البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

السيسي وصناعة الأمل


إن المتأمل في عصري مبارك ومرسي يجد ضمن أوجه التشابه الكبيرة بينهما أنهما كانا خبيرين بحق في صناعة الإحباط واليأس وتوزيعه على الشعب المصري ليل نهار؛ فمبارك حاول توريث ابنه حكم مصر بما فيها وبمن عليها في صورة منقولة من إقطاعيات القرون الوسطى دون اعتبار لهذا الشعب أو مؤسساته، كما أن مرسي حاول تمكين جماعته من مفاصل الدولة المصرية فيما عُرِف بالأخونة، فكان الشعب لهما بالمرصاد، حيث انتفض في ثورتين متتاليتين ضد حكمهما وأزاحهما من سُدة السلطة، وأزاح معهما كل تراث القهر واليأس والإحباط.
وبدأت منذ الثالث من يوليو الماضي مع إعلان خارطة المستقبل صناعة جديدة في مصر لم تشهدها طوال ما يزيد عن ثلاثة عقود وهى صناعة الأمل .. الأمل في الغد .. الأمل في بكرة .. في حياة كريمة وآمنة ومستقرة لكل المصريين على اختلافهم رجالا وشبابا ونساء.. وهو الأمل المفقود الذي لم يجده الشباب في عصري مبارك ومرسي فكانوا هم طليعة الثورتين اللتين أودت بهما إلى غياهب ظلمات التاريخ الذي لن يذكرهما بخير بين صفحاته.
ولعل اختيار المشير السيسي لمسمى "خارطة المستقبل" كان بداية موفقة لتدشين خطوط إنتاج صناعة الأمل في الوطن المحبط لتعطيه جرعة من التفاؤل في المستقبل.. فيما هو آتٍ ويُنسيه كل ما مضى من سوْءات. ولم يكتفِ السيسي بهذا فقط بل إنه أطلق شعارا عبقريا يعطي الشعب مزيدا من الأمل وهو "مصر أم الدنيا.. وهتبقى قد الدنيا" وهو شعار يخاطب جينات الدافعية والإنجاز لدى المصريين، والتى غالبا ما يتم استنهاضها في الأوقات الحرجة والعصيبة من عمر الوطن، وجدنا هذه الجينات تعمل بكامل طاقتها في أثناء العدوان الثلاثي على مصر في 1956 وفي أثناء حرب أكتوبر 1973، وأدرك السيسي أنه قد آن الأوان لاستنهاض هذه الجينات وحثها على العمل والإنتاج للانطلاق بسفينة الوطن إلى الأمام .
وبالفعل لم يخيب الشعب المصري أمل المشير السيسي حيث انطلق هذا الشعب يعمل في رصف الطرق وإنشاء الكباري وإصلاح ما أفسده الإخوان في ميداني رابعة والنهضة وما حرقوه من جامعات وكليات وما دمروه من مديريات أمن وأقسام شرطة ومتاحف وكنائس، ليثبت هذا الشعب أن إرادة الحياة والعُمران لابد أن تنتصر على الرغبة في الموت والدمار.
ليس هذا فقط بل إن المؤشرات الاقتصادية تحسنت كثيرا منذ ثورة 30 يونيو ليرتفع التقييم الائتماني لمصر مرتين متتاليتين من قبل منظمات اقتصادية دولية، كما صعد مؤشر البورصة المصرية لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 إلى ما يزيد على 8000 نقطة، كدلالة قاطعة على الأمل في مستقبل الاقتصاد المصري في الفترة القادمة، وهناك بعض خبراء الاقتصاد الذين يذهبون بأنه إذا أعلن المشير السيسي ترشحه للرئاسة فإن هذا المؤشر سيرتفع 1000 نقطة دفعة واحدة، وسيستمر في ارتفاعه حتى يصل إلى 11000 ألف نقطة مع نهاية العام 2014 ، وهو ما يمكن ترجمته إلى عشرات المليارات من الجنيهات.
ومن بين منتجات صناعة الأمل في الآونة الأخيرة ذلك الخبر المهم الخاص بتنصل الاتحاد الأوروبي من جماعة الإخوان بما يمكن أن يفتح باب المساعدات والتعاون مع مصر في نهضتها خلال الفترة القادمة، وكذلك تطلع الاتحاد الأفريقي ودول الكوميسا لمشاركة مصر في أنشطتهما بعد الانتهاء من خارطة المستقبل بانتخاب الرئيس والبرلمان، والدور القوي الذي تقوم به الخارجية المصرية في التعامل مع ملف سد النهضة الأثيوبي.
وبعد أن خفتت معدلات الإنجاز أو تلاشت في عهد الإخوان وجدنا حركة دؤوبة تدب في أوصال الدولة المصرية لم تشهدها منذ زمن طويل، فهذه مشروعات لإسكان الشباب، وتلك مشروعات للنهوض بالمناطق العشوائية، وثمة مشروعات يتم إنجازها لمحطات توليد الكهرباء لتدخل الخدمة قبل حلول الصيف المقبل، علاوة على افتتاح المرحلة الثانية من الخط الثالث لمترو الأنفاق الذي سيصل إلى مصر الجديدة في أبريل القادم مع الإعلان عن توفير اعتمادات المرحلة الثالثة.

ورغم النقد الشديد الذي لاقته حكومة الببلاوي، فإنه إذا لم يحسب لهذه الحكومة سوى إقرار الحد الأدنى للأجور لكفاها، رغم توليها المسئولية في ظروف عصيبة.
وجاء تكليف المهندس محلب رئيسا للوزراء لتستمر صناعة الأمل في مصر، وهو ما بدا واضحا من الكلمة التي ألقاها أمس رئيس الوزراء المكلف، والتي منحت الأمل لجموع المصريين في وضع المواطن المصري والعامل المصري نُصب عينيه، والتي طلب خلالها دعم كل المصريين للحكومة الجديدة التي جاءت لكي تعمل من أجلهم.
إن الأمل هو الذي يعطي للحياة معنى ومغزى، والمصريون إذا استشعروا الأمل في الغد فإنهم سوف يفجرون كل طاقاتهم للوصول إلى غد مشرق وآمن ومستقر، ولن يحول بينهم وبين الغد أي عقبات ليجد هذا الوطن مكانته التي يستحقها بين الأمم.