البوابة نيوز
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
عبد الرحيم علي
رئيس التحرير التنفيذي
داليا عبد الرحيم

ابتهال يونس.. رفيقة الفكر والمنفى

البوابة نيوز

كانت ابتهال يونس، أستاذ الأدب الفرنسي، وزوجة المفكر الراحل نصر أبوزيد، تشارك زوجها في أفكاره وكتبه، وكانت العلاقة بينهما علاقة تمتزج فيها الزمالة والأفكار المشتركة ووحدة المصير، وتزوجته لإيمانها بأفكاره؛ وكان قبل أن ينشر أي موضوع جديد يقرأه لها أولًا، ويستمع جيدًا إلى الملاحظات التي تصدر منها باعتبارها غير متخصصة، ويرى أنها إذا فهمت فالناس ستفهم، والعكس؛ فاستمرت الحياة بينهما كرفيقين في المعيشة والتعاون الفكري المتكامل، وزاد هذا عندما غادرا مصر إلى أوروبا التي لم يكن يعرفها، في حين كانت هي تربت فيها.
خلال الكثير من الأحاديث الصحفية والتليفزيونية لم تستطع أستاذ الأدب الفرنسي تحديد أزمة زوجها وخصومه في قضية واحدة أو حتى عدة قضايا، كانت تراها كلها مجموعة "تلاكيك"، حسب تعبيرها في واحد من لقاءاتها الصحفية، بينما ترى أن خطورة نصر أبوزيد الحقيقية تكمن في أنه كان يسحب السجادة من تحت أقدام "المسترزقين من الدين" والدعاة الزائفين، مؤكدة أن خصومه كانوا يعلمون جيدًا أنه رجل مؤمن، وترى أنه لو كان رجلًا كافرًا وملحدًا حقا لكانوا "تركوه في حاله"، لكنهم يستهدفون من يدعو إلى إعمال العقل وتحريره من سلطة كلام بعض المشايخ الذين يستغلون سذاجة وجهل البسطاء، بالإضافة إلى دعوته للتحرر والديمقراطية. 
كان الحكم بتكفير نصر حامد أبوزيد والتفريق بينه وبين زوجته هو الأمر الذي رأته المحكمة واجبًا شرعيًا مقدسًا، نقطة فاصلة في حياة رفيقة حياة المفكر الكبير، حيث لم تتردد الزوجة الرائعة في الدفاع عما تؤمن به من أفكار والوقوف إلى جوار زوجها. بعد سنوات طويلة قالت عن تلك اللحظات "لم نشعر بالانكسار ولو للحظة، لأننا كنا نؤمن أن الوقوع في فخ الضحية لن تكون نتيجته سوى عدم القدرة على المضى قدما، كما أننا لم نعتبرها قضية شخصية، لكنها قضية مجتمعية ضد حرية الفكر بشكل عام، لم أهتم بالحكم للحظة، وكان يثير سخريتى كأستاذة جامعية يريدون تزويجها وتطليقها على مزاجهم، حتى أننى قلت: لما أبقى أحب أطلق جوزى هطلقه بنفسى، خاصة أن العصمة في يدي". في مقابل موقفها كان الراحل يقول "ابتهال أخبرتنى أنهم لو طلعوا علينا بالرشاشات سأمنعهم عنك بجسمي".
تمسكت ابتهال بزوجها وبكرامتها، وتحملت معه قسوة النفى من الوطن، لأنها ترفض أن يكون لأحد الحق في ممارسة الوصاية عليها، وعاهدت نفسها على تحمل الهجوم حتى لو كان ظالما، ورغم تخلي الكثيرين عنه، ووجهت اللوم إلى المثقفين بقولها "نصر أبوزيد المفكر قبل الزوج كان يستحق من المثقفين جميعا الدفاع عنه وأن يكونوا بمثابة أفراد جيش في الحرب التى شنت ضده".
وبعد انتهاء الأزمة، رفضت الأستاذة الجامعية ذات الفكر الثوري في غضب شديد أن تعيد عقد قرانها من زوجها، لتجاوز قرار بطلان العقد السابق والعودة إلى حالة الزواج الطبيعية، عندها قالت "الزواج لم يبطل ونصر لم يرتد حتى أعيد العقد، ولا يمكن قبول أن يفرض المجتمع الساذج على أفكاره". لم تبد للحظة واحدة ندما أو تراجعا، وكانت تقول "لا أعرف لمن وقفت وحاربت هل للزوج أم المفكر؟ لكن الذى أعرفه أنهما لا ينفصلان عن بعضهما، لأنه كان من المفكرين والباحثين الذين تتطابق أفعالهم مع أقوالهم، لاسيما فيما يخص قضايا المرأة، لدرجة أنه كان يرى أن المرأة أفضل من الرجل وأكثر قدرة على تحمل المتاعب".