«فطوطة».. التطور الطبيعى للكوميديا
رحل الفنان الكبير سمير غانم عن عالمنا، تاركًا وراءه تاريخًا كبيرًا من الأعمال الفنية، سواءً في السينما أو المسرح أو التليفزيون، ولم يستطع فنانٌ قبله، ترك كل هذه الأعمال، بهذا التنوع، فقد كان فنانًا استثنائي الموهبة، ومن أشهر أعماله التى ظلت خالدة لأكثر من ٣٠ عام، شخصية فطوطة، والتى قدمها للمرة الأولى عام ١٩٨٢، بعد كثير من التردد، ومحاولات من المخرج فهمى عبدالحميد، لإقناعه بتقديمها، حيث كان يخشى أن يتم مقارنته بنيللى وشريهان.
وبعد انتهاء فوازير نيللي، ظن البعض أنه لا يوجد أحد يستطيع عمل فوازير، ولكن المخرج فهمى عبدالحميد، فكر في سمير غانم، ليصنع فزورة (فطوطة)، وعندما عرض على سمير غانم الفكرة تعجب، وقال له: إنك ستضعنى في مقارنة مع نيللي، لكن فهمى عبدالحميد أقنعه بأن العمل مختلف تمامًا، خاصةً وأنه كان يفكر في البداية في عمل اسمه (ابن بطوطة)، لكنه غيره لكى يصبح (فطوطة)، وكان مشروع فوازير بعيدة عن الكوميديا، عن سفريات الرحالة ابن بطوطة في البلاد والمدن، وكانت من غير رقص أو استعراضات، أو الإبهار الذى تعود عليه المشاهدون.
وهو الأمر الذى وافق عليه سمير غانم، خاصة وأن المخرج فهمى عبدالحميد، كان يراهن على هذا العمل، والذى كان الأول له بعد ٧ سنوات من الفوازير مع نيللي، والتى حققت نجاحًا كبيرًا، حيث قرر تغيير اللون، والانفصال عن نيللي، واختار سمير غانم لتقديم الفوازير.
ويقول نجل المخرج فهمى عبدالحميد، إن والده كان يستعد للفوازير لمدة سنة كاملة، ويصورها في شهر رمضان، لأنه كان يحب أن يغير بعض الأمور، وفقًا لرأى الناس، والتى كان منها بدلة فطوطة.
فالبدلة في أولى الحلقات، كان لونها أسود، حتى قابل المخرج أحد الجماهير في الشارع، فسأله: إزاى شخصية مرحة مثل فطوطة، تكون ملابسها سوداء؟، وهنا قرر المخرج تغيير لون البدلة، من الأسود إلى الأخضر، بعد ثالث حلقة من العرض، وبالفعل لاقت استحسان الجمهور، وخطفت الأنظار.
وصممت ملابس «فطوطة»، المصممة وداد عطية، وظهر الفنان سمير غانم للمرة الأولى، في الفوازير التى حملت نفس الاسم «فطوطة وسمورة»، في شهر رمضان عام ١٩٨٢، من تأليف عبدالرحمن شوقى، وإخراج فهمى عبدالحميد، واستمرت تعرض على مدى ثلاثة أعوام، خلال شهر رمضان، ثم عاودت الظهور مرة أخرى في فوازير مختلفة، بعنوان «فطوطة حول العالم».
وكانت أغانى فطوطة من ألحان سيد مكاوى، ومن خلالها قدم سمير غانم مجموعة من الأغانى والإستكشات، التى ظلت عالقة في أذهان الثمانينيات، ووصلت إلى التسعينيات وما بعدها.
لتصبح فوازير فطوطة من أنجح الفوازير، التى قدمت خلال شهر رمضان، لأنها قدمت بشكل كوميدي، وهو ماجعلها تحظى بحب الكبار قبل الصغار، مقدمين ثلاثة مواسم من فوازير فطوطة.
وكان الفنان الراحل سمير غانم، قد كشف من قبل، عن مدى التعب الشديد الذى كان يمر به خلال التصوير، لأنه كان يتعرض لكمية كبيرة من الضوء خلال التصوير، من أجل تصغير حجمه في المونتاج، بجانب أنه طول الوقت، كان يتكلم بنبرة عالية، وبطء شديد، حتى يتحول للصوت المميز، الذى سمعه الجمهور، وبعد كل تلك السنوات وهذا النجاح تظل آخر جملة في الفوازير، ترن في أذهاننا، كلما تذكرناها، وهى «أنستونا.. أمال ايه».