البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

الكنائس المصرية.. خدمة روحية وتنمية مجتمعية وعلاج مجاني.. 3 فروع في القاهرة والإسكندرية ونيروبي.. من المساعي الخيرية إلى المستشفى القبطي.. 140 عاما في قلب الوطن

البوابة نيوز

خدمة الكنيسة الاجتماعية لا بد أن تسير مع خدمتها الروحية، لأنها في تأثيرها الاجتماعي تسعي لكي تزرع في الإنسان روح المحبة العملية والتعاون انطلاقًا من لاهوت الشركة، فالكنيسة هي جماعة الله التي خرجت من العالم لا لتستريح على جبل الشركة، بل لتنزل إلى الأرض مؤيدة بقوة الروح القدس لخدمة العالم المحتاج، وعلي قدر تحررها من العالم على قدر ما، من ذلك المنطلق حرصت الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية على الاهتمام بالإنسان كل الإنسان وكل إنسان.

في‏ ‏يوم‏ 8 ‏يناير عام‏1881، اجتمع بمنزل عريان أفندي مفتاح بالأزبكية ثلاثون قبطيا ومعهم فضيلة الشيخ محمد عبده، وفضيلة الشيخ محمد النجار، والشاعر عبدلله النديم، واتفقوا على تأسيس أول جمعية قبطية باسم المساعي الخيرية القبطية.


وألقى النديم خطبة في ذلك الاجتماع، وانتخب المجتمعون بطرس باشا غالي رئيسا لها، وبعد 25 سنة انضم للجمعية جرجس باشا أنطون بنصيحة من الأنبا كيرلس الخامس، وتم تغيير اسم الجمعية إلى الجمعية القبطية الكبرى بالقاهرة، وفي 1907 انتخب جرجس باشا رئيسا لها، وتم تأسيس مستوصف خيري للجمعية التي سميت فيما بعد بالمستشفىى القبطي.
وبلغت‏ ‏القيمة‏ ‏الإجمالية‏ ‏لنفقات‏ ‏البناء‏ ‏والتأسيس‏ ‏نحو‏ ‏سبعين‏ ‏ألف‏ ‏ جنيه، جمعت من تبرعات أعضاء الجمعية، وساهم البابا كيرلس الخامس بمنزل في حارة شق الثعبان في شارع كلوت بك.
وأقيم حفل كبير بالأزبكية لافتتاح المستوصف، الذي أشرف عليه العديد‏ ‏من‏ ‏خيرة‏ ‏وكبار‏ ‏الأطباء‏ ‏والجراحين‏ ‏الأقباط‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏التخصصات ‏الطبية‏ ‏المشهورين‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الوقت، ‏وشكلت‏ ‏لجنة‏ ‏منهم‏ ‏تحت‏ ‏رعاية‏ الجمعية‏ ‏لإدارة‏ ‏المستوصف‏ ‏الطبي‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏يرأسه‏ ‏ويشرف‏ عليه ‏ ‏إبراهيم بك‏ ‏منصور‏، ‏بإجماع‏ ‏الأعضاء‏ ‏ على ‏ ‏انتخابه‏، ‏واعتبر‏ ‏أول‏ ‏مكان‏ ‏أهلي‏ ‏يقدم‏ ‏الخدمة‏ ‏الطبية‏ للمصريين‏ ‏مجانا‏. ‏
وبعدها نقل المقر إلى مكان المستشفي الحالي، ‏وتبرع الأعضاء بـ 730 فدانًا للصرف من ريعها على علاج الفقراء، وفي 1911 ‏اتفق‏ ‏أعضاء‏ ‏الجمعية‏ على ‏أن‏ ‏الحاجة‏ ‏ماسة‏ ‏لإنشاء‏ ‏أقسام‏ مختلفة للجراحة والتمريض وغيرها.‏
وبعد‏ ‏قيام‏ ‏الجمعية‏ ‏بإصلاح‏ ‏المنزل‏ ‏وإعداده‏ ‏إعدادا‏ ‏تاما‏، ‏افتتح‏ ‏المستشفي‏ ‏القبطي‏ ‏الكبير‏ ‏في‏ ‏مقره‏ ‏الثاني‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏في‏ ‏يوم‏ 14 ‏يونيو‏ ‏عام‏ 1913، ‏وتم‏ ‏إسناد‏ ‏رئاسة‏ ‏قسم‏ ‏الجراحة‏ ‏العامة‏ ‏بالمستشفي‏ ‏إلى‏ ‏الدكتور‏ ‏حبيب‏ ‏خياط‏، ‏وكان‏ ‏نائبه‏ ‏الدكتور‏ ‏إبراهيم‏ ‏المنياوي ‏من 1913 وحتي عام 1926، قررت‏ ‏إدارة‏ ‏المستشفي‏ ‏بإشراف‏ ‏جرجس باشا أنطون إنشاء قسم خاص للتمريض لتعليم الفتيات المصريات فن التمريض وأصوله.
