البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

بيت الشعر بالأقصر يحتفي بالمئوية السابعة للأديب الإيطالي دانتي أليجيري

جانب من الندوة
جانب من الندوة

نظم بيت الشعر بالأقصر مساء أمس الخميس، ندوة ثقافية بعنوان "المؤثرات العربية في شعر دانتي" بمناسبة المئوية السابعة للأديب الإيطالي دانتي أليجيري بحضور الدكتور محمد محجوب عزوز رئيس جامعة الأقصر، الدكتور ربيع سلامة عميد كلية الألسن بالأقصر، الدكتور ماجد مصطفى الصعيدي أستاذ الأدب والنقد بجامعة عين شمس، وبمشاركة عدد من طلاب أقسام اللغة الإيطالية واللغات الأجنبية بكلية الألسن.
وقام بتقديم الندوة الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر متحدثًا عن أثر الثقافات الإنسانية التي تتلاقح وتنتج آفاقًا رحبة من الإبداع، فقد لفتت الكوميديا الإلهية لدانتي الأنظار مرة أخرى لرسالة الغفران التي كتبها أبو العلاء المعري، فكان البحث حول أثر الثقافة العربية في الكتابات العالمية.
ويأتي اهتمام بيت الشعر بالأقصر بالشاعر دانتي إليجيري بوصفه واحدًا من رموز الإبداع في العالم وهو أيضًا رائد عصر النهضة في أوروبا، وأحد قادة الفكر في العصور الوسطى، وللوقوف على التبادلات الأدبية أو الثقافية التي حدثت بين العربية والثقافات الأخرى، فكما يعلم الجميع أن رسالة الغفران نزعت السبق من دانتي لصالح أبي العلاء وتظهر تجليات الثقافة العربية في نص الكوميديا الإلهية في طريقة سبكها وفي لغتها الإنشائية في بعض المواضع، وبحسب الكثير من النقاد فإن دانتي تأثر برسالة الغفران لأبي العلاء رهين المحبسين.
بدأت الندوة بقراءات شعرية من شعر دانتي باللغتين الإيطالية والعربية قدمها طلاب كلية الألسن بجامعة الأقصر.
وتحدث الدكتور ربيع سلامة عميد كلية الألسن عن مكانة دانتي في الأدب الإيطالي باختياره الإيطالية العامية لكتابة قصيدته عوضًا عن اللاتينية، أثر دانتي أليغري في مسار التطور الأدبي تأثيرًا حاسمًا. استخدم لهجة توسكاني أساسًا، التي أصبحت اللهجة الأدبية الأساسية في اللغة الإيطالية.
وقال الدكتور ماجد الصعيدي: نحن الآن في بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وقد أصبح من الحقائق الأدبية الراسخة: اطلاع الشاعر الإيطالي الأكبر دانتي أليجييري (1265 – 1321) على الثقافة العربية، وتأثره الواضح بالمنجز الأدبي والفلسفي لهذه الثقافة في العصور الوسطى مع غيرها من ثقافات العالم القديم، فمع بدايات القرن العشرين بدأ الباحثون الأوربيون يتداولون هذا النوع من الحقائق في إطار بحثهم في تاريخ الأفكار عبر الحضارات المتعاقبة، وبحثًا عن توصيف موضوعي لهوية الحضارة الأوربية: فالشاعر الفرنسي الكبير بول فاليرى (1871- 1945م) يردُّ العقل الأوروبي الحديث «إلى عناصر ثلاثة: حضارة اليونان وما فيها من أدب وفلسفة وفن، وحضارة الرومان وما فيها من سياسة وقانون، والمسيحية وما فيها من دعوة إلى الخير وحثّ على الإحسان» [مستقبل الثقافة في مصر ـ الطبعة الأولى: 29].
ويضيف الدكتور طه حسين إلى مقولة فاليري بعدًا آخر عندما يقول: «ظهرت في هذا الشرق القريب فنون وعلوم وآداب، تأثر بها اليونان والرومان، فأنتجوا حضارة أوروبا وأعانهم على ذلك المسلمون، أي أهل هذا الشرق القريب. وظهرت في هذا الشرق القريب ديانات سماوية أخذ الأوروبيون منها كالشرقيين أيضًا»
ويعود الفضل في ترسيخ هذه الحقيقة الأدبية المتعلقة بدانتي بما له من مكانة أدبية كبرى في الآداب الأوربية الحديثة، إلى جهود باحثين أوربيين أنجزوا أطروحاتهم حول هذه المسألة البالغة الخطورة في تاريخ الآداب العالمية وهي أثر الثقافة العربية في «الكوميديا الإلهية».
ويصف الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه «دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي» هذا الحدث العلمي الذي أحدث دويا هائلا في الأوساط العلمية والأدبية في أوروبا بالقول:«كانت قنبلة هائلة تلك التي ألقاها المستشرق الإسباني العظيم آسين بلاثيوس وهو يلقي خطاب استقباله في الأكاديمية الملكية الإسبانية في جلسة 26 يناير سنة 1919 لمّا أعلن أن دانته في "الكوميديا الإلهية" قد تأثر بالإسلام تأثرًا عميقًا واسع المدى يتغلغل حتى في تفاصيل تصويره للجحيم والجنة. إذ تبين له أن ثمت مشابهات وثيقة بين ما ورد في بعض الكتب الإسلامية عن معراج النبي (صلى الله عليه وسلم) وما في "رسالة الغفران" للمعري وبعض كتب محيي الدين بن عربي من ناحية وبين ما ورد في "الكوميديا الإلهية"؛ وفي هذه المشابهات من الدقة والتفصيل ما يجعل من المؤكد أن التشابه هنا لم يكن أمرًا عرَضيًا وتوارد خواطر، بل كان من تأثر مباشر بالتصويرات الإسلامية للآخرة.»