البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

تدمير أسطورة «جبل الحلال».. ملحمة تروي بطولة الجيش المصري

البوابة نيوز

يسطر رجال الجيش المصرى تاريخ بلادهم من ذهب وما زالوا يقدمون أرواحهم فداء للوطن ضد كل معتد، فالحروب والأعداء مستمران حتى لو اختلفت أشكالهما وأساليبهما الدنيئة، وكما شهدنا النصر العظيم في أكتوبر فإن القوات المسلحة المصرية العظيمة تقود حربا ضد الجماعات المتطرفة والإرهاب الأسود، والتصدى بكل قوة وحسم لكل من يثير الفوضى ويرغب في عدم استقرار البلاد، حيث يعد عام ٢٠١٧ مضيئا بإنجازات أبطال القوات المسلحة في محاربة الإرهاب لما شهده من كشف مخططات وبؤر للتكفيريين ومكافحتها ماديا وفكريا وسياسيا ونفسيا أيضا، حيث أدت هذه العمليات إلى انخفاض معدل العمليات الإرهابية بين عام ٢٠١٥ و٢٠١٧ حتى الآن، بعد القضاء على البؤر والأوكار والمخابئ الخاصة بهم وتصفية المئات من هؤلاء الإرهابيين القتلة.



القضاء على «أسطورة جبل الحلال»
قدم رجال الجيش المصرى أرواحهم فداء للوطن وشهدنا النصر العظيم الذى حققه أبطال الجيش الثالث عن أضخم عمل في القضاء على الإرهاب خلال فبراير ٢٠١٧ باقتحام «جبل الحلال»، والسيطرة على أكبر وكر ومعقل للإرهابيين والتكفيريين، «جبل الحلال» بسيناء من الإرهابيين، وقام بتدمير مخازن الأسلحة والذخيرة بتلك المنطقة التى اتخذتها الجماعات الإرهابية مأوى لها على مدى سنوات خاضت من خلالها القوات الباسلة حربا ضروسا ضد هؤلاء الإرهابيين المجرمين في شبه جزيرة سيناء، ونجح خير أجناد الأرض في تدمير أهم نقطة ارتكاز ومعقل وكهوف للإرهابيين، والتى تعد ملحمة وطنية جديدة تضاف إلى الملفات والسجلات المشرفة التى تمتلئ بالبطولات لرجال القوات المسلحة المصرية، والتى قضت على آخر معاقل الإرهابيين في سيناء بعد انتشار الحكايات والأقاويل باستحالة دخول جبل الحلال الذى حصنته الجماعات الشيطانية لكنه في النهاية انهار عليهم وتم دفنهم به.

جبل الحلال
جبل الحلال بشمال سيناء يبعد نحو ٦٠ كم إلى جنوب العريش، وهو يعتبر سلسلة من الهضاب تمتد من الشرق للغرب، يبلغ ارتفاعه ١٧٠٠ متر فوق مستوى سطح البحر،ويمتلئ بالمغارات والكهوف والشقوق التى يصل عمقها إلى ٣٠٠ متر.
ترجع العمليات الإرهابية في منطقة جبل الحلال في أكتوبر ٢٠٠٤ بعد تفجيرات استهدفت فندق هيلتون طابا، وفى عام ٢٠٠٥ تكررت تفجيرات شرم الشيخ التى استهدفت منتجعا سياحيا جنوب شبه جزيرة سيناء.
وفى عام ٢٠١٢ حدث الهجوم الإرهابى على الجنود المصريين برفح في شهر رمضان المبارك، والتى أدت إلى استشهاد ١٦ ضابطا ومجند مصرى، وكان رد الفعل من الجيش المصرى للرد بأكبر وأقوى عملية عسكرية في سيناء ضد الإرهاببين وكانت العملية « نسر».اقتحام الجبل 
ووفقا لتصريحات صحفية آنذاك، للواء أركان حرب محمد الدش، قائد الجيش الثالث الميدانى، وبحضور المحررين العسكريين، من خلال كلمته أوضح أن ما قامت به قوات إنفاذ القانون من أبطال الجيش الثالث الميدانى في تطهير جبل الحلال من البؤر الإرهابية والتكفيرية وجميع العناصر الإرهابية الخطيرة، هو عمل بطولى سبقه إعداد جيد وعلى مستوى عال لقوات الاقتحام، وبالإعداد البدنى والقتالى نظرا لطبيعة تضاريس الجبل الوعرة والصعبة، كما أن عنصر جمع معلومات حول الجبل والعناصر التى تختبئ به من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة كان له أثر مهم في عملية الاقتحام والتطهير الجبل، وأضاف «الدش» خلال كلمته، أن جبل الحلال يقع وسط سيناء ويبلغ طوله ٦٠ كيلومترا وعرضه نحو ٢٠ كيلومترا وارتفاعه ١٠٠٠ متر ونتيجة طبيعة الجبل وتضاريسه أصبح ملاذا وبؤرة للعناصر الإرهابية ما كان يشهد تهديدا على أمن منطقة سيناء.