وتولي‏ ‏الدكتور‏ ‏إبراهيم‏ ‏المنياوي‏ ‏مسئولية‏ ‏تدريس‏ ‏التمريض‏ ‏لفتيات‏ الدفعة الاولي، وكان ذلك أول تخريج لدفعة من الممرضات المصريات، ثم ‏نقل‏ ‏المستوصف‏ ‏الطبي‏ ‏الحالي‏ ‏من‏ ‏مقره‏ ‏الصغير‏ ‏إلى‏ ‏مكان‏ ‏أوسع‏، وكانت‏ ‏القاهرة‏ ‏وقتها‏ ‏بها‏ ‏مستشفيات‏ ‏عديدة‏ ‏متنوعة‏، ‏مثل‏ ‏المستشفي‏ الايطالي والفرنسي الذي أصبح الآن مستشفى الطيران.
وحضر‏ ‏حفل‏ ‏الافتتاح‏ ‏الملك فؤاد، ‏وولي‏ ‏عهد‏ ‏إثيوبيا‏، ‏والأمير‏ ‏محمد‏ ‏على، ‏ ‏والأمير‏ ‏عمر‏ ‏طوسون‏، ‏والزعيم سعد زغلول، ومصطفى النحاس ومكرم عبيد.


نوابغ الطب
كان المستشفى يضم العديد من نوابغ الطب، ومنهم نجيب باشا محفوظ ‏ ‏طبيب‏ ‏النساء‏ ‏الشهير‏، ‏وأول‏ ‏من‏ ‏أسس‏ ‏قسما‏ ‏لأمراض‏ ‏النساء‏ ‏والتوليد في‏ ‏مصر‏ ‏والعالم‏، ‏وقام‏ ‏بتوليد‏ ‏والدة‏ ‏الأديب‏ ‏العالمي‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏الذي‏ ‏سماه‏ ‏والده‏ ‏على ‏اسم‏ ‏الطبيب‏ ‏اعترافا‏ ‏له‏ ‏بالجميل‏ ‏وإنقاذه‏ ‏لطفله‏ ‏الصغير‏، ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏شهرته‏ ‏التي‏ ‏استمدها‏ ‏من‏ ‏ توليد‏ ‏الملكة‏ ‏فريدة ‏زوجة‏ ‏الملك‏ ‏فاروق‏.
وضمت أيضا ‏الجراح‏ ‏الكبير‏ ‏الدكتور‏ ‏إبراهيم‏ ‏فهمي‏ ‏المنياوي‏ ‏باشا‏، ‏وأيضا‏ ‏وزير‏ ‏الصحة‏ ‏الأسبق‏ ‏الدكتور‏ ‏نجيب‏ ‏باشا‏ ‏إسكندر‏ و‏الدكتور‏ ‏إبراهيم‏ ‏بك‏ ‏منصور ‏والدكتور‏ ‏نجيب‏ ‏باشا‏ ‏مقار‏ ‏أول‏ ‏من‏ ‏أنشأ‏ ‏قسما‏ ‏للمسالك‏ ‏البولية‏ على ‏‏مستوى‏ ‏مصر‏، ‏والدكتور‏ ‏شفيق‏ ‏شلبي‏، ‏والدكتور إسكندر جرجاوي والدكتور إدوارد المنقبادي وغيرهم من نوابغ الطب، وكانوا يعالجون الجميع دون تفرقة، وشيدت بالمستشفي كنيسة صغيرة وصيدلية لصرف العلاج بالمجان، وغرف عمليات متطورة.
