البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الشعر يجمعنا.. "هي دنيا بقاؤها مستحيل" قصيدة معروف الرصافي

البوابة نيوز

الأدب بصور فنونه المتنوعة يحاول أسر التجارب الإنسانية المنفتحة واللامتناهية لثراء التجربة البشرية، ولا شك أن الشعر أحد هذه الفنون التي تحاول التحليق في فضاء الخيال، وربما هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس في وعي الإنسان وفي اللاوعي أيضا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "هي دنيا بقاؤها مستحيل" للشاعر العراقي معروف الرصافي.

هي دنيا بقاؤها مستحيل
فليقف عند حدّه التأميل
ليس يغني فيها عن المرء شيئًا
شرف باذخ ومجد أثيل
إنما الراحة المرجّاة فيها
تعب والهدى بها تضليل
كل شيء في أهلها مستعار
من سواه وكل حال تحول
ليس ما قد جتى علينا بها إلا
قار أدهى مما جنى التمويل
رتّلت ألسن اللذائذ
آي العيش فيها فغرّنا الترتيل
فرجونا طول البقاء وإن كنّا
علمنا بأننا سنزول
وطلبنا تعلّة لنفوس
ليس يشفي عليلها التعليل
قد قتلت الحياة خبرًا ولكن
أنا منها بحيرتي مقتول
كل ما قيل في الحياة ظنون
جرّها في افتكارنا التخييل
قد وهمنا في البدء منها وأما
منتهاها فستره مسدول
إن يك العقل في دجى الشك نجمًا
فخفيٌّ مثل السها وضيئل
ويك إن المعقول ما صحّ عندي
فمتى صحّ عندك المنقول
كلنا خابطون في ظلمات
حائر بائر بهنّ الدليل
إن حبّ الحياة أوهم
أن الموت نوم تحت الثرى لا يطول
إنما هذه الجسوم مبانٍ
قد بناها من الزمان عمول
نزلتها الأرواح حينًا فأضحت
عامراتٍ ما دام فيها النزول
ثم لابدّ أن ترحّل عنها
فيسّمى بالموت ذاك الرحيل
إنما هذه الجسوم رسوم
موحشات بعد الردى وطلول
ما بسقط اللوى مثلن ولكن
بسقوط البلى لهنّ مثول
ليس يسلي الفتى عن الموت إلاّ
خلف صالح وذكر جميل
مثلما مات شيخنا النائب الحب
ر فسالت من الدموع سيول
إن عبد الوهاب عاش جليل القدر
فردًا ومات وهو جليل
وقضى عادم المثيل فأمسى
ما لمنعاه في الخطوب مثيل
حادث أظلمت به الأرض واستو
حش منها حزونها والسهول
إن أسينا أسىً عليه كثيرًا
فكثير الأسى عليه قليل
كان فحل الفحول علمًا وفضلًا
فلهذا بكت عليه الفحول
كيف لا تجزع العلوم لمنعى
رجل باعه بهنّ طويل
قد بكته مدارس عامرات
هو فيها المدّرس المسئول
وبكاه الكتاب ذو الذكر شجوًا
وعلوم إلى الكتاب تؤول
وبكته آيٌ به محكمات
وبكاه التفسير والتأويل
وبكته أرامل ويتامى
جذّ عنها بموته التنويل
إن يكن أغمد الردى منه في القب
ر حسامًا فذكره مسلول
أو رمى حدهّ الردى بفلول
فمعاليه ما بهنّ فلول
أو خلت منه دوره مُوحشاتٍ
فذراها بفضله مأهول
كيف لا هؤلاء أبناؤه الغرّ
شهود بما أقول عدول
كلهم في العلاء مثل أبيه
حسن الخلق فاضل بهلول
هل تطيب الفروع في الناس إلاّ
حيث طابت فيهم لهنّ أصول
عذرةً يا أبا الحسين بماذا
نصف الرز وهو رزء جليل
وإذا طاشت الحلوم بيوم
فيه فارقتنا فماذا نقول
اخرس الشعر يوم منعاك لكن
ناب عنه تأوّه وعويل
وإذا أسكت المقاويل حزنٌ
ترجمت عنهم دموع تسيل
فصلتك المنون عنّا ولكن
أنت بالحمد والثنا موصول
لك في العلم رتبة لن تسامى
فاضل القوم عندها مفضول
ومحيًا صلت الجبين طليقٌ
يتلالا كأنه قنديل
ويد يجمع الشفاه عليها
كلما قد ومددتها التقبيل
إنما قد ذكرت بعض مزايا
ك وإلاّ فشرحهن يطول
وإذا القول لم يفده اختصار
لم يفده الاطناب والتفصيل.