البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

مائة بيت من الشعر العربي القديم.. امرؤ القيس"30"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها.
نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
30 – امرؤ القيس
" وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهمومِ ليبتلي "
في سخافات النهار ما قد ينشغل به المرء من حركة وصخب وسعي يستنزف الوقت خلف متطلبات الحياة اليومية ومتاعبها الصغيرة ذات التوجه المادي الخالص، ومع قدوم الليل تتراكم جملة الهموم والمنغصات التي تتجاوز التفاهات والعكارات الماسخة، ويتجسد فيها الابتلاء الذي يرهق الروح. "موج البحر" تعبير محايد لا يوحي للوهلة الأولى بعنف أو رقة، كراهية أو محبة، لكن استدعاء الصورة في غرفة هادئة مسدلة الستائر، أو خيمة رحيبة مسكونة بالظلام والوحشة، يعني بالضرورة لعنة القلق وشدة الحصار.
في الليل متسع للعشاق والمرضى والخائفين والمعذبين بهموم شتى تزرع أشواك التوتر والقلق، واستدعاء موج البحر ليلا يوحي بكابوس الغموض الدامس الذي تعز فيه الحركة، ويهيمن الرعب الأسود مجهول المصدر، الذي يسهل الإحساس به ويستحيل إدراك معانيه.
مزعج موجع هو الليل في زنزانة القهر، والنهار في الزنزانة نفسها لا يقترن بالأمان والتخلص من الرعب، لكن الهم في الليل يبدو موغلا في القسوة. مع الصفاء والهدوء، يتوحش ضجيج الصمت ويلوح الغرق حتميا.
بيت امرىء القيس عابر للأزمنة والأمكنة والثقافات، ولكل إنسان ليله المستعمر بأمواج الهموم وستائر الوجع.