وقد تبرع قداسة البابا القديس كيرلس السادس بإنشاء كنيسة على نفقته الخاصة في المستشفي وافتتحها ودشنها في 10 مايو 1962.
والمستشفي القبطي اسم يطلق على ثلاثة مستشفيات اثنان في القاهرة والإسكندرية والثالثة بالخارج، والثلاثة أسستها الكنيسة القبطية الأرثوزكسية، بعد‏ ‏قيام‏ ‏ثورة‏ يوليو أصدرت الحكومة المصرية في ستينيات القرن الماضي قرارا بإنشاء المؤسسة العلاجية التي تتبع وزارة الصحة، وضمت لها المستشفي القبطي. وأصبحت‏ ‏تعمل‏ ‏بما‏ ‏هو‏ ‏متاح‏ ‏لها‏ ‏من‏ ‏إمكانيات‏ ‏ضعيفة‏ ‏لا‏ ‏تستطيع‏ ‏القيام بشكل مجاني، ولكن بسعر أقل من المستشفيات الخاصة.
وكان‏ ‏المثال‏ ‏المصري‏ ‏الشهير‏ ‏محمود‏ ‏مختار‏ قد أنجز تمثالا في 1934 لجرجس باشا أنطون وما زال موجودا في مدخل المستشفي.
أما‏ ‏المستشفي‏ ‏الآخر‏ ‏فيوجد‏ ‏بمدينة‏ ‏الإسكندرية‏، ‏وتم‏ ‏تأميمه‏ ‏ ‏في‏ ‏ ستينيات‏ ‏ ‏القرن‏ ‏الماضي‏، ‏واستبعدت‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏من‏ ‏إدارته‏ ‏أيضا‏.
‏وفي 1942 ‏تأسست‏ ‏فيه‏ ‏كنيسة‏ ‏صغيرة‏ ‏جدا‏، ‏على ‏اسم‏ ‏العذراء‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الدور‏، ‏كانت‏ ‏عبارة‏ ‏عن‏ ‏حجرة‏ ‏صغيرة‏ ‏تقام‏ ‏فيها‏ ‏‏الصلوات‏ ‏اليومية‏ ‏التي‏ ‏كن‏ ‏ملتزمات‏ ‏بأدائها‏ ‏يوميا. وزار المستشفي القبطي بالإسكندرية البابا المتنيح كيرلس السادس في 10 مايو 1959. ‏

فرع كينيا
أما ‏فرع‏ ‏كينيا فهو‏ ‏المستشفي‏ ‏الثالث‏ ‏الذي‏ ‏تأسس‏ ‏عام‏ 1994 في كينيان وموجود ‏أمام‏ ‏المركز‏ ‏الصيني‏ ‏بشارع‏ ‏نجونج‏ ‏في‏ ‏العاصمة‏ ‏الكينية نيروبي ‏وافتتحه‏ ‏المتنيح‏ ‏قداسة‏ ‏البابا‏ ‏شنودة‏ ‏الثالث‏.
‏وانبثق‏ ‏هذا‏ ‏الصرح‏ ‏الطبي‏ ‏الكبير‏ ‏عن‏ ‏إنشاء‏ ‏أول‏ ‏كنيسة‏ ‏أرثوذكسية‏ ‏مصرية‏ ‏تأسست‏ ‏في‏ أفريقيا، ‏في‏ ‏كينيا‏ ‏عام‏ 1976 في عهد قداسته ليعالج آلاف المرضي.
