البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

"ذات الرداء الأحمر وكورونا".. ورقة نقدية لـ"منتهى المهناوي" على مسرح الدمى بالعراق

الناقدة الدكتورة
الناقدة الدكتورة منتهى طارق المهناوي

قدمت الناقدة الدكتورة منتهى طارق المهناوي، ورقة نقدية عن مسرحية "ذات الرداء الأحمر وكورونا"، و"الظل الملون"، ضمن فعاليات مهرجان الشباب الدولى لمسرح الدمى بالعراق "أون لاين".
قالت "المهناوي"، إن لمسرح الطفل ومنه "مسرح الدمى" الأهمية القصوى كونه يخاطب أخطر عقل ضمن المراحل العمرية للإنسان هذا العقل لخطورته يصعب التعامل معه دون حذر وتأني، فهو يتطلب خطابا ذو أبعاد فكرية، تربوية، اجتماعية بسيطة، ولكنها معقدة بذات الوقت، والتي يجب بثها من خلال المهارة العالية التي يمتلكها صوت اللاعب بهكذا مسرح، ومدى ملائمة هذا الصوت شكلا ومضمونا في تأدية الحوار والعلاقة الرابطة بين الحركة والصوت، متطلبا هنا تقنية عالية في تحريك الدمى المستخدمة للتعبير عن انسجام هذه الحركات مع ذلك الصوت ضمن تناسقية وأداء محترف بخبرة ودراية عالية في التحريك والصوت لإقناع الطفل الذي كما نعرف ليس بالسهولة والبساطة إقناعه وجلوسه لفترة معينة. الاقناع هنا هو مفتاح العرض الرئيس لمسرح الدمى وغيرها من فنون الأطفال.
وأضافت "المهناوي"، أن الدخول لهذا العالم "عالم الطفل" يتطلب قدرة وموهبة وخبرة وتدريب يستطيع الاعب من خلاله أن يبث ما يريد من معلومات تربوية واجتماعية ضمن مواقف تثير الدهشة والابهار والبهجة في نفسه كي يتواصل ومجريات اللعبة المسرحية كمتلقي ومشاهد وبتواصلية مستمرة دون ملل وانقطاع، وهذا يجب ان يحرص عليه الاعب ضمن إيقاع ابهاري مستمر ومتنقل من حالة إلى أخرى بسياق تواصلي للطفل ومبهج وبرغبة عالية في البحث عن ما سيحدث من أحداث متتالية جاعلا منه أن يتساءل ويسال وماذا بعد وهل سيحدث هذا؟... وهكذا من أسئلة الطفل المعروفة بلحظة شغفه بالعرض.
وأضافت "المهناوي"، أن مسرحية "ذات الرداء الأحمر وكورونا"، هي تلاعب وتجدد بشكل استعاري لقصة أحداث تراثية أراد بها المؤلف أن يعيد أحداث تخمرت بذاكرتنا من جيد، كلنا يعرف وقد نشأ على قصة "ليلى والذئب" تراث أعاد به المؤلف ذكريات الأجداد بابتكار حداثي راهن مضيفا له اللون الأحمر الذي يدل على الخطر والموت، لكنه وقع ضمن سلسلة من السلبيات وأخرى إيجابيات معا. لا ضير أن نستعين بتراثنا فقد استرجعت انا نفسي القصة وأنا جالسة أستمع لجدتي وهي تروي أحداثها لنا كي تنهينا عن معصية امنا، ولكن الشخصيات جاءت تماما كما هي في القصة الأصلية باستثناء شخصية الذئب الذي تمثل بمرض كورونا وهي التقاطه رائعة من المعد لكنه لن يضيف شخصيات جديدة أخرى مواكبة وعصرنا مثل شخصية الحاسوب أو الموبايل أو غيرها من الشخصيات الداعمة للوقت والمرحلة الراهنة التي يعيشها الطفل خصوصا أن طفل اليوم لا يستغني عن هذه التقنيات، كي تكون أكثر اقناعا ضمن واقعًا يعيشه يوميا. 
