البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"ريش" .. بورتريه ساخر عن مكانة المرأة في المجتمع

فيلم ريش
فيلم ريش

يكشف فيلم "ريش" للمخرج عمر الزهيري الكثير عن المرأة والمجتمع المصري، حيث يقدم نقدا اجتماعيا لاذعا بروح الدعابة السوداء وسط ضحكات مكتومة ساخرة وغرابة مقلقة. 

إن الخطى المزعجة والنبرة السوداوية المتزايدة تعني أنه من الصعب عرضه بشكل تجاري، لكن وبعد حصده الجائزة الكبرى بأسبوع النقاد من مهرجان كان السينمائي باتت فرص الفيلم قائمة للمشاركة في العديد من المهرجانات حول العالم.

ربما عمل الزهيري، الذي شارك بفيلم "مشروع الحمام في الكيلومتر 375" في مسابقة أفلام الطلبة بمهرجان كان قبل 7 سنوات، كمساعد للمخرجين المصريين، بما في ذلك يسري نصر الله، لكن فيلمه الروائي الأول يشترك أكثر في الأسلوب والتنفيذ مع أفلام آكي كوريسماكي وروي أندرسون.

ويرى الناقد كليم أفتاب من موقع "Cineuropa"، أن "ريش" هو كوميديا عبثية جامدة. يبدأ بأسلوب الدراما الاجتماعية الواقعية، من النوع الذي تدور الأحداث فيه داخل مكان مترب ومتهدم وتبقى الشخصيات مجهولة من أجل إبراز حقيقة أن هذه قصة يمكن أن تحدث في أي وقت وفي أي مكان.

ووفق الناقد ألان هانتر بموقع “سكرين ديلي”، فإنه في أحد المناطق الصناعية المهجورة، تعيش امرأة (دميانه نصار) مع زوجها وأطفالها الثلاثة في شقة قذرة، عالقة في الأعمال الروتينية اليومية المتكررة، مانحة نفسها أقل بكثير مما تستحق. وخلال الاحتفال بعيد ميلاد ابنها البالغ من العمر أربع سنوات، يحول الساحر، الأب المتسلط، إلى دجاجة ويفشل في إعادته لحالته السابقة. في إشارة إلى رواية "المعلم ومارجريتا" لميخائيل بولجاكوف، مع مزيج من العناصر الخارقة للطبيعة والكوميديا السوداء.

يقوم مصمم الإنتاج عاصم علي بعمل جيد في تحديد حياتهم من خلال ديكور من الطلاء المقشر والأثاث المكسور والأرائك الرثة التي تمتد أحشائها إلى الخارج. ووسط ذلك لا يزال الزوج (سامي بسيوني) يتصرف كما لو كان سيد القصر، يمتلك القليل من المال ويخدع نفسه وابنائه بوعود قطعها ولا يستطيع تنفيذها، فيخبر ابنه في أحد المشاهد: "سأشتري لك فيلا بحوض سباحة يومًا ما"، وكل ما تحصل عليه هذه الأسرة البائسة في نهاية المطاف هي نافورة مياه زينة، والتي يعتقد الأب أنها إضافة راقية لشقته الرثة.

ويلتقط الزهيري في مشاهد الفيلم الأولي المكثفة حياة الزوجة الكادحة التي نادرًا ما نراها تتحدث أو تبتسم وعيناها حزينة بشكل دائم لأنها تطبخ بجدية وتنظف وتعتني بالأطفال الثلاثة وتطيع أوامر زوجها الذي يريد الثناء على كل ما يفعله. وهو ما يجعل الرجال أكبر مشاكلها بشكل عام لأنهم يعتقدون أنهم يعرفون الأفضل لعوائلهم أو يستعدون للقيام بأي شيء.

وتواجه الزوجة تحدي كونها تصبح المعيلة لأول مرة في حياتها. فهي تحت ضغط لدفع الإيجار الذي تأخر زوجها عن سداده، وأن تحافظ على تماسك الأسرة وتحاول أن تكتشف ما حدث بالفعل لزوجها. لكن اللغز الأكبر لديها هو كيف يجب أن تتعامل مع الدجاجة، فهي مصممة على رعاية زوجها الدجاجة، حتى أنها تطعمه الحبوب في فراشها الزوجي. لتدرك مع الوقت أن الدجاجة قد تكون أكثر تقديرًا من زوجها المتسلط.

وتسبب محاولات المرأة للعثور على عمل وإعالة أسرتها بعض المواقف الكوميدية الجافة. يحتضن الزهيري تلك اللحظات ويحافظ على كاميرته ثابتة بينما تتكشف الأحداث الفوضوية على الشاشة. كما تثير الموسيقى التصويرية خيالنا بينما تصادف المرأة مجموعة صغيرة من الأعداء من قرد متطفل إلى كلب حراسة لا يرحم ودجاجة مريضة يمكن أن تكون زوجها.

ومع اقتراب النهاية، تبدأ صورة الفيلم الضبابية في الوضوح، لكن هذا الكشف المتعمد يؤدي إلى تشتيت الانتباه عن مدى الظلام الذي يصبح عليه. إن الفيلم ينظر إلى مكانة المرأة في العمل والمجتمع. فالمصنع الذي رفض في السابق السماح للنساء بالعمل فيه يغير سياسته لتتحول حياة الزوجة التي بدأت بالكاد تتحدث، لكنها عندما تتعرض للتهديد لا تظهر أي رحمة في العمل لحماية خصوصية تحررها الجديد.

الفيلم عبارة عن بوتقة من الأنماط، وهو مناسب لفيلم مليء بالعديد من التحولات. فعندما يكشف الفيلم عن وجهه الكوميدي يسير على خطى "معجزة القديس المجهول" لعلاء الدين الجم، وأفلام إيليا سليمان أيضًا، ليثبت أن مدينة كان بالتأكيد تحب الفكاهة العربية الجامدة.