ومركز‏ ‏الرجاء‏ ‏الطبي أهم‏ ‏ما‏ ‏يميز‏ ‏المستشفي‏ ‏هناك‏، ‏ومركز‏ ‏الرجاء‏ ‏الطبي‏ ‏يعالج‏ ‏المصابين‏ ‏بمرض‏ ‏الإيدز‏ hope Coptic Hospital، ‏المنبثق‏ ‏عن‏ ‏المستشفي‏، ‏و‏تأسس‏ على ‏يد‏ ‏نيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏بولس‏ ‏عام‏ 2004، ‏وتخصص‏ ‏المركز‏ ‏في‏ ‏علاج‏ ‏هذا‏ ‏المرض‏ ‏المنتشر‏ ‏في‏ ‏أفريقيا‏ ‏بكثافة، ‏ويتسبب‏ ‏في‏ ‏وجود‏ ‏عدد‏ ‏ضخم‏ ‏من‏ ‏الأيتام‏ ‏بعد‏ ‏موت‏ ‏آبائهم‏ ‏بهذا‏ ‏المرض‏، ‏وعددهم‏ ‏نحو‏ 11 ‏مليون‏ ‏يتيم‏.
‏ولاقي‏ ‏المركز‏ ‏نجاحا‏ ‏كبيرا‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏مراكزه‏ ‏المتعددة‏، ‏ولشدة‏ ‏إقبال‏ ‏المرضي‏ ‏عليه‏ ‏افتتحت‏ ‏ثلاثة‏ ‏فروع‏ ‏جديدة‏، ‏وتتم‏ ‏الخدمة‏ الطبية‏ على ‏يد‏ ‏أطباء‏ ‏متخصصين‏ ‏في‏ ‏علاج‏ ‏الأمراض‏ ‏المتوطنة‏ ‏في أفريقيا، ‏كما‏ ‏توجد‏ ‏مجموعات‏ ‏المساندة‏ ‏الاجتماعية‏ ‏التي‏ ‏يتمثل‏ ‏دورها‏ ‏في‏ ‏عقد‏ ‏فريق‏ ‏من‏ ‏كبار‏ ‏الباحثين‏ ‏اجتماعات‏ ‏أسبوعية‏ ‏للعمل‏ على ‏لتعزية‏ ‏ المرضي‏ وحل‏ ‏بعض‏ ‏مشكلاتهم‏ ‏المادية‏ إلى جانب الاجتماعات الروحية إلى‏ ‏جانب‏ ‏الاجتماعات‏ ‏الروحية‏ ‏لمجموعات‏ ‏العمل.
ويتعاون‏ ‏مع‏ ‏المركز‏ ‏فريق‏ ‏طبي‏ ‏ونفسي‏ ‏متخصص‏ ‏من‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏في‏ ‏كينيا‏، ‏وبعض‏ ‏الوكالات‏ ‏الأجنبية‏ ‏الأخري‏ ‏.
و‏مؤخرا‏، ‏نجح‏ ‏فريق‏ ‏طبي‏ ‏بالمستشفي‏ في‏ ‏إجراء‏ ‏جراحة‏ ‏معقدة‏ ‏ودقيقة‏ ‏للغاية‏ ‏تعد‏ ‏هي‏ ‏الأولي‏ ‏في أفريقيا ‏لإعادة‏ ‏زرع‏ ‏قدم‏ ‏مبتورة‏، ‏إثر‏ ‏حادث‏ ‏أليم‏ ‏تعرض‏ ‏له‏ ‏صاحبها‏.