حق الشهيد
والجدير بالذكر أنه نجح رجال القوات المسلحة في نفس توقيت ملحمة جبل الحلال في فبراير ٢٠١٧ بتصفية ٥٠٠ إرهابى وتدمير ١٣٠ سيارة في ١٠ فبراير ٢٠١٧، واستهداف ٢٥٠ من المخابئ ومناطق تجمع تلك العناصر الإجرامية، وذلك عبر مراحل عملية حق الشهيد شمال سيناء وفقا للبيانات الرسمية.
وكشفت قوات الجيش عن ١٠٢٥ طنا من المواد المتفجرة وثنائية الاستخدام والتى تستخدم في صناعة العبوات الناسفة، بهدف إمداد العناصر الإرهابية شمالى سيناء بها.
وضبطت شبكات تعمل على تصنيع الدوائر الكهربائية وبعض التشكيلات التى تقوم بتوفير الدعم المادى واللوجستى التى تتعامل مع شركات صرافة وسياحة، وضبط ١١٥ مليون جنيه.



نتائج 
مقتل ١٨ من العناصر شديدة الخطورة، القبض على ٣٢ آخرين، وضبط ٢٩ دراجة نارية مفخخة، وأطنان من المواد شديدة الانفجار، حرق عدة أفدنة حول الجيل كانت مزروعة بالمواد المخدرة، واكتشاف ٢٨ كهفا و٨ مغارات، ومخازن بالجبل، ضبط عدد من مخازن الأسلحة ومواد لتصنيع العبوات الناسفة، وفقا لتصريحات قائد الجيش الثالث.
وفى تقرير صادر عن مركز السلام والاقتصاد العالمى للدراسات أن مصر شهدت في عام ٢٠١٨ تقدما ملحوظا في مكافحة الإرهاب طبقا للمؤشر وخرجت من نطاق أكثر ١٠ دول متأثرة بالإرهاب.
وأشاد التقرير بأن انخفاض معدل المتضررين والشهداء من جراء الحوادث الإرهابية إلى جهود رجال الجيش المصرى في التصدى للإرهاب، وأنه نجحت الأجهزة الأمنية في مصر خلال عام ٢٠١٨ بنسبة وصلت إلى ٩٠٪ مقارنة بعام ٢٠١٧.
وأوضح التقرير أن عدد العمليات الإرهابية انخفض خلال ٢٠١٩ بنسبة ٣٧٥.٥٪، وتهاوى من ١٦٩ عملية إرهابية إلى ٤٥ عملية فقط ويرجع ذلك لزيادة نشاط مكافحة التنظيمات الإرهابية في سيناء ضد العناصر التكفيرية.



تدمير أكبر مركز للاتصالات 
قال اللواء أ.ح حمدى بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، يعد جبل الحلال هو قاعدة الانطلاق التى تنطلق منها المجموعات التى تنفذ في منطقة الطوارق التى تنحصر بين رفح والعوجة وجبل الحلال الشرقى ومنطقة الميدان جنوب العريش، وتلك المنطقة كانت مستطيل النشاط للجماعات الإرهابية وهناك يقع أهم المعالم والمدن والقرى والتعداد الأكبر، لذلك نقطة الانطلاق لدى الإرهابيين كانت في جبل الحلال.
وأشار إلى أماكن التخزين والمتفجرات والأسلحة والذخائر وأجهزة الإشارة والمعدات ومركبات كانت في المغارات بجبل الحلال، وقيام الجيش بتدمير هذه البؤرة أدى إلى أن هذه الجماعات ضعيفة على الأرض ومشتتة في أماكن كثيرة وأصبحت القيادة والسيطرة ضعيفة، كذلك ضربة جبل الحلال أربكت الاتصالات لأنهم كانوا يعتمدون على جبل الحلال كقاعدة للاتصالات وباستخدام الحواسب مع الأقمار الصناعية، لأنهم بهذه الأعمال يقومون بالتواصل والاتصال مع أجهزة استخبارات خارج مصر توجههم وتدعمهم لوجستيا والمد بالمعلومات.

