد مصر.

وتتكون المغارة من عدة غرف تحتوي على نماذج ومجسمات تحاكي حياة العذراء مريم ويسوع المسيح ويوسف النجار داخل هذه المغارة المقدسة، كما تضم كنيسة المغارة على حجر صخري جلبته العذراء مريم عليها السلام من الناصرة بأرض فلسطين، وعدد من المخطوطات الأثرية التي تحكي تفاصيل قصة رحلة العائلة المقدسة.

وتتميز المغارة بالطابع الروحاني لما لها من كرامات وبركات فيأتي المسيحيون والمسلمون معا له لقضاء حوائجهم ونيل البركة منه.