‏ وقد‏ ‏قامت‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏مؤخرا‏ ‏بتعميم‏ ‏الخدمة‏، ‏وتفرع‏ ‏أنشطتها‏ ‏ ‏في‏ ‏معظم‏ ‏الدول‏ ‏الأفريقية‏، ‏من‏ ‏خلال‏ ‏إنشاء‏ ‏عدة‏ ‏فروع‏ ‏للمستشفي‏ ‏القبطي‏ ‏بكينيا‏، ‏وفي‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏الدول‏ ‏الأفريقية‏ ‏الأخري‏، ‏مثل‏ ‏زامبيا‏ ‏وتنزانيا‏ ‏والكونغو‏ ‏وغيرها‏. ‏



‏تكريم‏ ‏عالمي‏
وحقق‏ ‏المستشفي‏ ‏سمعة‏ ‏طيبة‏ ‏في‏ ‏أفريقيا‏ ‏في‏ ‏وقت‏ ‏قياسي‏ ‏جدا‏، ‏ما جعله‏ ‏هدفا‏ ‏لزيارة‏ ‏الشخصيات‏ ‏المهمة‏ ‏ على ‏ ‏مستوى‏ ‏العالم‏، ‏ففي‏ ‏نهاية‏ ‏مايو‏ ‏ 2007 ‏أقام‏ ‏الرئيس‏ ‏الأمريكي‏ ‏الأسبق‏ ‏جورج‏ ‏بوش‏، ‏حفلا‏ ‏كبيرا‏ بالبيت الأبيض، ‏لدعم‏ ‏وتكريم‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏الأرثوذكسية‏ ‏لحصول‏ ‏مركز‏ ‏الرجاء‏ ‏التابع‏ ‏للمستشفي‏ ‏القبطي‏ ‏في‏ ‏نيروبي‏ ‏عاصمة‏ ‏كينيا‏، على ‏ ‏المركز‏ ‏الأول‏ ‏عالميا‏ ‏في‏ ‏علاج‏ ‏مرضي‏ ‏الإيدز‏، ‏واستقبل‏ ‏الرئيس‏ ‏الأمريكي‏ ‏وقتها‏ ‏نيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏بولس‏ ‏أسقف‏ ‏عام ‏الكرازة‏ ‏بأفريقيا‏ ‏باعتباره‏ ‏مدير‏ ‏ومؤسس‏ ‏المستشفي‏، ‏وعبر‏ ‏له‏ ‏عن‏ ‏تقديره‏ ‏للجهود‏ ‏العظيمة‏ ‏التي‏ ‏تبذلها‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏في‏ ‏علاج‏ ‏ المرض‏ ‏المستعصي‏ ‏في‏ ‏القارة‏ ‏الأفريقية‏، ‏ومنح‏ ‏نيافته‏ ‏شهادة‏ ‏تقدير لأن المستشفي حققت أفضل نتائج على مستوى العالم في الإيدز.
وزارة‏ ‏ ‏أيضا‏ ‏أعضاء‏ ‏من‏ ‏الكونجرس‏ ‏الأمريكي‏، ‏وفي‏ ‏يوم‏ ‏الأربعاء‏ 14 ‏يناير‏ ‏عام‏ 2015 قام وزير الخارجية حينذاك برفقة وزير الصناعة والتجارة منير فخري عبدالنور بزيارة المستشفي ‏ ‏في‏ ‏نيروبي‏، ‏وكان‏ ‏في‏ ‏استقبال‏ ‏الوزيرين‏ ‏المصريين‏ ‏نيافة‏ الأنبا‏ ‏بولس‏ ‏أسقف‏ ‏عام‏ ‏الكرازة‏ ‏ومعه‏ ‏طاقم‏ ‏العاملين‏ ‏بالمستشفي‏، ‏حيث‏ ‏تفقدا‏ ‏المستشفي‏.
‏وأوضح‏ ‏نيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏بولس‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏المستشفي‏ ‏تم‏ ‏بناؤه‏ ‏منذ‏ ‏عام‏ 1992 تم توسيع المستشفي وتضاعف عدد المرضي إلى ألف مريض يوميا للعلاج من كل التخصصات. ويعمل بها نحو 80 طبيبًا مصريًا ونحو خمسمائة طبيب كيني ونخبة من الممرضات المصريات والكينيات.
وهكذا استطاعت الكنيسة على مدي قرن ونصف القرن أن تقدم للشعب المصري والشعوب الأفريقية الخدمات الروحية والإنسانية للجميع بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق.