الانتصار 
قال الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، وخبير الحرب النفسية ومتخصص في تحليل سلوك الإرهابى، إن معركة جبل الحلال ليست معركة عسكرية فقط بل هى معركة عقيدة وروح قتالية عالية وشعور بالكفاءة النفسية والقدرة على الانتصار والإيمان بالقضية الحقيقية التى يحاربون من أجلها، ومحاربة جماعات تساندها دول وقوى شر وتمتد بالدعم المادى واللوجستى ومنظومة كاملة.
وأضاف أن النظام السياسى الحالى هو أول نظام في تاريخ مصر يعتمد على المواجهة الحقيقية والمباشرة للإرهاب وضربه في معقله والذهاب إليه، وسابقا كان الإرهاب هو صاحب اليد العليا ويتفاوضون معه وإعطائهم مكتسبات ليست من حقهم للحد من شرهم.



بطولات
وقال اللواء حسام سمير، الخبير الأمني، إنه منذ أحداث يناير عام ٢٠١١ وما أعقبها من تسلل الكثير من العناصر الإرهابية إلى سيناء مستغلين حالة الفوضى التى مرت بها البلاد واستقواء تلك العناصر بالحكم الاستبدادى العنصرى للإخوان المتأسلمين للبلاد، والقدرة على التواصل مع الأجهزة الاستخبارية لبعض الدول المعادية فاستطاعت تلك الجماعات متعددة التسميات أن يتوافر لها أعلى التقنيات في مستوى الاتصالات وتقنية التكنولوجيا من خلال غطاء مخابراتى عسكرى لتلك الدول الكارهة لمصر والدفع بالعناصر المجندة والمدربة إلى أرض سيناء من خلال الإنفاق غير الشرعى على حدود الجانب الشرقى للبلاد وكان الهدف من ذلك فصل جزء كبير من أراضى شمال سيناء لإقامة ما يسمى بولاية سيناء، واستقوت تلك الجماعات الإرهابية بالخونة والعملاء وشنت عدة هجمات متوالية ضد قوات الشرطة والجيش.
وأضاف أن جبل الحلال أصبح يمثل ملاذا آمنا لهم، وكان لقرار القيادة السياسية في اقتحام الجبل بعدا أمنيا واستراتيجيا في حسم رحى المعارك الممتدة بين تلك العصابات الأثمة وبين رجال الشرطة والجيش مهما كانت الخسائر والتضحيات وكان ليحدث هذا أن يتم التنسيق التام بين القيادة العسكرية وبكل أفرادها مع أجهزة المعلومات المعنية من أجل وضع خطة مناسبة تعتمد على معلومات دقيقة وحقيقية ودراسة شاملة لطبوغرافيا المكان.
ولفت إلى أنه بعد وضع الخطة المناسبة من خلال المراقبات التى امتدت على مدى اليوم وساهم فيها القبائل السيناوية التى تقيم بتلك المنطقة، والتى تطلبت قدرا عاليا من المهارة والقدرة على الإخفاء والتمويه والخداع للعدو جاءت المرحلة الثانية وهى التدريب على تنفيذ الخطة، فتم انتقاء الأفضل من عناصر الصاعقة المصرية بفرقها المتعددة والتى يتميز أفرادها بمهارات شديدة في مهارات الميدان والتدريب على إصابة الأهداف وتنفيذ التكتيك العسكرى في عمليات الإغارة والقدرة البدنية والذهنية والنفسية لتحمل مشقة الأرض ووعورتها والبقاء بها أيام عديدة، كما تضمنت الخطة ومن خلال تقسيم القوات إلى مجموعات يختص كل منها بقطاع من الأرض أماكن الانطلاق وطرق التمشيط والانتهاء اليومى لكل عملية ونقاط الوصول والاحتماء لإكمال المسار المحدد وكان الحساب يتطلب دقة شديدة في تنفيذ التوقيتات المحددة اليومية لارتباط ذلك بكميات الطعام والماء الموجودة مع تلك المجموعات كان لسلاح الطيران المصرى دور كبير في توفير الغطاء الجوى للقوات، والتدخل إذا لزم الأمر وتوصيل الإمدادات والأسلحة لهذه المجموعات.