وتابعت "لو ذهبنا للرسوم وما جاءت به لوجدناها تمتلك من البساطة والعشوائية والبهتان، كان الاجدر به الاستعانة برسم تعبيري أكثر حرفية ودقة رسم بخطوط وألوان لافتة ترفع من بهجة العرض واشعاعه فالرسوم أساس مهم في بهتان العرض أو بهرجته لذا فقد العرض هنا روح البهرجة مما ولّد انطفاء للصورة البصرية التي يتمتع بها مسرح الدمى الذي من اساسياته الخط واللون والاضاءة المبهرجة كي تلفت انتباه الطفل، وأن استخدم المخرج الأضواء المستديرة التي أحاطت شكل العرض، ولكنها لم تضفي له أي نوع من البهرجة والسرور الذي يدخل ذات الطفل لجذبه للمتابعة وتخيل ما قد يحصل بعد كل تغيير ويصبح مستعدا لتلقي ما يقدم له ضمن المستطيل السحري "إطار المسرح". 
كذلك فقرة الإرشادات التي تبناها العرض ببث مباشر لدعاية إعلامية تلفزيونية، كان من الاجدر ان يكون التعريف والوقاية من الفايروس "كورونا" بدخول شخصية طبيب بنفس الدمية الخشبية المستخدمة بالعرض ومعه يدخل الفايروس كي يعرّف الطفل بشكل الفايروس أولا قبل لقائه بليلى، وثانيا كي يكون انسيابيًا ومنسجمًا وسياق لعرض، ولكن بإقحام الإرشادات بهذا الشكل تكون قد خرجت من سياق العرض لكونه ولّد انتقاله صادمة والصورة المشهدية لخيال الطفل ومجريات العرض أيضا. ولو استعان المخرج بدخول الطبيب بمشهد طرد الفيروس فكانت الصورة أكثر جمالا وامتاعا، فلماذا استعان المخرج بصورة الإعلان بشكل قالب جاهز للتعليمات من الوقاية تساؤل للمخرج ارجو الالتفات له. 
أما الراوي الذي كان دوره مهم ولافت بالعرض اذ وضح مجريات الاحداث وكان داعما مهمًا للتوضيح والتحذير ضمن مجريات الاحداث منذ بدايتها وحتى نهاية العرض.
وأكدت "المهناوي"، أن العرض بكل أحواله جاء بمعالجة درامية مهمة في الوقاية من فيروس لعين يعاني منه العالم أجمع، هو واقع راهن تحقق ضمنه توعية صحية للوقاية والحذر من الفيروس وإن كان هناك وسائل أكثر حداثة ممكن لو تبناها العرض ليروي بها الذائقة الجمالية والثقافية والصحية للطفل لكانت أكثر اقناعا. لكن كانت هناك معالجات مهمة بثها العرض في التوعية بان هناك أرقام هواتف يمكن الاستعانة بها حين شعورنا بالمرض أرقام مخصصة للمركز الصحي الرئيس للوقاية من المرض. وكذلك بالتوعية والالتزام بلبس الكمامة والقفاز وعدم التخلي عنهما. ولا أنسى كذلك المتابعة الجميلة للطفلين اللذين كانا خارج حدود اللعبة وداخلها بذات الوقت فهم الجمهور المنتخب لجمهور الأطفال الكبير.
يذكر أن فعاليات دورة الفنان الرائد طارق الربيعي، لمهرجان الشباب الدولي لمسرح الدمى بالعراق "أون لاين"، انطلقت مساء أمس الخميس، وتستمر حتى 17 أغسطس الجاري، والتي تنظمها دائرة ثقافة وفنون الشباب قسم السينما والمسرح بالتعاون مع المركز الثقافي العراقي للطفولة وفنون الدمى، ورعاية وزارة الشباب والرياضة بالعراق، بمشاركة مجموعة من الدول العربية وهي "العراق، مصر، سوريا، الجزائر، عمان"، كما يشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان 12 عرضا مسرحيا، بالإضافة إلى 8 عروض أخرى مشاركة على هامش المهرجان.

كما يهدف المهرجان إلى تفعيل فنون مسرح الدمى محليا ودوليا من خلال اتاحة الفرصة للشباب واشراكهم في تقديم عروض مسرحية بالدمى ونشر ثقافة فنون الدمى من خلال إقامة ورش ومحاضرات تثقيفية.