المستشفيات الإنجيلية.. العلاج للجميع

قدمت الكنيسة الإنجيلية العديد من الخدمات الاجتماعية والإنسانية في مصر على مر تاريخها، حيث جاء المرسلون إلى مصر عام 1854، وبعد عامين بدأت الخدمة الطبية في أسيوط عام 1886 بفتح عيادة صغيرة في المدينة أدارها الدكتور" جوهانزتون" وتحرك منها إلى القري المحيطة بأسيوط لزيارة المرضي في منازلهم، وفي نفس التوقيت أيضا بدأ الدكتور" لانسنج" خدمته في نفس الموقع لمدة أربع سنوات، وفي عام 1891 جاء الدكتور "ل.هنري" مع أسرته وبدأ الخدمة من منزله أيضا إلى جانب العيادة الصغيرة وكان يقدم من أمواله الخاصة فصار نموذجا لأغنياء أسيوط ليدفعوا ثمن الدواء للفقراء.
وكما يذكر القس أميل زكي فإن مذكرات الدكتور هنري تشير إلى أن أحد المتبرعين قدم مائة جنيه مصري وكانت تساوي 500 دولار في ذلك الوقت، لأنه رزق بولد على يد الدكتور هنري بعد ولادة ثلاث بنات، واتسع العمل واستأجر عيادة من ست غرف لكي تكون نواة لقسم داخلي.
وفعلًا جاءت لمساعدته ممرضة من فيلادلفيا سنة 1896، وكبر المستشفي لتكون سعته 40 سريرا واضطر إلى شراء قطعة أرض أوسع، بني عليها المستشفي الأمريكي بأسيوط عرفت في ذلك الوقت باسم "اسبتاليا الدكتور هنري" وافتتاحها في 14 أكتوبر 1901.
ثم جاء إلى أسيوط أيضًا الدكتور بولك والدكتورة فينللي اللذان استمرا في الخدمة مع أطباء مصريين حتى سنة 1943، وبعدها زاد عدد الأطباء من المصريين، وأيضًا زاد عدد الممرضات، فقد تم فتح مدرسة للتمريض التي أعدت مع شقيقتها مدرسة لتمريض بمستشفي الأمريكان بطنطا أفضل عينة مدربة علميًا وعمليًا من الممرضات قبل أن تنتبه الجامعات المصرية لإنشاء كليات التمريض.
واستمر المستشفي يخدم أسيوط وما حولها وتخرج ممرضات حتى عام 1967 حين استلمت الحكومة المصرية إدارة المستشفي، إلا أن الكنيسة الإنجيلية الأولي بأسيوط قررت أن تواصل رسالة الخدمة الطبية برعاية الراحل القس باقي صدقة، وعاونه الشيخ الدكتور شادي جورج، فبدأ مستوصفًا بالكنيسة يخدم المجتمع كله عام 1983 مكون من غرفتين إحداهما للكشف الطبي والأخري لتغيير الجروح والعمليات الصغيرة، وامتد العمل بكل التخصصات والأشعة وأشعة الأسنان ومعمل تحاليل على أحدث تقنية بإشراف طبي متميز، وقد بلغ عدد المستفيدين من هذه الخدمة في مستوصف أسيوط في العام الماضي فقط أكثر من 150 ألف فرد، منهم نحو 80 % مسلمون.



وكشف القس أميل زكي، عن أن الكنيسة الإنجيلية المشيخية في طنطا بدأت الخدمة الطبية في عام 1869 عندما وصلت الطبيبتان الأمريكيتان أنا واطسن وكارولين لورنس مرسلتين عن الكنيسة المشيخية المتحدة بأمريكا، وبدأتا الخدمة الطبية في طنطا وبنها ثم تم شراء الأرض الحالية في طنطا عام 1901 وبدأ العمل بها في نفس العام ومن المصريين الذين تولوا المسئولية في مستشفى طنطا الدكتور زكي سلامة جنبا إلى جنب مع الدكتور بول جوناثان الذي انضم إلى المستشفي سنة 1947، وبدأت مدرسة للتمريض رسميا سنة 1994، وتولي الدكتور إسكندر خليل إدارة المستشفي سنة 1971، وحاليا يتولي سنودس النيل الإنجيلي – المجمع الأعلي للكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر الإشراف الكامل على المستشفي بسعة 120 سريرًا.

