البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الهجرة أسست لقيام الدولة الإسلامية

تُعدّ الهجرة النبوية الشريفة حدثًا تاريخيًا عظيمًا فارقًا في تاريخ الإسلام والمسلمين، حيث كانت السبب الرئيس في انتشار الإسلام في شتى بقاع الأرض، أسست لقيام الدولة الإسلامية عاصمتها المدينة المنورة بعد أن أذن اللَّه بالهجرة، أمر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أصحابه بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا أفرادًا وجماعات، بعد أنّ قاسوا كل أنواع العذاب والأذى إلى مدينة يثرب والتي أصبحت تُعرف بعد وصول الرسول إليها بالمدينة المنورة؛ فكانت الهجرة ضرورة ملحة فرضتها الأحداث التي أحاطت بالنبي بعد قضائه ثلاث عشرة سنةٍ من البعثة والدعوة في مكة المكرمة تعرض فيها الرسول والمؤمنين الأوائل للإيذاء الشديد من قريش ألزمته السعي إلى مكان آخر تُمارس فيها شعائر الإسلام دون تضييق، وبقى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في مكة، ووقعت قريش في حيرة! هل يظل في مكة كما فعل في هجرتى المسلمين إلى الحبشة، أم يهاجر في هذه المرة مع أصحابه؟، وحزمت قريش أمرها، واتخذت قرارها بقتل النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قبل أن تفلت الفرصة من بين أيديها؛ فأعدوا مؤامرتهم للتخلص منه ووقف دعوته، فاتفقوا على أن يأتوا من كل قبيلةٍ برجلٍ يقف على باب بيته، فإذا خرج ضربوه ضربة رجلٍ واحدٍ؛ فلا تتمكن حينها بنو هاشم من المطالبة بالقصاص، ويضيع دمه بين القبائل، وقد أطلع الوحي جبريل عليه السلام، رسول الله بمؤامرة قريش، وقد سجل القرآن الكريم نبأ ذلك في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]؛ فأمر الرسول علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنوم في فراشه، وأن يتأخر عنهم بالقدوم إلى المدينة ليؤدي عنه أمانات الناس، وأغشى الله النّعاس على رجال قريش، فلم يروا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، ونجاه الله تعالى من سيوفهم، وبعد أن أدرك المشركون أنّ عليًّا قد خدعهم بمبيته في فراش النبي الشريف، أسروه لديهم، وانطلقوا فور بلوغهم خبر هجرة النبي لمطاردته ومحاولة قتله، قبل أن يبلغ مسعاه، وقد وضعوا لقاء ذلك عديد الجوائز من مال وذهب ورصدوا مئة ناقة وغيرها من المغريات، فخرجوا يبحثون ويفتشون الجبال والطرقات، حتّى بلغوا غار ثور والذي كان فيه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وصاحبه الصديق رضي الله عنه؛ فأعمى الله أبصارهم وأغشى أفئدتهم، وقد روى أبو بكر في الصحيحين ما جرى فقال: قلت للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: وأنا في الغار: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكرٍ باثنين الله ثالثهما» [رواه البخاري ومسلم].

إقامة الدولة الإسلامية
قدم رسول الله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المدينة يوم الإثنين، اثني عشر من ربيع الأول الموافق 24 سبتمبر 622م، فبنى المسجد مقر الرئاسة الذي تقام فيه الصلاة، وتُبرم فيه كل الأمور، وتُعقد به مجالس التشاور للحرب والسلم واستقبال الوفود، ثم أصلح النبي ما بين الأوس والخزرج وأزال ما بينهما من عداوة، وجمعهما في اسم واحد هو الأنصار، ثم آخى بينهم وبين المهاجرين على أساس أن المؤمنين إخوة، وكانت المرة الأولى التي يعرف فيها العرب شيئا يسمى الأخوة، دون قرابة أو صلة رحم، حيث جعل كل رجل من المهاجرين يؤاخي رجلا من الأنصار، فيصير الرجلان أخوين، بينهما من الروابط ما بين الأخوين من قرابة الدم، وبعد المؤاخاة كانت الصحيفة، وهي الدستور الذي وضعه النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لتنظيم الحياة في المدينة، وتحديد العلاقات بينها وبين جيرانها، وانتشر الإسلام في ربوع العالم.. كل عامٍ وأنتم بخيرٍ.. الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف.