البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

المسئولية الجنائية عن أفعال اللاعبين في الملاعب


من الواقع الفعلي والتاريخي، فقد درجت أنظمة كثيرة من دول العالم، على عدم  التفكير في المحاكمة الجنائية للطيار المدني عند تعرض الطائرة التي يقودها لحادث ينتج عنه أضرارا للطائرة  أو الركاب  أو البضائع  أو مباني أو أفراد أو معدات على الأرض مكان سقوط الطائرة. حيث يتم الاكتفاء بالتحقيق الفني بمعرفة الأجهزة المختصة، حتى لو نجا الطيار من الحادث. كما أن بعض الدول المتقدمة، قد تحاكم الطيار وتوقع عليه العقوبة الجنائية المستحقة، إذا كان الحادث قد وقع منه بسب يعود إلى إهماله في أداء واجباته ومسئولياته.

وذات الشيء – وبطريقة أوسع ـ لا تتم محاكمة لاعب كرة القدم [أو أي لعبة أخرى] الذي يتسبب عمدا في إصابة لاعب أخر بإصابة جسيمة، ربما تبعده عن الملاعب لمدة قصيرة أو طويلة أو بصفة دائمة. وما يستتبعها من خسائر للاعب وأسرته والنادي الذي ينتمي له اللاعب المصاب، وربما للمنتخب القومي الذي يلعب له اللاعب، وغير ذلك. وربما تفاعل الكثيرون من المصريين والإنجليز مع نجم فريق ليفربول محمد صلاح عندما تسبب لاعب ريـال مدريد في إصابته إصابة بالغة [أجمع الكثيرون على أنها متعمدة] أبعدته مدة عن ناديه وفريق مصر.
ومن اللافت للنظر أن القوانين المدنية والجنائية للدول تعاقب من ارتكب ضد الغير فعلا سبب ضررا، مما يستوجب توقيع العقوبة الجنائية ان كان لها مقتضى، مع الإلزام بالتعويض الجابر للضرر. ودون الدخول في تعقيدات قانونية، فأركان الجريمة ثلاث:
1ـ الركن القانوني (حيث لا جريمة ولا عقوبة الا بنص) وقد نصت المادة 95 من الدستور المصري الحالي على أن: العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
2ـ الركن المادي (ويتكون من ثلاث عناصر) احداث السلوك وتحقق النتيجة ورابطة السببية. [مثال: سلوك عنيف من اللاعب س ضد اللاعب ص، نتج عنه كسرا في اليد أو الساق للاعب ص، وكان هذا السلوك هو السبب في احداث هذا الضرر، وليس سببا خارجيا أخر]
3ـ الركن المعنوي [أو ما يعرف بالقصد الجنائي] وهل كان الأمر متعمدا أو لا. وهل اتجهت إرادة الفاعل إلى ارتكاب الفعل، وهل كان عالما بخطأ ذلك أم لا؟ حيث يختص قاضي الموضوع ببحث ذلك وبيانه {خاضعا لرقابة محكمة النقض} وهناك بعض الجرائم يكون فيها توافر القصد الجنائي مفترضا وليس في حاجة إلى البحث والتمحيص من قاضي الموضوع.
وتنص المادة244 من قانون العقوبات المصري على إن " من تسبب خطا في جرح شخص أو إيذائه بان كان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مده لا تزيد على سنه وبغرامة لا تجاوزمائتي جنية أو بأحدي هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مده لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين إذا نشا عن الإصابة عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطا الذي نجم عنه الحادث أو نكل وقعت الحادث عن مساعده من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك وتكون العقوبة بالحبس إذا نشا عن الجريمة أصابه أكثر من ثلاثة أشخاص فإذا توافرت ظروف أخري من الظروف الوارده في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مده لا تقل عن سنه ولا تزيد على خمس سنين ".
كما تنص المادة 163 من القانون المدني المصري، على:
" كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. "
ثم أعقبتها المادة 164 بما يزيدها تأكيدا حين نصت على أنه: " يكون الشخص مسئولا عن أعماله غير المشروعة متي صدرت منه وهو مميز"
ويقدر القاضي مدي التعويض عن الضرر الذي لحق بالمضرور طبقا لأحكام المادتين 221، 222 مراعيا في ذلك الظروف الملابسة.
والمضرور في حالة اللاعب الذي تم إصابته عمدا، لا يكون فقط اللاعب المصاب ذاته، وإنما يكون أيضا النادي الذي يلعب له، وربما يمتد الأمر إلى أطراف أخرى. كما يمكن طلب التعويض بالتضامن بين اللاعب المخطئ والنادي الذي يلعب له والمحرض إن وجد.
وكبداية يمكن للاتحاد المصري لكرة القدم أن يفرض على أندية الدوري الممتاز [كمرحلة أولى] أن يقدم بوليصة تأمين بمبلغ 250 مليون جنيه مصري [على سبيل المثال] لدفع التعويضات للفرق المنافسة في حالة التسبب عمدا في إصابة أحد لاعبي تلك الأندية.
وفي جميع أنحاء العالم، يتم إجبار شركات طيران الركاب على تقديم بوالص تأمين لصرف تعويضات للأضرار التي تقع على الركاب وحقائبهم وأي طرف ثالث، وإلا لا يتم التصريح لتلك الطائرات بالطيران. وبالطبع هذا لا يمنع من العقوبات الجنائية ان كان لها مقتضى.
ومن الجدير بالذكر، أن بعض اللاعبين ذوي الأجسام الضخمة والقوة البدنية الكبيرة، ممن يشغلون مراكز دفاع في الملعب، قد يعمدون للخشونة المفرطة ضد المهاجمين المهرة، من ذوي الأجسام الصغيرة، والأوزان الخفيفة. وهنا لا نقول أنه على اللاعب أن يلعب وهو خائف من العقاب، وبالتالي تفسد المنافسة ويقل التحدي، لكننا نقول إنه لا بد وأن ينتهي زمن غياب الضمير وانعدام المسئولية بتعمد إصابة لاعب زميل دون ذنب أو جريرة.