خدمة مصرية
وتابع" زكي" أن قادة الكنيسة الإنجيلية اهتموا بتقديم خدمة طبية بأموال مصرية بإدارة مصرية إلى جانب اشتراكهم بالخدمة بالإدارة في المستشفيات التي تمثلها الارسالية، وقد أنشئت لهذا الغرض الجمعية الخيرية الإنجيلية العامة 1946، وافتتحت عيادة بالفجالة 1950، وفي عام 1951 اشترت ارضا بشبرا تم افتتاحة باسم المستشفي الإنجيلي يوم 1 يوليو 1973.
وبعد تأميم المستشفي الإنجيلي في شبرا، بدأ التفكير في إنشاء مركز طبي إنجيلي بالقاهرة ليصبح ضمن المباني التي تم وضع حجر الأساس لها في الأزبكية سنة 1971، وقد قام بالمسئولية في بدء واستكمال وترخيص المركز الطبي الإنجيلي اثنان من أبناء الكنيسة الإنجيلية، وهما الدكتور فؤاد بخيت، والدكتور فؤاد بولس مرقص، وقد تم افتتاح المركز في مارس 1977 على مساحة 750 مترًا مربعًا وارتفاع عشرة أدوار، وبه مختلف أساليب الخدمات والرعاية الطبية.

المستوصفات
ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المستوصفات المحلية، ولكن أهمها مستوصف أسيوط الأولي، مستوصف كنيسة الفجالة بالعباسية، مستوصف كنيسة السراي بالإسكندرية، ومستوصف كنيسة بورسعيد، ومستوصف المنيا وغيرها الكثير.
كما أن العديد من الأطباء أبناء الكنيسة كانوا وما زالوا يقبلون حالات للعلاج مجانًا بتوصيات من الكنائس المحلية والرعاة، وكانت كل هذه امتدادًا للخدمة الطبية التي بدأتها الإرسالية في أسيوط وطنطا
ويؤكد القس أميل زكي، أن خدمة الكنيسة الاجتماعية لا بد أن تسير مع خدمتها الروحية لأنها في تأثيرها الاجتماعي تسعي لكي تزرع في الإنسان روح المحبة العملية والتعاون انطلاقًا من لاهوت الشركة، فالكنيسة هي جماعة الله التي خرجت من العالم لا لتستريح على جبل الشركة، بل لتنزل إلى الأرض مؤيدة بقوة الروح القدس لخدمة العالم المحتاج، وعلي قدر تحررها من العالم على قدر ما تكون خدمتها قوية ومؤثرة في العالم.



جمعية الصعيد.. 80 عاما من التنمية على يد راهب يسوعي
تستمر مسيرة تنمية الكنائس في مصر في تقديم العمل الأهلي، فمن من المساعي الخيرية القبطية 1881 إلى تأسيس جمعية الصعيد للتنمية 1940، ومن الاهتمام بالصحة لجمعية المساعي الخيرية وتأسيس المستشفي القبطي 1920، إلى اهتمام الآباء اليسوعيين في الكنيسة الكاثوليكية بالتعليم في الصعيد.
وتحتفل جمعية الصعيد للتربية والتنمية هذا العام بمرور 80 عاما على تأسيسها، حيث أسس الجمعية الاب هنري حبيب عيروط (1907 – 1969) وكان ابنا لمهندس مصري من أصل شامي ومن وسط الأغنياء في هذا الوقت، ونشأ عيروط بالقاهرة وتعلم بمدرسة العائلة المقدسة (الجيزويت)، وكان متوقعًا أن يمارس حياته العملية كوالده ولكنه خطط لغير ذلك.
وفي عام 1940، أسس مدارس التعليم المجاني بالصعيد المعروفة حاليًا بـ"جمعية الصعيد للتربية والتنمية" (AUEED) وبدأت الجمعية بجمع تبرعات واعتمدت على متطوعين لإصلاح مدارس الفصل الواحد وإنشاء مدارس جديدة بالقرى الفقيرة. أيضًا دعا عيروط المؤسسات الدينية في مصر لإدارة بعض المدارس والخدمات الريفية، حيث وصل عدد المدارس إلى 122 في عام 1950.
