البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

زمن التعليم فقط


لاشك إن الطفرة التعليمية التي يعيشها أبناؤنا في المدارس، تحمل في طياتها خيرا كثيرا من المعلومات عبر وسائل الاتصال وشاشة التلفزيون، ولكن يغيب عنهم الاحتكاك المباشر مع المدرس، فقد أصبحت المدارس للنشاط فقط، وهذا في حد ذاته يحيل المدارس عن نهجها التعليمي، وهي التربية، فقد غاب مدرس الفصل الذي يقوّم سلوك الطالب حتى إذا أخذ شيئا دون قصد من زميله، أو تصرف بعشوائية وغيرها من هذه الأمور، التي كنا نضج منها إلا أنها تأتي في النهاية بتقويم سلوك يحمل الثواب والعقاب.
أما الآن فالمدرس أصبح ملقنا، أو مساعدا، أو محاضرا، فإذا شرح في الفصل يلام على هذا، فهو فقط كما قال الوزير يساعد الطلاب في حل التدريبات لدرس لم يشرحه فقد اعتمد الطلاب على جهاز المحمول أو البرامج التليفزيونية، التي هذ أيضا عبارة عن تلقين، مما جعل أولياء يستقدمون هؤلاء المدرسين إلى بيوتهم لشرح الدروس في صورة دروس خصوصية، وعلى رأي المثل (ودنك منين يا حجا).
إن التعليم في مصر أصبح مكلفا جدا، فلم يعد كالماء والهواء، بل إنه طار في الهواء.
أين التعليم والتدريب وفتح المعامل، وإجراء التجارب؟، وفرحة الطلاب بها، عن أفلام الفيديو، لا تغني عن ممارسة الطالب بنفسه، ثم ما هي الأنشطة التي يمارس الطالب في المدرسة في غيبة، المسرح، الصحافة والإذاعة،؟ وغيرها فقد تقلص أعداد الطلاب وهذا طبعا لظروف الكورونا، فلا اختبارات للتقويم، وقد خفضت المناهج وعدد الحصص.
إن طلابنا بارعون في التعليم الإلكتروني جدا ويفهمون كل شيء في أجهزتهم المحمولة، ويقدمون برامج، ويعرفون كل ما هو جديد لحظة بلحظة، حتى الأحداث السياسية، فهل يسمى هذا تعليما جيدا؟ّ! دون رقابة، إن استخدم الحواس الخمس مع التلميذ يجعله أكثر ممارسة وأكثر خبرة فيما بعد، دون الاعتماد على حاستي السمع والبصر، فقط، فأصبح الطالب مستقبلا، لا مناقشا ولا ممسكا لقلم، ومن ثم أصبحت خطوط التلميذ رديئة جدا ؛ معتمدين على الكتابة جهاز التابليت والمحمول وتحميل البرامج والحل الإلكتروني فقط، كما لم تعد للمكتبة المدرسية وقد استعاض عنها بالمكتبة الرقمية، بعد أن كان الطالب يمسك الكتاب بيديه ويحفظ صفحاته، ويلخص ما بالكتاب، فحاسة اللمس هي التي تذكر الطالب حتى بمكان الكتاب، ويعلمه كيف يكون صديقا للمكتبة، هذه الطريق هي ما خلفت لنا أدباء وشعراء وفنانين، وعلماء،ومثقفين في جميع المجالات، فصحيح أن التعليم الإلكتروني مهم جدا، ولكن ليس هو كل شيء، فالتربية ثم التربية وأحوجنا إليها. 
إن حضارة الشعوب، تقاس بالنقش والتأثير في النفوس.