لكن رؤيته للتعليم والعمل الاجتماعي في الصعيد لم تأت من فراغ، ففي شبابه سافر كثيرًا للريف ولاحظ الفلاحين وتأثر جدًا بفقرهم وهمومهم، وكان دائمًا يشعر أن الله يدعوه لخدمة هؤلاء.. فقرر أن ينضم للرهبنة اليسوعية (الجيزويت) وكرس حياته لخدمة الفقراء، ثم سافر عيروط إلى فرنسا لدراسة اللاهوت والفلسفة وعلم الاجتماع وحصل على دكتوراة من جامعة ليون بفرنسا عام 1938.
وكانت رسالته العلمية عن الفلاح المصري وتم نشرها بعد ذلك بعنوان "أعراف وعادات الفلاحين" وتم ترجمتها من الفرنسية إلى الإنجليزية والعربية. تلك الرسالة ناقشت تفصيليًا صراعات وكفاح الفلاح المصري الذي كان يعتبره الأب عيروط هو حجر الزاوية للمجتمع المصري.
لم يكن تركيز الأب عيروط الأساسي على الأرض الزراعية أو الاقتصاد الزراعي، لكن كان بالأساس الفلاح كإنسان لأن الإنسان يأتي أولًا.
وأرسى الأب عيروط مفهوم – لم يكن مألوفًا في ذلك الوقت- وهو أن إبادة الفقر مسئولية اجتماعية.. وقال: "حدث فصل بين الطبقة العليا والدنيا بالمجتمع، بين المدينة والريف، بيننا وبينهم.. إنه واجب علينا أن نحرر الفلاح.. هذا واجب على الطبقة العليا وعلى المستفيدين من الفلاح".
وعند عودته للقاهرة عام 1939، تولى الأب عيروط مسئولية أكثر من مدرسة ذات الفصل الواحد بقرى الصعيد، ودعا النخبة من المجتمع المصري لمساعدته لتغيير حياة الفقراء، وبدأ أولًا من خلال التعليم ثم توسع في نطاق خدمات أكثر وأنشطة للتنمية البشرية.
كما أصدر مجلة "هم ونحن" ومن خلالها شجع الشباب والميسرين لمساعدة الفقراء، كان مؤمنًا أنه واجب على الأغنياء والمتعلمين للمساعدة – ليس فقط بالمال، ولكن بتقديم جزء من حياتنا وأنفسنا للفقراء.
وقال الأب عيروط: " المشكلة تتمثل في تحمل وتحقيق المهمة التعليمية التي تتطلب المزيد من التفاهم، والعناية الشخصية والاهتمام والحب أكثر من لجان وخطب ومراسيم رسمية"، فقد طالب ونادى بالتعامل الشخصي مع هذا المجتمع لأنه بهذه الوسيلة فقط ممكن أن ترفع رجلًا.
ولم يكن الهدف الأكبر من الجمعية التعليم فقط، فتعليم الجيل الصغير كان النواة التي من خلالها ظهرت أنشطة كثيرة لخدمة هذا المجتمع الفقير – مسلم ومسيحي سواء. فتم إنشاء مستوصفات لتوفير الرعاية الصحية، وفصول غير رسمية للمتسربين من المدارس والأميين، ومحو أمية، وعمل تدريب مهني، وإنشاء مراكز اجتماعية، وبرامج تمكين الإناث، وعمل ورش عمل للتوعية البيئية، دمج المعاقين وأيضًا مراكز لإحياء التراث.
وكان الهدف الحقيقي للجمعية تنمية مجتمع كل قرية بالكامل وليس التعليم فقط. في البداية سعت الجمعية لمساعدة الفلاحين وإدراك قيمتهم الفريدة ورفع درجة احترامهم لذاتهم. ومن الأهداف الرئيسية أيضًا كان تحسين وضع المرأة في الصعيد واكتشاف المواهب المدفونة داخلهم، تشجيع الإبداع والابتكار ورفع مستوى الوعي والمساواة بين الجنسين.
ويخضع العاملون بالمدارس والمستوصفات والمراكز الاجتماعية إلى تدريبات مستمرة لتحسين مهاراتهم المهنية وتعريفهم كيفية التعامل بنهج إنساني في التنمية الاجتماعية.